‏إظهار الرسائل ذات التسميات ادب عالمي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ادب عالمي. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، يونيو 20، 2011

دعوة لسحب جائزة إسرائيلي شبه نتنياهو بهتلر








محيط


الناصرة: توجه عضو الكنيست الإسرائيلي عتنيئيل شنلر من حزب "كاديما" المعارض مؤخرا، إلى لجنة "جائزة إسرائيل" بطلب سحب الجائزة من الأديب الإسرائيليّ ناتان زاخ، وذلك في أعقاب تصريحاته أمس الأول، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيليّة الرسميّة باللغة العبريّة "ريشيت بيت" أن رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو مثل هتلر انتخب في انتخابات ديمقراطية.


وفي حديثه مع صحيفة "هآرتس" العبريّة قال زاخ وفق صحيفة "القدس العربي" اللندنية: نتنياهو انتخب في انتخابات ديمقراطية، وهكذا هتلر أيضا، وستالين وماوتسي تونغ، وأيضا بول بوت في كمبوديا، جميعهم انتخبوا في انتخابات ديمقراطية، فهل هذا يعني أنه يجب عدم الاعتراض على قراراتهم؟ لم أتحدث عن نتنياهو، وإنما عن الجميع.


وبحسب المصدر نفسه فهذه هي العاصفة الثانية التي يثيرها زاخ في الدولة العبريّة مؤخرا، فقد أعلن لإذاعة الجيش الإسرائيليّ أنه ينوي الاشتراك في الأسطول البحري القادم لكسر الحصار عن غزة.


بعدها بوقت قصير، قال لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه لا يفهم لماذا أثارت كلماته عاصفة، أريد أن أذكر الناس بأن آرائي لم تتغير في العشرين عاما الأخيرة. عندما عدت من إنجلترا في عام 1978 أعلنت في برنامج تلفزيوني أن قدميّ أبدا لن تتخطيان الخط الأخضر، لن أذهب هناك، وأنا لا أريد أن تذهب كتبي هناك، لن أطأ أرضاً محتلة.


وقد طالبت النائبة في الكنيست ميري ريجف، عن حزب الليكود، بإزالة قصائده من المناهج التعليمية في المدارس إذا نفذ نيته بالانضمام لرحلة غزة.

الأحد، يونيو 19، 2011

عمــل جــدّي فــي بيتــزا إكســبرِس................ شعر ستيفن واتس






شعر ستيفن واتس


عمــل جــدّي فــي بيتــزا إكســبرِس


عمل جدّي في بيتزا إكسبرِس في


شارع


غريك عام 1904


غير أنها لم تكن بيتزا إكسبرِس، بل كانت


دار


مقهى كرامِري وكاروسو الإيطالي


وكان جدّي مساعد رئيس الندُل










وليس


مُستبعداً أنّ أمي قد ولِدَتْ في شارع


فينيكس


في المساكن قُبالة المسرح،


المساكن


التي كانت هناك حتّى السبعينات، إلى أن


أُزِيلَتْ وشيءٌ


آخر


حلَّ مكانها، لأنّه كان زمان تجدد


وهناك صورة لَها تَختلسُ النظَر فيما حولها


من


خلف عربة بائع الآيس كريم


كما لو أنّها تنبأت بما سيأتي






وكل أحد كانت تذهب مع


والديها


إلى الكنيسة الحمراء في ميدان سوهو


حيث سقطتْ قطعةً من إفريز الكنيسة


وأطبقَت على قلنسوة كاهن كان يمر من هنا، آه، هذا الكاهن


لن يمر من هنا بعد الآن،


وكل خميس ولسنوات بعد أن انتقلوا


إلى


خارج الكرامِري في غرب كرويدون - ذاك الذي


في المعبر مقابل المحطّة -






كل خميس سيأخذُ جدّي


ابنته،


أمي، عائداً إلى سوهو ليُحضِرَ الإشاعات،


والباستا الطازَجة والسبانخ


وسيجلسون في لوي كرامِري، هو يتكلم العاميّة


مع


رفقائه الحميمين، وهي سَحَقتْ أشياءً يابسةً في زاويةٍ بلا نوافذ


غير قادرة على الصرير.






في السنة نفسِها، أغار ستالين ولينين


عليها ليلاً


هنا في تاورهاوس في شارع فيلدغايت


لأجل الأممية الثالثة


وفوضويو شارع دين و


كليركنوِل الايطاليون


تلألأوا فيما كانوا ينتظرون تحت القمر المنَدّى،


بخناجر مُستلّة ومُشحَّمة


بثقة يأملون أنّ ما سيحصل


قد


يتبدَّل ويتجه بعيداً عن المألوف وهكذا


جيلهم قد لا يكون،


طبعاً، ما يجب عليه أن يكون، ولكن لا: لا يمكن،


لا


يمكن، ببساطة لا يمكن أن يكون!






جدّي دَهنَ السقوف في مكانٍ ما


في سوهو،


التي تلمعُ والجبال في الثلج المُشمِس،


والأرواح العذراء في صوامعها الطاووسية!






وأنا أقفُ الآن في شارع فيلدغايت


أرقُبُ


زاويةً من الصفيح تطير من سطح الأيكة


لتحطَّ عند قدميَّ غير المشدوهتين


آخذُ قطعة الصفيح الموجودة كحاجز لباب


بيتي


الخالي من الروح – نحن الذين توجَّب علينا أن نعيش


في منطقة ما متفسخّة متجددة






وفيما آكل الفلورِنتينا في شارع فريث


أتذكَّر


كل ذلك، وكل ما أستطيع قوله للنادلة التي


تسأل، «هل أرغب بمزيد من القهوة»


«في أي قرنٍ نعيش


الآن»


و«كيف وصلنا إلى ما أصبح عليه النفاق،


الحالة الطبيعية لتنفسنا؟»


«الأذَى السياسي لن يؤذينا بعد الآن»، و«ضجيج


أنّ القلب مخلبٌ ماكر»، و«أن الأماكن النائية


هي قلب عالمنا».






و«ألوان الدم هي أعلام- الحرب غير الخفاقة» و


«الحرب


ضدّ الإرهاب، هي خطأ الخوف»، و«كلُّنا


نتذبذب صوب الموت العادي»






ومن ثمّ دفعتُ واندَفعتُ خارجاً، مفلساً


في الشارع -


الطاووسي الصّاخب، مذهولاً لعلمي أنني


سألتقي بالضبط بمن كان عليّ لقاؤه.






أغنية من أجل ميكي البرِكِي ([)


ميكي الذي التقيته في شارع واتني، اعترَضني


صافراً. «كيف


حالك» قال: ـــ طبعاً، وصدقاً عنيتُ «ألديك مايكفي من


من الوقت لشرب شيءٍ ما « __ ولكن


لم يكن لديّ صبرٌ لأستفسر منه






مشينا عبْر السوق المهدَّمة، شمسٌ -


صفراء داكنة حدَّقَتْ


فوق»ساينسبوري»، فيما دخلت للحصول على فكّة.


عشرة باوند لم تكن كافية لأسرهِ


في ذلك اليوم المرير






وقفنا عند الناصية حيث وقفَ الناس


لقرون. عوالم


كثيرة مرَّت بنا.حينما كان في المستشفى


تناول أدويته، واعتُنيَ به


ولم تسُء حالتهُ






الآن بالكاد ينجو. غادرَ البيت


المأهول


في» بيثنال غرين» لمّا ازداد الصخب في الداخل. فروة رأسه


تتقشّر، ويحــتاج إلى ما يمـكن الاعتماد عليه و


لمجرفة البنّاء الصغيرة






ابن تلك المرأة في الداخل لوقتٍ طويل. ابن ذاك الرجل


مُدمن كحول.


هذا الذي يقع على عاتقها وهي الأفضل له. ولكن كيف لك


أن تعرف قصة أحدهم وأنت كل يوم تسير


دون أن تتوقف


كان «شارلي مالون» صديقاً جيداً. كذلك «جون لونغ».


الآن يرقدان في


في دار «تادمان ــــ وأول ما سيقوم به ميكي في الصباح


أنه سيذهب ليقول لهما الكلمات


التي لا يمكن الرّد عليها


إنها أفضل الكلمات، ولكن أصعب من أن تُحتمل.


يقول لي:


«دائماً ـــــ دائماً ــــ أوقفني ـــــ دائماً ـــــ اعترضني.»


فما جدوى قرون من المحادثات إذا


لم يكن هناك منْ يسمعها.






([) البرِكِي: البنّاء الذي يرصف الآجر

المصدر / موقع الف ليلة وليلة

الخميس، أبريل 21، 2011

اصدارات جديدة :--- « قمر أَم حبة أَسبيرين » للشَّاعر محمَّد حلمي الرِّيشة






صدرت مؤخرًا عن « دار فضاءات للنَّشر والتَّوزيع » في عمَّان، المجموعة الشِّعريَّة الجديدة: « قمرٌ أَم حبَّة أَسبيرين » للشَّاعر والباحث والمترجم محمَّد حلمي الرِّيشة، وقد وقعت المجموعة في (262) صفحة من القطع المتوسط. قسَّم الشَّاعر مجموعته إلى قسمين هما: « قمر لا يليق بضوئه »، و »قوارب ورقيَّة »، واحتوى القسم الأوَّل على سبعةِ نصوصٍ، في حين احتوى القسم الثَّاني على تسعة نصوص. قدَّمت الشَّاعرة والنَّاقدة د. أسماء غريب قراءةً/ مقاربةً متميَّزة للمجموعة تحت عنوان: « قمر الفرجار وقواربه »، وقد ثُبِّت النَّاشر على الغلاف الخلفيِّ أواخر تلكَ القراءة التي جاء فيها: « لكن الأهم من هذا كلّه، هو أنه على عكس ما قد يبدو للقارئ في كون الحضور الأنثوي هو قرين الموت، والشبقية، والعتمة، عبر استحضار وجوهٍ نسائية، لم يُروّج التاريخ من صورتهن إلا هذا الجانب المادي, فإن الشّاعر كان أذكى من أن يسقط في مثل هذا الفخ؛ فامرأته الحاضرة في الديوان هي شقيقة القصيدة والحياة, بل هي القصيدة والحياة ذاتها، وهي النور بعد الظلام. هي حاملة سرّ الهمس والبوح, وهي ثراء الحرف, الحافظة لثمرة التجربة والخبرة الأبجدية. هي الحضور الشعلة الذي يقود كل من اكتوى بنار الإبداع نحو الغنى الحقيقي والمعنى الأصلي لكل الأشياء؛ المعنى الذي يحوّل برودة القمر وشحوبه إلى جزيرة من الوهج الذي يفيض حبرًا فوق الورق، ويصيره إلى قوارب تبحر في اتجاه الغيث والمطر. المرأة، إذًا، هي القوة الكامنة في الفراغ, وهي كينونة كل فضاء فسيح بين قطبين, وهي الذات التي تملك قوة تحويل الممكن إلى حقيقة تشعّ وسط عالم من الفوضى والخراب. إنها في النهاية بلا انتهاء فراشة الاستيقاظ الفجري نحو النصر والعزة، بعد سفر شاقّ تجاه النور. إنها الفراشة التي تخرج من شرنقتها كي تتحرر من شبقيتها ولعابها في اتجاه يوم جديد كامل ومكتمل تتحد فيه مع شجرة النبوة والحكمة والملك والشعر الأبدي! » وقد كان النَّاقد د. محمد عبد الله القواسمة قد قرأ موضوعة « الهويَّة » في هذه المجموعة، وهي مخطوطةٌ وقبل صدورها، خلال ندوة عقدتها دار النَّشر، حيث قال: « تتحدّد الهويّة الجمعيّة من خلال التشبث بالأرض، فهي بمنزلة الأم للشاعر، تلك الأم التي نهل من حليبها، إنّه يتمنّى أن يتحقق تحريرها ولو في نهاية العمر. وإذ يدرك الشاعر هول ما تتعرض له هويّته، فإنّه لن يتنازل عن أرضه فهي جوهر هويّته، سيظل صامدًا عليها (…)، ويتنبّه الشاعر إلى ما يتهدد هويته من أخطار، فيرى أن ما تحقق على صعيد القضية الفلسطينية منذ أوسلو حتى الآن يعادل ما يحققه قرص أسبيرين لمريض في القلب، إنّه يظل مهدّداً بالخطر في أي لحظة (…). يلاحظ أن الشاعر محمد حلمي الريشة يتبنّى الهويّة الجمعيّة من خلال إبراز هويته الخاصة التي تندغم بهوية أبناء جلدته، ويعبّر عنها من خلال استخدام الرموز الواضحة، والصور الجزئية المبتكرة، واستخدام ضمير المتكلم الذي يعني ضمير نحن أيضاً. إنه يتوق إلى الخلاص، ويتمنّى أن تتحقق الحرية لوطنه تلك الحرية التي يبحث عنها في ليل الاحتلال البغيض. » يذكر هنا أَن هذه المجموعة الشِّعريَّة الجديدة، هي المجموعة الرابعة عشرة للشاعر، إضافةً إلى أعماله الأدبية الأخرى في البحث والترجمة. الدائرة الإعلامية دار فضاءات للنشر والتوزيع عمّان – الأردن مدير دار فضاءات الشاعر: جهاد أبو حشيش شارع السلط – مقابل مبنى سينما زهران dar_fadaat@yahoo.com تلفاكس: 0096264650885 جوال: 00962777911431




نقلا عن مجلة كتاب الانترنت المغاربة

الاثنين، أبريل 04، 2011

آخر مسرحية أخرجها عُرضت أمس في رام الله ....مقتل فنان مسرحي إسرائيلي بمخيم جنين شمال الضفة الغربية رمياً بالرصاص



 العربية نت
رام الله – نظير طه

أدان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، مساء الاثنين 4-4-2011، بشدة جريمة قتل المخرج جوليانو خميس الذي لقي مصرعه، الاثنين، أثناء خروجه من عمله في مسرح الحرية بمخيم جنين شمال الضفة الغربية، كما أصيبت فلسطينية تعمل مربيةً لطفل خميس في عملية إطلاق النار التي نفذها مجهولون في المخيم.

وخميس من مواليد مدينة الناصرة عام 1958، وكان والده صليبا خميس القيادي الكبير في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وأمه آرنا مير وهي يهودية ناضلت طيلة حياتها من أجل القضية الفلسطينية، وعاشت في السنوات الأخيرة في جنين.

وذكرت مصادر أمنية وشهود عيان أن خميس لقي مصرعه بعد أن أطلق مجهولون النار عليه قرب مدرسة الوكالة في مخيم جنين.

وأشارت تلك المصادر إلى أن إطلاق النار أسفر أيضاً عن إصابة سيدة تواجدت في المكان عند إطلاق النار، ولفتت إلى أن الجهات المختصة في الشرطة باشرت فوراً بفتح تحقيق لمعرفة أسباب الحادث والكشف عن الجناة.

من جهته، قال محافظ جنين، قدورة موسى، إنه "تم تشكيل لجنة تحقيق من كافة الأجهزة الأمنية للكشف عن ملابسات الجريمة".

وجرى تسليم جثة القتيل إلى الجانب الإسرائيلي على معبر الجلمة شمال جنين.

يُشار إلى أن خميس يعيش في مخيم جنين منذ سنوات طويلة، وهو من مؤسسي مسرح الحرية، وقام بإخراج فيلم عن أمه بعنوان "أولاد آرنا"، وحصل على العديد من الجوائز العالمية، وقدم العديد من العروض المسرحية في مسارح البلاد والخارج، وشارك في بطولة عدة أفلام سينمائية محلية وعربية وعالمية، وأخرج أخيراً مسرحية "العذراء والموت" على مسرح الميدان في حيفا.

وآخر مسرحية أخرجها خميس كانت مسرحية "الكراسي" التي عُرضت بالأمس في افتتاح مهرجان أيام المنارة المسرحية في رام الله.

القصة والرواية في ليبيا .... مجلة بانيبال 40










صدر العدد الجديد (رقم 40 ربيع 2011) من مجلة "بانيبال" التي تعنى بترجمة الادب العربي الحديث الى الانكليزية. وقد خصصت المجلة ملفها الرئيسي عن الرواية والقصة القصيرة في ليبيا. تفتتح المجلة ملفها بمقالتين الاولى عن "القصة القصيرة في ليبيا" كتبها عمر أبو القاسم الككلي، والثانية عن الرواية في ليبيا كتبها ابراهيم حميدان.

وتضمن الملف القصص التالية: "الحياة العجيبة القصيرة للكلب رمضان" عمر الكدي (ترجمة روبن موجر). "البشكليطة" عزة كامل المقهور (ترجمة جون بيت). "استاكوزا" أحمد ابراهيم الفقيه (ترجمة مايا تابت). "حلم وردي" غازي القلاوي (ترجمة غنوة حايك). "قصتان" عمر أبو القاسم الككلي (ترجمة إليوت كولا). "صائدة الأفاعي" محمد العريشية (ترجمة غنوة حايك). "كان يحمل سبحة" محمد العنيزي (ترجمة علي أزرياح). "خمس حكايات قصيرة" رضوان بوشويشة (ترجمة جون بيت). "حكايات من البر الانكليزي" جمعة بوكليب (ترجمة صوفيا فاسالو). "فخامة الفراغ" نجوى بنشتوان (ترجمة سونيلا موبايي).

وفي الرواية احتوى الملف على النصوص التالية: فصلان من روايةAnatomy of the Disapperance" هشام مطر الذي يكتب بالانكليزية. "للجوع وجوه أخرى" وفاء البوعيسى (ترجمة روبن موجر). فصل من رواية "ماما بيتزا" محمد المصراتي (ترجمة ليري برايز). "نساء الريح" رزان نعيم مغربي (ترجمة وليم هيتشينز). "حلق الريح" صالح السنوسي (ترجمة وليم هيتشينز). "الواو الصغرى" ابراهيم الكوني (ترجمة وليم هيتشينز). بالاضافة الى مقالة كتبها اليوت كولا بعنوان "ترجمة ابراهيم الكوني". ومراجعة قصيرة لرواية "الدمية" كتبها بيتر كلارك.

بوعبعاب محمد الاصفر (ترجمة علي أزرياح)،

وفي قسم مراجعات الكتاب كتب أندريه نفيس ساحلي عن روايتين، "سر الخطاط" للكاتب السوري رفيق شامي التي صدرت عن دار أرابيا بوكس في لندن، و"الاقنعة البيضاء" لالياس خوري التي صدرت عن دار أرتشبيلاغو في نيويورك. وكتبت سوزانا طربوش عن رواية محمد برادة "مثل صيف لن يتكرر" الصادرة عن مطبوعات الجامعة الاميركية في القاهرة. وكتب جيمس دالغيش عن رواية الياس خوري "يالو". نربرت هيرشورن كتب عن رواية الكاتبة العراقية عالية ممدوح "المحبوبات" الصادرة عن دار أرابيا بوكس، لندن.

وكتب الروائي المغربي عبد الكريم الجويطي مقالة عن رحيل الكاتب المغربي ادمون عمران المليح.

حوار العدد، خصصته المجلة للكاتبة اللبنانية علوية صبح، اذ قامت المجلة بترجمة المقابلة الطويلة التي اجراها عقل العويط مع صبح، التي كانت قد نشرت في ملحق النهار الثقافي.

موقع كيكا


الاثنين، ديسمبر 06، 2010

نجم والي يكتب :- غارسيا ماركيز الثمانيني يعود إلى الخطابة ثانية



نجم والي

كان غابريل غارسيا ماركيز في السابعة عشرة حين ألقى خطبته الأولى، أما خطبته الأخيرة فكانت قبل فترة قريبة، عندما أكمل للتو 80 عاماً. الخطاب الأول الذي كان موضوعه الصداقة ألقاه عام 1944 في ثانوية البنين في مدينة زيباكيرا الكولومبية، حيث أنهى للتو دراسة البكالوريا، أما الخطاب الأخير الذي ألقاه ففي الحفل الخاص في قصر المؤتمرات بكولومبيا وذلك في إطار المؤتمر الرابع للغة القشتالتية (الكاستيانية) الذي كان مناسبة أيضاً لإطلاق طبعة خاصة من رواية ماركيز «مائة عام من العزلة» بمليون نسخة. في الخطاب الأول كان حاضراً نفر من زملائه الطلاب الذين سيصبح بعضهم مشهوراً (وإن ليس بشهرة ماركيز)، أما في الثاني فحضر 1500 مدعو من الشخصيات المهمة في العالم، حرسهم في خارج القاعة 2300 شرطي. من بين الحاضرين كان ملك اسبانيا خوان كارلوس وزوجته، بيل كلينتون ورئيس كولومبيا السابق ألفرو أوريبه.
« لم آت لكي ألقي عليكم خطبة«، قال ماركيز لزملائه في مناسبة خطابه الأول في تلك السنة التي أصبحت غابرة الآن، بنبرة ساخرة لم تخلُ من نزق المراهق الذي كانه، الجملة هذه وليس غيرها هي التي اختارها صاحب النوبل لكي تكون عنوان كتاب يحوي اثنين وعشرين خطبة ومحاضرات نزلت للأسواق في مدريد قبل ثلاثة أسابيع.
من كلمته المشهورة بمناسبة تسلمه جائزة نوبل عام 1982 في استوكهولم إلى الإشكالية التي دعا فيها إلى تقاعد اللغة القشتالتية في زاكاتيساس في المكسيك عام 1997، يحوي الكتاب على مختارات متنوعة لشغف صاحب «الحب في زمن الكوليرا» في مختلف المجالات التي كتب عنها، وهي عديدة، تبدأ بالسينما وتمر بالسياسة والصداقة، وتنتهي بأميركا اللاتينية وطبعاً بالأدب. أغلب مداخلاته الأولى، كما هي في مداخلة له عام 1972 في فينزويلا بمناسبة تسلمه جائزة رومولو غايغوس، تبدأ بالاعتراف بشيء غير قابل للتعويض، وإن ظن البعض العكس، وهو يعني «تسلم جائزة وإلقاء خطبة«.
«وظيفة الكاتب هي الوظيفة الوحيدة التي تبدأ صعوبتها عند ممارستها»، هذا ما قاله ماركيز في كاراكاس عام 1970، عندما كان «سعيداً وغير مشهور«، في مؤتمر عقد تحت عنوان «كيف بدأت الكتابة». في تلك المناسبة تحدث ماركيز عن قصته الأولى، كيف أنه كتبها وكان هدفه أن تكون في النهاية رداً على صحافي كولومبي صرح بأن القصاصين الشباب في كولومبيا ليس عندهم ما يقولونه. الكلمة تلك، كما صرح للصحافيين يوري كريستوف بيرا، المسؤول عن تحرير كتاب ماركيز الجديد، أنقذتها مارغريتا ماركيز ابنة عم الكاتب من النسيان، من «أرشيف» العائلة: «عندما قرأ غابو النص، قال هذا ما كتبته أنا بالضبط، أنا متأكد».
بعد أربعين عاماً من ذلك التاريخ، وأمام جمع من الشخصيات المهمة في مدينة قرطاجة الهنديات، ألقى غارسيا ماركيز أمام الحضور بتلك الفرضية التي لا تخلو من الطرافة: «إذا عاش 50 مليوناً من قراء «مائة عام من العزلة« سوية، فإنهم سيشكلون تعداد أحد بلدان العالم الكثيفة السكان«، وذلك «ليس له علاقة بالتفاخر» بقدر ما له علاقة بالإحصائيات.
في خطابه بمناسبة تسلمه للنوبل لم ينس غارسيا ماركيز التذكير بأستاذه الذي تعلم الكتابة منه، الأميركي وليم فوكنر، بابلو نيرودا وتوماس مان. ثلاثتهم حصلوا على النوبل مثله، لكن كلماتهم كانت سياسية بالقدر نفسه كانت فيه أدبية، «لأن الأصالة التي تستسلم لنا في الأدب، ومن دون تحفظ، تمتنع عنا وبكل أنواع سوء الظن في محاولتنا الصعبة للتحول الاجتماعي؟».
أما الجملة التي قرأناها مرة على لسان سيمون بوليفار في رواية ماركيز «الجنرال في متاهته»والتي تقول «نحن جنس بشري صغير»، فنعثر عليها هذه المرة في جميع خطابات ومداخلات غارسيا ماركيز عند الحديث عن أميركا اللاتينية، رغم إنه غالباً ما يلحق بها جملة أخرى تقول، بأن الجنس البشري الصغير هذا هو «أول إنتاج عالمي للمخيلة الإنسانية المبدعة»، و«لاندماج السينما والأدب» أيضاً. قلقه المتعلق بقارته مبثوث في كل سطر من مداخلاته تلك، سواء في حديثه عن الديكتاتوريات أو عن تجارة المخدرات، بل إننا نعثر عليه حتى في حديثه عن البيئة. أما التربية العامة فهي بالنسبة له سلاح فعال ضد التهميش الاجتماعي: «الفقر والظلم لم يتركا لنا وقتاً طويلاً لنتعلم دروس الماضي ولا التفكير بالمستقبل».
في جواب قديم للصحافة على سؤال «لماذا تكتب»، قال ماركيز أنه يكتب «لكي يفرح الأصدقاء». أحد هؤلاء الأصدقاء الحميمين لماركيز هو الكاتب الكولومبي المشهور (وإن ليس بشهرة ماركيز) الفارو ماتيس والذي يكتب عنه ماركيز في الكتاب أيضاً: «الفارو ماتيس وأنا عقدنا معاهدة ألا نتحدث للرأي العام أحدنا عن الآخر، لا بالمديح ولا بالذم. كان ذلك القرار مثل تطعيم طبي ضد المديح المبالغ عندنا نحن الاثنين«. في عام 1993 ، وفي عيد ميلاده السبعين، كسر الفارو ماتيس وصديقه المعاهدة تلك. حسب ماركيز كسر صاحب «ماركول» المعاهدة قبله، لماذا؟ الجواب لا يخلو من طرافة، لأنه» لم يعجبه الحلاق الذي اقترحته عليه». ثم يروي ماركيز رحلة ماتيس معه للسويد وحضوره حفل تسلمه الجائزة، وبنفس الروح الساخرة التي دمغت علاقاته مع الأصدقاء، يكتب ماركيز عن الفارو الذي صحيح إنه «لم يجد رقصة البوليرو» في ليلة حفل النوبل في استوكهولم، إلا أنّ ماركيز مدين له، لأنه أعاره كتاب «بيدرو بارامو» الذي علمه الكتابة عن عالم مختلف.
في رثاء لاحق للكاتب الأرجنتيني خوليو كورتازار تحدث صاحب «العيش من أجل الروي»، كيف أن «الإنسان الأكثر إثارة للانطباع« الذي تعرف عليه في حياته هو خوليو كورتازار، وحسب ما قال كريستوبيل بيرا، إن النص هذا هو أحد النصوص المفضلة عند ماركيز، «كل مرة عندما يقرأه من جديد تنتابه مشاعر جياشة».
خطاب آخر مفضل عند الكاتب هو «من أجل ما يلزم أن يكون عابراً»، خطاب في الحقيقة لم يخلُ من الاستفزاز ألقاه ماركيز في زاكاتيكاس أمام حشد كبير من الأكاديميين المختصين باللغة القشتالتية: «لنحيل الأبجدية اللغوية للتقاعد، رعب الجنس البشري منذ المهد... «. خوزيه أنتونيو باسكوال نائب مدير الأكاديمية الملكية الأسبانية ما يزال يضحك كلما تذكر الكلمة الاستفزازية تلك التي هدر بها صوت ماركيز وهو يشنع بالنحو والقواعد. بالنسبة له الموضوع يدخل في باب الطرافة أكثر من النظر إليه بصفته خطاباً مضاداً لكل ما هو أكاديمي، «في الحقيقة كان ذلك بياناً أكاديمياً للدفاع»، كما يقول باسكوال،»لم يثر عندي الفضيحة». بالنسبة له حصل ذلك في تاريخ اللغة القشتالتية أكثر من مرة،»منذ روبين داريو على الأقل، إنه تقليد قديم«. باسكوال الذي عمل أيضاً على تنقيح وتصحيح النسخة الجديدة من مائة عام من العزلة يؤكد كيف أن غارسيا ماركيز مر على بروفات الرواية وعلى عكس ما ادعاه في خطابه، «كان حريصاً على خلوها من الأخطاء كما هي القواعد».
المهم أن المسؤول عن كتابه الجديد، «لم آت لإلقاء خطاب» الأسباني كريستوبيل بيسكوا يؤكد بأن ماركيز ترك خطاباته ومحاضراته كما هي، كما كانت عليه في وقت كتابتها. حتى كلمته التي كتبها وعمره 17 عاماً لم يغيرها، بل حتى الفواصل والنقاط بقيت على حالها.
والآن ماذا بعد؟ ماذا يعمل الكاتب؟ يُقال إنه يعمل على رواية اسمها «سنرى بعضنا في شهر آب»، والتي لا يُعرف موعد صدورها، وحسب ما قاله ماركيز نفسه للأصدقاء، بأن هناك شخصية في الرواية ما تزال غير مقنعة، وهذا ما يجعله يتردد في نشر الرواية. لا نعرف إذا كانت تلك هي طرفة أخرى لماركيز

موقع / الف ليلة وليلة

الجمعة، نوفمبر 26، 2010

قصص روسية مترجمة في ملف القصة بموقع ألف ليلة ولية


قصص مترجمة لعشرين كاتبةً وكاتباً من الروسيا الجديدة


سيرغي كرافجينكو -
ثـــلاثــــة كــــونـــتـــــــــات
. أضجرت النساء الكونت العجوز ليف نيكولاييفيتش تولستوي حتى فرّ هارباً من البيت. لكن كونتين آخرين – أندره وبيار- كان سبق لهما أنّ حذّراه من مخالطة هاته النسوة كثيراً قبل أن ينجز مهمته الرئيسية في الحياة.


لكن ليف العجوز لم يقرأ هذه التحذيرات. من حيث الكتابة، كتب، لكنه لم يعزم على القراءة بعينه السليمة. لم يكن قادراً على القبول بمجاملات من قبيل Excusez moi و mademoiselle أن تكون دليله إلى فكرته الخاصة...
فلنقرأ بدلاً من الكونت. ولنستفد من حكمة الشيخ العظيمة، على رغم أنّ هذا لم يعد يفيده في شيء.
الطبيعة والروح تعارضتا.
اختلقت الروح كمّاً هائلاً من التبريرات المناقضة لطبيعتها.
الطبيعة تنتقم من الروح، لقاء ذلك، عبر إذلالات قاسية متواصلة.
التقى سيدان مهذبان، في سنّ الزواج، في مساء ربيع رائع، على محدّب جسر آنيجكوف. استأجرا حوذيّاً وتوجها إلى الجزر عبر شارع نيفسكي. لم يكونا على عجلة من أمرهما، والفرس، عارفةً بذلك، راحت تخطو بتمهّل. وكان الحوذيّ يحلم بقريته.
أحد السيدين، وهو شخص بدين طيب القلب، يلقّب نفسه بالاسم الأجنبي بيار، كان يتذمّر بغنج من سوء فهم غريب نشأ بينه وبين قاطنات صالونات العاصمة الرائعات. كان رفيقه أكثر منه شباباً بعض الشيء، ويتمتع بمظهر نبيل مبالغ فيه بعض الشيء، وكان اسمه اندره. كان أندره صامتاً كصنم؛ وكان يهزّ رأسه فحسب على وقع خطى الفرس بحيث كان في الإمكان الظنّ بأنه شخص جامد، أو الاشتباه بأنه يدخّن الممنوعات، لولا أنّ هذ الشاب كان معروفاً بشكل مؤكّد بأنه أمير ومن فرسان البلاط.
- لعلّ هذا يحدث لي يا صديقي، أصرّ البدين، لأنّ أخلاقي قد أفسدتها العادة الباريسية المتمثّلة في الانخراط في الحديث مباشرةً من دون القيام ببعض المقدمات الإيحائية؟
- هكذا إذاً!، وافق الحوذيّ مقاطعاً، وهو ينعش الفرس بضربة خفيفة بسوطه.
تحدّث البدين كثيراً وبسرعة مُطَعِّماً لغته الفرنسية المكسّرة بلغة روسية أكثر خراقة، وفجأةً، حين ارتجّ الحنطور أثناء عبوره الجسر من إحدى ضفتي نهر نيفا إلى الضفة الأخرى، عاد الأمير إلى الحياة، وبدأ الكلام بلغة قائد عسكريّ قاس:
- لا تتزوج أبداً، أبداً، يا صديقي، هذه نصيحتي إليك، لا تتزوج إلى أن تقول لنفسك إنك قد فعلت كلّ ما كان في استطاعتك، وإلى أن تكفّ عن حبّ المرأة التي اخترتها، بحيث تراها بوضوح، وإلا فستخطئ خطأً غير قابل للإصلاح. تزوّج فقط حين تغدو شخصاً هرماً لا نفع فيه... وإلا فسيضيع كل ما هو جيد وسامٍ فيك. سيُهدَر كلّه على توافه الأمور...
كان الأمير، طوال هذا المونولوغ، ينظر إلى سماء بطرسبورغ الرمادية تارةً، وإلى مؤخرة الفرس تارةً أخرى. يبدو أن تأليه الجنس اللطيف كان يقاوم بقسوة، في أعماق الأمير، حقيقة الوجود الفيزيولوجية...
قُطِع السير الرتيب للحنطور، وقُطِعت الوصايا العسكرية، عند الجسر الخشبي المؤدّي من الضفة اليمنى لنهر نيفا إلى جزيرة زاياجي. في هذا المكان المخيف، عند أساسات قلعة بطرس وبولس، كانت مجموعة من الضباط السكارى في حالة من الهيجان المرح.
- قف وإلا سأطلق النار!، صرخ، وهو يركض نحو قوائم الفرس المذهولة، عسكريّ من الخيّالة، ضئيل الحجم، مهلهل الثياب، بيده سيف من سيوف الفرسان الضخمة، بوقاحة، على رغم أنه لم تكن هناك مؤشرات الى وجود سلاح ناري في يده.
- آ!، إنه الملازم بيساييف، محبوب فوجنا، قال الأمير مُطَمْئِناً، هو ملازم جيد لكنه ثمل بالتأكيد...
حُمل الملازم إلى العربة من دون مقاومة، وبدأ يحاول، بعجالة وإخفاق، إصابة السكاكين بنصل السيف؛ فيده، التي كانت في قفاز أبيض قذر، كانت تمسك بالمقبض الضخم بخراقة، لكن هذا لم يزعج قطّ في المناسبة، حديث الأمير الذلق المنتظم الانسياب:
- نعم، نعم، نعم! لا تنظر إليَّ بهذا الاندهاش. لا يُعقل أن تتوقع أن تحقق شيئاً في المستقبل؛ ففي كل خطوة ستشعر أنّ كلّ شيء منتهٍ بالنسبة إليك؛ كل شيء مغلق باستثناء غرفة الضيوف التي ستقف فيها إلى جوار فرّاش البلاط وأبله... ماذا تعتقد؟
- في هذه النقطة بالذات أنت مخطئ قطعاً يا عزيزي، قاطع المونولوغ شخص مزعج يرتدي صديرية ناتئة من تحت سترته وقبعة غريبة الشكل تخفي صلعةً كبيرةً بوضوح: المرأة ليست وحدة قياس الكينونة! المرأة، في نهاية المطاف، هي أداة العصر والعلاقات الطبقية الملائمة لهذا العصر!
التفت بيار مصعوقاً إلى هذا الشخص الذي فقط الشيطان يعرف كيف ظهر في العربة. بيساييف، الذي أنهى أخيراً تدريباته بالسيف، بدأ يحاول، محاولات غير موفقة، لرسم علامة الصليب... صعّر الأمير خدّه بنفور، ومن دون أن يتيح المجال للواعظ المتفلسف بالردّ، واصل كلامه:
- زوجتي امرأة رائعة. هي من تلك النساء النادرات اللواتي يمكن المرء معهنّ أن يكون مطمئناً على شرفه، لكني، يا إلهي، سأبذل الغالي والنفيس على ألاّ أكون متزوجاً الآن! أنت الشخص الأول والوحيد الذي أقول له هذا الكلام، وهذا لأني أحبك.
يبدو أن بيساييف والأصلع والحوذي لا يُحسَبون عند الأمير.
- أنت لا تفهم لماذا أقول هذا الكلام. إنها حكاية حياة كاملة... أنت تتحدث عن بونابرت، وعن ترقّيه السريع في المناصب، لكنّ بونابرت، حين كان يعمل، كان يتوجّه نحو هدفه خطوة تلو الأخرى، كان حراً، ولم يكن هناك ما يشغله، فكان يبلغ غايته. لكن اربط نفسك إلى امرأة، فستفقد حريتك كمسحور مقيّد. وكل ما فيك من أمل وقوة، كل ذلك سيثقل عليك، وسيمضّ بك الندم... لو أنك عرفت فحسب ماذا يعني toutes les femmes distinguées والنساء بشكل عام! أبي محقّ. الأنانية، التكبّر، الغباء، والخسّة في كلّ شيء، هكذا هنّ النساء عندما يظهرن على حقيقتهنّ. تنظر إليهنّ في الضوء وتعتقد أنّ فيهنّ شيئاً ما، لكن لا شيء، لا شيء، لا شيء! أجل، لا تتزوج يا روحي، لا تتزوج.
أنهى الأمير كلامه.
- متى جئتُ على ذكر نابوليون؟، فكّر بيار مغتمّاً...
- يا أيها السافل! سيتذكر الشعب تآمرك هذا ضد النساء الكادحات، همس الفيلسوف الأصلع لنفسه...
- mon amour madame Belliac…،- بدأ بيساييف بالغناء دونما تكلّف، لكنه تلعثّم باحثاً، من دون جدوى، عن قافية روسية للكنية الفرنسية المريبة.
- لا يمكن نزع الملابس على الإطلاق، أرادت الفرس أن تقول لكنها شعرت بالخجل. هكذا إذاً. أنتم الكونتات يمكنكم ألاّ تتزوجوا حتى، ولكن ماذا عنّا نحن؟! فكّرت الفرس بكآبة ناظرةً إلى شمس بطرسبورغ الساطعة وهي تغوص في مصبّ نهر نيفا المتلاطم.
بذلت الفرس جهدها وعادت بالأشخاص الخمسة إلى الخفاف والفطائر والأرائك المنزلية، إلى الأحاديث المنزلية الخاملة حول فوائد الزواج وأضراره.
وواصل الحوذيّ، بقوة مضاعفة، الحلم بالقرية... ¶
يوري كوفال -
إبـــريــــق الـــشــــــــــاي
إبريق الشاي لا يحبّني. إنه يلاحقني طوال اليوم من ركنه، بعينه النحاسية الكامدة.
في الصباح، حين أضعه على السخّان الكهربائي يغلي ويحتدّ غضباً أو يبصق البخار والماء المغليّ من الفرح. وحين يبدأ بالرقص والقرقعة أطفئ السخّان، أضيف الشاي، وينتهي الأمر نهاية سعيدة.
يأتي بيتروفيتش. يستند بكتفه إلى الخزانة. ثم يقول:
- الأجرة!
تبقى هذه الكلمة المزعجة معلَّقةً في الهواء بين الإبريق وبيني وبين بيتروفيتش.
ردّ فعل الإبريق ليس مفهوماً لي. هل تعجبه هذه الكلمة أم لا؟ إلى جانب من هو: إلى جانبي أم إلى جانب بيتروفيتش؟
- لم تدفع منذ مدة طويلة، يقول بيتروفيتش.
يقذفني الإبريق بنظرةٍ باردة ويتنحّى جانباً. إذا لم يكن إلى جانب بيتروفيتش فهو ليس إلى جانبي أيضاً. لا تقلقه الكلمة المعلَّقة في الهواء. مشكلاتي لا تهمّه؛ فهو حتى من دوني سيعيش.
- متى تدفع؟، يسأل بيتروفيتش. فأشرح له:
- إِفهم. إبريق الشاي لا يحبّني.
- مَنْ؟ الذي جاء البارحة؟ ما لكما كنتما تصرخان هكذا؟
- إبريق الشاي يا بيتروفيتش، هذا الذي هنا، هذا النحاسيّ الأصفر.
- وأنا أفكّر، ما لهما يصرخان؟ ربما ظهر المال. فكّرت: سأذهب إليه لطلب المال، فقد حان وقت دفع أجرة الشقّة.
- علاقتنا غريبة ومتوتّرة جداً، رحت أشكو، إنه يراقبني دائماً، ويطلب أن أتركه يغلي من دون توقّف، ولا يمكنني ذلك. إِفهم! لديَّ أعمال أخرى.
يقول بيتروفيتش مندهشاً وهو ينظر إلى الطاولة التي لم تُنظَّف منذ البارحة:
- وما زال هناك سجق، ظللتما تصرخان حتى الساعة الثانية. فكّرت: أخشى أن يذبحا أحدهما الآخر.
أُشعل السخّان الكهربائي، فيبدأ الإبريق بالغنغنة فوراً. أقول لبيتروفيتش:
- هل تسمع؟ هل تسمع؟ انتظر، هذا ليس كل شيء.
لكنّ بيتروفيتش لا يسمعني. إنه يصغي إلى صوته الداخلي، وصوته الداخلي يقول: "أسمع ماذا؟ لقد سئمت! ادفع أو ارحل!"
لسببٍ ما يصمت الإبريق، يكفّ عن الغنغنة، يطأطئ رأسه ببلادة حَرِناً، ويتنصّت على حديثنا.
أنا أستأجر من بيتروفيتش زاويةً فيها زوايا عديدة: الزاوية حيث أنا، والزاوية حيث علب الألوان، والزاوية حيث إبريق الشاي، والزاوية حيث الخزانة، وحيث يقف بيتروفيتش الآن مع صوته الداخلي الذي يصبح خارجياً بسهولة:
- من أجل السجق، هناك مال! سجق، خبز، خدمة ممتازة، يصرخون حتى الساعة الرابعة صباحاً! ويؤخّرون عليك الأجرة الواجبة!
لماذا الإبريق صامت؟ إنه يتظاهر بأنه لم يسمع يوماً بالغليان. أُوضِّح لبيتروفيتش:
- إنه صامت. إنه يصمت عامداً، يحبس أنفاسه. وسيبقى صامتاً لفترة طويلة، هكذا هو طبعه.
يقول بيتروفيتش مُلمِّحاً:
- وإلا فسنفعل كما فعلنا في المرة السابقة.
يا لقدرة إبريقي على ضبط النفس! لقد توهّج السخّان الكهربائي وهو لا يغلي قصداً. إنه يعضّ على أسنانه، يتحمّل، ويصغي. لا يَفلت من أنفه خيط بخار واحد، لا تنسلّ من تحت غطائه همسة أو "بقبقة" واحدة.
ما صُنِع في المرة السابقة كان سيئاً جداً. بسبب عدم دفعي الأجرة لثلاثة أشهر حمل بيتروفيتش لوحاتي الزيتية ورسوماتي إلى الفِناء، بنى منها كوخاً وأحرقها. قيل لي إنّ اللوحات الزيتية لم تحترق جيداً، وخصوصاً لوحة طبيعة صامتة تُصوِّر إبريق شاي كنتُ قد ثبّتُّ ألوانها بالرمل ومسحوق القرميد، فطرحها بيتروفيتش جانباً حتى لا تعوق احتراق الورق. ناقماً ومذروراً بالرماد رحتُ أتسكّع في المدينة على غير هدى لا أعرف ماذا أفعل. كان هناك مخرج واحد: قتل بيتروفيتش.
يقول بيتروفيتش:
- إسمع، ما له إبريقك؟ لماذا لا يغلي؟
أعصاب الإبريق مشدودة إلى أقصى حدودها، ينزّ من أنفه صوتٌ دقيق كلسعة زنبور. أتحرّك مبتعداً. أعلم أنّ الأفضل عدم مشاكسة إبريقي فهو لا يعرف حدوداً يقف عندها: قد يُلقي أيّ "نكتة".
يقول بيتروفيتش وهو يدنو من الإبريق:
- أم أنّ السخّان الكهربائي قد احترق؟
أصرخ به:
- حذارِ، احترس!
يسحب بيتروفيتش يده لكنّ الوقت كان قد فات.
يطير غطاء الإبريق. تندفع قطع البخار الساخن والماء المغلي طائرةً نحو بيتروفيتش. يولول بيتروفيتش مَعميّاً ويسقط على أرض المطبخ. يضع رأسه تحت صنبور الماء.
الإبريق يلهو، يبصق في جميع الاتجاهات، يتراقص، يتقافز ويهتف منتصراً.
يجب، طبعاً، إطفاء السخّان، والجلوس والتفكير كيف أعيش لاحقاً. كيف أعيش لاحقاً؟ لا أدري، أما الإبريق، حسناً، فليظلّ يغلي الآن ¶
أركادي كايدانوف
Tombe la neige…
يدحض حلول رأس السنة الجديدة الفلسفة القائلة بالحركة الحلزونية للحياة، هذه الفلسفة تُدحض بصورة عادية وبشكل دامغ.
عند حلول رأس السنة الجديدة يكمل كل شيء دورته ويعود إلى نقطة البداية، ويدور دوران أسطوانة موسيقية قديمة لأنّ الثلج يهطل، يهطل، يهطل...
حتى إذا لم يكن الثلج يهطل الآن، فإنه، في الأحوال كلّها، يهطل في ذاكرة سنوات الصفاء حين لم يكن التقويم هو الذي ينبئ عن قدوم الشتاء بل المنظر خارج النافذة.
Tombe la neige…
الثلج يهطل...
إبرة حاكٍ من طراز "يوبيلييني" تحصي، متعثرة الخطى، الأخاديد في "مينون" [رقصة باليه روسية] رديء النوعية، مسجّل على صفحات مجلة "كروغوزور".
لكنك لا تعلم بعد أنّ هذا اللحن سوف يبقى إلى الأبد، طوال حياتك، في كلّ ليلة من ليالي رأس السنة.
وهذا البلجيكي، بتسريحة شعره الملساء المائلة و"الفراشة" البورجوازية في رقبته الرفعية، هو أيضاً سيبقى إلى الأبد.
كيف أمكنه ذلك؟
كيف نجح في ذلك؟
فهو لا يقول سوى: "الثلج يهطل. لن تأتي اليوم مساءً. الثلج يهطل. لن نرى بعضنا. أعرف أنّ..."
وإن كان يغنّي بالفرنسية.
وإن كان يغنّي ببحّةٍ خفيفة ويلثغ بالراء.
ما المميّز في ذلك؟
أيّ ساحرةٍ خرافية لوّحت بعصاها السحرية فوق رأسه حين قام بتسجيل هذه الأغنية في ستوديو مغمور في باريس؟
Tombe la neige…
وكم هو لذيذٌ الشجن عندما لا تكون هناك أسباب للشجن...
وكم هو لذيذ الحزن على الحب الضائع ما إن تحزر أنه موجود؛ أنه موجود في مكانٍ ما؛ وأنه سيحدث حتماً...
Tombe la neige…
وأنت طوال حياتك، طوال حياتك كلها، سوف تحبّ امرأة واحدة فقط.
هي ستتخذ هيئات مختلفة، وأنت ستعامل الأخريات، العابرات، على أنهنّ هي، وستحترق، وستدخّن بنهم في الليالي الرطبة، وستنتظر اتّصالها، وستتصل بها، إذ ليس هناك سواها في هذا الكون الفسيح برمّته، وإن كانت لها أسماء مختلفة.
ولا وجود لسواها في روحك، مع ندف الثلج على رموشها ومع عينيها الكبيرتين الحزينتين، وكذلك في هذه الأغنية التي ليس فيها شيء مميّز سوى هذا الضوء الصافي المنعش لانتظارٍ، خفيفٍ كالثلج، مقدَّرٍ للفقد.
آخ، "مسيو" سالفاتوري آدامو، ما الذي اقترفتَه؛ ما الذي أبدعته في الستوديو الباريسي المغمور!؟
الثلج يهطل...
Tombe la neige…
وهذا ليس كل شيء.
Tombe la neige…
بل هذا أكثر مما يمكن احتماله!
وليس مهمّاً أنّ الأسطوانة لم تعد تدور، منذ زمنٍ بعيد، بسرعة ثلاثٍ وثلاثين دورة ونصف دورة في الفونوغراف الذي يعود إلى ما قبل الطوفان بإبرته المثلَّمة.
ليس مهمّاً أنّ ذاك الفونوغراف لم يعد له وجود منذ زمنٍ بعيد، ولا تلك الأسطوانة، ولا مجلة "كروغوزور" مع صورة المغنّي صاحب "الفراشة" البورجوازية في رقبته الرفيعة.
لا شيء يهمّ سوى هذا الثلج المتساقط؛ سوى هذه المرأة الوحيدة التي لن تأتي أبداً؛ سوى الحياة التي يصدر فيها هذا اللحن، متألّماً من تبرير كلّ ما حدث وكلّ ما لم يتحقق، هذا اللحن الذي يترجم إلى بكرةٍ سينمائية السنوات المنقضية التي كان الثلج فيها يهطل، يهطل، يهطل...
وإما أنها دمعة حمقاء تنحدر على خدّك، وإما هو ببساطة ثلجٌ يذوب محترقاً بذاكرتك.
أيّ تفاهة... أيّ عطالة.
Tombe la neige… ¶
قصص مترجمة لعشرين كاتبةً وكاتباً من الروسيا الجديدة
رسلان نوروشيف -
انــــتــــــظـــــــــــــــــــــار
أولغا لاريونوفا. هل حدث لكم يوماً أن استيقظتم وأنتم متأكدون، بهدوء لكن بصلابة، من أن شيئاً، هائلاً وبالغ الأهمية، لا بدّ أن يحدث اليوم، مع شعور مسبق بسعادة قريبة وحتمية؟
كنت مستلقياً في السرير. لم أكن قد استيقظت تماماً بعد، وكنت أنظر نظرةً مغبشة إلى السقف الذي كانت تنساب عليه بقع أشعة شمس الصباح الخريفية الباهتة. كنت مستلقياً وأبتسم لشيء ما. قد أكون شخصاً غريب الأطوار؛ فحتى أنا لا أفهم نفسي أحياناً، لكني – لسببٍ ما - كنت أعرف يقيناً أنّ شيئاً مذهلاً، لا يُصدَّق، لا بدّ أن يحدث هذا الصباح، هذا اليوم، ويقلب حياتي ويعيد تشكيلها بأكثر الأشكال غرابةً. كان الخريف خارج النافذة يصخب بهدوء، وكذلك كانت تصخب أشجار الحور في حديقة الجيران، والأوراق المتساقطة في الفناء، ولسبب ما تذكّرتُ طفولتي، والصباح الذي يسبق عيد رأس السنة، وأمي التي تقرقع في المطبخ ورائحة الشوح الكثيفة في الصالون، وذاك الشعور، الذي يسبق العيد، بأعجوبة الحكايات التي تقترب وستتحقق لا مناص؛ فيبدو اليوم التالي هائلاً، بلا حدود، قادراً على احتواء ما لا يحصى من الأشياء والأحداث؛ حاجباً ما سيعقبه بنوره، بفرحه، المتلألئ والمشعّ كالثلج تحت الشمس، واللامتكرر كالزخارف على الزجاج في الصقيع. قد أكون شخصاً غريب الأطوار؛ فالطفولة قد انقضت منذ زمن بعيد وأنا ما زلت أنتظر شيئاً ما، كما في السابق. لكن ماذا أنتظر؟ الحكايات؟ "كان يا ما كان، في سالف العصر والأوان، كانت هناك مدينة في أقصى أطراف الكون، وكان يعيش في تلك المدينة...". من قد يعيش هناك؟ أنا فقط، ربما.
بعد الفطور توجّهت إلى المدينة، للتسكّع فحسب.
- مرحباً تريزوريتش!، جلست القرفصاء وربتُّ ظهر تريزور الهرم، محبوب الحيّ، الذي كان جاثماً على صفائح طلباً للدفء. كيف هي الحياة الكلبية؟
تريزور، الذي كان يزوّر عينيه اتقاء شمس الخريف، بالكاد فتح إحدى عينيه، ولوّح بذيله بكسل من دون أن يرفع رأسه: شكراً، ماشي الحال. ضحكت. عجوز كسول! وتابعت طريقي.
- مرحباً تيموفييتش!، أومأت الى القط الأشقر البدين الذي كان يتسكّع على العشب تحت أشجار الصنوبر: كيف الحال؟
لكنّ هذا لم يحرّك لا ذيله ولا أذنيه. آخ، أيها اللعين! ورميته بحجر صغير. قفز تيموفييتش في مكانه وطار إلى الشجرة، حتى من دون أن ينظر. هدّدته بقبضتي.
- مغترّ بنفسك يا أشقر؟ سأريك في ما بعد!
لعلي كنت كلباً في حياتي السابقة؛ فأنا أحب كثيراً مضايقة أخي ذي الشاربين.
- صباح الخير "ليدي أند جنتلمِن"!، انحنيتُ باحترام للنصب الثلاثة المتجمّدة في الحديقة المقابلة، التي تذكّر بالعهود السابقة: كيف الطقس الآن في ستوكهولم.
الكمسموليان الحجريان شبه المتعانقين مع بندقيتين، والفتاة ذات الضفيرة الواقفة خلفهما بسكينة، الذين يلقّبهم الناس "العائلة الأسوجية"، كانوا صامتين بحزم واعتزاز، ضاغطين شفاههم الحجرية، ومركّزين نظراتهم الجامدة على المستقبل المشرق الذي لا يراه سواهم. ضحكتُ ساخراً: انتبهوا حتى لا تحطّموا أعينكم! أوثان! واتّجهت إلى موقف الحافلة. على رغم أنّ الفتاة، بصراحة، أعجبتني، ولسببٍ ما يشعر المرء نحوها بشيءٍ من الشفقة؛ فهي تلوح كشيء تائه وزائد على الحاجة في خلفية البنادق والوضعيات البطولية. جليّ أنّ الكمسموليين منشغلان عنها. ابتسمتُ لها، لها فقط. لا تحزني؛ فلا بدّ أن تنتهي الحرب يوماً...
كان الناس قلائل في الحافلة. قاطعة التذاكر، التي كانت تغفو بهدوء في المقعد الأمامي، كانت تريد مواصلة نومها حين لوّحتُ لها بيدي. تصبحون على خير! وانهرتُ على المقعد. أحبّ الحافلات شبه الفارغة، حيث يهبّ البرد من النوافذ المفتوحة، وترسل الشمس دفئها عبر الزجاج المغبرّ من دون أن تلفح المرء، حيث يمكن الشخص الجلوس حيث يشاء، ومدّ رجليه من دون ان يصطدم بهما أحد. خارج النوافذ تلوح المناظر المألوفة لمدينتي الأم، ويفرّ بعيداً شريط الطريق المعبّد الرمادي من تحت العجلات.
بعد موقفين، ركبت الحافلة فتاة ترتدي فستاناً رمادياً فاتحاً، وعلى كتفها حقيبة صغيرة أنيقة، وكانت هناك نظرة شاردة تحت رموشها المزيّنة. مقرقعةً بعقبي حذاءيها الدبوسيين، وناثرةً موجة من العطر الرخيص، جلست قبالتي ومباشرةً تناولت علبة أدوات التجميل من حقيبتها، وبدأت "تبودر" أنفها. كانت الفتاة صغيرة جداً في السنّ لكنها كانت منهمكة بـ"البَوْدَرة" بمنتهى الجدية، بل حتى إنها كانت ترفع حاجبيها قليلاً وتقطّب جبينها. كان واضحاً أنها لم تبدأ باستخدام أدوات التجميل إلا منذ فترة قريبة. ابتسمتُ قليلاً. لطالما أحببتُ مراقبة الفتيات وهنّ يتبرّجن ويتبودرن ويتزيّنّ، أو يدرن حول أنفسهن أمام المرآة وهنّ يقسن شيئاً ما جديداً؛ ففي لحظات كهذه يبدو لي أنّ المرأة تُظهر جوهرها الأنثوي بشكل أوضح وأكثر بروزاً.
بعدما أنهت زينتها وأعادت أدوات التجميل إلى الحقيبة، مرّت الفتاة عليَّ بنظرة ساهمة توقّفت على النافذة. لاحت خارج النافذة حروف مزخرفة ومقطّعة بشكل قبيح، وأوراق الأشجار المصفرة، ولوحات الإعلانات، والأعمدة – الشموع. لقد وصلنا إلى مركز المدينة إذاً، وطوال هذا الوقت كنت أرمق جارتي خفيةً. هل لاحظتم يوماً كيف يركض ظلّ شخصٍ جالس في حافلة تسير؟ أنا أيضاً لاحظت. إنه يبدو مضحكاً. كان ظلّ الفتاة يتحرّك بشكل متواصل من دون أن يتوقّف للحظة واحدة، إلى اليمين... إلى اليسار، ولا يبطئ من حركته إلا عند المواقف. مذهلٌ كيف تستطيع عين الإنسان التنقّل على هذا النحو، لكنّ الفتاة لم تلاحظ شيئاً بالطبع. نزلتْ من الحافلة في الموقف التالي، وأنا في الموقف الذي يليه. إلى أين؟ لماذا؟ لم أكن أدري.
تسكّعتُ في المدينة حتى وقتٍ متأخّر، ليس لأني أحبها كثيراً، ولا لأني أستطيع التجوّل فيها لساعات – فهذه ليست بطرسبورغ، ولا موسكو- لكنّ التفكير والتأمل والحلم تكون أسهل بهذه الطريقة. قد أكون شخصاً غريب الأطوار؛ فقد انتهت الطفولة منذ زمنٍ بعيد وأنا ما زلت أحلم. بِمَ؟ آخ، لو أني أحلم بشيء جدير حقاً!
تسكّعتُ حتى وقت متأخر ووصلت الى البيت بالقطار الكهربائي الأخير. كان مدخل المبنى فارغاً، وكان المصباح الكهربائي المعلّق يومض بصورة باهتة. نظرتُ إلى صندوق البريد. فارغ كالعادة؟ وتسمّرتُ مكاني؛ فقد لاح عبر شقّ الصندوق طرف ورقة بيضاء. برقية؟ خفق قلبي بشدّة. أيُعقل أن تكون برقية؟ بعد موت والديّ لم أعد أشعر بالفزع من هذا النوع من المراسلات، لكنّ اضطراباً لا يوصف استحوذ عليَّ، وكان السبب أمراً آخر؛ فقد انتقلت إلى هنا منذ فترة قريبة جداً، ولم يكن أحد يعرف عنواني الحالي سواها! أجل، أجل، هي بالذات – فلنسمِّها هكذا؛ فاسمها لن ينبئكم بشيء في كلّ الأحوال، أليس كذلك؟- كتبتُ من هنا فقط إليها! خفق قلبي، والتصقتُ بالحائط. كنت أشعر منذ الصباح أنّ شيئاً ما سيحدث اليوم! "أنا قادمة! استقبلْني". هززتُ برأسي، لكنّ ماذا يمكن أن يُكتَب غير ذلك في البرقيات؟ هرعتُ إلى الشقة لإحضار المفاتيح.
أين المفاتيح؟ ورحت أبحث في الصناديق والخزائن بشكل هستيري لأنيّ لم أستطع تذكّر المكان الذي وضعتُ فيه المفاتيح. لم يراسلني أحد إلى هنا! أين هي؟ اللعنة، واندفعتُ نحو الشقّ. فليذهب القفل إلى الجحيم! سأسحب البرقية بواسطة سلك. أدخلتُ سلكاً داخل القفل، وبحركة واحدة فتحته. سقطت عند قدمي ورقة صغيرة. هل هكذا تكون البرقيات؟ فضضتُ الورقة بسرعة. "بسرعة، بأسعار رخيصة، بنوعية عالية، نركّب الأبواب المعدنية والإطارات والنوافذ...". سقطت الورقة من يدي. وقفت لدقيقة مصعوقاً. أحمق! أحمق ثلاث مرات! لماذا قد تأتي إلى هنا؟ وإليّ! أضحكني الأمر وأحزنني. لكني كنت أنتظر! هل الحياة برمّتها ليست سوى انتظار؟ التقطتُ ورقة الإعلان وجعّدتها، أغلقتُ باب الصندوق المتأرجح، وتوجّهتُ متعباً نحو البيت. لكني كنت أنتظر...
لم أستطع النوم طويلاً، وفي النهاية، منهكاً، ارتديتُ ملابسي وخرجت إلى الشرفة. كانت المدينة الليلية نائمة، غارقةً في الصمت والسكون، وفقط في البعيد، خلف محطة القطار، كان هناك بائع ينادي. هبّت الريح فجعلت كلّ شيء يصخب، أشجار الصنوبر وأوراق أشجار الحور. ملأتُ صدري بهواء الليل الخريفي البارد النقي المنعش، وضحكتُ لشيء ما.
لعليّ شخص غريب الأطوار: الحياة تمضي، سأبلغ الثلاثين قريباً وما زلت أحلم. فقط لو أني أعرف: بماذا؟... ¶
النها

الأربعاء، نوفمبر 17، 2010

"هافنغتون بوست": جورج بوش كسول وسارق





شريط - ثقافة




اتهمت صحيفة هافنغتون بوست - في تقرير لمراسلها في واشنطن رايان غريم- الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بنسخ مقتطفات من مذكرات منشورة من قبل لعدد من مرؤوسيه، في مذكراته التي نشرها اخيراً تحت عنوان «لحظات اتخاذ القرار»، وأشار الكاتب الى أن بوش قد اقتبس اجزاء من هذه المذكرات كلمة كلمة، زاعماً أنها من لدنه، حين لم يشر الى الكاتب الحقيقي لهذه الاقتباسات. كما اعطى لنفسه الحق في القيام بسرقات ادبية من كتب وصحف ومجلات ومقالات كُتبت حول رئاسته.


وبدلاً من إلقاء هذه المقتطفات الضوء على كيفية تعاطي الرئيس مع اللحظات الحاسمة لاتخاذ القرارات المهمة، اتسمت بالسطحية وعدم الاتيان بجديد حول شخصية الرئيس. وقال غريم إن بوش "كسول لدرجة تمنعه من أن يكتب مذكراته بنفسه"، وفي حين يؤكد الرئيس السابق أنه كتب مذكراته بنفسه، هناك الكثير من النقاد الذين يقولون إنه لا يعرف كيف يقرأ، ناهيك عن كيف يكتب؟ ويمثل هذا التقرير ذخيرة اضافية لهم للتشكيك في مزاعم بوش. ويتندر البعض عليه بالقول «إنه تبين أن الرئيس ليس فقط لا يعرف كيف يقرأ فحسب، بل لا يعرف كيف يبحث عن الموضوعات في "غوغل" أيضاً! أو ربما يفعل أحد مساعديه ذلك نيابة عنه.




فالرئيس بوش يتحدث عن لقاء مؤثر جمع الرئيس الافغاني وأحد أمراء الحرب الطاجيك يوم الاحتفال بتنصيب كرزاي، في الوقت الذي يعترف فيه في مكان آخر من مذكراته بأنه لم يحضر ذلك الحفل، ويبدو أن الرئيس انتشل هذا المقطع من كتاب نشره الصحافي أحمد رشيد في كتاب له تحت عنوان "الفوضى في أفغانستان"، الذي أورد فيه حواراً على مدرج المطار بين كرزاي والزعيم الطاجيكي.




وأما الحادثة الثانية، فيكتب بوش عن تصريح لمنافسه جون ماكين حول شكوكه ازاء نجاح زيادة عدد القوات في تحقيق النجاح في العراق، فأوردها على شكل حوار دار بينهما، حيث ردّ عليه بوش بأنه يضمن الفشل اذا لم يتم تبني هذه الاستراتيجية الجديدة.




وتتكرر مثل هذه الحوادث كثيراً لدرجة جعلت كتاب بوش عبارة عن مجموعة من رؤى الآخرين للأحداث، وهذا عكس ما وعد به بوش القراء بأن يقدم لهم الحقائق، كما يراها هو وبمساعدة الباحثين والمصادر التي لا يزال بعضها سريًّا.

الخميس، نوفمبر 04، 2010

سيرة حياة الشاعر الفرنسي ارثر رامبو



ولد آرتور رامبو في شارلفيل بفرنسا في عام 1854. بدأ بكتابة الشعر بسن السادسة عشرة، وتميزت كتاباته الأولى بطابع العنف. اتبع مبدأ جمالياً يقول بأن على الشاعر أن يكون رائياً، ويتخلص من القيود الضوابط الشخصية، وبالتالي يصبح الشاعر أداة لصوت الأبدية. دعاه بول فرلين للمجيء إلى باريس، الذي كانت تربطه علاقة مثلي به. لعل أبرز قصائده "القارب الثمل" (عام 1871) التي تحتوي براعة في اختيار الألفاظ والصور الفنية والاستعارات. بين عامي 1872 و1874 كتب "الاشراقات" (بالفرنسية: Les Illuminations)، وهي مجموعة من القصائد النثرية حاول فيها عدم التمييز بين الواقع والهلوسة. في عام 1873 كتب قصيدة أخرى وهي "فصل في الجحيم" استبدل فيها المقاطع النثرية بكلمات مميزة، وكانت آخر أعماله الشعرية بعد أن بلغ من العمر 19 عاماً.

في يوليو 1873 وفي حالة من السكر أطلق بول فرلين على رامبو رصاصتين لانه كان يريد تركه والرحيل ولكن لكثرة حب فرلين له لم يحتمل ذلك فترك علية الرصاص وندم كثيرا بعدها وحبس بالسجن حيث بلغ عنه رامبو وخرج إنسان اخر مومن بالله ونصح رامبو كثيرا بالتوبة ولكنه رفض، مما تسبب في إصابته بجروح في المعصم. بعد اعتزاله الأدب، قرر رامبو في عام 1875 السفر إلى إثيوبيا والعمل كتاجر. توفي في مارسيليا بفرنسا في العام 1891 بعد أن بترت ساقه.

السبت، أكتوبر 23، 2010

بعد 12 عاماً من نظر القضية : خوسيه ثيلا سارق أدبي




نقلا عن / اخبار الادب

أخيراً جاء هذا الأسبوع الحكم النهائي المتعلق بقضية السرقة الأدبية المتهم فيها كاميلو خوسيه ثيلا، الحائز علي نوبل، لصالح الكاتبة ماريا دل كارمن فورموسو، بعد 12 عاماً من بقائها في المحكمة . وكانت الروائية الإسبانية قد لجأت للمحكمة لتثبت حدوث سرقة أدبية في رواية"صليب سان أندريس " التي فاز بها ثيلا بجائزة بلانيتا عام 1994، ورأت محكمة برشلونة رقم 2 أن هناك أدلة ظاهرة تثبت وقوع جنحة ضد الملكية الفكرية، وبما أن المؤلف قد توفي عام 2002 ، فالمتهم الوحيد في القضية هو خوسيه مانويل لارا، المستشار المنتدب لمجموعة بلانيتا للنشر، المسئول أيضاً عن انتشار الرواية .



وحكمت المحكمة علي لارا بدفع كفالة تصل إلي 533 ألف يورو .بينما رأت النيابة طوال السنوات الماضية أنه لم يحدث أي جنحة، ولو استقر الحكم علي حبس لارا فليس ذلك إلا بسبب إلحاح ابن الكاتبة ماريا دل كارمن فورموسو، صاحبة رواية"كارمن، كارميلا، كارمينيا " ، التي تقدمت بها أيضاً إلي نفس الجائزة وفي نفس عام1994 . ابن الكاتبة هو أيضاً محاميها الذي رفع الدعوي وخلال فترة التحريات القضائية اتهم لارا بتوجيه الإهانة له والبلاغات الكاذبة والتهديدات والوشاية المزيفة .وفي أبريل عام 2009 استندت القاضية علي دليلين، أولهما : أن رواية فورموسو"كارمن،كارميلا،كارمينيا " تقدمتْ للجائزة يوم 2 مايو، بينما تقدم ثيلا في 30 يونيه، وهو آخر يوم في التقديم .



ثانياً : أن تقرير الخبير الذي أعده لويس إيثكييردو، أستاذ الأدب الإسباني بجامعة برشلونة، " توصل إلي أنه حدث نسخ، ولو بشكل جزئي، من العمل الأصلي إلي رواية ثيلا الفائزة ". وتري القاضية بناءً علي ذلك أن رواية"صليب سان أندريس " تضم"العديد من التشابهات " مع رواية فورموسو، وأنه " كي يحدث هذا النقل، فلابد من تسهيل وصول رواية رافعة الدعوي إلي يد ثيلا حتي يقيم روايته علي أساسها أو يستغلها بشكل فني ". وأضافت القاضية :" بهذه الطريقة حوّل ثيلا رواية فورموسو إلي عمل مختلف جمالياً، ووضع لها طابعه الخاص، وبتقدمه لنفس الجائزة، حازت الفوز ". وجاء الحكم ضد لارا وحده، حيث اعتبرته القضية شريك في جريمة السرقة . وكان لارا قد أدين في 2001، كذلك ثيلا قبل وفاته . خلال وقت الدعوي والاستئناف، كانت النيابة ضد التهمة، حتي أنها قرأت العملين وطالبت بحفظ القضية، مؤكدة أنه " هناك اختلاف جذري بينهما، وهو ما يقضي علي أية احتمالية لوقوع سرقة أدبية ". وأضافت النيابة أن " التقنية السردية والبناء مختلف في كلتا الروايتين، ففي رواية فورموسو نجد الراوي العليم، الذي يحكي حكاية تسير في خط مستقيم ومرتب زمنياً، بلغة واقعية ووصفية؛ أما في رواية ثيلا، فنجد راويين، يسردان بالضمير الأول، وتُستخدم تكنيكات مفككة، مكثفة، وتزامن، وعدم ترتيب زمني ". وفي النهاية، جاء حكم القاضية بعد الاستئناف الذي أقامته مجموعة بلانيتا، وأُدين ثيلا بالسرقة الأدبية .

الثلاثاء، أكتوبر 12، 2010

"لم أحضر لإلقاء كلمة" رواية جديدة لماركيز


                            

بعد مرور ما يقرب من ستة سنوات على صدور روايته الأخيرة "ذكريات عاهراتى الحزينات"، يستعد الأديب العالمى جابرييل جارسيا ماركيز حاليا للانتهاء من روايته الجديدة "لم أحضر لإلقاء كلمة" والتى من المفترض أن تصدر عن دار النشر الإيطالية "موندادورى" فى نهاية الشهر الجارى.

ووفقا للتقرير الذى نشرته صحيفة هيرالد تربيون الأمريكية قال ماركيز: "إن فكرة الرواية مستوحاة من أول خطاب ألقاه فى أحد المدارس الثانوية عام 1944، وأكد على أنه لديه كثير من الخطب غير منشورة التى سعى لنشرها بعد حصوله على جائزة نوبل للآداب عام 1982، وقام بتجميعها لتصل إلى 22 خطبة"، مشيرا إلى أن هذه الخطب ساعدته كثيرا فى تحسين أدائه فى حياته المهنية والأدبية.

وأضاف أن فور تسلمه جائزة غاليغوس رومولو للكتابة الأدبية عام 1972، أعلن أنه سيقوم بإجراء شيئين كان قد تعهد من قبل بعدم القيام بهما وهما "أن يتسلم جائزة وأن يلقى كلمة أمام جمع من البشر، حتى تغير موقفه عندما حصل على جائزة نوبل عام 1982 وألقى خطابا هو الأشهر فى تاريخه".

وعلى الرغم من الشائعات التى ترددت العام الماضى على أن جابرييل جارسيا ماركيز سيتوقف عن الكتابة مجددا، ظهر ماركيز ليعلن فى كافة وسائل الإعلام أن هذا الكلام غير صحيح، وأن مهمته الأساسية هى الكتابة وليس النشر، وقال جملته الشهير "أحدد جيدا الوقت الذى تكون فيه معجناتى قابلة للطعام".

الخميس، أكتوبر 07، 2010

"ماريو فارجاس يوسا" يفوز بجائزة نوبل العالمية فى الآداب

اليوم السابع / وجدي الكومي

فاز الكاتب والأديب العالمى ماريو فارجاس يوسا بجائزة نوبل العالمية فى الآداب لعام 2010 من دولة بيرو.

حيث أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية لجائزة نوبل الخبر اليوم فى العاصمة السويدية ستوكهولم منذ دقائق، ولد فاجارس فى بيرو عام 1936 وله روايات عديدة أشهرها من قتل موليرو و البيت اأخضر.

يذكر أن الأكاديمية السويدية لجائزة نوبل قد منحت هذه الجائزة فى فرع الآداب 102 مرة لعدد 106 أدباء ما بين عام 1901 وحتى 2009، فحصل عليها أول مرة الشاعر الفرنسى رينيه سولى برودوم عام 1901، فيما حصلت عليها الروائية الألمانية من أصل رومانى "هيرتا موللر" العام الماضى، وحجبت الجائزة سبع مرات أعوام 1914، و1918، و1935، و1940 ، و1941، و1942، و1943.

ويتم ترشيح الفائز بجوائز نوبل فى الآداب عبر عدة جهات رسمية، ويتم توزيع جوائز نوبل فى احتفال رسمى فى العاشر من ديسمبر من كل عام على أن تُعلن أسماء الفائزين فى شهر أكتوبر من العام نفسه من قِبل اللجان المختلفة والمعنية فى تحديد الفائزين لجائزة نوبل.

والعاشر من ديسمبر هو يوم وفاة الصناعى السويدى صاحب جائزة نوبل. وتسلم جائزة نوبل للسلام فى مدينة أوسلو بينما تسلم الجوائز الأخرى من قبل ملك السويد فى مدينة ستوكهولم.

الأربعاء، سبتمبر 22، 2010

آرثر رامبو في 'نعيمه' الافريقي!





آرثر رامبو في 'نعيمه' الافريقي!
كان يحلم بنسيان جحيم أوروبا التي فقدت روحها ولم تفهمها:
ارثر رامبو
كلود جان كولا
نرحل في هذا المقال مع آرثر رامبو وقد طلق الشعر لصالح الإغواء الافريقي الذي سكنه صغيرا وهو على طاولات المدرسة رفقة صديقيه بول بورد وجيل ماري.
كما سنكتشف السحر ـ لا الشعر!! - الذي مارسه رامبو على الأفارقة الذين عايشوه وتعاملوا مع صمته باجلال استثنائي وكأنه واحد منهم.
فهل ودع رامبو الشعر ومعه (فصل في الجحيم) الباريسي كي يفتح في افريقيا (ه) فصلا في النعيم؟
فإلى تلك الوجهة القصية التي احتضنت عملاق الشعر الفرنسي سيبحر بنا كلود جون كولا متقفيا أثر العابر في مجاهل الصحراء ..! (المترجم)
على طاولات المدرسة، تظهر افريقيا لأول مرة وآرثر رامبو يبلغ من العمر أحد عشر عاما، كان بول بورد وجيل ماري أفضل أصدقائه. وهم يحضرون رحلة استكشافية لسبر أغوار منابع النيل كانوا يتقاسمون اللغات الأساسية، بالنسبة لبورد كلف بالعربية لعبور مصر وبالنسبة لماري بالبرتغالية لغة كبار المستكشفين وفيما يخص رامبو - هل كان ذلك هاجسا؟- خصّوه بالأمهرية لغة الحبشة. كانت افريقيا تمنحهم حلما بالشساعة والمجهول، بالمغامرة والمجد، بيد أن المشروع تبدد عندما غادر بورد المدرسة.
تراءت له افريقيا، من جديد، خلال الأعوام الشعرية أكثر مثالية من ذي قبل. كان آرثر مشدودا الى عذريتها المتوحشة، الى البراءة التي يسمح بها جهلها في الكشف. عندما كان مضطرا للبحث عن السلام وهو المعمد المطلع على معرفة الخير والشر، آه ..كم هو سعيد ذاك الذي يعيش في الجهل، لأنه لا يستطيع أن يتعرض للادانة! بلا ممنوعات، بلا واجبات، وحده يستطيع معرفة (السلام داخل الحرية) الذي يلح عليه رامبو بالنسبة لكرامة الانسان. ان سارد (فصل في الجحيم) يحلم بأن يلتحق ببلاد أبناء (حام) التي تقول لنا التوراة انها الحبشة، وهنالك يحلم السارد بقدرته على نسيان رفاق الجحيم و كذا جحيمه الشخصي الذي هو هذه الـ (أوروبا) التي فقدت روحها ولم تفهمها!!!
كان على رامبو أن ينتظر عام 1876 ليدرك ضفاف افريقيا .لقد التزم بشكل تطوعي في الجيش الكولونيالي الهولندي على متن الباخرة ...Prins van oranje
بعد ذلك بأربع سنوات، هرب من قبرص ليلاقي البحر الأحمر، بحث يائسا عن عمل فوجده في عدن موظفا في دار التجارة. كان يحس بالضجر، بسرعة، خصوصا وأن افريقيا التي أمامه تجذبه اليها كما لو كانت مغناطيسا قويا.
إذا، ما الذي حدث؟ الشهادات قليلة وتقول ان الرجل كان جديا وشجاعا وصارما، ورسائل التجارة لا تتحدث الا عن القهوة وريش النعام، عن سنور الزباد أو العاج، عن المشحون المجاني للغرب الذي يسمح بالحصول على عملة التبادل، وعن حقوق الجمارك وتأخيرات الدفع والأرصدة واعتبارات سياسية نادرة وبعض الملاحظات الجغرافية. أما عن حياته الحميمية، فوحدها رسائله الى أمه هي التي تنبئنا عنها، هذه الرسائل التي تحظى لديها (الأم) بشعور من الاجلال والحب، والحال أن هذه الرسائل هي شكاوى من دون نهاية: الحياة قاسية والطقس صعب الاحتمال، والأفارقة لا يحتملون والحافز الأوحد هنا هو جمع الثروة ...و(يخبر أمه / المترجم) أنه سينطلق قريبا الى زنجبار أو الى باناما أو الى آسيا ..
من خلال هذه الشكاوى، نستنتج أنه كره فجأة افريقيا لكن لو كان ذلك صحيحا لماذا لم يرحل - وهو القادر على التنقل - في اتجاه آخر، في اتجاه مجهول ما؟؟! لو كان ذلك صحيحا، لماذا وهو على مشارف الموت فوق سريره حيث كل الأكاذيب أو المخاوف لا معنى لها، لم يكن يحلم الا باللقاء بافريقيا(ه)؟؟؟!
حتى نفهم علينا أن نعيد قراءة الحكاية من منظار مزاجه..!
كانت حياته الافريقية صعبة، كان وحيدا بالمرة وكان يحتمي من كل تطفل على ماضيه الشعري، بأن يقول: 'كل ذلك لم يكن سوى ماء آسن!' كي يحسم الأمر باختصار.الدليل هو هاتان الرسالتان اللتان تخبرانه بشهرته التي ولدت في باريس، واللتان نحتفظ بهما سليمتين مما يعني أنه لم يرمهما بل أخذهما ملفوفتين جيدا ضمن متاعه البسيط عقب هذا الهبوط التراجيدي على متن نقالة بسبب المطر وسط الوحل..
ليس الأمر سهلا، فقد هوجمت القوافل والأمطار كانت تمنع العمل بالتجارة خلال أشهر طويلة كما أن التعقيدات الادارية زادت الطين بلة. اللحظات الوحيدة للانتشاء هي توقعات الرحيل، فيتحمس ليطلب من أمه أن تبعث اليه بكل أنواع الكتب التقنية أو العلمية، وكأنه سيبني عالما جديدا. بالنسبة لرسائله الى أمه فقد كتبها عندما كان يجد الوقت لذلك وفي أويقات الجمود التي هي بالنسبة اليه أزمنة الضجر. ثم انه الابن المفوض برفع الكلفة ازاء أمه، الوحيد الذي حلمت (أمه) بأنه سيعود ليقضي معها ما تبقى من عمر، فاشترت له قطعة أرض مباشرة أمام ضيعة العائلة.
كانت كلها آذانا صاغية وكان يريد إرضاءها وجعلها تحس بالأمومة والحب بشكل عام. لقد اعترف ذات مرة بأن هذه الشكاوى كانت طريقة في الغناء. لقد كان بين البيض لكنه كان أكثر اندماجا وسط المجموعة السوداء. دليل من بين دلائل متعددة هو هذه الرحلة لسنة 1886 لبيع الأسلحة لـمينيليك (حاكم هرر/ المترجم)، حيث كل القوافل تم نهبها والسطو عليها، وتم قتل التجار وهو الابيض الوحيد في هذه البعثة الذي خرج ومعه 2000 بندقية و7500 خرطوشة والبضائع كانت جد مغرية!! فلماذا لم يتم قتله؟ من هو، اذا، هذا الرجل الشيطان؟ وما الفرق بينه وبين الآخرين؟؟!
يقول الشاعر الصومالي ادريس يوسف علمي: 'كان يعرف كيف يعطي، من هنا صار يحظى بالاحترام. البدو الرحل - كيفما كانوا عفاريين أو صوماليين - لديهم هذا المعنى بالعطاء، يعطون الكلمة، يعطون ما يملكون حتى لو كان لديهم القليل فانهم يقتسمونه (مع الآخر ـ المترجم)، وذكاء رامبو كان اكتساب ثقتهم باكتساب بعض قيمهم، ومنذ تلك اللحظة صارت لديه السلطة عليهم'.
(شهام وطا) شاعر هو الآخر عفري يؤكد الرؤية ويقول: 'كان لديهم الوقت الكافي لملاحظته في تاجورا (بلدة في جيبوتي / المترجم)، تصور يرونه يوميا قرابة عام!.. لقد وزنوه وجربوه، ماذا يريد هذا الأجنبي؟ من يكون..؟ كيف يتصرف ..؟ ماذا يساوي ..؟ لقد رأوا شجاعته كما رأوا غضبه، والبدو الرحل يفضلون القوي جسديا وشفاهيا، أيضا أسعفته حالات غضبه، كان يقول لهم ما يعتقده فيهم وهذا لم يكن ليصدمهم، لأنهم هم الآخرون لديهم هذه العادة، هذه الشجاعة في عدم الكتمان. فبعد أن انطلقت القافلة، استطاعوا التأكد من تقييمهم: تحمله المشي ومقاومته للجوع والعطش ..الخ. مظهر آخر لرامبو أغرى العفاريين وهو صمته. ففي القافلة لا يقال الا الضروري. نستطيع البقاء عشر ساعات دون أن نتحدث الشيء الذي لا يعني أننا لا نتواصل. فمن خلال الصمت يمر حوار وتشارك دونما حاجة الى الكلمات. كان رامبو يتحدث قليلا وكان يحترم صمت العفاريين، لقد صار واحدا منهم'.
لقد كان رامبو يعيش حياة زاهدة، يلبس القطن العادي ويعتمر طربوشا صغيرا على رأسه، ولا وجود أبدا لملمح العجرفة الكولونيالية التي للبيض الاخرين عليه.
زاهد وصموت، متحفظ وذو كبرياء، غضوب ومتطوع صبور، مزاجه كان قريبا في الحقيقة من مزاج العفاريين بل كان مثلهم!
ان آرثر رامبو مدين باعادة بنائه الذهني لافريقيا ونذر لها اعترافه وحبه. وفي اشارة أخيرة طلب أن يحول جزء من أمواله الى خادمه (جامي). ولكي تحقق أمنية أخيها شرعت (ايزابيل) في البحوث ولما وصلت تلك الأموال الى هرر (بلدة في أقصى شرق اثيوبيا / المترجم) كان جامي قد مات فتسلم أبناؤه هبة رامبو...!!!
ترجمة: مصطفى بدوي
المصدر: ماغازين ليتيرير- أيلول / سبتمبر2009 - العدد:489 - ص 84 /85.**
نقلا عم موقع / الف ليلة وليلة

الثلاثاء، سبتمبر 21، 2010

لاول مرة / الاعمال الشعرية الكاملة لبودلير





القاهرة : الكتابة


في مجلد واحد يقع في 920 صفحة من القطع الكبير، صدرت- لأول مرة باللغة العربية- الأعمال الشعرية الكاملة لبودلير، عن دار الشروق القاهرية، من ترجمة وتقديم الشاعر رفعت سلام ، تتصدر الترجمة ثلاث مقدمات مختلفة. يقدم الشاعر رفعت سلام- في مقدمته الأولى "شاعر الشر الجميل"- تناقضات حياة بودلير مع ظروفه العامة والخاصة في منتصف القرن التاسع عشر، خلال إنجازه لجذور الحداثة الشعرية الفرنسية والأوروبية، والمرتكزات الأساسية لشعريته المتجاوزة لجميع المدارس الشعرية السابقة عليه والمتزامنة معه، وتأسيسه للحداثة الشعرية في فرنسا وأوروبا، وملامح هذه الحداثة وتجلياتها في نصوصه ورؤيته النقدية.
وترصد المقدمة الثانية سيرة حياة بودلير تأريخيًّا، بالتسلسل الزمني، متوقفةً عند أهم محطات حياته الشخصية والشعرية والثقافية، وأزماته، وأهم أعماله الشعرية ورسائله الكاشفة لعلاقاته ورؤاه الحياتية والفكرية.
وتمثل المقدمة الثالثة مقالة بول فاليري الهامة بعنوان "موقف بودلير"، التي يرصد فيها أهمية بودلير القصوى في الأدب الفرنسي، والتحدي الذي واجهه في تأسيس حداثة شعرية مفارقة لزمنه، وكيف استطاع إنجاز دوره الحاسم خلال سنوات إبداعه الشعري المحدودة، بالمقارنة مع فيكتور هوجو.
وتتخلل المقدمات ألبومات صور بودلير: وجوه بودلير منذ بداياته إلى أعوامه الأخيرة، رسوم بودلير، رسوم كبار الفنانين لبودلير.
ويبدأ المتن الشعري بقصائد ديوان "أزهار الشر" في طبعته الثانية، التي أشرف بودلير بنفسه على إصدارها عام 1861. وهي الطبعة الأخيرة التي صدرت في حياته. بعده، يأتي ديوان "البقايا" الذي أصدره بودلير في بروكسيل عام 1866، ويتضمن القصائد المحذوفة من "أزهار الشر" بالحكم القضائي ضد الديوان- التي لم تتضمنها الطبعة الثانية- فضلا عن القصائد الجديدة التي كتبها بودلير فيما بعد الطبعة الأولى من الديوان الشهير. وتلي ديوان "البقايا" القصائد الإضافية المستمدة من الطبعة الثالثة من "أزهار الشر" التي طبعت بعد وفاة بودلير عام 1869، تليها قصائد متفرقة تنتمي غالبًا إلى فترة شباب وبدايات بودلير الشعرية.
ويتضمن المتن الشعري كذلك مجموعة القصائد "الهجائية" اللاذعة التي كتبها بودلير عن بلجيكا وأهلها، عقب خيبة أمله في رحلته إلى هناك.
كما تتضمن الترجمة النص الكامل لديوان "سأم باريس"، الذي يضم قصائد النثر التي كتبها بودلير، وفقًا للترتيب الذي وضعه الشاعر قبيل رحيله، دون أن يتسع له الوقت لإصداره بنفسه، مع مقدمة تاريخية للديوان كتبها المترجم.
وفيما يلي المتن الشعري، يتضمن الكتاب عددا من الملاحق والوثائق الهامة: مشروعات مقدمة "أزهار الشر"، مشروعات خاتمة "أزهار الشر" التي كتبها بودلير، دون أن يستقر على الصياغة النهائية لها ونشرها بالفعل في مواضعها كما كان يخطط قبل رحيله؛ فضلا عن الوثائق الكاملة لمحاكمة بودلير عن ديوانه "أزهار الشر".
كما تتضمن الملاحق "مشروعات، خطط، عناوين" متعلقة بديوان "سأم باريس"، وشهادات معاصريه من الكتاب والشعراء، وشهادات عدد من الكتاب والشعراء المنتمين إلى الأجيال اللاحقة؛ مع "إضاءات" القصائد، التي تتضمن رصدًا لمسيرة القصائد منذ نسختها الأولى إلى نسختها الأخيرة، ورصد وتحديد التعديلات التي أجراها بودلير على نسخها المختلفة، من طبعة إلى أخرى.
ويختتم الكتاب بقاموس الأعلام والمصطلحات المتعلقة بزمن بودلير، القرن التاسع عشر، الواردة خلال المقدمات والنصوص المختلفة.