الأحد، يونيو 14، 2015

جسد صامت. جمال فتحي



جسد صامت
تعبت من انتظار الحلم الذي تـأخر.بدأت تتسلق السلم بصعوبة بالغة ، قطرات عرقها تنزل وتسقط في جب عميق ، تمزق الستار الأسود الشفاف بأناملها الرقيقة..تجلس على حافة النافذة حتى يجف جسدها غير مرئي 
ولما انهمرت الدموع انطلقت محلقة في الفضاء الواسع ومن هناك رأت ؛
الظلام يخيم على الحياة ،فعرفت الإجابة أخيرا عن السؤال الذي دائما تسأله لصاحب الجسد ..
لماذا أنت ثابت لا تتحرك؟؟
قفزت من فتحة العينين وقفت على صخور مضرجة بالدماء..ونظرت الى جبل عليه علم صامت لا يرفرف..اعتزمت صعوده بلا أذرع ولا أقدام . 
تنهار الأحجار عليها، فتقفز كالبهلوان وحين وصلت وجدت الحياة ميتة على قمة الجبل وجماجم ملاقاة بكثرة ..وزهورا ذابلة لم يحملها ريح الخريف.وحول العلم دائرة من نار ولافتة مكتوب عليها ممنوع الاقتراب ، رأت طيورا جائعة تطير بأجنحة منكسرة تخاف أن تهبط في وادي الألم .. تحاول أن تطير معها ربما تنقلها الى مكان آخر، فتقع أمام الجسد الصامت ..تصعده وتنزلق إلى حيث مكانها ..تغلق قوقعتها وتنام .في انتظار من سيسحبها بهدوء إلى السماء
وتعود حتى تبوح في المحكمة التي أعدت لصاحب الجسد الحزين .
كان يصارع الأحزان والوحدة وتتَلتلتْ عليه المحن
خرجتُ معه وكان لحما طريا فى عز الشتاء القارس .كنتُ أسمع نواحه
وصرخاته الضعيفة التي لم تصل إلى قلوب البشر
وما كنت اسمع غير اللعن والسباب لمن وضع نطفته فى رحم أنثى لا تعرف معنى كلمة أمومة ..ابن حرام ..لقيط 
جاء إبليس بوجهه الشامت يتحدث معي قائلا:
كيف سوف يكون حال هذا الطفل اللقيط ابن الزنا عندما يكبر؟؟
سوف يكون من أتباعي وسأفعل ما أأمره به .أخذ يطلق ضحكات مجلجلة 
وانصرف يبث الخوف والدمار فى قلوب النفوس المريضة 
كم تمنيت فى تلك اللحظة أن يأتي أمر من السماء حتى أخرج من هذا الجسد 
إبليس لم يكذب .فمنذ الوهلة الأولى فقد هذا الجسد الحنان والعطف 
ماذا سوف ينتظرك أيها المسكين .؟سوف تأكل من صناديق القمامة .وتشرب من مياه آسنة .لن تعرف لون السعادة ولا طعم الراحة وسيكون لك أهل وأصدقاء على شاكلتك ، أنا لا أعلم الغيب ولكن تلك سوف تكون حياتك
التحمت الروح بالجسد ..أحاطه عتيب ورقيب عن يسار وعن يمين وبأيديهما أوراقا بيضاء .. وعلى رأسه استوي شُوْيطِنٌ صغير.

ليست هناك تعليقات: