شعر: مختار عيسىإلى «ثروت الخرباوي»، كاشف «سر المعبد»
...وسيسألون عن النبأ
قل: كان زيفا واختبأ...
في (المعبد السري)، كفّنه اللئام
قلنا: اليك المشتكى والملتجأ
فأطل من خاض المفازة نازفا
وعليكِ قد ألقى السلامْ
وعلى مُؤوّلهِ الملامْ!
اني أراكِ تُهدهدين الحُلمَ فوق وسادتي
وستكتبينَ على السحاب حكايتيَّ،
ترتّلينَ نشيديَ اليوميَّ في وضَح الظلامْ
علّ الذين تمدّدوا مثل السحالي يعلمون
أنَّ المقيمَ مع النظائر لا يُضامْ
اذْ ليس للمكلوم ان يَلجَ الزحامْ
مادام فرسانُ الكلام تزوّدوا...
مِن خطبة «الحجاج»، أو «بترا» «زياد»
واصطفَّ أتباعُ «الحسين» مع «اليزيدْ»
ذبحوه ثم استرجعوا...
نصبوا الخيام، وجهزوا شِعر الحداد !
هي كربلاءُ العقل عادت من جديدْ!
هي فتنة العثمانِ،
والعنسيّ،
والعبسيّ
والأمويّ
والمأمونِ
والخوّانِ
والخلانِ والإخوانِ
والملكِ الرشيدْ
هي ابنُ رشدٍ
وابن فقدٍ
قال زيدٌ
قال عمروٌ
في الحشايا، والثريدْ
واختلّ ميزان الوليدْ
هي خلوة الحلاج،
والنصِّ الشهيدْ!
مادام عشاق الدماء تزينوا...
للسفحِ،
للذبح المقدسِ،
للزنيمْ
واستخلصوا الأحكامَ من كهف اللئيم
وتراكن الشيخُ اللئيم الى النذورْ
غوثاك يا بئر التميم!
وتأرّق العرّافُ، واشتعل البخورْ
وتعطّر الموعودُ للوهم الرغيدْ
وقفوا ببابك بالطوارق، والحوارق، والردى
ألقوكِ للعنّينِ رهنًا للكَبَدْ
ما صان خِدركِ ساعة
ولصحْبهِ ترك المغانمَ والمددْ
بدَدٌ بدَدْ
وإذاكِ تنتفضين يا بنت الرجا
ألقيتِ حبلا من مَسدْ
كي لا يمرّ غريبهم صوبَ الجسدْ
جلّ الذي أنجاك من بيت الكَمَدْ
أحدٌ أحدْ
٭٭٭
لا تخذلي المنذور، لا تلقي العتاب على النديم
ذا عشقه (الوثنيُّ)، و(الشِّرك) الطهورْ
ذا ذنبُهُ المغفورْ!
ذي صعْدة للنّجوِ من أرض الكذائبِ،
واحتلاكِ الصبحِ،
والحزنِ المقيمْ
ذي رحلة المعراجِ في برق القضا
حيث اصطفاف الناسكينَ...
الى الرِّضا!
هو من أشفَّ الرُّوحَ حتى الرقرقهْ
وأماط عن بدن الحقيقةِ سرّها،
واستنطقهْ
لا تعذلوه اذا النهارُ تعشّقهْ،
واذا المُكافرُ صدّقهْ
خذلوه ما خذلوه لكن شُبّهت...
لهُمُ انكساراتٌ، وظنّوها ارتحالا
ما ذلّ الا للثكالى
هو مَنْ تسامى،
ارتاح فوق سحابةٍ...
واستوسدَ الصبرَ الجميلْ
ما خرّ تحت سنابك التسفيلِ، يشتاقُ السكوتْ
بل زادهُ الصمتُ الجلالا
ألقى الوجوهَ الناعباتِ الى المرايا بغتةً
كيما يحدّث عن طويتها الخبيء
ويضيء ما احتلكتْ مدائنُ صبرِهِ
حتى تلالا!
لا لمْ يكن الا عَشوقا مِصرَهُ
وبلادُه ليستْ قصيدًا وارتجالا
لكنّها الوجعُ، الصهيلُ، يزيده فيها اشتعالا
اني رأيتكَ واحدا
تغدو وترجعُ سيّدا
وكأنك الرمقُ الأخيرُ أشدُّهُ
ويشدُّني
صوتا
صدى
به أستجيرُ من الفنا
وأردُّه نحو العدا
لا لم تكن حين ارتجفتَ مع المدى
حين القلوب تعطرتْ
وسمعتَ للحشد النبيلْ..
غير ابتهالات السماء، فأمطرتْ
فوق الميادين الرجالا
واذا الشوارع وحّدت أسماءها
حين استردَّت خفقها،
وتدثرت بالكبرياءْ
ما استشفعتْ غير الهطولْ،
فالأرضُ عطشى..
والخلقُ أظماها الحريقْ
وانشقَّ بَرْقٌ،
واستفاق النيلُ من خدَرالسُّباتْ
فتقاطرالعُشاقُ، ما غاب النداء عن الحلوقْ
ما كان إلا رفرفات الصبحِ في الأفق الطليقْ
وخريطة نحو الطريقْ
الكلُّ أعلاها، تَنَادَى: «يا أُخَيّ» و«يا رفيق»
من «أربعين» وقلتها:
»سيجيءُ يومٌ ترتجي الأنفاسُ ان ترتدّ للرئتين لا تجدُ ارتدادا»
وأجاءه الرحمنُ من قلب السّنا
وطني هُناك
وطني هُنا
وأنا أنا
ما بدّلتني النائباتُ، وما احتشدتُ لغيرهِ
ما ذلّ عزفي، ما انحنى
لم أشربِ الأحلامَ غيرَ بكأسهِ
لم أسْكرِ الأضلاعَ دونَهْ
اني أحبُّك يا صديقْ
وطني الظلامة والبريقْ
وهو المياهُ هو الحريقْ
وهو العتامة والسطوعْ
لا تعْذلوا الهَيّامَ ان رامَ الرجوعْ
وأذلّ مدمعه حدادا
وطني يغيبُ هنيهة
لكنّه حتما يُفيقْ
وبأبيض الأحلامِ يغتالُ السوادا!