‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، يونيو 17، 2015

الطائر الحارق... قصة للأطفال بقلم: ياسر الششتاوي




الطائر الحارق... قصة للأطفال بقلم: ياسر الششتاوي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عشه الذي يعيش فيه من أجمل أعشاش الطيور، يقع في شجرة متوسطة الطول، لاهي بالقصيرة ، فتكون عرضة للصعود الحشرات الضارة والمفترسات التي قد تدعوها القليل من الشجاعة لصعود الشجرة ، ولا هي بالعالية التي ترهقه في الصعود والنزول، وكذلك تكون عرضة للعواصف العاتية، كما تطل تلك الشجرة على قناة مائية توفر له الكثير من الغذاء الشهي من الأسماك الطازجة.
يستيقظ من النوم، ما عليه سوى أن ينظر نظرة ثاقبة في الماء حتى يهجم على أي سرب من أسراب السمك الذي لا يخلو منه ذلك المجري المائي.
لكنه عشه تقادم مع مرور الزمن، وفقد رونقه، وأصبح شكله قديماً،بل أمسى أسوأ عش في الغابة ، ويحتاج إلى الكثير من الجهد والزينة كي يرجع كما كان .
كل عام يقول: سوف أغير هذا العش ، سوف أجدده ، كي يصبح عشاً جميلاً ،ولكنه يتكاسل ، ويتكاسل، ثم ينسى ، ولا يتذكر عشه إلا عندما يرى عشاً جديداً تم بناؤه بصورة جميلة تخطف الأبصار ، وتذهل العقول !!
قرر أن يضع نفسه أمام الأمر الواقع،وأن يواجه المشكلة ، ولكن كيف يواجه المشكلة بهذا الأسلوب؟!! إن هذا الأسلوب أسلوب انتحاري!! كيف يفعل هذا ؟!! فهذا الذي فعله لا يفعله أي طائر عاقل ،بل لم يفعله أي طائر في الغابة من قبل، إنها فكرة مجنونة، فلقد أحضر عوداً من الحطب ،وأمسك به بين فمه ، وطار حتى وصل إلى منزل قريب من الغابة، ودخل من النافذة ، وكان الموقد مشتعلاً ، فأشعل عود الحطب ، وطار مسرعاً إلى عشه ، بل طار بأقصى سرعة لديه كي لا تصل النار إليه من عود الحطب ، فيضطر إلى إلقائه ، وقبل أن تصله النار من عود الحطب ، كان قد وصل إلى عشه، فقام بحرق العش كي يضطر أن يصنع عشاً آخر أجمل منه!!
هكذا كان يرى أن هذا هو علاج الكسل والتراخي، رأى عشه يحترق بيديه ، ولو كان أحد غيره هو الذي يحرقه ، لأقام الدنيا ولم يقعدها ، أو لما ترك البكاء ليلاً ونهاراً ، ولكن لأنه هو من فعل ذلك بنفسه ، فهو يصطنع لنفسه العديد من المبررات!!
أحترق العش كله، وكان في غاية السعادة؛ لأنه سوف يبني عشاً جديداً، وكانت طيور الغابة في غاية الحزن ، لأنه قد يتعلم منه غيره تلك العادة السيئة، وخاصة الطيور الشابة التي قد تقلد أي فعل مجنون، فالشباب عادة يكون أكثر اندفاعاً وطيشاً ، ولا تهمه عواقب الأمور بقدر ما يهمه ،أن ينفذ ما في رأسه، مع أن هذا الطائر لم يكن من الشباب ، فقد تجاوز مرحلة الشباب ، وإن لم يكن يبدو عليه ، فهو دائم الاهتمام بنفسه والرعاية لصحته ومنظره العام، ولكن لا يهتم إلا بذلك فقط ، حتى ليخيل لمن يراه أنه لم يتجاوز مرحلة الشباب!!
بعد أن أحترق العش، أراد أن يبدأ في بناء العش الجديد، ولكن الوقت قد قارب على دخول المساء، ولن يستطيع أن ينجز شيئاً، فقرر أن ينام لأنه قد تعب في إحراق العش ، وأن يبدأ من الغد في بناء العش الجديد، فلم يقبل أي طائر أن يبات عنده كعقاب له، فلقد كانت الغابة غاضبة من بسبب ما فعل وسموه (الطائر الحارق)، إلا طائر واحد ، كان الطائر الحارق قد أسدى له معروفاً من زمن، فلقد كان أحد أبنائه مريضاً، فدله الطائر الحارق على طبيب حاذق من أفضل الأطباء في الطيور، فعالج ابنه، وتم شفاؤه، فظل يحفظ له هذا الجميل، مما جعله لا يستمع إلى أي كلام ممن أرادوا إلا يبات عنده ذلك الطائر الحارق، لكنه وعده ألا يبات إلا ليلة واحدة فقط.
وجد عشه جميلاً ونظيفاً من أروع ما رأى سواء في الداخل أو الخارج ، كما أنه يتعهد عشه بالتجديد الدائم ، والعناية بكل جزء فيه، فحسده على هذا العش، وأحب أن يكون له عش مثله.
قال لنفسه: سوف أبني عشاً أجمل من هذا العش ،أنا أستطيع أن أفعل ذلك ، المهم أن أبدأ ، ولا أتكاسل ، أو أتأخر،سوف أبدأ مع أول إطلالة للفجر.
استيقظ متأخراً ، فقلّ حماسه، ثم قال لنفسه: ما الذي يدعوني إلى أبني عشاً جديداً وأتعب نفسي، والعش موجود، العش تحت أقدامي،وبدلاً من أبني العش في أسابيع أو شهور، سوف يصبح ملكي أجمل الأعشاش في دقائق، ما عليّ سوى أن أطرد صاحبه منه، فهذه هي أخلاق الغابة ، وكل من في الغابة يفعل ذلك ، لماذا أكون أنا الشريف الوحيد في هذه الغابة؟!!
احتل العش، وأعلن ذلك صراحة في وجه الطائر الذي استضافه، فحاول طرده بما لديه من إمكانيات، فلم يستطع، فراح يبحث عن وسيلة ، هي الحل الأخير بالنسبة له.
استنكرت كل طيور الغابة ما حدث من جانب الطائر الحارق، راح البعض يساعد في طرده، فاستنجد الطائر الحارق بأقاربه من غابة أخرى، فبهروا بجمال أعشاش الطيور في تلك الغابة ، وأردوا أن يفعلوا مثلما فعل الطائر الحارق ، ويحتلوا ما يستطيعون من أعشاش، فقامت معركة لم تشهدة الغابة من قبل،لكنهم هزموا شر هزيمة ، ففروا هاربين، تاركين الطائر الحارق يعاني من جروح بالغة في جناحيه وسائر جسده،والموت أصبح أقرب شيء له.
قام شيخ طيور الغابة، وخطب فيهم قائلاً : إن هذا جزاء من يتخلى عن عشه ، ولو كان سيئاً، وما حدث لأقاربة من عار وهزيمة سوف يظل يرددها التاريخ هو جزاء من يساند الخطأ ،وهو يعلم أنه خطأ.

الاثنين، يونيو 15، 2015

لستُ مريضًا .. عبد العزيز السماحي


الكونُ مـا زال يَرفــلُ فـي ثـوب السكـون والكسـل، وهـو يعدُو مسرعًا بجوار الساحل، تغرِزُ أقدامهُ الملهوفة في باطن الرمل تاركةً خلفها آثارًا غائرة، وبرغم لطافة الطقس في ذاك الصباح كان يتصببُّ عرقًا فيتقاطر من جبهته متناثرًا فوق الرمال .. بعد دقائق كان واقفًا في ساحة الوحدة الصحية يلهثُ ويلتقط الأنفاس بمشقِّة كبيرة، يتلهَّفُ للحديثِ كأنَّه قادمٌ يبحث عن حلم مدفون في جوف الزمن، فوجئ الطبيب بمن يقترب وراح يدقِّق النظر من خلف نظَّارته، يرنو بين ضلفتي النافــذة المواربة فاكتشفَ أنه هو، اندهشَ قليلًا ثم أقبلَ عليه يسأله عن سبب مجيئه في هذه الساعة وهل يشكو من مرض أو وجع مفاجئ، أمهله لحظات كي يستطيع التنفس بهدوء ثم أجلسَهُ فوق سرير الكشف فابتسم وبدأ يهدأ تدريجيًّا ويتنفس بشكل طبيعى :
ــ لستُ مريضًا ... ابتسم الطبيب وسأله سرَّ اضطرابه فأجاب :
ــ جئتُ إليك لأطلب شيئًا ضروريًّا يلزمني .
ــ اطلب ما شئت، لن أتأخر أبدًا .
ــ أرغب في بعض الأوراق البيضاء ... 
انفجر الطبيب في الضحك الممزوج بالدهشة :
ــ تركتَ المقهى وقطعتَ تلك المسافة إلى هنا ركضًا من أجل أن تطلب فــي النهايـة بعض الأوراق البيضاء !! فلمـاذا لـم ترســل أحد صبيـانك ولمـاذا لـم تخبـرنى بالأمـس حين كنت أشرب عندك القهوة ؟ 
ــ المقهى مزدحم جدًّا بالزبائن والصبيُّ الصغير أكثر منِّى قُدرة على الحركة وتلبية طلبات الزبائن ...
ــ هل عــاد إليــك الحنيــن القديــم لأيام المدرســة وتريد استعادة ذاكرة الكتابة والقراءة من جديد ؟
ــ ليس الأمــر هكذا تمامًــا ولكنني سوف أخبرك في الأيام القادمة عما أنوي فعله . 
ــ صراحة ليس لديَّ هنا أوراق بيضاء كالتي بالمنزل، ليس سوى دفتر"الروشتّات"الأبيض، فأمسَــكَ بــه وأخَذَ يُقلِّبهُ بيــن كفَّيه وهو يَمطُّ شفتيه للأمام ثم دسَّه في جيبه : 
ــ سوف أحاول الاستفادة به، ولكن لــي عِندكَ طلبًا أرجــو ألا ترُدَّني فيه خائبًا .
ــ لو في استطاعتي لفعلتُ بالطبع .
ــ عندما تذهب في زيارة للقاهرة لا تنسَ أن تشتري لي أوراقًا بيضاء بكميات كبيرة .
ــ وماذا ستصنع بكل هذا الورق الكثير .
ــ ستعرف في حينه واترك الأمر للمفاجأة. 
ابتسم الطبيب ولم يُعقِّب .

الأحد، يونيو 14، 2015

جسد صامت. جمال فتحي



جسد صامت
تعبت من انتظار الحلم الذي تـأخر.بدأت تتسلق السلم بصعوبة بالغة ، قطرات عرقها تنزل وتسقط في جب عميق ، تمزق الستار الأسود الشفاف بأناملها الرقيقة..تجلس على حافة النافذة حتى يجف جسدها غير مرئي 
ولما انهمرت الدموع انطلقت محلقة في الفضاء الواسع ومن هناك رأت ؛
الظلام يخيم على الحياة ،فعرفت الإجابة أخيرا عن السؤال الذي دائما تسأله لصاحب الجسد ..
لماذا أنت ثابت لا تتحرك؟؟
قفزت من فتحة العينين وقفت على صخور مضرجة بالدماء..ونظرت الى جبل عليه علم صامت لا يرفرف..اعتزمت صعوده بلا أذرع ولا أقدام . 
تنهار الأحجار عليها، فتقفز كالبهلوان وحين وصلت وجدت الحياة ميتة على قمة الجبل وجماجم ملاقاة بكثرة ..وزهورا ذابلة لم يحملها ريح الخريف.وحول العلم دائرة من نار ولافتة مكتوب عليها ممنوع الاقتراب ، رأت طيورا جائعة تطير بأجنحة منكسرة تخاف أن تهبط في وادي الألم .. تحاول أن تطير معها ربما تنقلها الى مكان آخر، فتقع أمام الجسد الصامت ..تصعده وتنزلق إلى حيث مكانها ..تغلق قوقعتها وتنام .في انتظار من سيسحبها بهدوء إلى السماء
وتعود حتى تبوح في المحكمة التي أعدت لصاحب الجسد الحزين .
كان يصارع الأحزان والوحدة وتتَلتلتْ عليه المحن
خرجتُ معه وكان لحما طريا فى عز الشتاء القارس .كنتُ أسمع نواحه
وصرخاته الضعيفة التي لم تصل إلى قلوب البشر
وما كنت اسمع غير اللعن والسباب لمن وضع نطفته فى رحم أنثى لا تعرف معنى كلمة أمومة ..ابن حرام ..لقيط 
جاء إبليس بوجهه الشامت يتحدث معي قائلا:
كيف سوف يكون حال هذا الطفل اللقيط ابن الزنا عندما يكبر؟؟
سوف يكون من أتباعي وسأفعل ما أأمره به .أخذ يطلق ضحكات مجلجلة 
وانصرف يبث الخوف والدمار فى قلوب النفوس المريضة 
كم تمنيت فى تلك اللحظة أن يأتي أمر من السماء حتى أخرج من هذا الجسد 
إبليس لم يكذب .فمنذ الوهلة الأولى فقد هذا الجسد الحنان والعطف 
ماذا سوف ينتظرك أيها المسكين .؟سوف تأكل من صناديق القمامة .وتشرب من مياه آسنة .لن تعرف لون السعادة ولا طعم الراحة وسيكون لك أهل وأصدقاء على شاكلتك ، أنا لا أعلم الغيب ولكن تلك سوف تكون حياتك
التحمت الروح بالجسد ..أحاطه عتيب ورقيب عن يسار وعن يمين وبأيديهما أوراقا بيضاء .. وعلى رأسه استوي شُوْيطِنٌ صغير.

الخميس، أكتوبر 23، 2014

ليلة باردة.. بسام الأشرم

ليلة باردة
تُسرِعُ الخُطى نحوَ بيتِها و حَبّاتِ مطرٍ خفيفٍ تُبَلِّلها ..
تَتَخَيَّلُ دِفءَ سريرِها .. حَبّاتُ مطرٍ تَنقُرُ زُجاجَ شُبّاكِها ..
تَتَخَيَّلُ عريسَها الذي تراهُ يعزِفُ معها سيمفونيةَ عِشْقٍ و هَوى ..
لَذَّةٌ تسري في عُروقِها ..
تُحَدِّثُ نفسَها بعد حَمّامٍ دافئٍ و عطرٍ و قميصِ نومٍ ورْديّ ..
" في الثلاثين مِن عمري أنا و لكني ما زِلتُ عروساً جميلةً "
تستلقي على سريرِها .. تَشُدُّ عليها غَطاءَها ..
تَذرِفُ على وِسادتِها دمعة و هِيَ تَتَأمَّلُ صورةً رَسَمَتها على مِرآتِها
لِفارِسٍ مازالَ جَوادهُ لم يَصِلْ .
( بسام الأشرم )
23 . 10 . 2014

(قصة قصيرة) سجودُ الكرامةِ... لحسام شلقامي







الفائزة بالرتبة الثالثة في مسابقة مهد الحضارات برعاية صحيفة كاسل جورنال
(قصة قصيرة)

........................................................
سجودُ الكرامةِ
الخامسُ منْ أكتوبرَ...يتأملُ قاسمُ صورةَ خطيبَتِهِ فردوسَ... يناجيها: 
- خمسةُ أيامٍ ويُلمُّ شملُنا..وكأنَّها خمسُ سنواتٍ.
يعتنقُ صورتَها، يُسهِبُ في أحلامِهِ، تَغتالُهُ أجنحَةُ النومِ.
لكنَّ أبواقَ النَّفيرِ اليوميّ تُحرِّرُهُ منْ قبضةِ نومهِ.
حركةُ القادةِ غيرُ طبيعيةٍ.
الملازمُ رفعتْ يأمرُ العساكرَ بالتجمُّعِ حالاً..الإرباكُ يعمُّ المعسكَرَ.
الملازمُ رفعتْ بأعلى صوتِهِ:
- الأوامرُ صدرتْ بتحريرِ سيناءَ فليستعدَّ الجميعُ للهجومِ.
يحتدمُ صراعٌ في هواجسِ قاسمٍ.
تتصارعُ أحلامُهُ مع ذكرياتِهِ.
بينما يفتحُ خوفُهُ - منْ تأجيلِ عرسهِ- جبهةً جديدةً.
يتحركُ الجميعُ نحوَ دبَّاباتِهِمْ.
قاسمٌ أكثرَهُمْ حماسةً..اِحتدمَ القتالُ..ركَّزَ في أهدافهِ بدقةٍ عاليةٍ..نَكَتَها بقذائفَ مدفعهِ ليُحيلَها ركاماً.
اِنقضتْ ساعتانِ منَ السجالِ..قاسمٌ يُكبَّرُ ويَسجدُ كلّما حرَّرَ بقعةً منْ أرضِ سيناءَ...لكنَّ هذهِ المرَّةَ كانَ سجودهُ أطولَ.
في موعدِ العرسِ أتمَّ سجودَهُ برفقةِ فردوسَ في دارِهمَا الجديدِ.

الثلاثاء، أكتوبر 14، 2014

( الماكينة ... للقاص محمد لطيف





( الماكينة ( نص )
كتلة لحم بيضاء .


كتلة لحم بيضاء ومربعة الشكل كصندوق ضخم .
كتلة ضخمة من اللحم الابيض مربعة الشكل كخزينة او صندوق صرف العملات ، وهو النحيف الممصوص يقف خلفها مباشرة ، يعيد تفقدها كأنه يكتشفها للمرة الأولى فى حياته ، رغم السنون الثمانية العجاف التى تربطهما منذ اول ليلة استسلم فيها للوهم .
صندوق ضخم من اللحم الابيض الكريه تشبه ماكينة صرف الاموال ، تدز الكارت ، تكتب الرقم السرى والقيمة ، من الجانب الآخر تنطلق الأوراق النقدية ، يعيد تفقدها هو الهزيل بفانلته الحمالات الممزقة _ كأنما يكتشفها لأول مرة ، رغم انه لا ينسى ابدا انه باع روحه للوهم منذ اول مساء صارحته برغبتها فى الارتباط وهو قال آمين دون حتى ان يسمح لنفسه بلحظة تمعن .
يقف خلفها ويدز كارته المنتصب جيدا ثم ينتظر أن تخرج العملات من فهما المفطوس بين لحم الوجه المنبعج الأبيض .
فارق زمنى مناسب بينهما، قل عشر سنوات مثلا ، ربما تزيد قليلا أو تنقص ، وفارق إنسانى أيضا ، هى إبنة موسر ، تلك اليسرة التى تخدم متطلباتها ، إعتادت شراء واقتناء الحاجات المهمة ، وهو كالعادة ، كأغلب النصوص القديمة ، من الحى الفقير ، لم تربطهما أى حكايات غرامية حتى لا تتسرب لذهنك انجى بنت الباشا ، فهى ليست إبنة باشا ، إنما ميسور ، يعنى تعدى الطبقة الوسطة بمرحلة بسيطة ، إنما لأن ثمة قطارات فاتتها لم تجد أمامها سواه ، فحل من الحى الفقير ربما يقوم بالواجب كما ينبغى ، قطارات كثيرة رغم ذلك فاتتها الحقيقة ، قطار الحب والزواج ،الارتباط بكائن ما بخيوط التناغم ، قطار الجمال والألفة ، كثيرا من القطارات الأخلاقية والإنسانية ، كائن صندوقى الشكل ، لزج ومقرف ، يضع سبابته فى أنفه فى أحرج اللحظات الليلية ، ألة صرف النقود أمام بنك التنمية الزراعى .
يدز كارته ، يخرجه ويعيد تنظيفه ثم يدزه ، معطلة ، ماكينة معطلة ، يقلبها ، يضربها على مؤخرتها ، يحاول رجها ، هو الهزيل المصوص ، دون إستجابة ، يستجمع أنفاسه ، ويحاول ثانية ، ماكينات معطلة ، مثل جميع الماكينات المعطلة التى تعرقل مسيرة الحياة ، ماكينة الميلاد ، ماكينة الإخلاص للعالم ، الإنسانية المشردة ، منحوس من يومه ، شهادة مختومة وموقعة من كلية السياسة والإقتصاد بدرجة مناسبة ، ثم سبيل المقهى يفرز فيه كثيرا من كراهية العاطلين ، كأنه بدورة ماكينة معطلة ، يعيد إكتشاف ذاته ، أبن الحى الفقير أو قل تحديدا الحى الريفى الفقير أو قل الحقير وأرح رأسك ، ماكينة معطلة منذ أن جاهد وإستنزف كل قدراته للبقاء حيا ثم شهادة ممهورة ، لكن ماكينة التوظيف معطلة ، وصراع إنسانى بحت بين الفقر والعوز وبين إستمرار الحياة ، أقرانه ، من هم على شاكلته من الإحتجاج أو قل الإحتياج باعو أنفسهم للتنظيمات الإجرامية ، حتى تلك التى توهمك بنقاء مقصدها ، القاعدة فى افغانستان ، داعش فى العراق ، أنصار بيت المقدس فى سيناء ، نعم ، بيت المقدس فى سيناء ، لكنه كان أقلهم عدوانية فباع نفسه لصندوق من اللحم الأبيض ، باعها لماكينة صرف النقود ، يعافر معها ، يدز كارته المنتفخ المنصوب جيدا وينتظر بشغف خروج العملات الورقية ، يعيد إستجماع روحه المباعة أصلا، يأخذ حمام ، والنصف الآخر من القرص ، يتفقد ماكينته ، مدخل الكارت ومخرج النقود ، يستبعد حملها الى من يجيدوت صيانة ماكينات كهذه ، هل يعيد توصيل مقبس الكهرباء ، تنظر اليه بخوف وحسرة ، كان الوحيد المتاح ، فى عالم يُعطى فيه الحلق للأصم ، بختها ونيلتها السوداء ، ثمان سنوات موزعة بين المعرفة والفشل ، ومحصلتها وحيدان فى بيت كبير دون طفل ينغص عيشتهما ، دعك من تصوراتك عنهما فهى غالبا ستودى بك الى رؤية تقليدية عن إزدواجية قديمة ، وحاول أن تعيد معى إكتشافهما ، ماكينة مربعة الشكل دهنية سمجة ، وصنائعى بليد وفاشل وخبرته معدومة فى التعامل مع الماكينات .
لدينا خجل فى معرفة أنفسنا بديل عن الآخرين ، وكسة قهرية تصاحبنا من الميلاد الى المثوى الأخير ، ماله العالم لو يصير أقل صرامة مما يبدو عليه ، رشاقة فى التعامل ومرونة فى التواصل والمعرفة ، وبلا خبث فى الإدراك أو تجهيل الآخرين على الأقل لحصار الفجاجة ، فى حالات أخرى ينتهى الأمر سريعا ، زوج يقتل زوجته وينتحر لمروره بضائقة ،، تقيده بالسرير أثناء نومه ، تركب فوق جثمانه وتغرس سكينة المطبخ ، يلقى بجثتها فى النهر ف تتعلق به وتجره الى القاع ،، لكنهما لم ينتهيا الى إحدى هذه النتائج بعد ، رغم ثمان سنوات عجاف وكئيبة بينهما ، ربما لعدم وجود بدائل متاحة ، كل ما إقتنته ماعاد إستعماله طبيعيا بعد هجوم التخمة ، التختخة والكلبظة الدهنية المخيفة التى حاصرتها ، يعنى زوج من عود ، عود هزيل ممصوص وأقرع ، مسمار جحا الأبدى ، خاتم الزوجية ، أو ختمها ، لم يحن بعد الدخول الى مرحلة الأرملة ، وهو ، الكحيان العقيم ، كيف يستبدل ماكينته بواحدة أحدث ، بعيدا عن هزاله وإمتصاصه وندرة إمكانياته للولوج داخل عالمها أو أى عوالم أخرى _ من سترضى به ، جثة هزيلة لا ينقصها إلا خروج الروح ، عفوا ، الروح مباعة أصلا من أول مساء ضحك فيه الوهم وأخرج لسانه
يحاول ثانية ، يخرج كارته ، يعيد تفقده وتفقد الماكينة ، محاولة أخرى فاشلة لمعرفة المشكلة ، يدز الكارت ، بمنتهى العنف والعصبية وقل القهر أيضا ، ينظر للماكينة بيأس ، تنظر اليه الماكينة بيأس ، أخيرا وكفعل أو رد فعل طبيعيا ، يترنح و يسقط خلفها فاقدا الوعى .
ما أدرانا إنه لم يفقده قبل النص أساسا

الثلاثاء، يوليو 22، 2014

( الجنى والأديب ضحية أنثى ).. قصة للاديب عصام سعد





( الجنى والأديب ضحية أنثى )
"ياسلام . لو أفتح باب الشقة , ألاقى عفريت , يحقق لى كل ما أتمناه"
هذا الحديث السرى . المتكرر يوميا ً. كان يسلى به نفسه مرارا ً. عند عودته من عمل يوم شاق . وهو يصعد لمسكنه على إحدى أسطح العمارات .
وضع مفتاحه فى الباب ، أداره ودخل ، كان لحديثه مع نفسه أثراً ملموساً ومرئياً . بمجرد أن وقعت عيناه على المنضدة التى تتوسط الصالة . وجد مخلوقاً غريباً . فى حجم "كوز الذرة" . كائن يشبه إنسان مكتمل النمو والتكوين فى الحجم المذكور "كوز الذرة" . ذعٌر ، تملكته مشاعر متباينة ما بين الهدوء والرجفة ...... ، زالت مخاوفه عندما تحدث هذا المخلوق
قائلا ً : أرجوك لا تخف ... ولا تخيفنى ولا تؤذينى . أنا بصراحة ." عفريت من الجن ".
رد صاحبنا بلاشعورية شديدة ذكرته بأمنيتة عند صعوده السلالم لمسكنه
قائلا ً: (عفريت من الجن!!) وما الذى أتى بك فى مسكنى !! ؟؟.
ـ الجني : لقد حكم عليّ فى محكمة الجن العليا بالطرد والنفى من عالم الجن . وقام المسئولون عن تنفيذ الحكم بتكثيف موجاتى الكهرومغناطيسية . فأصبحت مرئيا ًً لكل من ينظر إليّ . كما ترى .
وألقوني على الجدار الفاصل بين عالمى الجن والإنس . فوجدت نفسى على سطح هذه البناية , خفت أن يرانى أحد . فتسللت من شباك غرفتك ، أحتميت بمسكنك ، طلبت من الله . ألا يكشف سرى . إلا لإنسان طيب القلب . يحمينى من عالم الإنس . فأنا بهذا الحجم يسهل تحطيمى من الصغار قبل الكبار . بالله عليك إستضفنى عندك ولا تطردنى . وسوف أفعل لك أى شئ تطلبه .
ـ الإنسى : أى شئ أطلبه !!؟؟
- الجنى : نعم . أى شئ تطلبه .
ـ الإنسى : أريد قصراً فارهاً وسيارة حديثة وأموالاً وجواهر .......
ـ الجنى : رويدك . رويدك . لا يوجد لدينا نحن الجن المقدرة على هذه الأمور . فهذه الأحلام والأمنيات أنتم الذين إخترعتموها وصدقتم أنفسكم بشأنها . فنحن مثلكم تماماً . منا الفقراء ومنا الأغنياء . ومنا الساده والعبيد . الأمر مختلف تماما ً عما تصورتموه فى أقاصيصكم ورواياتكم عن عالم الجن . فلا شئ من هذه الأمنيات يندرج تحت الأمر الواقع على الأطلاق .
- الإنسى : يا ألف مليون خسارة ........ كنت أتمنى أن أحقق الكثير من الأمنيات .
- الجنى : هو حضرتك بتشتغل أيه ؟
- الإنسى : أنا عامل فى مطبعة ....... وإنت ! ؟
- الجنى : أنا كاتب وأديب لى شهرتى وإحترامى فى عالم الجن ، معروف بعبقريتى الأدبية والروائية والقصصية . إن كل نقطة حبر فى العالم تتمنى أن توضع فى سن قلمى لأنسج بها ومنها أعمالا ً أدبية يخلدها التاريخ ............
- الإنسى : بتشتغل كاتب وأديب !! والله فكرة ..... تقدر تكتب لى قصص وروايات من عالمكم ، أقوم بنشرها بأسمى ، أحقق أمنياتى من خلال نشرها .......
- الجنى : بالرغم أن هذه سرقة أدبية . إلا أنها تروقنى . فأنا لا أصلح إلا للكتابة ، فى المقابل . تتركنى أعيش فى مسكنك تطعمنى وتحمينى . فما رأيك ؟
- الإنسى : طبعا ً موافق ..... طعامك لن يكلفنى كثيراً . حجمك صغير كالقطط ، حمايتك لا تحتاج لحرس , يمكنك أن تنام فى خزانة الملابس ........ المهم هو أن تبدع لى أعمالاً أدبية جميلة لكى أتمكن من نشرها , لأحصل منها على ما أريد من المال والشهرة ........
ـ الجنى : وهو كذلك . إتفقنا .
نام صاحبنا بعد أن تناول العشاء مع الجنى .
فى الصباح الباكر . وجد الإنسى مجموعة من الورق . كتب فيها الجنى رواية رائعة بأسم "جنيات ماكرات" . تصفحها الإنسى , أعجبته . فكتب إسمه عليها , ذهب بها إلى إحدى دور النشر ، قدم الرواية لصاحب الدار الذى أعجب بالعنوان "جنيات ماكرات" . مما دفعه لقراءة معظم الرواية . وإتخاذ قرار فورى بشأنها .
قائلا ً: يسعدنى أن أتعامل مع كاتب وأديب فوق العاده مثلك . سوف أقوم بالنشر خلال هذا الأسبوع . تفضل . ومد يده بمجموعه من الأوراق النقدية . جعلت صاحبنا فى ذهول من حجمها .
ـ سأله : كم عددها...... ؟
- الناشر : إطمئن فسوف تكون الأرباح مناصفة بعد بيع الرواية , أرجوك إقبل هذا المبلغ المتاح الآن ، وسوف نتحاسب بعد الطبع والنشر ...........
إستئذن صاحبنا , إنصرف إلى مسكنه وهو ممتلئ بدفء الحياة . فما معه من أموال لم يكن يحلم به من قبل . فما باله بالبقية التى ستأتى من عائد بيع الرواية . لو كتب لها النجاح . الذى توقعه لها الناشر . ولابد أن هناك طبعات ثانية وثالثة و..... ناهيك عن إختطافها كعمل فنى للشاشة الفضية أو لأختها الكبرى السوداء . كل هذه الأحلام لم تشعره بطول الطريق ...... , دخل مسكنه ., وجد الجني منبطحاً على بطنه منهمكا ً فى الكتابة ، بمجرد دخوله ناوله الجنى رواية ثانية بعنوان "عفريته ثائره" ورواية ثالثة بعنوان "عفريته شبقه" تطلع إليهما وقرأ معظمهما وهو فى ذهول من المستوى الأدبى العفريتى الرائع والمتألق لهاتين الروايتين .
- فى اليوم التالى . ذهب إلى نفس دار النشر التى كان بها بالأمس والتى كان صاحبها فى حالة نشوة عالية لإكتشافه لهذا الكاتب الأديب الفذ . ذلك الأديب الذى ولد عملاقاً على يديه ـ كما يخيل له ـ . تناول الناشر الروايتين بشغف , أخذ فى قراءة المقدمة الخاصة بكل رواية , كان الرد عملياً بأن سحب درج مكتبه ، أخرج مبلغا ًنقديا ً وقدمه إلى عملاق الأدب الجديد ، عقب قائلا ً : أطمئن سوف يكون هناك المزيد من خلال مشاركة الأرباح بعد النشر , أرجو أن نستمر معاً إلى الأبد . إستئذن صاحبنا , إنصرف . ووجود الأموال فى يده هو ما جعله يصدق أن ما يحدث معه حقيقة وليس خيالا ً. فالأموال فى حوزته وأحلامه جميعا ً فى طريقها إلى أرض الواقع . وما حدث له منذ الأمس لا يكاد يصدقه عقل . شهرة وأموال ما بين يوماً وليلة ...... (يبدو أن الحقيقة أغرب من الخيال) . فحقائق لحظته الحالية تؤكد ذلك .
- توالت الأيام وهو يتسلم من الجنى أعمالاً أدبية رائعة ما بين مجموعات قصصية و روايات ..... وإضطر أن يختزن بعضا ً منها . لأن الناشر لا يستطيع ملاحقته ، كذلك الأموال العائدة عليه تلاحقه بسبب الطبعات الثانية والثالثة ..... لكل عمل أدبى تم نشره . ولم يجد مفرا ً من شراء قصر جميل . يليق بوضعه الإجتماعى الجديد . وفى خلال ثلاثة أعوام . كان الوجه الإجتماعى قد إكتمل . بالسيارة الفارهه ، رصيد ضخم فى البنك ، يلزمه الآن الزواج بمن تليق بمجده الأدبى ، تحدث مع الجنى فى هذا الأمر, وافق الجنى على مضض...... .
ـ قائلاً : وكيف سنحافظ على سرنا....... ؟
ـ الأنسى : لا تقلق . سوف يكون لك مكانك الخاص والسرى فى القصر . ولن يدخله أحد سواى .
إضطر الجنى على الموافقة لكى تسير الحياة ......
ذهب الإنسى إلى أهل العروس . الذين رحبوا به . فهو فرصة وشرف لأى أسرة فى نسبه بشهرته وإبداعاته وأمواله وسيارته , تمت الخطوبة وعقد القران والزفاف وذهب بعروسته إلى قصره . فوجد على السرير هذه الرسالة .
عزيزى الأنسى / نسيت أن تسألنى عن سبب عقوبتى وطردى من عالم الجن . وها أنا ذا أذكرها لك . فقد وقعت فى خصومة فكرية مع إحدى الجنيات المفكرات , استمرت المساجلة الفكرية بيننا على صفحات الجرائد لمدة عام , انتهت المساجلة بهزيمتها هزيمة منكره , انتصرت لفكري وقناعتي ومذهبي , كان لإنتصارى عليها صدا ً مروعا ً. مما حدا بها أن تكيد لى . وإناث الجن لهن من المكائد ما يندى له الجبين . كما يحدث من نساء الإنس تماما ً. مما أحالنى للمحاكمة وكان الحكم كما تعلم , كما أخبرتك من قبل , قد انتهت فترة عقوبتى , كان من الممكن أن أبقى معك . فقد كانت صداقتنا رائعة . لكنى عائد إلى عالمى . لأن دخول المرأة فى حياتنا لن يثمر بالخير . أبداً . مهما فعلنا , لأن كيد الأنسيات أشد وأدهى من كيد الجنيات ..... لذا أحمد الله . أن فترة عقوبتى قد إنتهت ليلة زفافك ..... وكان الله فى عونك ..... الوداع .
(المخلص... أخيك ....الجنى)
إنتهت ،،
الكاتب القاص / عصام سعد حامد مصر أسيوط ديروط

الاثنين، يوليو 14، 2014

المغادرة قصة/ سميرالمنزلاوى

   


 المغادرة

قصة/ سميرالمنزلاوى

حين قاد ذو السترة الزرقاء ، آلتنا الروسية – شبيهة الباخرة - لم يكن احد رآها من قبل تحصدالقمح وتذروه ، وتطحنه ، ثم تلقى الدقيق فى الاجولة ، والتبن فى الاكياس كما قيل ! لكنها عاشت هامدة بجوار الجمعية ، مرسوم على جانبها يدان تتصافحان !
تلفحها شمس الصيف فتحمر، وتصفر ، ثم تأتى رياح ومطرالشتاء فتصير دكناء شائهة !
نلعب فوقها ، نعبث ، نحدق فى اليدين المتصافحتين . حاول الولد يسرى ان يقطع اتصالهما بمسمار! حرام يا اولاد لقد تعبت اليدان !
كان ذو السترة الزرقاء يلصق ابتسامة لا تتحرك ، فى عينيه حزن و استكبار ، وبصحبته جنديان وضابط .
لم يجرؤ أحد على الهمس ، حتى العمده الحائر كطفل ، كان يعانى أفكارا عجيبة ، ماذا جنت هذه الكومة من الحديد الصدئ لتأتى الحكومة و تقبض عليها ؟
اما نحن فكانت افكارنا اعجب ، هل تحرجه ، وتظل ساكنة كالميت ، أم يركبها الغرور فتدور ، وتلقى دقيقا وتبنا تحت الاقدام ؟
ثمة عصفور يرفرف فوقها بعناد ، ويهمس الولد فوزى ان عشه فى داخلها يحوى ثلاث بيضات مرقشة !
برد طوبة يلسع العيون و من بعيد يمكن رؤية نسوة يرقبن على الاسطح يلعب الريح بأغطية رؤوسهن !
كذبنا اعيننا حين ضغط زرا ، فزأرت صوتا مبحوحا ، انجلى ، وتناثر الصدأ كالقمل ، و قفز الهواء من القواديس كالمارد ساخنا يحمل دوامات ترابية . اندفعت الآلة تهرول من الملل ، وجرت فوقها بالطباشيرالباهت عبارات مثل :
احمد يحب بدرية
تسقط اسرائيل
بلد ليس فيها رجل !
كما جرى معها عش العصفور الذى اندفع وراءها كالمجنون !والفئران والعرس والسحالى والخنافس والصراصير المفزوعة وخيالنا الذى لم يصمد ، وعاد ليشهد اقتتالا حول غنيمة من المسامير و الصواميل و الزمبركات .
العمدة الآن يبتسم ، ابتسامة فلسفية ، حيث عثر على حل اللغز، الذى هو تخليصه من الصخب و عودته الى بيته لينام ! راح طوبه وامشير وهلت روائح الصيف ولم أجرؤ على ولوج المكان !
ذات اصيل هبت على الرائحة و سحبتنى
فاقتربت من البقعة التى كانت تغطيها لالعب ، ورغم انها كانت مملوءة بالاولاد ، والصراخ فاننى اصطدمت توا بالابتسامة الملصقة التى لا تتحرك ، و الحزن الذى يجرى فى العينين مع الاستكبار ، زجرنى الجنديان ، والعمدة ، وتمزق قلبى من اجل العصفور ، فافسحت لشبيهة الباخرة كى تغادر

الأربعاء، مايو 07، 2014

أصوات ... قصة للأدبب عصام سعد حامد




أصوات

فى منتصف الليل . أختبأ عقرب الساعة خلف عقرب الدقائق . فأعلنت الساعة عن نفسها . بدقات بطيئة مملة . تبعها رنين الهاتف : آلو .. أنا فلانة يا دكتور . آسفة على الأزعاج . الألم يزداد . والدواء لم يأت بجديد .... أجبتها بتلقائية لا أدرى من أين أتيت بها : ـ أستمرى فى تناوله , أحضرى فى ميعادك للأعادة .... لا داعى للقلق حالتك عادية جدا ً, أنهت المحادثه بالشكر . فى الصباح أستيقظت لأذهب لعملى ..... وبينما أعبر الكوبرى . وجدت نفسى فى جنازة لم أقصد الأنضمام إليها أو المشاركة فيها , يبدو أن الجنازة هى التى أنضمت إلى ّ. لا بأس ...... صوت بجوارى : ـ فلانة كانت طيبة ـ عليها رحمة الله . صوت آخر : ـ أتصلت بالطبيب قبل وفاتها بساعة وطمأنها ...... صوت من قريب : ـ لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم . تركت ثلاثة أيتام . لهم الله . صوت داخلى : ـ ما هذا الذى فعلته . وما علاقتى أنا بالطب ..... كنت أظن أن ما حدث ليلة البارحة مجرد حلم . رحماك يا الله .

الجمعة، مايو 02، 2014

مقطع من قصة "صلصلة" للاديب خيري عبد العزيز


حياة محمود محددة المعالم.. لا تتعدى حدود القرية.. مع اشراقة شمس الصباح يضع حقيبته "السمسونيت" على عجلته "النصر" ليبدأ رحلته اليومية.. رنين الجرس الذي يتعمد قرعه عند بيوت بعينها؛ تشرئب له رقاب "أعيان القرية" من فرجات البيوت, فيما تتحسس أيديهم الذقون الخشنة أو الشعر الطويل.. العجلة "النصر" التي اشتراها حديثا, بديلا جيدا عن الحمار الحصاوي اللئيم, الذي كان يعانده ويعتكف الصمت, فلا يشعر أحد بجولات محمود الصباحية, مما كان يضطره لاحداث بعض الجلبة بنفسه؛ من نحنحات وسعال وخلافه, كما أنها لا تأكل ولا تشرب ولا تمرض ولا تطالبه بشيء..
وعلى عجلته, وبحقيبته, يطوف القرية شرقا وغربا, يحلق لكل من أرسل في طلبه, أو يتعهده محمود بموعد ثابت, أو أغراه رنين الجرس بالحلاقة.. بعدها يلتزم محمود دكانه الصغير, يطلبه فيه شباب القرية, وصغار الفلاحين.. سيناريو حياتي ثابت لا يحيد قيد أنملة؛ إلا في يوم واحد.. يوم الثلاثاء من كل أسبوع, حيث سوق القرية الكبير, العامر بالخلق وخيرات الله, وفيه لا يعير محمود أحدا التفاتا حتى ينفض السوق, ويذهب عُماره إلى حال سبيلهم..
الآن كرسيه الخيزران منصوب على أعتاب السوق, منهمكا يحلق على عجل. مقصه يصلصل على أشده, وهو يكاد يلهث؛ ليلاحق التجمهر من حوله. فلاحين وباعة وخلق كثير, كل ينتظر دوره. يبدو بينهم بمقصه وحركة يديه وجسده الضئيل مثل مايسترو لجوقة موسيقية أفرادها من الضخام العتاة, ذوي الشوارب المفتولة المعقوفة كمخالب الصقر.. جميعهم يثرثر, ولا أحد يستمع كما ينبغي, ويبحلقون في براعة يدي محمود وخفته, ولا يتحركون سوى للجلوس على الكرسي الخيزران كلما خلى وانتهى محمود من رأس وذقن أحدهم..
مقطع من قصة "صلصلة"
خ.ع

الجمعة، أبريل 25، 2014

خيالات النداهة ... للأديب / عصام سعد


خيالات النداهة 

أرجو عدم مقاطعتى .....لأننى لن أكرر هذا الكلام . فالتكرار يضعف العمل الأدبى أولا :ً أنا معترف . ثانيا ً : أنا برىء. والعلى القدير بما أقول عليم وشهيد . فأنا أديب متمكن وقصاص بارع . الجميع يعترفون بمقدرتى الأدبية وعبقريتى القصصية . لدرجة أن أحد كبار النقاد كتب عنى قائلا :ـ إن كل نقطة حبر فى العالم تتمنى أن توضع فى سن قلمى لأنسج بها ومنها قصة يخلدها التاريخ . كلماتى لا تكال بالقراض . بل يتعامل معها الجميع على إنها صيغت من عروق الذهب الخام , هذا ما أتفق عليه النقاد .
بينما أنا فى تأملى المعتاد . تراءت أمام عينى العبارة القائلة (كلما تحدثت المرأة عن الشرف . فأعلم إنها ساقطة ) , طرأ لى خاطر الكتابة عن خيانة المرأة .
حدثتنى نفسى بأن كل النساء خائنات , لعل تلك المرأة التى تعيش معى ...... والعياذ بالله . بالرغم من تقواها وورعها الذى تظهره دائما ًعن قصد , بدون مبرر . إذا ً فلا بد أن فى الأمر شيئا ً. فعزمت على مراقبتها وألا تغيب عن نظرى أبدا ً . وإن كانت........ والعياذ بالله . سأضع أعصابى فى ثلاجة حتى أتمكن من معايشة التجربة والأنغماس فيها لأبدع قصة لا مثيل لها , قمت بالمراقبة , أكتشفت ........ وكتبت القصة , للأسف لم أجد لها نهاية . الفعل يتم تكراره ثم لا شىء . هذا التكرار يؤدى لتوتر القارىء ويصيبه بالملل . فأخذت مسدسى , صنعت الحدث الأخير , دونت ذلك بالقصة كى أختمها ......... , أكتشفت من التحقيقات أننى قتلت زوجها . فأنا الذى كنت عشيقها , كانت الأدانة مصيرى , خمسة عشر عاما ً فى أنتظارى , ها أنا بينكم أقضيها .......

الأديب القاص / عصام سعد حامد مصر ـ أسيوط ـ ديروط

الخميس، أبريل 24، 2014

سفـر قصة قصيرة للأديب محمد أحمد عبد العال


سفـر
قصة قصيرة
عندما هبطت الطائرة على مدرج المطار قال لنفسه : الآن فقط ابتدأت رحلة الأوراق والأختام والدمغات وتصاريح السفر وتصاريح العمل وتجديد الإجازة من الكلية ، والموظفين الكسالى والموظفات الحوامل اللاتي لا يحلو لهن وضع حملهن إلا ساعة وصوله إلى مكاتبهن نازلا من قطار الصعيد . كان يستقله في الثالثة صباحاً من محطة " المنيا " ، تلك التي بهت رونقها بعد تجديدها وتحولها إلي كتل من الأسمنت لا لون لها . كانت تحفة ببنائها القديم و سلالمها المعدنية الرشيقة ، التي تهبط بك في حنو بالغ إلي أرصفة السفر كأنها تودعك . الآن فقط ينظر إليها ويدرك أن السفر قد طال بالفعل – ثلاث سنوات لم يرجع فيها - وأن العودة تبدو مستحيلة فكل شيء قد تبدل ، و الأهداف التي جاء من أجلها تبدو بعيدة متغيرة ، مراوغة كأنها السراب ، فإنك لا تنزل النهر مرتين فلا أنت أنت ولا النهر هو النهر ، كما قال أحد الفلاسفة الذين لم يعد يذكر أحداً منهم ، هو دارس الفلسفة ومدرسها ، بعد أن دفع في التأشيرة أربعة آلاف جنيه استلفها من هنا وهناك ثم سافر بدون عقد عمل ، وظل في البيت عند معارفه لمدة سبعة أشهر بدون عمل ، يستيقظ متأخرا في الصباح فلا يجد ما يفعله خلال الوقت الطويل الذي لا يريد أن يمضي ، حتى ميعاد عودتهم من أعمالهم ، يصنع لنفسه كوباً من الشاي وساندوتش من الجبن الأبيض المعبأ في علب الكرتون .. يرشف الشاي ببطء شديد وهو ساخن للغاية . يفتح التليفزيون ..فلا يجد ما يستحق المشاهدة في كل الفضائيات التي يجلبها " الدش " ، وسرعان ما يمل منه فيقوم ليتصل بالتليفون بدكان البقالة الصغير المجاور الذي يديره بمهارة ماكرة "حمزة " الهندي ليحضر له الجريدة التي لا جديد فيها ، ينظف لهم البيت .. ويعيد ترتيب ما بعثرته فوضى العزوبية القسرية.. تمضغه الأيام وتناوشه الهموم . حتى لاحت أخيراً فرصة العمل ككاتب بالأجر اليومي بإحدى الشركات المتناثرة في كل مكان . يومها قالوا له : أي شيء أحسن من لا شيء .. فأجابهم : صحيح .. أي عمل أفضل من المكوث هكذا في المنزل كأرملة تثقلها الديون يوماً بعد يوم .
لم يغمض له جفن في القطار ، وشرب شاياً بارداً بلا طعم من عامل البوفيه الذي كان يرتدى زياً قديماً باهتاً تملأه الأقذار ، وكاد أن يخطف النقود من يده خطفاً . قال لنفسه لست أدري ماذا كنت أصنع لو لم يكن " سيد " معي في مهمة الأوراق ، تلك التي يحمل همها منذ بداية تفكيره في النزول إلي بلده و قبل أن يقطع تذكرة السفر- ذهاباً وعودة - من مكتب شركة الطيران و السياحة في دوار " البيتسا هت " بنافورته الجميلة وزهوره الرائعة الملونة .
حين نزل من أتوبيس المطار - حاملا " الهاندباج " المحشوة بالمكسرات والشامبو والتفاح الأمريكي الأحمر الذي اشتراه في آخر لحظة من السوق الحرة – قابلته موجة من وجوه ريفية ممصوصة لجنود يرتدون ملابس مدنية ، يحملون لافتات مكتوب عليها أسماء لأشخاص ينتظرونهم ، والبعض منهم كان يحمل أوراقاً صغيرة مكتوب عليها تلك الأسماء وينادون عليها بأصوات متداخلة . كانوا يأخذون منهم جوازات السفر ويختمونها بدلا من أن ينتظر أصحابها في الطابور . قال لنفسه ودوار الرحلة لا يزال بداخله : ابتدأنا الوساطات .. عمار يا بلد ، وإن كان في أعماقه يتمنى لو كان له مثلهم واسطة تريحه ولو قليلاً .
صف من الأكشاك الألمنيوم الكالح والزجاج المغبش بالتراب .. كلها مغلقة ماعدا اثنين فقط .. بكل واحد منهما ضابط و خلفه موظفة مدنية مجهدة يفصلهما حاجز زجاجي قصير . الضابط أمامه مجموعة من الأختام ومحبرة زرقاء داكنة، والموظفة تعمل أمام شاشة كمبيوتر لفحص أسماء الداخلين ، وعلى الأرض خط أصفر باهت مرسوم على البلاط القديم .. لا يجب علي الواقفين في الطابور أن يتخطوه . واحد فقط أمام الضابط ، والباقون خلف الخط . إذا تجاوزت هذا الخط في غير دورك ربما تسمع ما لا يرضيك . الناس كثيرة والحر كابس والعرق بدأ في الانبثاق على وجوه تعودت على مكيفات الهواء ، ليس لأنها رفاهية ولكن لأنه لا يمكن العيش بدونها .. بدونها تموت .. هكذا ببساطة .. في علب من أسمنت لا منافذ لها … تمتص الحرارة طوال النهار وتبخها عليك طوال الليل .
جاء دوره فوضع جواز السفر وبطاقة الوصول - التي كان قد كتبها في الطائرة عندما وزعتها عليهم مضيفة نافدة الصبر - أمام الضابط من خلال فتحة صغيرة في الزجاج المتسخ ، تناول الضابط الأوراق برخاوة وتأمل الصورة في الجواز ثم نظر إليه بتمعن ، فأحس بالخوف من أن يكون هناك خطأ ما أو تشابه في اسمه مع اسم أحد المدرجين في قوائم توقع الوصول . في النهاية ختم الضابط الجواز ورده إليه فأخذه بفرح مكتوم وسار نحو مكان الأمتعة التي كانت قد بدأت في النزول علي السير المطاطي الذي يتلوى كثعبان أسود عريض . دلوه علي حاجز صغير دفع للرجل الواقف خلفه اثنين من الجنيهات وأخذ عربة لنقل الحقائب . انتظر حقائبه حتى تجئ ، كان معه ثلاث حقائب غير " الهاندباج " . جاءت الحقيبة الكبيرة الضخمة أولاً ، كانت ثقيلة للغاية ، كيف التقطها .. لا يعرف ؟ ثم جاءت الحقيبتان الأخريان فأخذهما .. ووضعهم جميعا علي العربة وأخذ يدفعها بصعوبة وعجلاتها تتعثر علي البلاط الملئ بالنقر الصغيرة وسط تزاحم الناس من كل الاتجاهات . في الصالة الخضراء أعطى جواز سفره مرة أخرى لمأمور الجمرك الذي سأله : هل معك أجهزة كهربائية ، هل معك فيديو ؟ .. فأجابه : لا .. ليس معي شيء سوى بعض الهدايا البسيطة . جس المأمور الحقائب الثلاثة من الخارج ، أشار للحقيبة الكبيرة : افتح هذه الحقيبة .. وتركه يحاول رفعها ووضعها على الطاولة الخشبية القصيرة ومضى نحو مسافر آخر . بالكاد استطاع أن يرفع الحقيبة .. كانت ثقيلة فعلاً بصورة لا تصدق . هو نفسه لا يتذكر ماذا بها .. فقد تراكمت بها الأشياء طوال السنوات الثلاثة . كلما ظن أن شيئاً ما يصلح للسفر كان يلقيه كيفما اتفق في الحقيبة ، وعندما حان موعد السفر أغلقها بدون أن يراجع ما بها . رأى أنها مسألة صعبة وتحتاج إلى وقت ، وهو لا يجيد ترتيب الحقائب بل ويكره ذلك . كان العاملون معه في المكتب يتفاخرون بأنهم أغلقوا الحقائب قبل السفر بأسبوع ، في حين كان هو مازال مشغول البال بشراء الهدايا للأهل والأصدقاء . كلما ظن أنه انتهي ، كان يتذكر أسماء جديدة لا بد من أن يشتري لهم هدايا .. لابد .. قطع قماش رجالي وحريمي .. وملابس ولعب أطفال .. وعطور رخيصة من محلات "شبابنا" "وأهلاً ". لم يجد مأمور الجمرك ما كان يأمل في أن يعثر عليه داخل الحقيبة . رد إليه جواز سفره وأذن له بالمرور ، تاركاً له الحقيبة المبعثرة محتوياتها .عاني كثيراً في محاولاته لإغلاقها . نجح أخيراً .. وأنقذه عامل في المطار بأن ساعده في وضعها علي عربة نقل الحقائب .. ووقف ينظر إليه .. فأعطاه جنيهاً ، فرده العامل محتجاً : جنيه فقط .. لا هذا غير كاف .. حقيبتك مثل الجبل .. فزاد المبلغ إلي خمسة تقبلها العامل بامتعاض . دفع صاحبنا العربة بحمولتها أمامه حتى خرج من المطار .
كان قد هاتف " ممدوح " وأخبره برقم رحلته وميعادها ، وأكد عليه ألا يخبر أحداً من أسرته لأنه يريد أن يجعلها مفاجأة لهم . وجده بانتظاره في الساحة الخارجية وهو في غاية الضيق والتوتر . كان قد وصل من " المنيا " منذ ساعتين في عربته " البيجو " الأجرة خضراء اللون 7 راكب التي اشتراها له أبوه " فوزي " الساعاتي عندما أيقن أن ابنه لن يفلح في مدارس أو تعليم ، كان صديقه منذ أيام مدرسة " البارودي " الابتدائية ، التي كانت تشغل قصر شاهين بك الذي تحول بعد الثورة إلي مدرسة .. الآن قسموها إلي مدرستين يفصل بينهما سور رمادي قبيح وكل مدرسة منهما تعمل علي فترتين صباحاً وبعد الظهر بأعداد لا نهاية لها من التلاميذ .. قال ممدوح بغضب مكتوم : حمداً لله علي السلامة ، تأخرت كثيراً في الداخل ، كنت علي وشك الذهاب .. ظننت أنك لم تصل على هذه الطائرة .. قال : تمشي .. كيف ؟ المطار مزدحم للغاية ، خمس طائرات وصلوا في وقت واحد .. احمل معي الحقائب لأن فيهم واحدة ثقيلة جداً . حملا الثلاثة حقائب معا .. وقال ممدوح : ياه .. الحقيبة الكبيرة ثقيلة فعلاً .. ماذا وضعت فيها ..حجارة .
في الطريق إلي " المنيا " الذي يستغرق أربع ساعات أخرج من " الهاندباج " الهدية التي طلبها منه خلال الهاتف .. " خرطوشة " سجائر " مارلبورو " الأحمر ، أعطاها له فقال " ممدوح " : شكراً .. ألف حمداً لله على السلامة . تبادلا أحاديث كثيرة عن الدنيا وأحوالها .. السفر والبلاد .. عن الناس والأصدقاء .. من تزوج ومن مات ومن ولد .. من غاب مثله ولم يرجع حتى الآن .
عندما وصل إلي " المنيا " كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل ، تحت أضواء أعمدة الإنارة لاحت له شوارعها وبيوتها التي يحبها ويحفظها بيتاً بيتاً . كانت المدينة غارقة في سكينة النوم . قال لنفسه الآن قد عدت فعلاً . وقفت السيارة عند المنزل ، وقال ممدوح : سامحني أنا مستعجل .. أعطني أجرتي .. أريد أن أنام ساعتين قبل طلوع النهار .. عندي مشاغل كثيرة غداً .
أخذ نقوده وعدها بعناية قبل أن ينزل معه الحقائب وتركها وتركه علي باب العمارة . كانت شقتهم في الدور السادس ، وأمه على سريرها تتقلب وعيناها ترفض أن تنام .. وإخوته ساهرين أمام التليفزيون .. العمارة بدون مصعد ، والإرهاق قد حل به . قال لنفسه : هانت .. وأختار أخف حقيبة وحملها . صعد السلم محاذراً أن يصدر صوتأ عالياً حتى لا يستيقظ أحد من السكان فيراه ويرى حقائبه . وضع الحقيبة أمام باب الشقة ولم يدق علي الباب . قال انتظر حتى انتهي من الحقائب كلها .. ثم هبط وأخذ الحقيبة الثانية وصعد بها ووضعها بجوار الأولي . أحس بالإنهاك ولكنه تماسك وضغط علي نفسه وهبط مرة أخرى ليأخذ الحقيبة الأخيرة والثقيلة . حملها بصعوبة كبيرة وفي الدور الأول زاد التعب . وضع الحقيبة علي الأرض وأخذ يجرها وهي ترتطم بدرجات السلم وتصدر أصواتاً مكتومة . وصل إلى الدور الثاني .. تهدجت أنفاسه وبدأ العرق ينشع بطيئاً فوق جبينه وفي زوايا جسمه . ألتقط أنفاسه للحظة ثم واصل الصعود وواصل العرق في الانبثاق . تصاعدت الأصوات ؛ صوت الحقيبة وأنفاسه التي تعلو كلما خطا خطوة لأعلى . قال بداخله : لو يشعر به اخوته .. لو يحسون بأنفاسه .. لو يصحو واحد من الجيران ويساعده .. ربما كان منهم من ينظر من عين بابه السحرية الآن ويراه .. لماذا لا يساعده أحد ؟ . وصل إلى الدور الثالث والعرق قد تفجر شلالاّ من كل زوايا الجسد . جلس علي الأرض وأسند رأسه إلى جدار السلم ممسكاً مقبض الحقيبة في يد واليد الأخرى ترتعش باحثة عن منديل في جيب قميصه …
قال الجار عندما سألوه إنه كان نازلا لصلاة الفجر في المسجد القريب فوجده على عتبة السلم غارقاً في عرقه ، وعندما جسه كان بارداً كالثلج .. كان ميتاً .
محمد أحمد عبد العال

الثلاثاء، أبريل 22، 2014

من يوميات " مفقوع خالص " مبارزة . للأديب / محمد لطيف


جائع ، مصارين الواحد تتلوى خواء ، كافر يا صديقى هو الجوع ، وعيناها اللتان تفكان عقال القرد لا تشبع ، انا وانت ظلمنا الحب ، تشدو ثومة ، دبيب النمل يسرى فى مشاعر الواحد ، المشاعر الميتة اصلا يا صديق ، النفس امارة بالسوء والجائع حالم ، دائما تتبعثر الاشياء التافهة فى نهر الطريق ، والشيطان يقف ع الواحدة ومعه الخازوق ، نعم ياصديق ، ان تتحول لحجر اهون كثيرا من ان تظل بشر يحس  ، ماذا يعنى ان يسرد الواحد حالة ، كل الحالات فى نهاية الأمر تكلل بالموت ، وانا احلم بموت غير هادئ ولا تقليدى ، ان احتزم شريط ناسف واضغط على الزر مثلا ، يتحول الواحد لنثائر يصعب جمعها ، الرجل ذو اللحية الكثة والصوت الجهير يحيطك ، النفس امارة يا شيخ وعليك اذلالها ، النفس منكسرة اصلا وذليلة فماذا تفعل يا صديق ، الشيطان مدجج بالخوازيق  ، مصير محتوم ، ظلمنا الحب وجينا عليه وضاع ، عيناها يا صديق تفك عقال القرد ، اذا فلتتقافز كما يحلو لك ، بادئ الأمر ومنتهاه ستظل حبسهما ، معلق على مشانقها ولن تفك حبالك ، فى البدايات تكتب القصيدة بحروف نورانية مبهجه ، الف ميم لام ، وعوضا عن الاستمرارية تتبدل المعانى وتتعقد ، لا تخلو الرؤية من هم قديم وشقاوة ، ياء الف مهموز وسين ، مهموز او مغموس ، تدخل خوازيق الشيطان و تخرج من نافوخ الواحد ، اضف مؤخرته ، تتساوى الرؤى ، الشيطان الخناس البائس المسكين ، من لا يتذمر ونحن نحمله اسباب معاناتنا ، 
جائع خالص والله وفى امس الحاجة للقاء ، اسجى على فراشك واتدثر بغطاءك ، ، زملينى زملينى ، الساقطة من حجر الرب اثناء غفوتة هى الروح ، روحى ،  تستعصى النصوص كدأبها ، ماذا يضيف لك يا صديق اذا كتبت  نصا تفهمه ، وما الحياة الدنيا الا ضحكة خلف ذقن الشيخ ، والموت سراب مكلل بالرهبة ، وكان اكبر خصام يدوب فى يوميين ، مال هجرك ايتها الشقية يعاندنى ، زملينى ، جائع للقاء والله ومصارين الواحد تتلوى ، فى عينيها وعلى دربها تدفن كل الحكايات التافهة والرومانسية الحزينة ، موسيقى كلاسيكية ، مشهد مبتور من فيلم الزوجة الثانية ، توتة توتة ، تبدء حكاية وتنتهى لينام الطفل فى احضانها ، زملينى ، ودعينى اغفو على حجرك ، عيناها بحر ، قديمة ، اذا فلنقل ان عينيها جنة ، جنة يا صديق ، اشجار من عنب وموز ، وانهار من خمر مصفى ، عتيق ، وعينا الشيخ مدورتين وفيهما خسة ، النفس ذليلة فكيف تأمر يا صديق ، والشيطان يكفر المعانى ، زملينى ، توتة ، حكاية عابر سبيل من الاقاصيص الشعبية ، فارس وفرس ، وشيخ وشيطان وانثى حانية ، سين وشين ،  طفل يداعب الاحلام ، احلام الجوع الصبيانية ، فرغت الحدوتة ................................................................. لا لم تفرغ بعد ، تستمر . 

الاثنين، مارس 24، 2014

كما تدين تدان…( قصة قصيرة )... للأديبة / غادة هيكل

أرادت أن تكتب نصا لم يُستهلك بعد ، وقفت فى منتصف الحجرة ، نظرت فى كل الاتجاهات ، تحدثت مع اركان المكان ، هنا وضعتُ مزهريته التى أهدانيها فى عيد ميلادى ، وهناك وضعت صورة لطفل أراد أن ينجبه منى يوما ما ، ثم التفتتْ نحو ركن الأحزان وقالت: هذه لوحة الوداع الاخير ليوناردو دافنشى ، أقصد لحبيبى الذى باغتنى بها حتى يفوز بقلب ابنة الدكتور، ها ها ها عرفت ذلك منه صراحة، فقد تعاهدنا على الصراحة من اول يوم ، كان ينادينى بهندية ، لأنى اشبه
( كارينا كابور ) ومن أجل ذلك تعلمت الرقص الهندى ، واكتملت الصورة هندية هندية.
الركن الأخير يحوى ذكرى بعيدة ، يقولون كما تدين تدان ، سوف انبش فيه من أجلكم ، هذه قطعة منديل أبيض نزف عليها بدمه كلمة أحبك ، وهذه ورقة ملونة من دفتره فيها خط أولى كلمات الشعر من أجلى ، وتلك ورقة نقدية من الفئة الخضراء نقش عليها حروف اسمينا الأولى ، وتلك الشجرة أول شجرة فى حياتى يزرعها من أجلى فى هذا الأصيص ثم يزينها بالهدايا فى اول احتفال لرأس السنة ونحن معا فهو يحب تقليد الغرب فى كل شئ، ومع ذلك أضفى عليها لمسته الشرقية فدلى على غصنها سى دى لأم كلثوم بأغنية بعيد عنك حياتى عذاب . كل هذا يفعله وهو يحاول أن يسمع منى كلمة حب ولو من وراء قلبى ، كنت أراوغه كثيرا ، لم أكن لعوبا ، كنت فقط أحاول التروى والإختيار، وهو يدفعنى نحوه ، رغم طيبة قلبه وعشقه لى ، أه نسيت أن أذكر الشجرة الوحيدة التى جلسنا تحتها كثيرا نتحدث ونمرح ونأكل …، هذه ورقة منها جفت ويبست ولكنها لم تتفتت ، أعتقد أنها ما زالت تحمل القلب الذى رسمه والسهم الذى اخترقه شاهدا على هواه.
وعلى غفلة منه تركته بلا ابداء السبب . اليوم هو الركن الوحيد الذى يواسينى ، الركن الذى يحمل ذكرى من أحبنى بصدق ، وقتلت حبه ببشاعة تطلعى ، أتذكر ملامح وجهه الغاضب منى والتى عندما تلامس يدى تتحول بلمح البصر إلى ابتسامة رضا وحنان، قارورة العطر على شكل الرجل الصينى ، فرغت من عطرها وسكنتها الوحدة ، الآن سوف نعيد صداقتنا معا ، كل منا يحتاج إلى رفيق . أه ما أجمل كلماتك التى ذيلتها فى خطابك الثالث ، إلى من أحببت بدون حدود من قلب يعشق إلى حبيب مفقود ، كان دائما على يقين أنه لن يملكنى يوما ، ومع ذلك ظل وفيا لى حتى آخر لحظة ، لا بل بعد انتهاء كل اللحظات . فى آخر يوم للعام الدراسى قلت فى نفسى لابد من مكافأته على صبره وحبه لى ، سرت معه تسكعنا طويلا ، عرجنا على مكاننا المفضل تحت الشجرة ، كنت أريد ان اودع أماكنى الخاصة ، فانا على يقين من عدم عودتى لها ، وهو يسير معى وفى عينيه ألمح لحظات حزن الفراق ، ولكنى لا أكترث كثيرا ، كنت موفقة من بلوغ هذه المرحلة ، ثقته الزائدة فى حبى له هى من تدفعه لهذا اليقين من كونى سوف أحارب الكل من أجله ، لم يحمل كلامى بمحمل الجد عندما قلت له : أنى لن أتمكن من مواجهة أهلى وفرض رغبتى فى حبك عليهم ، هل كنت أضحك على نفسى أم عليه ، داخلى يقول أنى من ترفض ، ولسانى ينطق له بغير ذلك ، ألقيت اللوم على شدة أهلى وتحكمهم بى ، وأنا على يقين من قوتى وسطوتى التى إن أرادت هناك الف حيلة لإقناعهم ، او على الأقل أكون قد حاولت.

كنت أهوى المغامرة واكتشاف الآخر وهو يبغى اكتشافى انا وحدى ، أتذكر هذا الذى قابلته وعرض على مساعدتى فى حمل امتعتى يوما ووافقت ، سار معى وتحادثنا وضحكنا وانتهى بنا الأمر تحت نفس الشجرة ، فيما كنت أفكر ؟ لم أفكر فيه بالطبع ، كل ما همنى أن لا يرانا معا ، انهيت المقابلة على أمل لقاء آخر ، وانصرفتُ لمقابلته ، كيف انتقلت من هذا لذاك ،لم أشعر بالندم أو بالألم ! نهرتنى زميلاتى بالغرفة لما فعلت وهددتنى احداهن بخصامى ، ولم اكترث ، من أنا ؟ كنت اسأل نفسى عن حياتى التى أرغب فى عيشها ، ولا اجد اجابة واضحة ، اليوم هنا فى هذا الركن الحزين أجد كل الإجابات ، وأتذكر كل الأفعال ، وأهوى العودة بالزمن ولكن لماذا ؟ هلى لكى أعوضه عما فعلت به ، عن هجرانى وقسوتى ، عمن عرفت وأنا معه او من عرفت بعده وتركتهم كلهم ،؟، أشعر أنى مريضة نفسيا فى بعض الاحيان ، وهل هنا بين هذه القصاصات سوف أجد الدواء ، الأن انا اشعل لهيبا فى مناطق اليباب الموات ، هل اشعل النار بقلبى الذى مات ، أم اعذبه بقدر ما عذبهم وعذبه ؟ لقد تعذبت بالفعل يوم تركنى من أحببت على قدر علمى بالحب وكنت له خاتم فى اصبعه رماه مع أول نظرة لإبنة الدكتور ، فهل كنت أنتقم من كل الرجال ؟ نعم ولكن انتقامى زاد عن حد العبث فحطم هذا القلب الوحيد الذى أحبنى بصدق ، كما تدين تدان ، كما تدين تدان ، أرددها كثيرا مع كل نظرة إلى ركنى الحزين ، وطلة فى المرآة ابحث عن بقايا كارينا كابور ، ومنديل ما زال يحتفظ برائحة عطره ، وصوت الكروان ينادى المُلك لك . والشر منكِ واللهيب طالك .

السبت، مارس 15، 2014

صحراء قاحلة ... قصة للأديب لمحمد لطيف


صحراء قاحلة
هكذا يمكن للواحد ان يبدأ نصا فشل كثيرا فى انهاءه ، مترامية وموغلة ، هى الصحراء ، وابى ينخسها بعصاته ، ثم يردف ، عليك ان تؤمن فأنت حر
اتذكر تلك الحالة جيدا ، الفرافرة وصهد الصيف الخانق والواحة ولت بعيدا ، وابى ، شيخ البدو الطاعن يعلّم ولده الذى حتى قبل ان ينفق الأب هربا من سهول الصحارى وقحلها الى غابات الريف وتشعباته ، عليك ان تؤمن فأنت حر ، كان للمفردات طعما غريبا أنذاك ، ربما لجهل الواحد ساعتها بالأيمان او الحرية ، رغم انى بت مقتنعا بعدم جدوى الايمان خصوصا اذا كان الواحد عبدا ، ليس عبدا فحسب بل عبدا ذليلا ايضا ، تعنى الحرية ان تختار ، وان تتحمل نتيجة اختياراتك ، فمن منا يختار ان ينام او لا ينام ، معدل ثمان ساعات يوميا يتنازل عنها الواحد هكذا ببساطة لسلطان النوم والغطيط ، اى حرية تلك ، ام هى العبودية والاذلال ، فانت تجبر على ان تأكل وتشرب وتمارس حياة قميئة بمفردات لاتقل قمائتة عنها ، اننا عبيد لتك الحالة ، حالة الاحتياج المزمن للطعام والشراب ودخول الحمام ، عبيد الحمامات نحن ، نلجئ اليها حينما تزنقنا الحاجة .
عليك ان تؤمن فأنت حر ، يلقيها بدويا لايعلم معنى السكينة ، فى ترحال مستمر من واد الى واد ، بحثا عن المرعى ، عبدا ذليلا للمرعى هو الأب النافق فى سهول صحراء الفرافرة ،
يتجلى كفره وجيها ، سببا مناسبا ليس للاحتقان فحسب انما لأن يكون قبلة وملاذا ، الكفر بالطبيعة الاحتياجية للواحد ، زوج له مزايا وعليه انفاقات ، انسان عليه ان يواكب التطور الانسانى ، اى تطور انسانى والسلام ، ، سجين بين ايمانه وكفره ، مابال الواحد تخنقه التفاصيل هكذا ، صحراء قاحلة ، يمكن ان نبدأ النص هكذا ، النص الذى سنفشل كالعادة فى انهاءه ، النص الذى سيسعى حابيا لطرح علاقة الواحد منا بالايمان والكفر ، والحرية والعبودية ، والخلاص ،
كذا انهت امى الأمر فى حقول اطسا قديما ، كانت اذ ترانى تبسمل وتحوقل ثم تستعيذ من همزات الشياطين واستحضارها ، اقابلها هكذا فى باحة دارها فلا تهش او تنش ، تقتضب ملامحاها وتتعقد بسرعة رهيبة ، جيت ياغراب ، اعوذ بك من همزات الشياطين وان يحضرون ، ، كنت ارى العيال فى الشارع ، وامهاتهم تحنو وتتعاطف ، وارها بنفس المقدار من البطش فى ساحة البيت تسب وتلعن ، ليلة مقتل شيخ البدو الطاعن _ الذى اغتيل منذ ان ترك مراعى الواحة الى خصوبة ريف اطسا ، متزوجا بزنجية ينتهى نسبها بالادارسة على ضفاف نهر النوبة _ ليلة مقتلة ، وكانو قد ذبحوه دون فصل الرقبة ، ثم ربطوه بذيل حصانه فظل مجرورا لمسافة كافية ليعلق الجسد بالترعة وتتدحرج خلفه الرأس مبتسمة ، ليلة مقتله هالنى بشاعة المشهد ف جريت عليها صارخا وملتاذا ، فما كان منها الا ان بصت لي بكراهية لم اجد مثيل لها ، اتسعت حدقات عينيها كفوهتى بركان وتطايرت كل شرور العالم ، وهى تقول وسابوك ليه
تلك مرحلة قد خلت ، ف شيخ البدو مات ذبيحا ، والزنجية الادريسية نفقت بعده بسنوات ، وبقيت للواحد همومه وصراعاته ، بين ايمانه وحريته ، وبين عبوديته وهمزات الشياطين المحيطة ، اعوذ من همزاتهم وحضورهم ، اتسلل الى غرفتى ، او قل المكان المعد لنومى ، التحف غطائى واتذكر حديث الأب عن الايمان والحرية ، ثم تجابهنى تعقيدات ملامح الأم وقسوتها ، فأكره الأيمان والنفاق ، واكرة الحرية والاذلال ، بيد انى فى غالب الأحوال اقوم لأقضى حاجتى كأى عبد ذلي

الأربعاء، يناير 01، 2014

قصة " رنين الصمت" للقاصة / كريمان رشاد الفائزة بالمركز الثاني " قصة " المستوي الثاني



 قصة " رنين الصمت" 
                                                                         للقاصة / كريمان رشاد     كفر الشيخ 

نفس المشهد الكالح يطالعني كلما دخلت المنزل.....نفس الوجوه الكئيبة لنساء العائلة وجاراتنا....دوما يجتمعن داخل منزلنا في حين تصبح أمي الزعيمة التي ترأس هذا المجلس النسائي....تلك الشكاوى التي تخرج من أفواههن كالسيل المنهمر لا تتغير مطلقا...والغريب أن عددهن دوما في تزايد لم أشاركهن يوما في تلك المجالس النسائية... 
الحديث بينهن يدورعن(ليلي).....كانت جارتنا سافرت منذ عامين لتكمل دراستها في الخارج- بمفردها–هذا ما أثار غضبهن أتذكر كثيرا ثورتهن يومها...بالرغم من أن كل واحدة منهن تهفو روحها للحاق بليلي لكنهن لا يصرحن بذلك........ 
التقيت (ليلي)قبيل سفرها كنت أود أن اعلم كيف تتحدي وحدها كل تلك الآراء؟......أخبرتني أنها تريد أن تتحرر من ذلك السجن الذي حبست المرأة نفسها داخله منذ الأزل...لن تضيع عمرها مثلهن وتبقى نادمه عليه حتى الموت 
(اعلم أنى أمراه ولا أريد أن أكون سوى ذلك)
لم تزل عبارتها تتردد داخلي حتى الآن....(ليلي)تلك التي خالفت رغبات كل النساء سافرت تبحث عن ذاتها بعيداعن القيود التي تحكمها المرأة حول حياتها في هذا المجتمع الصامت....أعجبت بـ(ليلي)كثيرا....حلمت دوما باللحاق بها في رحلتها نحو الحرية لأتحرر من مجلس النسوة المنعقد دوما داخل حياتي....كان مجرد ذكر اسمها أمام أمي –ولو على سبيل الخطأ– يشعل ثورتها التي لا تنطفئ إلا بعد أن تجود على بعدد لا بأس به من الركلات والصفعات ونهر من الشعيرات الملقاة تحت قدميها والتي كانت تستقر منذ لحظات فوق رأسي هادئة مطمئنة.....كانت تخشي أن نتمرد على عقيدتهن ونلحق بـ(ليلي)....تعدنا منذ الصغر حتى نصبح مثلهن....
(أنت فتاة....هل تفهمين فتاة)
فتاة....كانت ترددها كثيرا في وجهي وكأنها ذنب اقترفته لا يغتفر....خطيئتي الكبرى....الجريمة التي لا يد لي فيها ومع ذلك أعاقب عليها مدى حياتي..... 
أحيانا اشعر أن أمي تعاني من عقدة نفسية... إلا أنني وجدت كل النساء من حولي يتعاملن بنفس الطريقة...إنها إذن طباعهن...العقيدة الراسخة داخل عقولهن....المرأة هي التي تجدل الحبل الذي يحكمه الرجل حول عنقها...اللعنة عليهن وعلى كل نساء الأرض هن اللاتي أودعن أنفسهن السجون والآن يتلذذن بالصراخ من خلف قضبانها.....
الصمت يغلف المنزل....يضفي على الأشياء من حولي منظر كئيب...تعالت إيقاعاته بعدما قررت اختى الزواج بمن إختاروه لها.....اخبرتنى أنها تريد التخلص من تلك القيود التي كادت تزهق روحها.....ذكرتها ب(ليلي) ألم نتعاهد معها قبل رحيلها ألا نستسلم؟.....لم تجبني...بلهاء....ظنت أنها بذلك ستسترد كيانها المفقود...هيهات أن يحدث ذلك....تخيلت صورتها وهي تشاركهن مجلسهن الأسبوعي.....ترتشف قطرات البن المره وتنهمر عبارات الندم والأنين كالسيل على أرضية الحجرة الصورة أفزعتني لم يعد بيدي شيء 
الاستعدادات تتم على قدم وساق يوم عرسها......أطنان من النساء تغطي أرضية المنزل....عبارات التهنئة تتناثر في كل مكان...السائل الأحمر يدور بين المدعوين...........دماء المسكينة تصب في الكؤوس.....وهن يحتفلن بقربان جديد سيذبح ليروي بدمائه عقيدتهن التافهة.... 
الصمت يرن في أوصالي...رنين لا تسمعه أذناي....يسري داخل عروقي ويجري في شراييني مجري الدم.....يصل إلى روحي فيهتز له كياني....نظراتهن إلي ذات مغزى اعرفه جيدا( أنتي التالية ).....محال....لن استسلم أبداً..اتركوني اصنع حياتي بنفسي بعيدا عن طريقتكن....لم يعد للصمت مكان داخلي بعد اليوم...سأصرخ بكل ما تأجج داخلي من نار..... 
فتحت النافذة....استقبلتني النسمات الليلية الباردة...أحسست بالدماء تجري في عروقي...استحضرت أمامي صورة شقيقتي ومأساتها....حديث(ليلي)...مجلس النسوة قطرات البن المره.....ثرثرتهن التي تثير أعصابي...عندها أدرت ظهري للحجرة... بنسائها...وثرثرتها....وقهوتها...وأناتها...تحررت من أخر القيود المربوطة حول عنقي...أطلقت لساقي العنان....ركضت بكل قوتي وسط دهشتهم..ألقيت بنفسي في أحضان الطريق المؤدي للحرية وقلت له هيت لك...عانقت الرياح بلهفة العشاق متجهة نحو جنتي القادمة...الفردوس الذي سأحيا فيه بلا صمت.....

قصة " الخطاب " للقاص / شريف العجوز الفائز بالمركز الأول " قصة " المستوي الثاني

‏شريف العجوز‏

قصة " الخطاب "
                  للأديب / شريف العجوز    الجيزة 

أبي العزيز . . .

أكتب إليك مجددا ، فقد إشتقت إليك حقا ، هل وصلك خطابي الأول ؟ ، إنتظرت أن ترد عليه دون فائدة ، كثيرا ما كنت أرتدي الفستان الذي أحضرته لي وأنتظرك في الشرفة لكنك لم تأتِ .

أمي أصبحت طريحة الفراش ، لم يعد الرجل - الذي حدثتك عنه في خطابي الأول - يأتي ، كانوا دائما يتشاجرون ، فقد كان يطلب منها نقودا ،وكانت ترفض فيضربها ، ويوما على شجارهما وكنت أراقبهما من ثقب الباب - رغم أن أمي نهتني عن ذلك كثيرا وعاقبتني أكثر - فلطمها فسقطت على الأرض وسكتت عن البكاء و الحركة ، أسرعت إليها فلكذني فوقعت على الأرض ومضى إلى الخارج .

وجاءت جارتنا على صوت صراخي وطلبت لها طبيب ، أشفقت عليها كثيرا ، فقد قال الطبيب أنها مصابة بإنهيار عصبي ولن تستطيع السير على قدميها بعد ذلك .

دائما ما كانت تبكي يا أبي ، ودائما ما كانت تعتذر و تطلب مني أن أسامحها ، ولا أعلم عن أي خطأ إقترفته في حقي تعتذر عنه بالتحديد فذاكرتي ممتلأة .

عمو نبيل - الذي حدثتك عنه من قبل – تزوج .. هكذا سمعت من جارتنا ولم أعلم ما تقصده من هذه الكلمة لكن هناك إمرأة تعيش معه يسمونها زوجته ، دائما تنظر لي ممتعضة الوجه دون ان افعل لها شىء .

سمعت يا أبي – من التليفاز في مسلسل أتابعه فيه شخصيتين مثلي وعمو نبيل – أن ما كان يفعله معي " عيب " هكذا سمعت من والدة الطفلة الممثلة في المسلسل ، لكن على أي حال فلم يعد عمو نبيل يحضر لي الشكولاتة التي أحبها .

الطقس بارد عندنا .. كيف هو عندك ؟؟ إنما لا أشعر به عندما أتدثر بمعطفك وأملأ كوبك بالشاي وأجلس أمام المدفأة أتذكر عندما كنت تداعبني .. لا تخف على المعطف يا ابي فهو طويل جدا علي لكني أحافظ عليه حتى ترتديه عندما تعود ، ليت يكون هذا قريبا .

سأرسل لك قبلة ثانية في هذا الخطاب ولا أعلم هل وصلتك الأولى أم لا ؟! ... أوه لقد نسيت ! فالفستان الذي أحضرته لي قد قصر وضاق عليا كثيرا وقد غطيت به دميتي ، ووضعتها أمام الشرفة حتى إذا رأتك قادما من بعيد نبهتني لأكون في إنتظارك .

أرجوك يا أبي لا تتأخر أكثر من ذلك ، فأنا أسأل أمي عليك دائما وفي كل مرة تبكي ، لكن لن أمل وسأنتظرك ، ولا تنس قالب الشكولاتة الكبير .