السبت، ديسمبر 31، 2016

نبيلة الفولي تكتب : أستحق الأفضل






أستحق الأفضل بالتأكيد
بل الأفضل على الإطلاق
فأنا امرأة غير عادية
فى وطن عادي
وبين إناس عاديين
أستحق الأفضل بالتأكيد
حين نبتة برية للجنون فى نخاع العالم
ينتقون جذعي لرعايتها
فأحتضنها فى حويصلة؛ وأزرع زهرات مضادة؛
فى جنونهم وأعينهم
وأوزعها على الشوارع الخلفية لشوارعهم
حتى "أبستن" كل مقالب النفايات فى حاراتهم الموبوءة
التى قذفوني بها خلف أسوارهم
فيتسع الهواء فى فقاعة كبيرة تحوطني
ويتسع اخضراري؛ ويمتد إلى خارجي
ليغير كل جدب يلامسني
ويتسلق الحواجز؛ ويمتد بعد أسوارهم
أستحق الأفضل بالتأكيد
حين تقص الحياة أطرافي
وأتكئ على كتلتي المبتورة
فأستطيل حتى أرى الجميع؛ ولا يراني
وأبكي على مصيري الأرفع
فتجرى الأنهار تحت أقدامي
ولا أطول مياهي؛ ويطولها من هم دوني
وأستسقي الماء من قطرات ندى؛
أو تعرق؛ أو مطر
أستحق الأفضل بالتأكيد
حين أكره الفئران جداً
وتقرضني الحياة فأرا كبيراً
ليسكنني كجحر فى بيتي؛
أضع له الطعام والشراب كل يوم
على مائدة طعامي
وأغير له ملاءات الأحلام كل ليلة
ليحتلم على وسادتي
وأرضعه من ثديي بلا فطام آجل !
أو إقلاع عن اشمئزاز لإختلاف جنسينا
أو إبادته من مكافحة الأمراض فى جلدتنا
فإناسنا لا يحاربون الفئران
بل كل منهم يأوي فئرا فى بيته بطريقة ما
ويتعايش معه ومع أمراضه بطريقة ما
لكنني لم أقو على هذا الإيواء؛ ولا ذلك التعايش
ولا أجدت التعامل مع تلك ال "ما"
أو الإستمرار فى "قرقضة" الروح!
فأنا أستحق الأفضل بالتأكيد
حين تأكل الجرذان فى مدينة الأحلام
الأوراق النقدية من صدر أمي
لتجبرني أن أعول حتى أعال
وأن أفني حتى أبقي
وأن أكون خنثي وأنا اكره الشذوذ!
فأنا أستحق الأفضل بالتأكيد
حين أنواء الحياة تقلب روحي فى مجاهل سحيقة
وأعافر حتى أطفو بها؛
فألتقط قلبي من غرقه؛
وأنفخ فيه من روحي؛
لأعود فى أجزاء متلاصقة
أبني وحدي مدينة للحلم بديلة
بين أنقاض مدينتنا المشردة أحلامها بطول وعرض البلاد
فأنا أستحق الأفضل بالتأكيد
حين لا يعطيني الوطن مقاسات مناسبة لي ولأولادي
فأقلب الملابس القديمة لأضبط قياساتهم؛ وأجددهم
وأتخير ألوانهم كيف شاءت لنا الطبيعة؛ لا التطبع
وأصنع نماذجا تضاهي أفكارنا؛ وضمائرنا
فتستطيل أعناقنا
وتعرض صدورنا؛
ونستقيم فى اعوجاع أقراننا؛
ولا نجد مفرا للخروج عن أضدادنا
إلا القبض على الجمرات
لا لإلقائها فى وجه شياطينهم
بل للمرور بأثقالنا؛
من ثقب إبرة!!
أستحق الأفضل بالتأكيد
حين تخلو روحي من قرين
ويخلو قلبي من صفي
وتخلو أعضائي من ضلع لم يخرجني إلى الوجود بعد
يلتمع كنجم خاطف لعيني
فأمد يدي لأقطتعه من السماء
ليصاحبني فى ضلال الرحلة
ولا أستبدل قناعاتي بعلاجات بديلة
فأتحمل آلام المسامير فى عظامي ولحمي؛
وصلب الروح على مقدساتي؛
وقروح الجسد المتقرح فى عين الإله
وحقد الشمس
فأنا حتماً أستحق الأفضل..
بالتأكيد.

ليست هناك تعليقات: