الأربعاء، أغسطس 24، 2011

صدور الروايات الفائزة بجوائز الرواية العربية للشباب








ديوان العرب
٢٤ آب (أغسطس) ٢٠١١


عن مؤسسة شمس للنشر والإعلام بالقاهرة، بالتعاون مع «ديوان العرب» يصدر هذا الأسبوع الروايات الثلاثة الفائزة بمسابقة الرواية العربية للشباب التي أقامتها ديوان العرب في العام الماضي 2010.


والروايات الفائزة هي:
- رواية «تكاد تضيء» للكاتبة الفلسطينية المقيمة في الإمارات سامية عياش، والفائزة بالمرتبة الأولى
- الرواية الثانية «أدمغتي المليون» للكاتبة الفلسطينية إسراء عبد الهادي عيسى من سكان مدينة نابلس
- الرواية الثالثة «سامبدروم» للكاتبة المصرية هالة عبد الرءوف.


وكان قد شارك في تقييم الروايات النقاد:
- الدكتور مصطفى يعلى: من المغرب
- الدكتور صلاح السروي: من مصر
- الدكتور بوشعيب حليفي: من المغرب
- الدكتور بوشعيب الساوري: من المغرب
- الدكتور إبراهيم سعد الدين: من مصر


في تلخيص تقييمه للروايات الثلاث؛ يقول الدكتور إبراهيم سعد الدين:
الرواية الأولى: تكاد تضيء



هذه الرواية التي أشرفُ بالتقديم لها هي الفائزة - عن جَدارَةٍ واسْتحقاق - بالجائزة الأولى في مسابقة (ديوان العرب) للرّواية لعام 2010. رأى المُحكّمون - بإجماعِ الآراء وعَبْرَ مراحل التحكيم المُختلفة- أنّها مُغامرةٌ إبْداعيّةٌ مُتَميِّزَةٌ حَقّاً، على صَعيدي الشَّكل والمضمون، بما يؤهّلها لتتَصَدَّرَ واجهة المَشْهد. في الرواية موهبةٌ لامعة تتسم بالنُّضْج والثَّراء، وامتلاكٌ كاملٌ لأدواتِ الكتابة من حيث البناء الدّرامي وتِقْنية القَصّ وأسلوب السَّرْد ولُغَة الحَكْي. وفيها وَعْيٌ بالتَّجربة الحياتيّة والرّوائية في آنٍ واحد، وحساسية مُدْهشة بتوظيف كُلّ عناصر التَّجربة في نسيجِ النَّصّ بتآلُفٍ وتناغُمٍ وانسجام. مُنْذُ الإطْلالةِ الأولى تَشْعرُ بأنّك بإزاءِ عَملٍ روائيّ شديد الإحْكام، يأخذُكَ - عَبْرَ سَيْلٍ من الذكرياتِ والتَّداعيات- إلى عالمه روَيْداً، مازجاً الماضي بالحاضر، والثّابت بالمُتَغَيِّرْ، والآنيَّ بالآتي، والذّاتيّ بالعام، في سبيكةٍ ما أجْمَلها وما أنْفَس مَعْدنها وأصْفى جَوْهَرها.


الجُرْح الفلسطينيُّ هو لُحْمة وسُداةُ هذه التَّجربة الروائية، يختلطُ فيه كابوس الاحتلال وجرائمه المُشينة بالسِّجن الوَحْشيّ والقَهْرِ اليوميّ والتَّجريد من الهَويّة والافتئات على الحقيقة والتاريخ، وتَمْتزجُ فيه عذابات الشَّتاتِ والاغْتراب بالبَحْث عن الوطنِ الضّائع والتُّراثِ المَطْمورِ وذكريات الطفولة والصِّبا النابضة في شرايين الذاكرة. لكن - وهذه سِمةٌ أخرى من سِماتِ التَّمَيُّز - رغم كُلّ هذا النَّزْف الدّائم، والارتحالِ اللاَّهث عَبْر الزَّمان والمكان، والفَقْد المُتواترِ لكُلِّ ما هو عزيزٌ وأثيرْ، والتَّشَوُّه الذي يُحْدثه واقع الاحتلال في النَّفس والروح والوجدان، فإنَّ ثَمَّة لمسةً سِحْريَّة تجذبُكَ إلى الانغماس في هذه التَّجربة، والالتحام بدقائقها وتفاصيلها، واستشعار المُتْعةِ في التَّنقُّل عبرَ وقائعها وأحداثِها. إنّه سِرُّ الفَنِّ وجَوْهَرُ الإبْداع الأصيلْ، الذي يَجْعَلُنا نسْتعذبُ مُعايَشة الألَمَ بدأبٍ وإصْرارٍ على بلوغ الذّرْوة، فشاربُ الغِبْطةِ المُعتدلُ - كما تقولُ الشاعرة الأمريكية الشَّهيرة إميلي ديكنسون - لا يَسْتحقُّ اليُنبوعْ.
• • • • •





الرواية الثانية : أدمغتي المليون


وعن رواية «أدمغتي المليون»، يقول الدكتور إبراهيم سعد الدين:


هناك أعمالٌ إبداعيّة لا تحتاج تقديماً، لأنَّها تُقدّم نَفْسَها إلى القارئ دون عناءْ. عند القراءة الأولى لعملٍ من هذه الأعمال تأخذك الأحداثُ والشَّخصيّاتُ في دَوّامةِ سِحْرٍ لا تستطيعُ منه فكاكاً، وتُحسُّ بذوبانك في هذه البوتقة الجميلة وانصهارك في تفاعلاتها وتوحُّدك بعناصرها حتى تُصبح جُزءاً لا يتجزّأ من نسيج هذا الإبْداعْ. هذا ما أحسسته يقيناً وأنا أطالعُ هذه الرواية، رغم كُلّ ما فيها من وجَعٍ نابضٍ ولهيبٍ مُحْرق وأسىً عميقْ. ذلك أنّ جلالَ مضمونها وجمالَ صياغتها وعبق الخيال وسلاسة اللغة وانسيابِ السَّرْدِ كمسرى النُّسْغ في قلب النبات الحَيّ، يُضْفي على الأحداثِ دفئاً آسراً وألفةً حميمة وتشويقاً يَجعلنا نستعذبُ الألمَ ونحتملُ النَّزْفَ في إصْرارٍ على بلوغِ ذرْوة النَّشْوة مع انتهاء صَفحاتها. هي رحلةٌ إبداعية تصحبنا فيها إسراء عيسى في غَوْر الجُرح الفلسطينيّ الفاغر فاه بامتدادِ كُلّ شبرٍ على أرض فلسطين، يتوحّد مع نبضه - سواء بسواء - فلسطينيّو الأرض المحتلة أينما وحَيْثما كانوا؛ في الضّفّة وغَزّة والشّتات وكلّ أرضٍ مُستباحةٍ للعربدة الصهيونيّة. ويمتزجُ فيه القَهْر الاجتماعيّ الذي يعيشُ في ظلّه المواطن الفلسطينيّ - وبالأخصّ المرأة - بِقَهْرِ الاحْتلال الغاشم وجرائمه الموصومة بعار التاريخ ولعنة الإنسانيّة. رحْلةٌ لها مذاقٌ خاصّ ونكهةٌ مميّزة تجمعُ بين دَهشة الإفاقةِ من الحُلْم وبكارة الرؤيا وبراءة الخَلْق الأوّل..
• • • • •
الرواية الثالثة: سامبدروم


وعن رواية «سامبدروم»؛ يقول الدكتور إبراهيم سعد الدين :


"سامْبدْرومْ" هذا هو عنوان الرّواية التي بين أيْدينا، وهو عنوانٌ سوفَ يُثيرُ - بالتّأكيد- دَهْشَتَك وفضولَك، لكنْ تَرَيَّثْ قليلاً، فما يَسْتثيرُ الدَّهْشَةَ في هذه الرّواية كثيرٌ، وما يُحَفِّزُك على الانتهاء من قراءتها وفَضّ مَغاليقها أكْثَرْ.


سوف يسْتلْفتُ انتباهَكَ منذ البداية ذلك التَّرْقيم لفقراتها الذي يبدأ من حيث يَنبغي أن تَنْتهي أحداث الرواية، بحيث يَتبادَرُ إلى ذِهْن القارئ الكريم أنه رُبَّما كانَ هُناك خطأ طِباعيٌّ في التَّرْقيمْ. لكنّي أدعوكَ هُنا أيْضاً إلى التَّمَهُّلِ في الحُكْم، فلا خطأ هنا ولا سَهْوَ ولا نِسْيانْ، وإنَّما هي طبيعةُ البناءِ الدِّرامي لهذه الرّواية، التي راقَ لكاتبتها أن تَسْتَهِلَّ الحِكايَةَ فيها من آخرها. ولِمَ لا..؟! لماذا نُبْقي على القوالِبِ الجامدة في الكتابة الأدبيّة بحيثُ نُرَتِّبُ الأحْداثَ وفْقَ تَسَلْسُلِها المَنْطقيّ ما دامت الحياة ذاتها بأحداثها ومُلابساتها تَفْتقرُ أحياناً للمنطق المُتعارَفِ عليْه..؟! ألَيْسَ للنَّصِّ الإبْداعيِّ منطقُه الخاصّ، تَماماً مثلما لِكُلِّ كائنٍ حَيّ هويَّةٌ وتاريخٌ وسماتٌ وعلاماتٌ فارقَة..؟! المُهِمّ أن يَتَّسقَ الشَّكْلُ مع المَضْمون، والبِنْيَةُ مع الدّلالةِ والمَعْنَى، وهما هُنا مُتَّسِقان ومُتناغِمان تَماماً. لكنها ليسَت السِّمةَ الوحيدة التي تُمَيِّزُ هذا العمل الرّوائي، فَثَمَّة الكثير من ملامح التَّميّزِ التي تَسْتوقفُك مُبَكِّراً عند قراءتك للرّواية، لَعَلَّ من بينها عُنْصُر التَّشْويق الذي يَتَّسمُ به أسْلوب السَّرْد، فالأحداثُ تمضي في نَبضاتٍ مُتسارِعةٍ كخفقاتِ القَلْبِ الواجِفْ، وتتلاحقُ كأنفاسٍ مبهورَة تتَعَجَّلُ الوصولَ إلى الذِّرْوَة وبلوغَ آخرِ الشَّوْط. من بين هذه الخصائص أيضاً تلك العناية الفائقة بالتفاصيل الصَّغيرة والدَّقائق المُتناهية الصِّغَرْ والتي تُشَكّلُ - من حيث لا نَشْعر - الجَوَّ العام للرّواية، والحضور المُكثَّف للمَكانِ والزَّمانِ في كُلِّ تفصيلةٍ وواقِعَةٍ ومَشْهَدٍ وحَدثْ.


مِنْ فضائلِ هذه الرّواية - أخيراً وليسَ آخراً- تلك المَقْدرة على التَّعاملِ مع مُفردات الحياة اليَوْميّة وإحالتها إلى مادَّةٍ للفَنِّ بالغة الخِصْب والثَّراء، بحيثُ يَتَحَوَّلُ العاديُّ والمألوفُ إلى جوهرٍ لامعٍ ومُتَوَهِّج في سياقِ هذا الإبْداعْ. هُناك الكثيرُ الذي يُمكن أن يُقالَ في تِعْدادِ الملامح المُمَيِّزَة لهذا العمل الرّوائي، لكني أخْشَى الإطالَة، والأهمّ من ذلك أنني لا أريدُ أن أصادرَ على حَدْسِ القارئ وخياله ولَذَّةِ المُغامرة ومُتْعةِ الكشْفِ عن مكنونِ هذا العمل واستجلاء أسْرارِه وتفسير رموزه، فالقارئ ليسَ مُتَلَقِّياً سَلْبِيّاً وإنَّما هو شَريكٌ فاعِلٌ وخَلاَّقْ لأيّ إبْداعٍ أدبيٍّ وفَنِّيّ، وهو طَرَفٌ أصيلٌ في عَمليّة الخَلْق. بذلك يتَحَقَّقُ للعمَلِ الأدبيّ أو الفَنِّيّ وجودٌ جديد وحياةٌ أخرَىَ وبَعْثٌ مُتَجَدّدٌ مع كُلِّ قِراءَةٍ ومع كُلِّ قارئ له.

ليست هناك تعليقات: