الأربعاء، أغسطس 24، 2011

على الطريق ...... قصة قصيرة لشريف العجوز




على الطريق... من  ( مجموعة ذات الشعر الأبيض ) 

عدت من مكتبي في اليوم التالي منهمكاً ، أعدت أميرة المائدة ، جلسنا لتناول العشاء - أكان هذا سبب انزعاجك فحسب؟ - أسئمت من قصصي ( و أنا أقهقه ) - لا بل أريد أن أعرف ما حدث بعد ذلك - قررت أن لن أنام مرة أخرى فالساقية المهجورة كابوس مزعج لا يجب أن يتكرر ثانية ... المهم نزلت من بيتي مسرعا لالحق برحلتي - التي كنت قد حجزت لي مكان فيها من قبل ، عثرت على مكاني بعد جهد في أخر الحافلة ، ظللت صامتا طوال سيرنا في الطريق ، الجميع من حولي يضحكون و يهللون و أنا انظر إليهم بصدر ضيق لماذا لا يشركونني معهم ؟! ألانهم لا يعرفونني و لكن قد أفيدهم في أي شيء . بعد فترة طويلة من السير الممل الذي سئمت منه و كدت اصرخ في وجه الجميع ، تعطلت السيارة في نصف الطريق ، طُلب من الشباب أن ينزلوا و يساعدوا السائق في إصلاح السيارة .. ، - لقد خيم الظلام ...لقد تأخرنا كثيرا في الطريق ( في قرارة نفسي ) بدل الشباب إطار السيارة ، كلما تقدمت لأساعد في أي عمل كنت ألقى إحجاما من الجميع ، رجعت إلى الخلف دون أن الفظ بكلمة . سمعنا صراخ شديد ...! من أين هذا الصراخ ؟! إن الظلام دامس لا يستطيع أحد الرؤية فقد بدل الشباب إطار الحافلة على ضوء هواتفهم النقالة ، الصراخ يزداد ، مضيت خطوات إلى الأمام في اتجاه الصراخ و دققت النظر فإذا بالصراخ ينطلق مرة أخرى ، وقف شعر رأسي خوفا ،رجعت خطواتي مرة أخرى ... ركب الجميع الحافلة و تركوني وحيداً ، حاول السائق إدارة الحافة و لكن دون جدوى ، كان خائفا - إن السيارة تحتاج إلى الماء ( قال السائق بصوتِ مرتجف و أنا أصعد درجات سلم الحافلة ) وقفت في منتصف الدرجات أُفكر من أين لنا بالماء في هذا المكان المهجور الطلق هذا ،نظر الجميع إلى بعضهم ، ترى من الذي سيضحى و يذهب في هذه الظلمة يبحث عن ماء و لا نعلم أين وقر الذئاب و الحشرات المؤذية لنتحاشاه ، نظر الجميع إلى السائق - هيا هلموا بالبحث عن الماء (قال السائق ) هرع الشباب على أثر صوته المرتجف إلى خارج الحافلة كلاً يريد أن يضحى الأخر من أجله ، مازال الصراخ شديداً ولا أحد يعرف من أين يأتي هذا الصوت أين سوف يجد المياه . فجاءه إلتفتُ صوب الصوت الذي كاد أن يثقب أُذننا فوجدتُ بناية لا يبدو عليه أي معلم من معالم الحياة و لأول مرة أتكلم معهم اقترحت عليهم أن نذهب إلى هناك لعلنا نجد ماء فلا يوجد مصدر أمل أخر أمامنا ، و لأول مرة يكون هناك مشاركة بيني و بينهم بعد أن وافقوا على اقتراحي ، ذهبنا إلى هناك ، هدا ذالك الصوت المرعب ، هل اختفى ... ؟؟ الحمد لله . اقتربنا من ذلك المبنى الغريب ... ، نقطة إسعاف ...؟؟ نعم ذلك شعارها الهلال .. و لكن هل الصوت المرعب هنا ؟!!، وقفنا جميعا نختبىء خلف بعضنا إلى أن وجدتُ نفسي أمام السُلم الذي يصعد بي إلى باب هذا البناية . - أنت لها فأنت صاحب المجئي إلى هنا (قال لي أحد الأصوات الموجودة و دَفع بي أخر إلى الباب ) يبدو أنهم يريدون الخلاص منى ...، فتحتُ الباب برفق ،أصدر صوت مزعج يظهر منه أنه لم يفتح منذ فترة ، نظرتُ خلفي إلى الشباب نظرة يملاها التردد رمى لي أحد المنسحبين كشاف صغير ،ألتقطه بأناملي ، خطوت إلى الأمام مترقباً .... ، أضاء المكان بأكمله ...! ، - رباه هل هذا المكان قد بلغته اللعنة هو الأخر مثل الأرض التي كانت بها الشجرة الملعونة..؟ ( في قرارة نفسي ) تقدم الجميع خلفي في ترقُب ، دخلنا إلى مبنى الإسعاف ، يبدو أن الأرواح يستخدمونه مسكناً لهم ، خيوط العنكبوت في كل مكان، الغبار يغطي المبنى بالكامل طفقنا نبحث في كل مكان بحماس و خوف في نفس الوقت .... ، وجدنا الماء ... الحمد لله ... ، ملأنا زجاجتنا، هممنا بالخروج ، وجدنا الباب مغلقاً . يا إلهي ما هذا لقد احتجزنا ... ماذا سنفعل الآن ... ، اندلع الصراخ مرة أخري و كأن مصدره بجوارنا ، التصقنا ببعضنا ... يبدو أن هذه نهايتنا ، ازداد الصوت المرعب ، إقترب... فجأة فتح باب احد الغرف الموجودة و الذي كان به نافذة مطلة على الظلام الذي كنا فيه اندفع الجميع نحو الغرفة ، أُغلق علينا الباب .... ، لم نهتم لأمره فعما قليل سنكون بالخارج ، الزجاج الذي رأيناه صورة علقت على الجدار .... الغريب في الأمر أن الصورة لم يظهر عليها أي أثر للزمن رغم وجودها في هذا المبنى القديم لذلك خدعنا فيها ... ، وجدنا ضوء خافت على ميمنتنا ... ، إنه سلم في القبو ، هل صورة هو الأخر..؟ لم يخطوا أحد من الموجودين " فلا يلٌدغ مؤمن من جحر مرتين " و لكن هل سنظل هكذا..! ، خطوتُ أنا إلى السلم.. .. ، خشبي قديم ، نزلت درجتين تقدم الجميع خلفي بخوف و حذر ، انطلق صوت الصراخ . تجمد الجميع حيث مكانه و تحدقت عيننا ،إلى متى سنظل في هذا الكابوس ألا يوجد صوت ينادى على لينقذني هنا أيضاً كما حدث معي أنفاً مع تلك المرأة الغريبة ، نزلنا في الرَدهة التي كانت في نهاية السلم ، إذا بحمام يبدو أنه يسكن في المكان يسقط بعشه علينا و كأن أحد ألقى به علينا فلن يضحى الحمام بعش ظل يبنى فيه أيام لمجرد إنه يريد إخافتنا . اندلع الصوت المرعب مرة أخرى .... ، لقد سئمت من هذه اللعبة السخيفة ، ظل الصوت مستمراً متعاقبا ، تتبعت مصدر الصوت ، في أخر الغرفة وجدتُ سلم في نهايته ستار أحمر كاتم لونه ، نزلت إليه و أزحته برفق .... ما أجمل تلك الفتاه ، قُيضت بحبلً سميك حول نصفها مالت رأسها على أحد كتفيها ذهبتُ أتفقدها في حذر ، يبدو أنها مرهقة جداً ، لامست أصابعي شعرها الأسود المفحم المنسدل على ظهرها ،استيقظت في ذعر ... ، -لا تخافي فلن أأذيك ( قلت لها ) ماذا أتى بكى إلى هنا و من أوثقك هكذا ..؟! أطمئنت الفتاه ، قصت عليا قصتها مستعطفة لكي أفك قيدها - ذات يوم كانت ذاهبة مع والديها فى نزهة و نحن على الطريق اصطدمت سيارتنا بسيارة كبيرة فجرح أبى و جرحت أمي أما أنا فقد اصطدمت في الكرسي الذي كانت تجلس عليه أمي من الخلف و لم يحدث لي شيء أناديت عليهما ولكن لم يجيبني أحد منهم نزلت من السيارة ، وجدتُ أُخرى قادمة من بعيد ، أشرتُ إليها ، توقف صاحبها ، عندما رأى الموقف اتصل بالإسعاف جاءت ، نقل والدي و لم أركب معهم ، لم ينتبه رجال الإسعاف أن مع مرضاهم طفلة صغيرة أما الرجل الذي أشارتُ إليه فقد انشغل فيما رائه ن ركب سيارته خلف سيارة الإسعاف و لم يتذكرني رحتُ أُنادى على أحدهم و لكن لم يسمعاني طفقت أسير إلى أن وصلتُ إلى هذا المكان ، اعتقدت أنني سأجدهم فيه على اعتبار أنه أقرب نقطة يمكن أن يأخذهم إليه. دخلتُ إليه ، كان غريبا يملا جدرانه خيوط العنكبوت و كان نصيبه من الغبار ليس بقليل ، هممتُ أخرج منه ، وجدتُ رجل بدا عليه حُسن المظهر - لماذا تخافي يا صغيرتي ( قال لي ) أخذني إلى هذه الغرفة ، طلب منى أن أصرخ ، تعجبت ، نظرتُ إليه بعينان يملاهما الذعر ، لم أُعطى أي إشارة ،لطمني على وجهي لطمة قوية و لكنها غريبة فلم أشعر بيده و لكني شعرتُ بالطمة و لم أدرى بنفسي إلا و أنا أصرخ دون سبب ، أبتسم ، أمرني أن أستمر ... ذات يوم طلب منى الصرخ ، راح يضربنى يمينا و يساراً ، فعلت ما أمرني به فتركني و ذهب ، حاولت أن أهرب من هذا المكان وكان الليل قد بسط سلطانه ، عندما تسنى لي الأمر إلى الخارج وجدته يضرب في أُناس ضرباً مبرحاً. تجمدت أرجلي مكانها ، تحدقن عينتي ، قضى عليهم ، خرب سيارتهم و عندما رأنى أوثقني كما ترى و رغم أنه كان يقدم لي الطعام إلا أنه كان يضربني و لأني رفضتُ في مرات أن اصرخ قام بتسجيل صراخي في وقت ضعفي أمامه و أظن أنه هو السبب فيما حدث لأبي و أمي وأظن أيضا أنه في كل مرة يطلب منى الصراخ يحدث ذلك المشهد و لا أعرف لماذا ...! - أتقصدين ( قلت بعينان محدقتان ) رباه إن الشباب جميعهم في هذا المبنى ولم يبقى في الحافلة سوى البنات و الدكتور و المشرفة و السائق علينا إنقاذهم ... ، فككت قيدها ، أسرعنا إلى الخارج ساد الذهول على وجه الجميع ، من التي أخرج بها إنها ليست من طاقمنا ... ؟؟ - لا يوجد وقت لأشرح لكم ( قلت لهم ) خرجنا من أحد الأبواب الجانبية التي أرشدتنا إليها فتاتنا ، خرجنا إلى الطريق ،سمعتُ أصوات ضجيج فتيات الرحلة ، هرولنا إليهم ،وجدناه يحرك في الحافلة يميناً و يساراً ، تقدم إليه الواحد تلو الأخر فكان يطيح به بأحد ذراعيه و كأنه ذبابة مرت أمام وجهه - إنني أكره كل بني أدم ( قال ممتعضا ) استمر البنات في الصراخ من الخوف أما الدكتور فقد وقع مغشيا عليه ... - ماذا سنفعل معه (سألت نفسي ) - أمسكت بحجر و قذفته به فأصابه في رأسه ، توجه إلى بنظره قلقت منها ، تقدم إلى ، وجه إلى ضربه غريبة لها نفس الشعور الذي حدثتني عنه الفتاه صاحبة الصراخ ، شعرت باللكمة دون يده أليس ذلك عجيبا ....؟!!! هجم عليه أحدنا من الخلف فلم يجد إلا سربا , فتعجب ، لكمته كانت بإنتظاره .... لقد علمت سر اللغز إنه يظهر بكامل جسده و قوته عندما يكون في حاجة إلى قوة لرفع شيء أما عند توجيه اللكمات فضغط الهواء هو ما يشعرنا باللكمة و ليس توجيهها إلينا ، الآن يمكن أن نواجهه ،طلبت من أحد زملائى الحبل الذي كان يستخدمه السائق عندما تعطل السيارة و يطلب مساعدة سيارة أخرى و الذي كان في حقيبة الحافلة فأحضره لي ذهب هذا المخلوق العجيب إلى الحافلة مرة أخرى يرجرج فيها – إنني أكره كل بن أدم ( قالها المخلوق العجيب و هو يحركها بكل قوة ) ذهبتُ من خلفه و ألقيت بالحبل على رقبته و وضعتُ أحد قدمي في ظهره بينما أمسك كل و أحد بطرف من الحبل و راح يقيده به - أنني أكرهكم جميعاً فكان أحدكم سبباً في قتل زوجتي و ولدي الوحيد ( و هو يحاول أن يفك قيده ، بعد أن أحكمنه ) عندما نزل إلى نقطة الإسعاف التي لم تعمل لمدة طويلة و أخذنها سكننا لنا و أنجبت فيها ولدى و عندما دخل الغرفة التي كنا نجلس فيها و رآنا، زعرنا ، راح يقرأ علينا من القران - لا توذينا و نترك لك المكان فلم يستمع إلى كلامي استطعت الخروج من الغرفة أما زوجتي و ولدى فلم يستطيعا ذلك ، طلبت منه أن يرحمهم فلم يستجيب و ، هممت لأقضي عليه ، توجهتُ إلى أسرتي وجدتهم قد ماتوا... تبا له و لكم جميعا يا بنى ادم إنني أكرهكم " وهم ليفك قيده و لكنه لم يستطيع . - ليس كل بنى ادم جبارين و أن من قابلته كان شرهم (قلت له ) هممتُ أفك قيده وسط اعتراضات من الجميع ، فككته نظر إلى في خجل و يعتذر لنا جميعا ، علم أنه ظلم كثيرا فلم يكن له أن يحكم على الكل من البعض و تركنا قاصداً بيته القديم ... أشرق النهار و صعدنا إلى الحافلة التي عملت في التو، و الكل يحكى عن بطلاته مع بنى غير ادم و أنا أنظر إليهم مبتسما ، جاء الجميع إلى يعتذرون لي عما بدر منهم من إساءة معاملتي ثم رجع الجميع إلى أماكنهم ، - ماذا حدث ( قالت لي صاحبة الصراخ ) - لا شيء (قلت لها و أنا ارتكز على المقعد أستعد للغرق في النوم ).......

ليست هناك تعليقات: