الاثنين، يوليو 14، 2014

المغادرة قصة/ سميرالمنزلاوى

   


 المغادرة

قصة/ سميرالمنزلاوى

حين قاد ذو السترة الزرقاء ، آلتنا الروسية – شبيهة الباخرة - لم يكن احد رآها من قبل تحصدالقمح وتذروه ، وتطحنه ، ثم تلقى الدقيق فى الاجولة ، والتبن فى الاكياس كما قيل ! لكنها عاشت هامدة بجوار الجمعية ، مرسوم على جانبها يدان تتصافحان !
تلفحها شمس الصيف فتحمر، وتصفر ، ثم تأتى رياح ومطرالشتاء فتصير دكناء شائهة !
نلعب فوقها ، نعبث ، نحدق فى اليدين المتصافحتين . حاول الولد يسرى ان يقطع اتصالهما بمسمار! حرام يا اولاد لقد تعبت اليدان !
كان ذو السترة الزرقاء يلصق ابتسامة لا تتحرك ، فى عينيه حزن و استكبار ، وبصحبته جنديان وضابط .
لم يجرؤ أحد على الهمس ، حتى العمده الحائر كطفل ، كان يعانى أفكارا عجيبة ، ماذا جنت هذه الكومة من الحديد الصدئ لتأتى الحكومة و تقبض عليها ؟
اما نحن فكانت افكارنا اعجب ، هل تحرجه ، وتظل ساكنة كالميت ، أم يركبها الغرور فتدور ، وتلقى دقيقا وتبنا تحت الاقدام ؟
ثمة عصفور يرفرف فوقها بعناد ، ويهمس الولد فوزى ان عشه فى داخلها يحوى ثلاث بيضات مرقشة !
برد طوبة يلسع العيون و من بعيد يمكن رؤية نسوة يرقبن على الاسطح يلعب الريح بأغطية رؤوسهن !
كذبنا اعيننا حين ضغط زرا ، فزأرت صوتا مبحوحا ، انجلى ، وتناثر الصدأ كالقمل ، و قفز الهواء من القواديس كالمارد ساخنا يحمل دوامات ترابية . اندفعت الآلة تهرول من الملل ، وجرت فوقها بالطباشيرالباهت عبارات مثل :
احمد يحب بدرية
تسقط اسرائيل
بلد ليس فيها رجل !
كما جرى معها عش العصفور الذى اندفع وراءها كالمجنون !والفئران والعرس والسحالى والخنافس والصراصير المفزوعة وخيالنا الذى لم يصمد ، وعاد ليشهد اقتتالا حول غنيمة من المسامير و الصواميل و الزمبركات .
العمدة الآن يبتسم ، ابتسامة فلسفية ، حيث عثر على حل اللغز، الذى هو تخليصه من الصخب و عودته الى بيته لينام ! راح طوبه وامشير وهلت روائح الصيف ولم أجرؤ على ولوج المكان !
ذات اصيل هبت على الرائحة و سحبتنى
فاقتربت من البقعة التى كانت تغطيها لالعب ، ورغم انها كانت مملوءة بالاولاد ، والصراخ فاننى اصطدمت توا بالابتسامة الملصقة التى لا تتحرك ، و الحزن الذى يجرى فى العينين مع الاستكبار ، زجرنى الجنديان ، والعمدة ، وتمزق قلبى من اجل العصفور ، فافسحت لشبيهة الباخرة كى تغادر

ليست هناك تعليقات: