الجمعة، سبتمبر 03، 2010

قصة / في انتظار المارد...... للاديب عويس معوض


في انتظار المارد

قصة قصيرة : بقلم عويس معوض
كنت كلما أسال جدتي عن أمى تقول لي :
- إنها عند الملائكة .
وعندما ارتمى في دهليز الدر تقول جدتي:
- اقسم على الماء حتى يجمد والنار حتى تخبو أن هذا الولد محسود وممسوس من جنيات الأرض .
تأخذنى في حجرها , تأمر عيال الدار أن يحضروا الموقد والبخور الذي أهدى إليها من بلد النبي .
توقد النار, وعندما تصفو تضع البخور فيطقطق, وتستعيذ برب الفلق من شر مخلوقات الله ومن شر الحساد ونافخين العقد.
تمسح رأسى وجسدي بيديها الناعمة الشاحبة وتقص العروسة الورقية وترقيني وتخرم العروسة بالإبرة : من عين سنية وعلية وذكية وكل من رأونى ولم يصلوا على النبي .
تحرق العروسة وتفركها في كعبي , يقشعر بدني .
اضحك وأنا أتذكر علية وعينيها الجميلتين عندما تأخذنى في دارها لأخرج النقود واشترى الحلوى , فتغوص يدي في اللحم الطري
تسبل جفنها وتتأوه فاضحك, تضمني في عنف فأبكى وأجرى منها.
ولماذا تحرق جدتي عين سنية وذكية وهما يحباني كثيرا ويأخذانى إلى البيت فتطعمني ذكية بيدها الناعمة الجميلة وتطلب من الله ولا يكثر على الله أن يرزقها بولد يشبهني .
وسنية تطعمني وتمسح بطرف كمها الدموع :
- لو مد الله في عمر ابني لكان مثلك.
يخبط الهواء ضلف الشباك ,فتنام العيون تحت الدفء يعوى الكلب الغريب بصوت متقطع في الخارج ,فتلعن جدتي برد الشتاء .
يلتف العيال حول النار , ونطلب منها أن تحكى لنا حكاية الشاطر حسن وست الحسن , تمسح بيدها على رأسى وتطلب منا أن نصلى على النبي فنصلى ونسلم عليه .
تقول:
- كان ياما كان في سالف العصر والأوان , فتى يشبه ضوء الشمس , وبنت سبحان الخلاق المصور .
أغمض عيني , وأروح معها في الحكاية , وما فعله الشاطر حسن , وكيف خرج العفريت من المصباح واحيا من احيا وأمات من أماته , وانه لولا العفريت ما تزوج الشاطر حسن من ست الحسن .
أفيق على قولها :
- وتوته توته فرغت الحدوتة .
يكون العيال ناموا فأتظاهر بالنوم, ترصنا جدتي على الحصير وتنام.
أتسلل , اخذ المصباح القديم , واذهب به إلى الحجرة المظلمة , احكه كي يخرج العفريت واطلب منه يذهب بى إلى أمى عندهم , وان يرزق سنية ولدا يشبهني , ولذكية ولدا تحبه وتطعمه , ثم يذهب إلى عليه ويضمها حتى يعصر ضلوعها .........
احكه احكه , .. ولا يأتى العفريت
أقول له :
- اظهر ياعفريت ......
ولا يظهر .
- اظهر ياعفريت يا ابن الكلب ..
ثم القي المصباح على طول زراعي .
تستيقظ جدتي على صوت الضجيج , تبسمل وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم , تأخذنى في أحضانها وتطلب لي من الله الهدايةة . أقول لها :
- أريد إن يذهب بى العفريت إلى أمى تضعني في حجرها .
تسقط منها الدموع فوق رأسى فيبتل , تسقط دموعي في فمي .. أحس بطعم الملح .
يلفنا السكون .. يتهادى إلى سمعي العواء المتقطع للكلب الغريب .

ليست هناك تعليقات: