‏إظهار الرسائل ذات التسميات مناقشات نقدية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مناقشات نقدية. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، ديسمبر 12، 2014

مناقشة "خيول النهر" لمحمد عبد الله الهادي بنادي القصة 15 ديسمبر




"خيول النهر" في نادي القصة
 تقام  في السادسة مساء الاثنين القادم 15 / 12 / 2014 بمقر نادي القصة ـ شارع القصر العيني ـ القاهرة .. تقام ندوة لمناقشة المجموعة القصصية "خيول النهر" لمحمد عبد الله الهادي.. يناقشها النقاد:
أ . أحمد عنتر مصطفى ـ د. صلاح السروي ـ د. محمد عبد الحليم غنيم

في حضور رواد وأعضاء نادي القصة بالقاهرة

مناقشة " بسكوتة علي شعب جعان " للشاعر حاتم مرعي بثقافة السويس 28 ديسمبر




يعقد نادي الأدب - قصر ثقافة السويس ندوة لمناقشة المجموعة الشعرية " بسكوتة علي شعب جعان " للشاعر حاتم مرعي " يشارك فى المناقشة الشاعر /حازم حسين والشاعر /عادل جلال 
ومن شعراء السويس ..
سيد عبد الرحيمو مجدى عطية وأحمد أبوسمره
يدير المناقشة الكاتب / عصام ستاتي وذلك مساء الإثنين 28 ديسمير الجاري 
الديوان صادر عن سلسلة حروف (تصدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة)2014

الاثنين، ديسمبر 08، 2014

بنات الحاج رواية هالة فهمي والتمرد بفعل الكتابة رؤية نقدية : أشرف محمود عكاشة




بنات الحاجرواية هالة فهميوالتمرد بفعل الكتابةرؤية نقدية : أشرف محمود عكاشة

============================
دوما يبقى الحرف نافذة للبوح وباباً للحلم والوصل..
والكتابة حين تولد من رحم المعاناة والقهر تصبح راية للتمرد على الواقع المقيت هكذا أعلنتها المبدعة هالة فهمي على لسان بطلتها ملك:
" - أحلام عاد فؤاد .. وأنهيت روايتي .. وقرأها جدي .. أنظري إليه يبتسم لقد قالت الرواية ما عجزنا عن البوح به ."
يحاول فيها المبدع تحقيق ذاته في أجواء لا يستطيعها في الواقع المعاش، فإذا به يرسم بيئة يمارس فيها المبدع تمرده ، وتذمره من الواقع، واحتجاجه على الكثير من الأوضاع القاهرة والسائدة في المجتمع، فهو يسعى إلى تحقيق رغباته في بيئة لا تنطبق عليها مظاهر أو شروط الواقع المعاش، ومع ذلك لا يمكن أن ننكر أنها بيئة صالحة للعمل الإبداعي، إذا توفرت لدى المبدع إمكانيات وأدوات تمكنه من أداء مهمته الإبداعية بالشكل والمضمون المناسبين"
بل إن الكتابة كفعل إنساني حتى إذا لم تصل إلى المستوى الإبداعي تبقى دوما البلسم الذي نحاول أن نبرأ به من كل علل الروح كما فعلت أحلام بمذكراتها
" لم تكن مذكرات أحلام مرتبة ..تكتب كل ما تتعثر به روحها تخبئ الهموم بين سطور عقيمة لن تُفشي يوما ،لم تكن تدرى أنني سأنقب خلف هذه السطور لأعرف المزيد ولكن هذه الصفحات المطوية جعلتني أفض ما بها ورغم أنه لم يكن غريبا بل متوقعا إلاأنه صدمني .."
" فتحت مخزن أسرار عمتى ومددت عينى بين السطور لأروى عقلى .. فتهدأ روحى التى لم تعد تعرف مذاق الراحة منذ بدأت حلقات المعرفة وتكشف الأسرار."
تأتي رواية ( بنات الحاج ) على مستوى المضمون كصرخة تمرد على مستويات عدة تمرد على القهر المجتمعي الذي يمارس ضد المرأة وتمرد ضد الطبقية وسطوة المال ومحاولة صادقة للانتصار للحب والمشاعر النبيلة ومحاولة صادقة لكشف سواءات عدة فشلت كل محاولات موراتها عن العيون
" لكننا نسختان متطابقتان كلانا لا تخضع للتهديد .. عنيدة محاربة .. و رثت كل شيء عن عمتي الكبرى .. المسألة لم تكن شكلاً فقط قررت أن أكمل الرواية و ليكن ما يكون من جدي فليس من حقه خنق شعاع الشمس ولا وأد القمر إذا أراد .. لقد فتح باب السر و كشف غطاء المقبرة..فعلي الجميع أن يتصارح و ألا ينام سر في قلب صاحبه بعد الآن ."
" ربما لا ندرك بشاعة الأشياء السلبية ونحن أطفال أو ربما لا نراها إلا بعد أن تتكاثر وتشكل ظاهرة . أو ربما عندما يزيد القهر فتقع الأقنعة وتبدو الحقائق جلية واضحة .. ربما .. فلولا هذه المذكرات لظلت قرية المجد هى تلك القرية التى أركض داخل إطارها الأخضر .. أطارد فراشتها .. أحلق مع يماماتها "
في براعة ووعي شديدين نجد الكاتبة تحكم بناء الرواية على تعدد الأصوات الساردة داخل النص على الرغم من ظاهرها الذي يوهم المتلقى بالسرد السير ذاتي لغلبة ضمير المتكلم على السرد داخل الرواية فهي تمزج بين الرواية المونولوجية والرواية متعددة الأصوات ، فتحرص على تنويع الخطاب باستعمال أساليب لغوية وبلاغية مختلفة تتراوح بين الحوار الداخلي(المناجاة) والوصف والحوار الخالص والرسالة والسرد بكل أنواعه، واستعمال اللهجات المحلية وسجلات مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، تركز على صراع الشخصيات وتناقض مواقفها ولغاته الخاصة التي تجعلها تنتمي لجماعة لغوية معينة تتجلى لنا بكل وضوح في الخطاب الروائي،
فالشّخصية المتكلّمة، في الرواية، تمتحن مصداقيّة إيديولوجيتها بالحديث والجدال والمقارنة بين وعيها وأنماط الوعي الأخرى، ويتواصل الكاتب، من جهته، مع هذه الشّخصيات جميعها؛ فيُدافع عن إيديولوجيّته ويدأب على دحض مزاعم الكائنات الورقية الّتي أنشأها؛ إنّه يستخدم لغات الشّخصيات ورؤاها للعالم ليختبر صحّة رؤيته وقدرتها على الحِجاج والتّأثير.
فهي لم تعد شخصيات هامشية أو ثانوية أو ظرفيّة تدور في فلك شخصية بطلة؛ فتبارك سعيها أو تثبّط عزيمتها أو تنتظر الخلاص على يدها، إنّما أصبحت فاعلة بكلامها ومؤثّرة ببلاغتها ومقنعة بدمْغ حجّتها.
وليس أدل على ذلك من سرد حكاية تفاحة تلك الغانية التي تمارس البغاء علانية لتختمها الكاتبة على لسان ملك بهذه الحجة التي تحاول أن تعري كل ما تواريه جدران بيوت القرية من مساوئ " صاحت أمي بوجهي ذات يوم عندما قلت لبعض النسوة وهن يزدردن سيرة الأخريات :والله لو طردتم تفاحة من البلد عليكم بطرد ربع نساء البلد منها .. قريتنا بها سلة تفاح وليس تفاحة واحدة."
والسرد بضمير المتكلّم يوهم بتطابق أو بتماهي صوت الراوي في النّص مع صوت المؤلف الحقيقي في الواقع, كما يوهم بواقعية التجربة وحقيقية الشخصيّات, ومن هنا يأتي الربط الظالم بين شخصيّة المؤلف وشخصيّة بطله! مع أن السرد بضمير الغائب أو المخاطب قد يكون أحيانا اختيارا فنيّا حتى في مجال رواية السيرة.
" اسأل نفسي أيهما أجمل أن أعيش جزءا من منظر طبيعي خلاب .. أو أن أرقب هذا المنظر واستمتع به .. لكل منهما متعته الخاصة .. عندما أكون جزءا من المشهد، مذاق يختلف عما أكون مراقبة له من بعيد وهذا ما يحدث كثيرا في تفاصيل حياتي.. خاصة بعد أن قررت ضم مذكرات أحلام لما بدأت كتابة في رواية تحمل اسم (بنات الحاج) فعندما أعود للطفولة البريئة أكون جزءا من المشهد.. أعشق ساعاته وأتمنى ألا تمضي .. وحالة كوني شاهدة أحكي لكم .. أتحكم في الحكاية .. متى ابدأ ومتى أتوقف وها أنا ذي أعود إلى حكاية عمتي أحلام تلك التي انهارت وسقطت فاقدة الرغبة في الحياة والخروج عن جلدها الذي ضاق عليها حتى كاد يخنقها ."
هو مزج، داخل ملفوظ واحد، بين أسلوبيْن ورؤيتيْن للعالم يضطلع به الكاتب عمداً أثناء إنجازه للتّلفظ؛ إذ يريد به إقامة تواصل لغويّ وإيديولوجيّ بين الشّخصيات والراوي من أجل تقديم أحكام قيمة بشأن إيديولوجية الشخصيات الّتي تشي بها بضع مفردات أو عبارات.
ولعل تواجد مثل هذا النمط السردي في هذا العمل الفني، يجعل "الأنا" مجسداً لما يطلق عليه "الرؤية بالمصاحبة" في عرض الأحداث ونقلها للمتلقي، وذلك بحكم وجود السارد كشخصية في النص؛ أي أن كل معلومة سردية، أو كل سر من أسرار الشريط السردي، يغتدي متصاحباً مع "أنا" السارد.
وعبر هذه القراءة النقدية الموجزة لهذه الرواية نستطيع أن نرصد ما يلي
• هناك ثلاث مستويات من السرد بضمير المتكلم على لسان ملك
وعلى لسان أحلام في مذكراتها وأخيرا مستوى ميتا سردي على لسان ملك عندما تتملكها روح الكاتبة وهي تتحدث عن الرواية وفعل الكتابة نفسه وعن الإبداع.
• تبعاً لهذه المستويات من السرد تمارس الكاتبة ببراعة لعبة الانتقال بين الأزمنة داخل الرواية في مراوحة عمدت فيها الكاتبة إلى تشويق المتلقى وإثارته وهي تمرر إليه أجزاء الحكايات التي تتجمع خيوطها لتكشف عن رؤية الكاتبة وموقفها من مضامين الرواية
• البيئة المكانية كانت مطية الكاتبة في ربط الحكايات ببعضها البعض خاصة دوار الحاج شاهين ومقام الشيخ عبد الله والنهر ، وتبقى القرية في الماضي والحاضر بيئة تكشف معاناة الشخوص وما حل بأرواحهم من تشوهات بالتماهي مع ما أصاب القرية من قبح "هذا مشهد من فصول كثيرة واجهتني بكل قبحها .. تخرج لي لسانها قائلة :هاهى ذى قريتك طالها فرشاة "المكياج" المنفر لمسخ ملامحها الحبيبة .." .
• نلمح أيضا على إمتداد الرواية أصداء المورث الشعبي سواء المرتبط بالحزن مثل العديد أو بالمعتقدات مثل الحكايات المرتبطة بمقام الشيخ عبد الله وكذلك على مستوى العادات مثل العلاج بلومية الجميزة والتلميح من خلال هذ المشهد إلى قضية الختان.
• بينما نجد الكاتبة تتذمر على لسان بطلتها ملك من أسلوب التقطير في الحكي الذي كانت تمارسه معها أحلام وجدناها تعمد في روايتها إلى ذات الاسلوب بتفكيك الحبكة داخل نصها الروائي وتعمد أيضاً إلى توالد الحكايات المروية داخل النص
• اللغة عمدت فيها الكاتبة إلى لغة الحوار في معظم فصول الرواية وحاولت تقديم لغة واقعية بسيطة تظهر جمالياتها في الاستهلال الوصفي في مطلع كل فصل وتزينت بالموروث الذي نثرته الكاتبة عبر فصول القصة .
• بقى لنا أن نطرح سؤالاً يتعلق بالمضمون داخل النص الروائي لماذا ظل ضمير الغائب في السرد فقط من نصيب كل رجال الرواية .
خالص تقديرنا للمبدعة وروايتها التي تستحق دراسة متعمقة أكثر من هذه القراءة النقدية الموجزة
***
أشرف محمود عكاشة
قاص وناقد
عضو اتحاد كتاب مصر
عضو مجلس إدارة نادي القصة بأسيوط

الأحد، ديسمبر 07، 2014

مناقشة " ثلاثية غرناطة " للراحلة رضوي عاشور بأدب غزل المحلة الأربعاء 24ديسمبر




 ثلاثية غرناطة " 
يناقش نادي أدب غزل المحلة .. رواية ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور .. يوم الأربعاء الموافق24 /12/ 2014 .. على نظام المناقشات حول مائدة ثقافية .. وتبادل وجهات النظر حول الرواية من السادة الحضور .. ونقاط الضعف والقوة ..يدير اللقاء الكاتب / سراج الدين البدوي
ولدت الكاتبة الراحلة في 26 مايو  1946 في القاهرة ودرست الأدب الإنجليزي، وحصلت على الماجستير في الأدب المقارن من جامعة القاهرة عام 1972، ونالت الدكتوراه من جامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة عام 1975 وعملت بالتدريس في كلية الآداب بجامعة عين شمس، كما عملت أستاذا زائرا في جامعات عربية وأوروبية.
وتنوع إنتاج رضوى عاشور فشمل دراسات نقدية منها (الطريق إلى الخيمة الأخرى.. دراسة في أعمال غسان كنفاني) 1977 و(التابع ينهض..  الرواية في غرب إفريقيا) 1980 و(البحث عن نظرية للأدب.. دراسة  للكتابات النقدية الأفرو-أمريكية) 1995.

وصدر للكاتبة مجموعات قصصية وروايات حظيت باهتمام كبير من النقاد العرب ومنها (حجر دافئ) 1985 و(خديجة وسوسن) 1989 و(قطعة من أوروبا) 2003 و(ثلاثية غرناطة) وتضم ثلاث روايات هي: (غرناطة) 1994 و(مريم والرحيل) 1995 و(أطياف) 1999.

وكتبت رضوى عاشور أعمالا تنتمي إلى السيرة الذاتية ومنها كتاب (الرحلة.. أيام طالبة مصرية في أمريكا) 1983 إضافة إلى (تقارير السيدة راء) 2001 و(أثقل من رضوى) 2013.
ونالت الكاتبة عدة جوائز من مصر وخارجها ومنها جائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان 2007 وجائزة سلطان العويس للرواية والقصة من الإمارات 2012.

ورضوى عاشور زوجة الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي ووالدة الشاعر تميم البرغوثي. 

الجمعة، مايو 23، 2014

إطلالة على ديوان مربعات بالبلدي للمبدعة القديرة :فاطمة المرسي..دراسة :الأديبة د / زينب أبوسنة ..والأديب م /صالح شرف الدين




إطلالة على ديوان مربعات بالبلدي
للمبدعة القديرة :فاطمة المرسي
قام بالدراسة :الأديبة د / زينب أبوسنة ..والأديب م /صالح شرف الدين
.........................
*ديوان مربعات بالبلدي يقع في 127 صفحة ،ويضم182مربعا.
*الغلاف ألوانه هادئة يتكون من تشكيلات لاسم الديوان وحروفه .
*صورة للشاعرة فاطمة المرسي مبتسمة في مطوية الغلاف،وأسماء دواوينها التي صدرت :
انتباه يامصر .
مولد السيدة مصر.
على ذمة التحرير .
*وعلى الغلاف الخلفي رباعية تفصح عن ماهية الديوان :
قالوا التاريخ تواريخ وكلام ماهوش عننا
قلت التاريخ إنسان والأصل هو أنا
قالوا الهرم أحجار .. قت الحضاره بُنا
واللى بنوها زمان .. بعتوا الرساله لَنا
...........................................
الإهداء :إلى الأم مع دعاء لها
........................................
التقديم للأستاذ شعبان يوسف بعنوان :شاعرة بطعم الحكمة المصرية .
في سبع صفحات –غاص في عمق تجربة الشاعرة ،واستشهد باربع رباعيات على
أن روح الشاعرة دؤوبة مثابرة مفعمة بالجمال المصري الذي يستدعي الشجاعة
والحكمة دون افتعال ، وأنها تنحتاز للفقراء والكادحين دون صراخ انحيازا مصريا خالصا.
.................................................................................................
تقديم من الشاعرة مختصر :
عندما يشتد عليك الظلام ،وتشعر بالوحدة ،فاعلم أنك في أمس الحاجة لكتاب
..........................................................................................
وفي البداية نقول:
إن أهم ما يميز شعر فاطمة المرسي أنه مغرق في المصرية ،وينبع من تجربة إنسانية ثرية
،ورفيعة المستوى ،تدلناعلى موهبة فطرية للشاعرة ،ساندتها ثقافة واسعة أصيلة ، موهبة
تظهر في عين تلتقط التفاصيل الدقيقة ،وتسلط عليها الأضواء فننبهر بها ...
فاطمة المرسي مهمومة بمصرها ،ويهمها عدم ضياع الهوية المصرية الأصيلة ،
تتشبث بها ،وتنطلق منها إلى آفاق تتجاوز الحدود إلى العالمية ...
ويبدو في مربعات فاطمة المرسي أثر الغربة ،وتأثير المهجر عليها ،ورغم الاغتراب لم تتأثر
تفاصيل مصرها الدقيقة المنقوشة في ذاكرتها ،والتي تبعث حروفها فيها الحياة ،لم تكتف
الشاعرة بمجرد الحنين للوطن -كما فعل أكثر شعراء المهجر -لكنها حملت معها الوطن في
مهجرها ،عاشت مشكلاته ،تأثرت بأفراحه وأتراحه ،بكته وبكت نفسها على عتباته ،والتحمت
مع الوطن في مربعاتها وكأنها وطن يسعى على قدمين،رسمت لنا تفاصيله لدقيقة بإيحاءات
مربعات مبدعة وحروف تألقت وجعا وحكمة ...
أصرت الشاعرةعلى أن تكون منظومة من القيم الثقافية والحياتية والتراثية هي منطلقها إلى
عقول وقلوب كل بني وطنها بل كل الإنسانية ....
لقد خرجت فاطمة المرسي من حدود الذاتية والتجارب الخاصة إلى عالم إنساني رحب فسيح
رغم شدة تمسكها بكل (بلدي ) هذا (البلدي )الممزوج بالقيم الإنسانية إنداحت دائرته لتعم
وتشمل آفاق العالم الرحبة ، التي تجد في تجربة فاطمة المرسي ما تصبو إليه من حق وخير
وجمال ..
أولا :منظومة القيم الإنسانية عند فاطمة المرسي ،وكيف أوحت بها مربعاتها،وكيف أكدها
الإصرار ،فأخذت طريقها للعقول والقلوب :
1-عدم الخوف من الوقوف مع الحق والإخلاص في العمل والتشبث بالأمل من خلال
الحكمة ،والنصح ،وخلاصة التجارب التي هي:تذكرة للغافل ومعونة للعاقل ،وقد أجادت
الشاعرة استخدام الحكمة لتؤثر على العقول بأقوال تحمل معان لا يختلف حولها العقلاء
وهم يسعون إلى الإصلاح والعدل والحرية،و تتكيء الشاعرة على العقل وهي تنصح بعدم
الخوف ،وصناعة الامل ،وقد كررت ذلك في أكثر من مربع لتؤكد على قيمة إنسانية شريفة
لا يتحلى بها إلا الفرسان وتريد أن يكون الجميع شجعان:
* ما تخافش تاني ياولد ..إيش ياخد الخوف م الضلام
لو باقي من عمرك سنة ما تقولش عيشة والسلام
امش الطريق من أوله واخلق نهارك م العدم
هتلاقي 100شمس وقمر ونجوم بتضرب لك سلام
.................................................
*هزوا جزوع النخل واستنوا الرطب
ممنوعة كلمة لو أو نظرة عتب
الرؤيا للحكام والحلم لينا كلنا
وعشان نفسر حلمنا لابد ناخد بالسبب
..........................................
لو الكلام بفلوس .. كان الجميع أخرس
تنده فى مالطه سنين ولا حد يتنفَّس
ترمي السلام ما يجيك من اي واحد رد
والكُل وقت الجد .. من الكلام فلِّس
..............................
العمر بيمُر بينا عام من بعد عام
كل اللى عدّى غرق ولا عمرُه تاني عام
واليوم يقول للي فات .. راحت عليك ياحلو
لو نشترى عمر تاني .. اليوم هيطلع بكام ؟
...............................
أصل الكمال لله والصاحب على عيبه
لو حتى كان ابن أبوك لا تأمن ملاعيبه
صدرك لسرك بير ومايكشفوش غيرك
بحر الحياة غدار ولا خلصت ألاعيبه
......................................
مهما تعبت ف لقمتك أو كلتها بالدين
إياك تطاطي لحد زيك اتخلق من طين
وإياك تخاف من ظالم ملاه الخوف
عمرك ورزقك قبل منك مكتوبين بسنين
.......................................
إبكي على اللي انقضىَ لو البكا يفيدك
سر السعادة الرضا والسر فى إيدك
خليك من الشاكرين والشكر هيزيدك
دى الدنيا مهما ادتك .. للأرض هتعيدك
................................
سلفني عقلك يومين يمكن أعيش فرحان
وانسى اني عاقل واجرَّب نعمة النسيان
لو عقلي أحكَم حكيم .. كان اتهبل م البشر
خلُّوا الحمار افتخر .... انه اتولد حيوان
...................................................
سايب ورايا زحام .. لكن ماليش فيه حد
وقلت أعيش وحدتي م المبتدىَ ل اللحد
كتير سألت سؤال ومافيش جواب من حد
بداية الحكمه إيه ... الهَزل والا الجَد ؟
............................................
2-تحميل النفس والشعب مسئولية ما يحدث له ،والحسرة على ما وصلت إليه
حالة الوطن والمواطنين:
ليه لون الأمل مخطوف وخايف من حروف بُكره ؟
مافيش ولا وش بقى معروف .. نِحِن لمين ومين نِكره
مابين الخطوة والخطوة .. شبح يحفر لاخوه حُفرة
ربيع وخريف بيتصارعوا .. تعيش فكرة تموت فكرة
.....................................................
يلعن أبوك يافقر وجميلك على الجزمة
حكمت فينا الخسيس واللي ما لوش لازمة
إحنا اللي نستاهل كل اللي يجرى لنا
ساجدين لرب البطالة وبنلعن الأزمة
....................................
خطوط حياتي ساعات يتقابلوا بالصدفة
فيه خط يبكي وخط يغنَّي فى الزفَّة
وخط زى الحِلم لمَّا يُمُر في منامي
وخط يهرب .. تموت البسمة ع الشِفة
.............................................
طلع النهار الصبي بالدمع ع الأزهر
والشمس نور ضيّها واقف بيتحسّر
كانت الأميرة فى يوم أجمل من الصورة
دلوقتي مكسورة ... إيه غيّر المنظر ؟
...........................................
3-النقد اللاذع لكل المظاهر السلبية ،ولكل المنحرفين مهما علوا:
كُنَّا زمان فيه عندنا أرض وسما وبيوت
نقْسِم علينا البسمه والهدمه وحتى القوت
لمَّا نزل مطر الطمع الأرض طرحِت جوع
ضاع الدفا .. واللي يعيش من غير دفا بيموت
....................................
النخل في كبْوِتُه شاف النجيل أعلى
فرد كتافه فى عز الضعف واستعلى
عاوز يضاهي السحاب فوق الفضا العالي
وناسي انه نجيل وأساسه ف الوحلة
......................................
5-النقد لاستخدام الدين استخداما خاطئا:
اللي حرق مصر كان فى الأصل مش منها
لا قلبه على قلبها ولا دينه من دينها
ولا عمره كان إبنها ولا كان ضِيا عينها
كسر هلالها وصليبها وخالف أمر قرآنها
.........................................
كثيرة هي القيم التي تضمنها الديوان تحتاج الكثير والكثير من تسليط الضوء عليها :
(القوة في الحق –الوطن محور كل شيء-الثورة مستمرة –رأس المال الظالم –
مزايا الصبر-تعريف الحب –العزة والكرامة .....)
ثانيا :الواقعية الشعبية المصرية التي تجسدها من خلالها الواقع الحياتي
بكل تناقضاته والتي تلون كل مربعاتها بها ليبرز التميز والتفرد الذي
أصرت عليه وكان لها ما أرادت:
يا نخل ليه التعالي ..جرح الفؤاد سلّك
عايش سجين العلالي ..والهوى سلّك
خللي البساط أحمدي واتواضع أحسن لك
لما جفاك الندى دمعي مطر سال لك
.................................
الورد مهما دبل عبيره ف الأوراق
ورقة بتحضن أختها وتضم راق على راق
ويخطي فوق الخريف لو الربيع له راق
شوك البعاد يجرحه مهما الندى له راق
...............................
عجبي على اللي اشترى من قبل ما يقدر
عتبي على اللي باع من قبل ما يفكر
لما اشتريت الخسيس كان التمن عمرك
ونهار ما بعت اللي حبك عشت تتحسر
ثالثا :ولما كانت الشاعرة مهمومة بهم الوطن ،وحريصة على أن ينفض عن ثوبه
كل ما علق به من قبح نجد النداء الشعبي للمجهول (ياللي ) والنداء للحث والتنبيه
والنصح والتأنيب قد استغرق وحده أكثر من ربع مربعات الديوان :
يا مغربله إبكي على عُمر الولد
يوم السُبوع رُشَّي عليه هَم البلد
وماتخافيش الهَم مش هيجيب مرض
ماهو أصله دايق طعمُه قبل مايتولد
............................................
يااللي قسمتوا شعبها والقسمة كانت ع الهوى
وضربتوا بلدي في نفسها طلعت حسابتكم هوا
كشف الحساب اللي اتملى ومل من كتر الغلط
لما العيار منكم فلت ..كان كشفكم أحسن دوا
...............................................
يا حضن حاني على المية وحاملها
ونيل محابي على القلة وشايلها
باضحك واكركر ة ضحكت عليك يا زير
إنت الوزير ..وهيّ الملكة بدلالها
………………………………..
اضرب في قلب الحجر تطلع عيون ميه
اضرب ف قلب البشر هتلاقي 100حية
ياللي نسيت الجميل وبتكنز الأحقاد
روح في سوادك موت أوعيش بدون دية
ثالثا :لغة فاطمة المرسي لغة معبرة بعبقرية عن الفكروالمعاني والأحاسيس
لغة جمعت بين الفصحى السهلة سهولة العامية المصريه السلسة ،المغرقة
في الروح الشعبية ،ولتعمق هذه الواقعية اللغوية الفذة استخدمت اللغة
الشبابية المعاصرة استخدمتها بعبقرية فكم أغنت في موضعها ولم
يبد فيها أي تكلف :
نفض للدنيا ما تسألهاش واخداك على فين
إن يوم ضحكتلك في التاني تديك أسفين
جت لك بالساهل والساهل م الآخر زايل
والجنة بيوت ..قبليها الموت وسؤال ملكين
.....................................
وإيه يعني تضيعي ويضيع شعبك
ما طول عمري بعاني الذل في حبك
هتيجي تدقي دلوقت على موتي
يا شيخة .................كبري مخك
رابعا :الحوار داخل المربع الواحد استخدمته الشاعرة واستوعبته مربعاتها
بمقدرة أسلوبية راقية مزجت بين الحوار والاستفهام
قال الفقير :أنا كنت فين لما القصور دي وزعوها ع الملوك
رد الأسير :وكنت فين لما باعونا النخاسين والحر صار ممكوك
قال التاريخ :وعملتوا إيه يا ولاد في الورث م الأجداد
ردوا الولاد :ليه يا وطن لما اتولد فيك الأمل قتلوك
.....................................................
خامسا: الشاعر المبدع وطن في كلمة وكلمة يحتبي فيها وطن ،وفاطمة المرسي
تحمل هموم وطنها ،وتتناول قضاياه المصيرية بإبداع وشاعرية :
*تفرد للنيل مساحة يستحقها فنحن هبته :
قبضوا عليك يا نيل وتهمتك مصري
أحباش ولاد أحباش والعار لِنا حَصري
بتجري في دمِّنا وعملنا مش شايفين
خطفوك فى عز النهار لمَّا اتعمى بصري
............................................
بنوا السدود ع السما .. إشرب يا نيل م البحر
يلا انوي فرض العطش وادعي ف صلاة العصر
موسم جفاف العقول رعرع وفاض بالطرح
إشحت يا غيط ضحكتك من حفارين القبر
........................................
بنوا السدود ع السما .. إشرب يانيل م البحر
واروي السنابل هِنا وِسْط الغيطان بالمُر
واما الشادوف ينزوي ويقول مانيش عطشان
ما تاخدش ف الحسبان .. دا رد فعل القهر
........................................
بنوا السدود ع السما .. إشرب يانيل م البحر
واياك تقول مَظلمة .. للي ابتلوا بالسحر
أصل النجاشي خلاص كسر الصليب يانيل
ولا خدش بالترتيل ولا حس نور الفجر
......................................................
*وعن سيناء تقول :
يا طماعين في أرضها فضوا بقى المهزلة
دي سينا قلب الوطن صابرة ومستحملة
رواها دم الشهيد ..طرح التراب مرجلة
لولادها برج حمام ..وللعدو قنبلة
................................
سادسا :الموسيقى في شعر فاطمة المرسي موسيقى متألقة تألقها
يبدأ بشكل المربع المنضبط هندسيا ،بيتان يتفقان في القافية
وبيت ثالث يختلف في القافية والبيت الرابع يتفق مع الأول
والثاني ،والأربعة من بحر شعري واحد ،وفي تنوع بحور
الشعر في الديوان إبداع يشي بتمكن الشاعرة من موسيقى
الشعر ،ولنتأمل موسيقى الرمل (فاعلاتن ) في مربع ثوري
فكأن المصري عندما يثور تبدأ ثورته من الغناء وبالغناء تقول:
لما يبقى الظلم واضح وانت تبقى شيء مجرد
لما تبقى ف حضن أمك م الخيال عايش مهدد
لما تبقى في يوم مواطن بس مسلوب الوطن
امش في الخط المعاكس للغلط..واعلن تمرد
.............................................
الموسيقى عند فاطمة المرسي تصدح بها ألفاظ
عبقرية الاستخدام ،لنتأمل (نفسي )وما بها من موسيقى
صادحة في هذا المربع :
كتير قالوا لي الناس ..ليه جاي على نفسي
لقتني ماشي ومش قادر أخون نفسي
سألت نفسي سؤال ..إيه باقي في نِفسي
طلع جوابي صريح نفسي أكون نفسي
....................................
، ومن أروع ما يدفع الرتابة موسيقيا في ديوان بالبلدي
تنوع القوافي وهو تنوع مبدع ،وظفت فيه الشاعرة
القافية توظيفا يثري الأفكار والمعاني ويوحي بالمشاعر
والاحاسيس ،استخدمت ثلاثا وعشرين قافية مختلفة
ولكل قافية دلالتها ،ولكثرة الاستخدام دلالته :
الياء في ثلاثين مربع ،والنون في واحد وعشرين مربعا
،والتاء المربوطة في واحد وعشرين مربعا ،
والدال في خمسة عشر مربعا ،والكاف والميم كل منهما
في أحد عشر مربعا.....
،أما الموسيقى الداخلية النابعة من اتساق كل عناصر التجربة
فهي من أسرار روعة الديوان وتأثيره الخلاب في المتلقي
فهناك رتم داخلي بديع نابع من دقة اختيار اللفظ المعبر عن المعنى
والإحساس والمشخص والمجسد للمحسوسات والمعنويات والمتفق
والمعبر عن التجربة ببراعة..
...........................................................................
وفي ختام هذه الإطلالة السريعة لا يسعنا إلا أن نتمنى للشاعرة دوام
التوفيق ،ونود أن يقوم النقاد والدارسون بتناول ديوان مربعات بالبلدي
بأكثر من دراسة ،ولا نبالغ إذا طالبنا بأن تكون هناك أكثر من درراسة
أكاديمية على مستوى الدكتوراه لهذا الديوان فهو من الثراء بحيث
يجد فيه الدارسون ما يستأهل الاحتفال والدراسة في أكثر من فرع
من فروع الدراسات الأكاديمية المتخصصة ،ونتمنى أن ينال حظه
من الترجمة لكل اللغات الحية ،وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
الأديبة الشاعرة: د .زينب أبو سنة
الأديب الشاعر : أ .صالح شرف الدين
إبريل 2014م

السبت، أبريل 19، 2014

قراءة في قصة: (رغبة .. وإرادة ) للأستاذ / عصام سعد






قراءة في قصة:(رغبة .. وإرادة ) للأستاذ / عصام سعد

                                         د.آدم عبد ربه ، د. هاني عبدالصبور

ـــــــــــــــــــ(( إذا رغبت بإخلاص فى شىء ما . فإن العالم كله سيطاوعك لتحقيق رغبتك ))هذه العبارة . كانت حاضرة فى ذهنى . وأنا فى طريقى إلى معلم اليوجا الذى أردت أن أتعلم على يديه فن ورياضة اليوجا والتأمل , عندما قابلته ..........قا ل : هل ترغب حقا ً فى تعلم اليوجا والتأمل ؟أجبت : نعم . أرغب . قال : وهل تستطيع أن تتبع تعليماتى ؟ أجبت بإخلاص : نعم . قال : لا تتسرع فى الرد . قلت : بالعكس . أريد حقا ً تعلم اليوجا . فأنا أعشقها من كثرة ما قرأته عنها , كذلك مما سمعته عنك كخبيرلا مثيل له فى رياضة اليوجا . أرجوك أقبلنى تلميذا ً لك ........... أجاب المعلم : لا . لا يمكننى أن أقبلك قبل أن تثبت لى مدى إيمانك برغبتك فى التعلم حتى أتأكد وأطمئن على مقدرتك فى مواصلة الدرس والتعلم ......... .قلت : أنا رهن إشارتك . إختبرنى كيفما تشاء . صمت المعلم ....... , سألنى : ما هو أغلى شىء تمتلكه ؟. قلت : قلم من الذهب الخالص مرصع بأحجار كريمه غالية الثمن جدا ً. فقال : إذهب وأحضر القلم الأن .....فأحضرته .............. فأصطحبنى إلى شاطىء النهر, أمرنى أن ألقى بالقلم الذهبى فى منتصف النهر . دهشت مما طلب . لكن نظرته لى كانت تعنى المساومة المجنونة . بين قبوله لتعليمى مقابل أن أتخلى عن أغلى شىء أمتلكه ألقيت بالقلم الذهبى فى منتصف النهرإبتسم وسألنى : ماهو الشىء الذى تخافه وتكرهه أكثر من أى شىء فى الحياة ؟.فقلت: ( وليتنى ما قلت) . أخاف الظلام .فإبتسم وقال : إذن . إذهب إلى القبر المهجور فى آخر البلدة , أقم فيه ثلاثة أيام بلياليها كامله , لا تنس أن تغلق باب القبر بعد دخولك .........أدهشنى طلبه وأذهلنى !! إلا أن نظراته كانت تحمل معنى المساومة الأخيرة ....... فقبلت . ذهبت إلى القبر المهجور , لم أنس أن آخذ بعض الماء وشيئا ً من التمرالرطب لأتقوت منه خلال الأيام الثلاثة .......... , نفذت ما طلب منى ............. , عدت إليه , أعلمته بأننى قمت بتنفيذ ما طلب . على أكمل وجه . سألنى : بماذا تشعر الأن بعد أن ألقيت بالقلم الذهبى وبعد أن تحديت الظلام ؟قلت : أشعر بأننى كنت مقيدا ً بأرادتى , الأ ن أصبحت حرا ً بأرادتى .فقال المعلم : حسنا ً يا بنى ....... بهذا نكون قد أنهينا الدرس الأول .*انتهت* ------------------------------------------رغبة واردة من جماليات القصة القصيرة أن يكون من ورائها حكمة أو عظة أو تدافع عن مبدأ لا مجرد التسلية وملء فراغ أدبي .ولا أدري لماذا بدأ القاص بما يجب أن ينتهي إليه أوبه ، من خلال السياق الفني والأدبي النصي .بدأ القاص كأنما يتحدث علي لسان بطله واختيار لرياضة ذات طابع شرقي منتشرة بالأساس في شرق آسيا .وهي رياضة كما يقول الكاتب معتمدة علي التأمل والقسوة عل النفس لكبح جماحها .وهي تقابل في الشرق المسلم التصوف اللادونّيمنها درجات ومراحل ومراتب مختلفة من درجات الوصول واستخدم القاص حوارية ممتعة مستشرفُا القرآن الكريم :)قال هل أتبعك علي أن تعلمني مما علمت رشدا * قال إنك لن تستطيع معي صبرًا)وبدأ الاختبار الصعب في عرض درامي ومشهد ممتع صاغه القاص بطريقة مباشرة بعيدة عن التكلف والاصطناع في سخاء خاطر وامتداد حالة برقعة فنية عالية الانتقاء.وأجاد الكاتب في وصف مفردات المعلم والمتعلم ، فالمعلم لا يقبل النقاش والجدل ويأمر فيطاع ، ومتعلم رغبته الأكيدة الدافعة إلي مقاومة نفسه من الاعتراض أو المراجعة ، والاستجابة لأوامر المعلم وتوجيهه بكل دقة .ثم نتيجة ما فعل وستجابته لما أمر به ..وهنا نجد القص يعلن حقيقة عرفها بالكاشفة وهي شعوره بأنه كان مقيدًا بإرادته وأصبح حرًا بإرادته .كأنه يقول أننا خلقنا مختارين لا مسيرين ، فيما نريد ونسعي ،أو لا نريد بالتواكلوليته ختم بما بدأ به عرض قصصي خلا من الغموض والكثافة اللفظية لعدم حاجة العرض ، واعتمد علي السهل الممتنع في العرض الأدبي ،والسرد الرائع المشوق ،،،،موفق أديبنا الرائع ومزيد من الألق ،،،،،،،،،...................................د.آدم عبد ربه ، د. هاني عبدالصبور

الخميس، نوفمبر 21، 2013

معوض يوسف يكتب :- جماليه العنوان ومضمون النص "دراسه في قصيده "كهل في مقتبل العمر للشاعر / صبري رضوان




جماليه العنوان ومضمون النص"دراسه في قصيده "كهل في مقتبل العمرللشاعر / صبري رضوان

"معوض يوسف يوسف""نادي الأدب-قصر ثقافه الفيوم"

كهل في مقتبل العمر"هي احدي قصائد ديوان "أزقه تشتهي قطعه سكر"للشاعر صبري رضوان ولعل اول ما يستوقف القارئ في هذه القصيده هو تلك المفارقه التي يقوم عليها العنوان فمقتبل العمر يشير الي مرحله عمريه في حياه الانسان وهي مرحله الشباب بكل ما ترمز اليه من النشاط والحيويه والفعل والقدره علي الاخصاب ,أما الكهوله فانها تشير - علي العكس من ذلك الي مرحله متأخره في حياه الانسان وبالتالي فان دال "الكهوله" يحمل دلاله مغايره ومناقضه تماما لما تحمله مرحله الشباب من دلاله انها دلاله العجز والضعف والركون الي الراحه وعدم القدره علي العطاء يا لها من مفارقه ذهنيه قد اكسبت العنوان قيمه ايحائيه ساهمت في الكشف عن العالم النفسي للشاعر ومدي ما يعانيه من تشظي واذا كان العنوان كما يري اساتذه النقد الادبي "ليس زائده لغويه"وانما هو يمثل "بطاقه هويه"او "عتبه من عتبات النص"التي توصل الي المضمون وهو ما يعني ان هناك علاقه تريط بين العنوان والنص..هنا يصبح "العنوان اعلان والنص يقوم بدور المفسر لهذا الاعلان مما لا يمكن للعنوان ان يقوم به نظرا لتركيبه الفقير اذ لا يتعدي حدود الجمله في الأغلب"(1) ونحن عندما ندخل الي عالم النص ونسبح في اجوائه يتبين لنا ان كل جزئيه من جزئياته تلقي بظلالها علي هذا العنوان فمنذ السطور الأولي في القصيده. مللت ضحكتها المريبه هي لا تأخذ بيدي نحو شئ لافت لأنكم لستم مهيأين لفعل شئ يخصني. يخيل اليك انك امام شاعر يتبرم من حبيبته وينحي عليها باللائمه لأنه يدرك تماما أنه لا أحد غيرها في استطاعته أن ينقذه مما هو فيه فهذه الحبيبه في نظره وكما يقول عنها هي الوحيده القادره. علي انتشال طلائها من اظافري وانتشال معطفها من روحي غير انها لم تفعل شيئا من اجله ولذا نري شاعرنا يمضي في شحن العبارات بمشاعر الالم والشكوي ممكن يلاقيه علي يد حبيبته من تصرفات تتسم بالعدوانيه تنزع من داخله الاحساس بالامن والطمأنينه وتشعره بالوحده علي الرغم من ملازمته لها في سهراتها فقد اصبحت هذه الحبيبه بالنسبه له كتاب يستلب العذوبه ويقتنص الأناشيد من عودي أنا بينها كل ليله وحيد تمارس افعالا فاضحه معي كأن تطلق اعيره في فراشي اذ تتعانق كل هذه العبارات الوارده في هذا المقتبس"يستلب العذوبه"و"يقتنص الأناشيد"و"تمارس افعالا فاضحه"و"تطلق اعيره"بما تحمله من دلالات سلبيه لتصب في اتجاه واحد وهو رسم صوره توحي بالقتل والقهر والاقصاء لتلقي بظلالها في النهايه علي عنوان القصيده كأن الشاعر اراد هنا ان يرسل للأخرن برساله مفادها أن مثل هذه الممارسات التي تتعرض لها الذات الأنسانيه الشابه كفيله بأ تطحنها وتذهب بقواها وتصيبها مبكرا بالكهوله والشيخوخه ,بنيه التكرار, " ان البحث عن مدي العلاقه التي تربط بين العنوان ومضمون النص الشعري يدفعنا حتما الي الذهاب الي احدي البنيات الجماليه التي يأخذنا اليها الشاعر صبري رضوان وهي بنيه التكرار يقول الشاعر عن حبيبته ثم تترك لي فوق الوساده قبرا بحجم كفيها وكهلا في مقتبل العمر لا يستطيع ان يقاوم غوايتها لا يستطيع ان يخدعها لايستطيع ان يرجمها بقبله وأود ان اشير هنا الي انه قد سبق لي ان اعتمدت علي هذا المقطع في دراستي السابقه لأشير من خلاله الي حضور الذات الشاعره في حالات الضعف داخل الديوان ولكنني الأن انقل هذا المقتبس ذاته لأتحدث من خلاله ايضا عن جماليه التكرار بما يلعبه من دور فاعل في الكشف عن علاقه العنوان بالمضمون وقد يري البعض هنا انه كان بأمكان الشاعر ان يختصر هذا التكرار في سطر واحد بدلا من ثلاثه سطور فيقول مثلا "لا يستطيع ان يقاوم غوايتها ويخدعها ويرجمها بقبله" وفي نظري لو ان الشاعر فعلها لأطاح بجماليه هذا التكرار اذ ان هذا التكرار حسبما اراده الشاعر لم يصور فحسب حاله العجز التي وصل اليها وانما كرس ايضا لهذا الضعف والعجز من خلال هذه الافعال الثلاثه"يقاوم,يخدعها,يرجمها"التي جاءت جميعها في صيغه المضارع وجاء كل فعل منها وهذا هو المهم منفصلا عن الفعلين الاخرين داخل سطر شعري واحد مستقل بذاته وهو ما يفيد ان الشاعر لم تصبه الكهوله والشيخوخه فجأه وانما حدث ذلك بعد ان قام بأختبار قدرته علي المواجههوهو لم يقمبأختبار قدرته هذه دفعه واحده وانما جاء ذلك علي مراحل فقد لجأ اولا الي المقاومه بكل ما ينطوي عليه فعل المقاومه من استخدام للعنف المادي ولما لم يستطع لجأ الي وسيله اخري لا تتطلب منه جهدا بدنيا ولكنها تتطلب قدرا من الدهاء والذكاء والحيله وهي "الخداع"ولما لم يستطع لجأ الي الرجم بقبله وهذا هو اضعف الايمان غير انه لم يقدر ايضا وهو ما يعني في النهايه ان حاله الضعف والعجز ظلت تلازم الشاعر وهو لم يزل في ريعان الشباب حتي اصابته بالكهوله والضعف. كذلك لعب تكرار العباره وتكرار المفرده علي امتداد القصيده دورا في تشكيل الرؤيه الشعريه فقد كرر الشاعر عباره "مللت ضحكتها المريبه"ثلاث مرات وكرر مفرده "مللت"اربع مرات جاءت هكذا علي التوالي "مللت نبيذها"و"مللت هضابها التي تقتلع الأناناث"و"مللت بياضها القاتم"و"مللت انحلالها اليومي"وهو كما نري تكرار يتسم بالتنوع مما ساهم ليس فقد في تكثيف حاله الملل وانتشاره داخل جزئيات القصيده وانما ايضا في نقل الشعور بهذا الملل الي وجدان القارئ. المرأه/الحبيبه-المرأه/الوطن تتردد في قصيده "كهل في مقتبل العمر"عبارات والفاظ كثيره تحيل علي المرأه/الحبيبه علي نحو ما نجد في قوله "تمارس افعالا فاضحه معي"و"تترك لي فوق الوساده"و"لم تعد تداعب اطفالها"ز"أو تجهز لهم الحليب"و"ضحكتها",طلائها معطفها,نبيذها,سهراتها,خطواتها,بياضها,ولكن هناك ايضا من الدوال ما يحيل علي الوطن الشوارع,هضابها,تصنع معتقلا,مقابر جماعيه,تسك عملتها,مستشفي الاورام,مدرجات الملاعب,قطار,مدينه,الأزقه.اذا لقد حشد الشاعر القصيده بالعديد من المفردات والعبارات التي تحمل ايحاءات رمزيه تعطي للقارئ الحق في تأويل القصيده وتفسير اي جزء من جزئياتها علي النحو الذي يراه ولعل الجزء الأخير من القصيده يكثف من تلك الرمزيه.يقول الشاعر: مللت انحلالها اليومي لم يعد يعنيها غير هؤلاء الذين يتسلقون وجوهنا ويفكرون في طرق مشروعه ومقنعه لتهجيرنا جميعا الي مستشفي الأورام الي مدرجات الملاعب تشجيعا للفريق الواحد والمدرب الوحيد واللاعب الوحيد بتعصب واضح بعد كل هدف مصنوع من تسلل واضح وعرقله واضحه. في هذا المقتبس يخرج الشاعر بدلاله المرأه الي دلاله رمزيه موحيه من خلال مفردات الفريق,المدرجات,الملاعب,المدرب,هدف,تشجيع,عرقله,تسلل..التي تستدعي احدي الألعاب الرياضيه المختلفه ولتكن مثلا لعبه"كره القدم"لا ليحدثنا عن"ماتش كوره"وانما لعمل اسقاطات علي لعبه اخري هي لعبه "نظام الحكم"في الدوله ليوجه من خلالها الهجوم والانتقادات الازعه لهذا النظام المستبد الذي يقوم علي مبدأ اقصاء الجميع فيما عدا رجل واحد يختذل الدوله كلها في شخصه وهو الحاكم القابع علي عرش هذا النظام ليصبح هو اللاعب الوحيد الذي ينفرد بالسلطه ويحرك رموز نظامه الذين يدينون له بالولاء تجاه بناء المعتقلات والمقابر الجماعيه لمعارضيه ومن يتظاهرون ضده من اجل الدفاع عن حقوقهم في الحريه والعيش الكريم بينما يقوم هؤلاء الطغاه بقتل الطفوله واهمال حق الاطفال في الرعايه وكذلك اهمال حق الشعب في العلاج ليتركونه نهبا للأمراض القاتله وعلي الرغم من ذلك نري هؤلاء الطغاه يدفعون الشعب الي التصفيق لهذا الحاكم الطاغيه المتسلط ويطالبونه بعدم الخروج علي طاعته.كذلك يفضح الشاعر كذب هذا الحاكم هو وحاشيته ورموز نظامه فيما يزعمون من انجازات حققوها بطرق مشروعه وهي في الحقيقه انجازات محاطه بالشبهات لأن هذه الانجازات المزعومه لا تأتي الي من احد طريقين اما بأتباع اساليب ملتويه وغير مشروعه تقوم علي المراوغه والخداع والتسلل من الابواب الخلفيه واما انها تأتي علي حساب الشرفاء بعد عرقلتهم وابعادهم عن اماكنهم. وهكذا استطاع الشاعر صبري رضوان ان يمزج بين المرأه والوطن في صوره شعريه ذات رمزيه شفافه وهكذا جاء الوطن عنده في هذا النص يحمل دلاله تحيل علي نظام الحكم في الدوله وهو نظام استبدادي يلاقي الشاعر علي ايدي رموزه القهر والهوان الذي يتحول تحت وطأته الي كهل وهو في مقتبل العمر. "معوض يوسف يوسف" "نادي الأدب-قصر ثقافه الفيوم"

الثلاثاء، نوفمبر 12، 2013

حضور الذات الشاعرة في أزقة صبري رضوان... قراءة / معوض يوسف

   

حضور الذات الشاعرة

في ازقة صبري رضوان

بعد صدور ديوانه الأول "البيان الختامي للهدنة" عن مشروع النشر الاقليمي في عام 2009 صدر للشاعر صبري رضوان ديوانه الثاني "ازقة تشتهي قطعة سكر" عن سلسلة نشر حركة ادباء الفيوم عام 2012 إذن نحن أمام شاعر مقل نسبياً لا يعنيه البحث عن فرص النشر بقدر م يعنيه كيف يقدم قصيدة ذات قيمة فنية يستمتع المتلقي بسماعها وقراءتها إن صبري رضوان ليس من شاكله هؤلاء الشعراء الذين يتباهون بطول النفس في الكتابة ونراهم يطرحون علي الساحة الشعرية مطولات لا نكاد نعرف لها رأساً من ذنب ونحار كثيرا في تصنيفهما هل هي شعر أم غير شعر؟ نعم إن قصائد صبري رضوان في هذا الديوان هي النموذج الأمثل – في نظري – لما ينبغي أن تكون عليه قصيدة النثر من حيث التماسك والتكثيف والايجاز والبعد عن التطويل المتعمد وذكر التفصيلات التي تفقدها وحدتها العضوية وتصيبها بالترهل والضعف.. وعلي اية حال فان الخطاب الشعري في هذا الديوان ينطوي علي العديد من الظواهر التي يستطيع القارئ أن يضع يده عليها دون أدنى احساس بان هذه الظواهر مقحمة علي العالم الشعري لقصائد الديوان وهو ما سوف نتناوله بشيء من التفصيل. تجليات حضور الذات: لعل أول ما يلفت نظر القارئ في ديوان الشاعر صبري رضوان "ازقة تشتهي قطعة سكر" هو حضور الذات الشاعرة بصورة قوية غير أن حضورها هنا لا يصل إلي حد المبالغة أو التعالي فهو حضور طبيعي محكوم في النهاية وخاضع لتلك الثنائية ، ثنائية القوة والضعف. وقد تجلى حضور الذات الشاعره المعتده بقوتها من خلال ذكر الاسم الحقيقي لها الذي طالعنا به الشاعر صبري رضوان صراحة في قصيدة "فوسيليني 2010 حيث يقول: لا تشغلني الجماهير الغفيرة التي تلوح من نافذة المترو بينما اسير وحيداً فوق قضبان صخره بلا وشاح أبيض أو رابطة عنق غير عابئ بصلاحية مكبرات الصوت او وكالات الانباء أو مدونه صبري رضوان (ص35) بيد أن حضور الذات هنا لا يتجلى فقط من خلال ذكر الاسم الحقيقي لصاحب تلك الذات"صبري رضوان" وهو ما قد يدفع القارئ إلي اتهام الشاعر بالغرور والتعالي علي الجماهير وانما ايضا يتجلى هذا الحضور من خلال ما تصرح به الذات من عدم اهتمامها ببعض الوسائل التي تساهم في الترويج للاسماء وتكبير حجمها وزيوع شهرتها كمكبرات الصوت ووكالات الانباء – لماذا ؟ لان الذات الشاعره هنا قد بلغت من القوة ما يجعلها قادرة علي ان تحقق بالوسائل المتاحة لها كل ما تصبوا إليه دون وسيط ... هذا علي الرغم من إعترافها المسبق بوحدتها وبساطتها وبعدها عن المظاهر الشكلية الكاذبة المتمثلة في الوشاح و"رابطة العنق". كذلك يتجلى حضور الذات الشاعرة من خلال ضمير الـ "أنا" الذي يترد في بعض القصائد: "أنا شاعر" ، "أنا لا أشبه احداً" ، "أنا المالك للحروف البهيجة" ، "أنا التمرد الندي" ، "أنا الوحيد الذي أدفع سعر الحبر والورق والكلام الحلو". إذ يأتي الضمير الذي يعود إلي الذات هنا وهو "أنا" كاشفا عن حضور الذات والاعتداد بالنفس الذي يصل إلي حد التفرد في بعض الاحيان. وفي قصيدة "عظام مبعثرة في ردهة" تعلن الذات الشاعرة عن إمتلاكها لارادتها تلك الإرادة التي تزرع في داخلها القدرة علي الانطلاق ولو من نقطة الصفر تجاه تغيير واقعها نحو الافضل. يقول الشاعر: من نقطة الصفر أنطلق نحو تكويني وفي موضوع أخر من نفس القصيدة يقول: من نقطة الصفر / اجهز جيشي/ لاغزو جلدي/ وعرقي/ وأظافري/ وأحرر روحي / من قبضة البغايا / من قبضة الانبياء والكتب المقدسة/ لاحرر روحي من المتنبي/ وأدونيس/ وأكون خارجا على القانون (ص58). نعم إن الذات الانسانية التي لا تمتلك إرادتها الداخلية التي تدفعها إلي أن تكون ذاتاً متحرره حتى ولو أدى تطلعها هذا - إلي التحرر - إلي انقطاعها عن الماضي بقيمة الدينية متمثلة في "قبضة الانبياء" و"الكتب المقدسة" وايضا بقيمة الثقافية القديمة متمثله في "المتنبي" والحديثه متمثلة في "أدونيس" – ولو إلي حين – هذه الذات لا تستطيع أن تحقق لنفسها تلك الانطلاقة نحو التحرر، المهم في النهاية هو أن يكون تحررها وخروجها علي القانون بمحض اراداتها هي وليس خضوعاً لإرادة الاخرين. وهذا التطلع إلي التحرر يعد من الافكار المبثوثة في تضاعيف الديوان ومن الثوابت المتأصلة في داخل الذات الشاعره حتى اننا لنرى شاعرنا في النص رقم (1) من قصائد قصيرة يعلن عن اختفائه بغرفته علي الرغم من أن موقعها ليس "جغرافياً" وليس "مغريا" وعلي الرغم من انها لا تضم "متاحف" أو "لوحات فنية " ولا تضم "صورا فوتوغرافية لزعماء او مناضلين او شعراء... لا لشيء سوى أنها غرفة "بلا حوائط" ... نعم إنها الحرية التي لا تعرف الحدود أو القيود أو الحواجز التي تحجب الرؤية عن الذات وتعوق انطلاقها نحو التحرر. ومثلما تجلى حضور الذات الشاعرة المعتده بقوتها وإرادتها وتحررها علي نحو ما أوضحنا سالفا كذلك تجلى حضورها في لحظات الضعف الذي اوصلها إلي أن تبدو كهلة وهي في مقتبل العمر وافقد صاحب تلك الذات / الشاعر القدرة علي الفعل أو المواجهة وإذا ما تعرض للتهميش والاهمال من جانب جيله / المدينة / الوطن / الازقة فإنه يقف عاجزا أمامها. لا يستطيع أن يقاوم غوايتها لا يستطيع أن يخدعها لا يستطيع أن يرجمها بقبلة (قصيدة كهل في مقتبل العمر . ص4) كذلك تجيء تلك الصورة الشعرية – في قصيدته "هي التي أعشقها – والتي رسمها الشاعر في عبارات واضحة ليس فيها أي شيء من اللبس أو الغموض وموحية في ذات الوقت حيث يقول أنا الغريب لا تعرفني المدن نثرت فوق خدودها زهرا يابسا وغرست في انحائهما طعم الشتاءات سميتها بنت التمرد تجيء بمثابة استبطان لما يعتور الذات الشاعرة ويكشف عما تعانيه في داخلها من الشعور بالاغتراب عن واقعها ثم يجيء إتهامها بالكفر بعد ذلك من جانب الحواريين في قوله "فلماذا يقذفني الحواريون بالكفر" ليزيد من هذا الاحساس بمشاعر الغربة والتمزق. ومثلما تجلى حضور الذات المتفردة والمعتده بقوتها من خلال ضمير الـ "أنا" كذلك يأتي هذا الضمير ذاته ليسجل إعترافات الذات بضعفها وغربتها وعزلتها علي نحو ما نجد في هذه التعبيرات: "أنا الذي اشتهي تفاصيلها وانحناءاتها" و"أنا بينها كل ليله وحيد" و"أنا الغريب لا تعرفني المدن". استدعاء القارئ / المتلقي: وقد تولدت عن ظاهرة حضور الذات الشاعرة الغير متعالية في ديوان الشاعر صبري رضوان ظاهرة أخرى وثيقة الصلة بتلك الذات الا وهي رغبة الشاعر في مد جسور التواصل مع القارئ/ المتلقي في خطابه الشعري والمراهنة علي أنه – أي المتلقي – طرف رئيسي ومشارك للمبدع في تلقي العمل الابداعي ومن هنا حرص الشاعر علي استدعاء القارئ في كثير من قصائده ومخاطبته وإقامة حوار معه. وفي مقدمة هذه القصائد نضع أيدينا علي قصيدة بعنوان "هذه قصيده" إذ تكشف هذه القصيدة عن مدى إنشغال الشاعر بابداعاته والابانه عن قدرته علي خلق القصيدة وإخراجها علي الشكل الذي يريده وبالتالي لا غرو أن نلمس حضور الذات الشاعره في تباهيها بشاعريتها مع الاصرار علي استدعاء القراء/ المتلقين ووضعهم في خانة المضطر إلي سماع ما تفرزه الذات من إبداعات شعرية. لانها قصيدة / وأنا شاعر/ وانتم مضطرون / طبعاً إلي سماع قصيدتي هذه/ لذا سوف أجعلها مهذبة جداً/ وطبيعية جداً (ص19) علي أن أصرار الشاعر هنا علي استحضار القراء ووضعهم في خانة المضطر إلي سماع قصيدته لا يجيء ابداً من باب التعالي عليهم والا لما كانت ضرورة تدفعه إلي تجميل القصيدة وتهذيبها وجعلها طبيعية ليس فيها شيء من التكلف حتى تجتذب القراء من أجل مد جسور التواصل معهم ومحاورتهم عن قرب صحيح أن البدع هو الذي يقيم الحوار بصفته المتكلم في النص ولكن الطرف الاخر المتلقي/ القارئ هو ايضا في حكم الموجود – ولذا يستمر الشاعر في مخاطبة القراء مؤكدا بذلك علي حضورهم. لذلك سوف استميحكم / وأقدم لكلم بطاقات التهنئة / واشتري لكم خصيصا سجائر مستورده/ ودجاجاً مشوياً علي الفحم/ المهم أن نتفق قبل أي شيء/ أن تصفقوا بحده/ بعد كل سطر/ حتى افرغ من القصيدة (ص21) كأن الشاعر هنا يعقد صفقة مع القراء تقوم علي تبادل المنفعة . هو يستميلهم ويقدم لهم ما وعدهم به وهم يحتفون بقصيدته ويصفقوا لها حتى النهاية. ثم يبلغ الحوار زروته بهذا التساؤل: - فهل سوف أصبح الشاعر الجماهيري المفضل بهذه الطريقة الملفته للنظر؟ وعلى الرغم من أن الشاعر قد اختتم قصيدته وأغلقها بهذا التساؤل الذي طرحه علي القراء، وأنا أقصد بالاغلاق هنا أن وضع نهاية للقصيدة الا ان النص يظل مفتوحا أمام القراء بفضل هذا التساؤل ذاته الذي يفرض عليهم ضرورة التواصل مع المبدع/ الشاعر وتقديم الاجابة الصريحة بكل شفافية علي تساؤله هذا. وفي قصيدة "يقدم واحده" يقوم الشاعر باستدعاء القارئ وتوجيه الخطاب اليه مباشرة – وكأنه يقف أمامه – من خلا ل هذا التساؤل: ماذا كان بوسعي أن افعل/ وهذا الذباب التافه يحوط غرفتي/ وكلما اضع كوب الشاي/ يساقط بقدم واحده؟ كأن الشاعر هنا يريد أن يستشير القارئ في قضيه تشغله ولان الشاعر يأخذ المسألة مأخذ الجد فإنه يضع أمام قارئه بعض الخيارات التي توصل إليها او بعض الحلول لأخذ رايه والاستضاءة بمشورته قبل أن يبدأ في التنفيذ – أي هذه الخيارات أو الحلول هي الاجدى في حسم قضية وتكون ناجزه في مطاردة هذا الذباب التافه. هل كأن من الادعى / أن أعطيه الفرصة كي يحتل مطبخي/ أم أهشه من طريقي باللعنه المستديمة؟ واتوقف عند هذا الحد في حديثي عن ظاهره حضور الذات في ديوان الشاعر الشاعر صبري رضوان "أزقة تشتهي قطعة سكر" أملا أن أعود لأسجل انطباعاتي – في دراسة أخرى – عن جماليات الشعرية في هذا الديوان. معوض يوسف نادي الأدب بقصر ثقافة الفيوم

الأحد، مارس 25، 2012

مناقشة " كلام مدهون " للشاعر سيد كامل بنادي أدب الفيوم


يقيم نادي أدب الفيوم ندوة لمناقشة ديوان * كلام مدهون * للشاعر سيد كامل والصادر عن مشروع النشر الاقليمي يناقش الديوان د شريف الجيار والشاعر حازم حسين والشاعر سيد لطفي ودير المناقشة الشاعر محمد حسني رئيس نادي ادب الفيوم وذلك يوم الخميس 29مارس الجاري


الأحد، مارس 18، 2012

قراءة نقدية للشاعر محمد حسني ابراهيم في ديوان < ابيض واسود :> للشاعر / وسام الديك

الشاعر / محمد حسني ابراهيم



فى ديوانه ابيض واسود يرسم الشاعر وسام الدويك بريشته وبكل ثقة ليثبت شاعريته المتميزة ويؤكد على ان صوته الشعرى صوتا خاص جدا به وبكل مامر عليه من ذكريات سواء بسواء مع الاحداث فهو رغم انه يرى الحياة بالالوان الطبيعية لكنه يستنطقها ابيض واسود لا لكى يمحى اللون بل ليؤكد عليه فى البداية يعطى لنا تصديرا شعريا مموسقا عن عالمه الشعرى
لـسة البنات ف الحارات بيلعبـوا الأولـــــة

لسـة الــولاد ف البـلاد بيغنوا للتراحيــــل

لسة القمر ع الشـــجر،وغيومـــه مجهولة

لو كات بنات الحور...ما كان رماها الليل

لسة الشموس ف الخيال،وخدودنا مبلولة

وبنلعن المفتري،والغربة. ..ف المواويـل

لسة عروســــة النيل بضفــــيرة مجدولـة

ساكـنة الولد،والولد يقلب عليـهـا النيـــــل.

هنا يبدأ معنا فى سرد تفاصيل الحكاية التى بدأت تؤرقه ومر عليها ولازالت فى كل الحوارى البنات التى تلعب والولاد الذين يسعون فى البلاد كى يرجعوا بعد ان يمر عليهم الليل والغيوم المجهولة رغم انهم يحلمون بشموسا فى الخيال لكن الواقع يظهر على الخدود المبلوله ونلعن المفترى والغربة والمواويل ورغم كل هذا لسه عروسة النيل بضفيرتها المجدولة يبحث عنها الولد ويقلب عليها النيل وان كانت البنات فى المقاطع الاولى هى الاحلام او الانثى الانثى فهى فى الاخيرة عروسة النيل بالتحديد هى مصرنا والولد هو المخلص لها .
بعد هذا التصدير ندخل الى عالم الشاعر كى نكتشف منه الكثير من الملامح وهو غزير الملامح لكنى فقط سوف اتناول ملمح هام جدا وهو البساطة فى تناول الصورة الشاعرة وتلوينها بالابيض والاسود او اعادتها لاصلها

الولد الطيب واهداها الشاعر للمخرج عاطف الطيب
النيل مابيروحش الهرم صورة شعرية بسيطة وتحمل بينها الكثير من التأويل النيل هو الحياة بما يحمل من خير لكل مصر والهرم هو التاريخ لكن به حياة ماضية وتاريخ مكتوب على الجدران بحرص شديد او كما ارادوا الحكام وقتها كتابته وفق هواهم والنيل اللى مش هايروح الهرم يبقى بين الناس كى يحيا بهم ويحيوا به صورة غاية فى الدقة والتوصيف معا والقلعة تأتى كى تؤكد على ذلك.
واكمني عشمان البيوت ما تنحنيش
والقلعة ما تطفيش
مآذنها الرصاص
والناس....
ما تسحبش الفوانيس
من شوارع دهشتي
،واكمني عشمان ف التاريخ
باركن عيوني ع "الحسين "
والمدنتين
وارمح ما بين طاقتين بخور
وانده عليه

هنا يدخل الشاعر فى صراع مابين الحقييقى والخيالى والتاريخى ايضا منذ ان كتب القلعة وما لها من دلالات تاريخية وهو ينسج عالم نابض بالحياة او بالمعنى الادق فيه روح وهو عالم يرسمه كما قلنا بكل الالوان والا لما خاف من الناس ان تسحب منه الفوانيس التى تدله على معالم الشارع وهنا وصف الشارع بالدهشة يزيده تأكيد على انه شارع واقعى جدا لكن العالم الخيالى او الروحانى الذى يستمد منه الطاقة هو الحسين والمدنتين وما لهم من تأثير روحى كبير مصحوبا بعالم من البخور او طاقة بخور كما قال كى يستحق ان ينادى عليه من كل الاشياء والعوالم الاخرى مرورا بكل الاحياء او بمعظمها

من "حلوان "
...م "السيدة زينب "
ويقول :»نعم
،مين اللي بينادي
،وما يعرفش إن النيل
ما بيرحش الهرم؟!«
_ يا عم عاطف كلنا... عارفين
ولكننا ...خايفين
على نفسنا ...من نفسنا
ومن الجاي ،ومن العدم
دا النيل بقى بيروح بلاد أكتر كتير
هنا يدلل على ان النيل له القلب الحى النابض الذى يجىء ويذهب لكن فى ذهابه وجع واغتراب وفى رجوعة دموع
النيل مسافر برة مصر
، وبيشتغل أجير
وبييجي في آخر المطاف
يركن دموعة وبؤجته
جنب البيوت
،يرفض وقوفه فوق سلالم كلمتي
أو ف السكوت
يقرفص ع الرصيف
ويقول لي:
»يا ابني
النيل ما بيرحش الهرم
صورة شعرية رغم بساطته السحرية انما تعطى الكثير وبييجى فى اخر المطاف يركن دموعة وبؤجته جنب البيوت
كمية كبيرة من الحميمية بين النيل وبين البيوت وبين الناس وعالم كبير يستمر فى سرده بلغة بسيطة عميقة
وبعدها على الفور يؤكد صلة النيل بمصر بقصيدته اسوانويقول فيها
موصول أنا بيكي
،بقمر أسمر
نَفَسي المقطّع فوق خدودك
كالتراحيل البدائية المهابة
وكذا رجوعك للصحابة
أو صبايا الماء – صلصلة التراب
المستحي منك
يواصل انتمائه داخل جذوره التاريخية والانسانية من بداية المصب وهى اسوان الى تاريخ ضارب فى العمق ويفسر بكل محبته البسيطة االضاربه فى العمق

حزام "إيزيس" معقود على خصرك
وانا مفكوك على الطرقات
2 - حزام الغاب على وسط العرق
ف الغيط وقدام نيران الفرن
3- حزام – عصابة فوق جبين
نفس الأميرة السمرا منقوش
وانا .... لوتس أخير.

ايزيس واسطورتها الرائعة فى لم اوزوريس ويؤكد عليها ايضا انا المفكوك على الطرقات ليقوم هو بدور اوزوريس وبعدها حزام الغاب على وسط العرق كى يعمل من اجلها فى كل وقت ومكان ويأتى بعد كل هذا الجمال بخاتمة اجمل لترقيماته داخل النص الذى ارى سببه اعطاء الاشارات الاوليه كى نصل الى نهاية الاميرة ونجدها فى ظل عصابة تنهبها وتسلب كل جمالها ويستمر الشاعر فى تفجير جماليات خاصة جدا به وبصوته الشعرى الى ان يأتى الى نهاية النص ويعطى لنا استفهام دلالى مفجر اكثر لما يستفهم عنه

يا هل ترى مين اللي أقدم
(نقش العواميد الجرانيت القديمة
ولا الصراخ؟! ) .



وهكذا يستمر الشاعر فى كتابة حالات شعرية متعددة ففى فاطمة تجد مصر تتضح جليا وبعدها قصيدة سكك يسجل فيها ايضا ملامح انسانية غاية فى العذوبة وبعدها قصيدة ببساطة كى يؤكد هنا على ما المحنا له من البداية هو الشاعر الذى يلجأ الى البسيط لتأكيد ماهو اكبر واجمل وادق مجموعة قصائد قصيرة يجمعها ملمح واحد وهو عنوانها ببساطة لكنها تصل بكل سهوله ويسر وتفجر اشياء جميله فى داخل كل منا ليشعر وهو يقرأ انها تتماس معه ومع حالته هو شخصيا
مع بعض المفارقات التى تصنع الفكرة او تعتمد عليها الفكرة على سبيل المثال
أيام ما طلعنا سوا
ف مظاهرة قديمة
شديتك من كتفك
قبل عساكر الأمن المركزي ما تْ...
على إيه؟
دانا حتى مانش فاكر
كنا بنهتف ليه؟
شاعر له صوت متميز وديوان اكثر تميزا فى وسط كم كبير من الاصوات الشعرية شديدة التشابه




السبت، فبراير 25، 2012

دهشة الصورة في ديوان " صدفةٌ بغمازتين " للشاعر محمود مغربي بقلم: محمود رمضان الطهطاوي

دهشة الصورة في ديوان " صدفةٌ بغمازتين

للشاعر محمود مغربي






يقلم:



محمود رمضان الطهطاوي





حالة من الصفاء والدهشة تمرق في عمق الحرف .. لترسم صورة مدهشة ، خاطفة ، مكثفة ، قابلة للـتأويل والـتأمل .. مرتحلة داخل الذات .. طارحة بثمارها الشهية متعددة الألوان والمذاق .


تجربة ثرية .. بعد رحلة عميقة وطويلة مع الشعر .. يقدم لنا الشاعر " محمود المغربي ديوانه السادس " صدفة بغمازتين " الصادر عن بورصة الكتابة عام 2012، بعد طرحه " صمت الوقت مشترك ، و" أغنية الولد الفوضوي " ،و" العتمة تنسحب رويدا " ، و " تأملات طائر " و" ناصية الأنثى " يأتي هذا الديوان محملا بتجارب سابقة سامقة .. ليؤكد شعرية المغربي التي تعتمد على الصورة الومضة .. ولا عجب أن نقرأ قصيدة سطرا .. أو جملة فيما اسماه " تجليات " التي استحوذت على نصف الديوان تقريبا ، بعد ستة عشر قصيدة ما هي بالطويلة أيضاً .. بل والسطر الشعري لا يزيد عن (4) كلمات ويبقى في كل معظم الأحوال كلمة أو كلمتان ..


هذا التكثيف الذي يؤكد قدرة الشاعر على بلورة الصورة ،وطرحها وإذابتها وصهرها في أقل عدد من الكلمات .. تؤكد قدرة الشاعر على امتلاك ناصية الحرف .. والغوص في عمق الكلمة لاستحلابها .. وتوظيفها في موضعها راسما تلك الصورة الدهشة الرامزة من خلال حجب لا يغيم ولا يعتم ، بل يواري بين ستار شفيف يعطي للقلب مساحة للمتعة .. والروح ومضة للمروق .. وللعقل فرصة للتأمل ..


نلحظ ذلك من الوهلة الأولى ونحن نطل على الإهداء " إليها " كلمة يتيمة تقف سامقة في بياض الصفحة .. وتترك للفراغ / بياض الورق مساحة شاسعة .. للبحث عن هذه الملهمة التي يلقي إليها بهذا العبق القادم .. إهداء ماكر .. وما إن ندلف لعمق الديوان .. نتشوف صور الشاعر ، القصائد ، حتى نشعر بالحيرة .. ونسأل هل هي صاحبة " صدفة بغمازتين " في قصيدته الأولى " صُدفة تمطر بنتا بغمازتين " والتي تقول :


" في البلاد البعيدة ..


يظلّل روحي غيمٌ كثيفٌ


وثلجٌ


وشمس خجول " ص9


ثم تقول :


" بعينيك


أدخل كرم جدودي


بشغبي


وفوضاي " ص10


أم هي المهرة الأسطورة كما يذكرها في " بستاني ينتظرُ شروق الشمس " وهو يناديها :


" أيتها المهرةُ


ضُميني


لمي شَعْثَ حروفي


فأنا بستاني


يعشقُ كل تراب أزاهيرك " ص 15


أم هي تلك المطمئنة ، العارفة قدرها ومكانتها .. ومهما طاف وجال حط في ركابها .. واستقر في عشها ، كما يصورها في قصيدته : " ياطائري غرد هناااااااااااااك .. هنا " ،والتي تقول بثقة :


" ياطائري


حلِِّق كيفما شئت


في الجهاتَ الأربعة


في الفصول


خربش فضاءات الميادين


وحدك " 19


وبين الجهات الأربعة / الفصول ،وبين الأنثا عشر ألفاً في هناااااااااااااك " ، نجد مقابلة تؤكد هذه الثقة ، فإذا افترضنا جدلاً أن هذه الأحرف تشير إلى عدد اشهر العام ،والفصول الأربعة هي بالطبع معروفة " فهنا تؤكد الحبيبة على ارتحال الحبيب طوال العام بعيدا عنها ، ولكن على ثقة بعودته إليها كما تقول في نهاية القصيدة :


" وحدي ...


مسبحةُ التهدُّج في صلاةِ الفجر .. " ص 21


أم هي تلك الغجرية / الندى رمز البكور والصباح الجلي كما يصورها في قصيدة " الغجرية .. والرعيان " والذي يرسم معها حالة توحد في صورة فريدة ، رامزة ،وهو يعلن في نهاية القصيدة :


" أيها الرعيان ..


أطردُكم جميعا ..


واحدًا


واحدًا


وأُغرِّي جسدي لندى فجرًا " ص 24


أم تلك الممزوجة فيه ،والتي يربطها صراحة باسمه وهي يرسم مساحات بوحه في قصيدة " نشيد الحضرة " فيتموسق معها في لحظة صوفية متدفقة وهو يتلو ورده :


" يارب


وحُدك أنت المنانُ المحمودٌ الصنعة


هذا محمودك


يرجوكَ


ويستعطفُكَ


فهل تمنحه بُساط القدرة


كي يطوي بُعده


يدخل عدوًا


بستان الخضرة!! " ص 26


إنه الإهداء الماكر الذي يفتح مسامات القصيدة المغربية ،ويجعلنا نتشوف نحاول فك الطلسم ( الإهداء ) ولكن يبقى السر في بطن الشاعر ، وتبقى لنا متعة الغوص في قصيدته .. نتعطر بنسمات روحها .. ونسكب من خمر لذتها في قلوبنا العطشى ، ونذوب في حنايا خيالها الوسيع بصورها ليبحث كل منا عن ليلاه .


دهشة الصورة


وتبقى لنا دهشة الصورة في قصيدته المكثفة ، نجدها في فلسفة قصيدة " هامش " بتلك المقابلة / الحوارية بينه وبين ( إليها ) التي ترفض أنتعيش في الهامش وتبغي متنا .. تتقابل الأسطر الشعرية بينه وبينها تصنع صورة رامزة ( هي : لن أبقى في الهامش ، هو : الهامش سيدتي أملكه ، هي : أبغي متنا ، هو : لكن المتن بلا خجل / يسكنه القٌ / لا أعرف أين أراضيه " تصنع هذه المقابلة صورة تفتح مسامات الـتأويل و تناوش العقل والروح .


وفي قصيدتي " الكريسماس " و " وجمرة " يجسد الشاعر صورة الوحدة الذي يعاني منها ، ففي الأولى يسرد لنا وحدته في حدوتة شعرية فيظهر هذه الوحدة القاتلة وسط هذا الصخب / الاحتفال بالكريسماس ليظهر المفارقة في صورة بسيطة في مظهرها ،مدهشة في جوهرها / تأملها ، أما قصيدة جمر ، فيكفي أن يقول " ليلٌ شاسعٌ / وأرضي قفرٌ/ مفردٌ أنا / لا صباح لي " . ص31


وفي قصيدة "خجول" تبرز دهشة الصورة بين المهرة والبحر العجوز المرتبك الخجول .. قصيدة من أثنتي عشر كلمة تستنطق صورة مدهشة ، يرسمها بمهارة وكأنها لوحة تتجسد أمامنا .


وهكذا كل قصائد الديوان غزيرة بالصور الدهشة ، يقتصد فيها الشاعر كثيرا .. لا عن بخل ولكن عن قدرة فائقة على رسم الصورة بأقل عدد من الكلمات ..


وكما يقول في آخر طلاته " تجليات " شكرًا لكل وقتٍ يصنع لنا متسعا "


نقول شكرا شاعرنا المغربي لما منحته لنا من بهجة وصور عذبة داعبت أرواحنا .. وقصائد شعر طللنا فيها على ليلانا .. لقد وجلت في أعماقنا بتلك الصدفة الجميلة بغمازيتها .. فأبهرتنا لحد الدهشة .. وأمتعتنا لحد التوحد في صورك الدهشة