لا شك أن هناك كثيرين يعرفون قيمة المفكر الكبير دكتور شاكر عبد الحميد، ويعرفون أنه ذو قدر كبير من الإنسانية ورحابة الصدر، ولعل هذا هو ما جعل منه مثقفًا ذا طابع موسوعي ومنطق لا يعرف الزلل.. وهذا هو ما شجعني على كتابة هذا المقال رغم أنني واثق تمامًا من أن تبعات ما أكتب ليست بالحميدة، ولا يساورني أدنى قلق من أن هذه التبعات ستأتي من قبل دكتور شاكر، وإنما من تابعيه الذين ينتظرون كل ساقطة ولاقطة كي يثبتوا للوزير أنهم أتباع مخلصون، سيفعلون كل ما بوسعهم من أجل أن تمتنع الوزارة بجميع هيئاتها عن التعامل مع دار وعد ممثلة في صاحبها كاتب هذه السطور.. وغير هذا من التبعات غير المتوقعة، والتي قد تصل إلى التشويه لمجرد أني أختلف مع المفكر الكبير ووزير الثقافة الحالي دكتور شاكر عبد الحميد.
في البداية أريد أن أنوه عن تاريخ دكتور شاكر قبل توليه هذا المنصب الهام.. من المعروف أن سيادته حاصل على درجة الدكتوراه تخصص علم نفس الإبداع من جامعة القاهرة (1984)، ورغم تفوقه في مجاله فإنه لم يحصل على تقدير من الدولة يليق به، فقط جائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية 2003. والسبب ليس في أن دكتور شاكر كان مناهضًا للنظام السابق، وإنما كان هذا –ولا يزال- حال مصر مع مبدعيها.. كان هذا قبل المنصب، ولكن فور أن تقلد الدكتور شاكر منصب الوزير فاز بجائزة الشيخ زايد للفنون في دورتها السادسة عن كتابه "الفن والغرابة: مقدمه في تجليات الغريب في الفن والحياة" رغم أن الكتاب صادر عن مكتبة الأسرة ودار ميريت منذ عام 2010، ولم ينل أي جائزة حتى 2012 مما يذكرنا بما كان يحدث مع الوزير الأسبق فاروق حسني التي ارتفعت أسعار لوحاته بشكل غريب فور أن أصبح وزيرا للثقافة.
ليس هذا هو ما دعاني إلى كتابة مقالي هذا، رغم أن ما ذكرته ليس بالقليل، ولكنه لا يعتمد على وثائق تثبت أن شاكر حصل على الجائزة للتقرب منه كوزير للثقافة في بلد مثل مصر التي تجعل كل المنتفعين يتقربون من رجال الحكم فيها.
أما ما دعاني إلى كتابة مقالي هذا واقعتان لا ينبغي السكوت عليهما..
الواقعة الأولى تخص ياسر شبل رئيس الإدارة المركزية لديوان عام الوزارة ومدير مكتب فاروق حسني الوزير الأسبق والذي اتهم بإهدار المال العام داخل الوزارة. وبمجرد أن وصل الخبر إلى الدكتور شاكر أمر بتشكيل لجنة للنظر في التهمة الموجهة إليه والتي انتهت لوقف شبل عن العمل لحين انتهاء تحقيقات النيابة العامة، ولكن الغريب أن سيادة الوزير الذي شكل لجنة لوقف المذكور تراجع عن قرار الوقف عن العمل وأمر بعودة بدون أن يبدي سببًا كافيا لعودة شبل إلى العمل، مما يجعلنا نقول لأنفسنا: ما زلنا نعيش في زمن المتهم فيه بريء رغم إثبات إدانته.. ( واللي اللجنة توقفه شاكر عبدا لحميد يرجعه )
الواقعة الثانية تخص اتهام وزير الثقافة للدكتور سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون بإهدار المال العام، والذي أكد أنه مستعد لأن يحاسب على أي ورقة تظهر ضده، كما أكد على أمر خطير للغاية ويدعو للتساؤل، أكد مهران على أن جميع المخالفات الموجودة في الأكاديمية ظهرت في عهد د. شاكر عبد الحميد عندما كان نائبًا لرئيس الأكاديمية. فمن المعروف أن دكتور شاكر عمل وكيلا وعميدًا للمعهد العال للنقد الفني، وعميدًا للمعهد العالي للفنون الشعبية، ومشرفًا عامًا على مركز اللغات والترجمة بأكاديمية الفنون ثم نائبًا لرئيس أكاديمية الفنون منذ عام 2003 حتى 2005.
إذن ربما يكون كلام مهران صحيحًا، حتى وإن لم يكن صحيحًا بشكل كامل فلا بد أن هناك أمورًا خفية تستدعي التساؤل.. هل اتهام شاكر لمهران يدخل ضمن تصفية الحسابات؟ وبخاصة أن شاكر وصف مهران بأنه من الفلول؟ هل مهران من الفلول لأنه تقلد منصب رئيس أكاديمية الفنون؟ إذن بالضرورة فإن شاكر كان نائبًا للأكاديمية لأنه من الفلول أيضًا.. ألم يكن عماد أبو غازي ذا منصب كبير في وزارة الثقافة قبل الثورة، ثم بعدها صار وزيرًا للثقافة واختار شاكر أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للثقافة مما أهله أن يتقلد منصب الوزير في حكومة إنقاذ وطني؟
الجميلي أحمد