الأربعاء، يونيو 17، 2015

علبة معدنية خصصتها للبنّ. الشاعر أمجد ريان



علبة معدنية خصصتها للبنّ

..
هذه النافذة فى البيت المقابل ، دائماً مغلقة 
أظل أتأملها ، وأنا أشرب القهوة من الفنجال العميق الغليظ 
حافة الفنجال دافئة ، والأبنية متراصة فوق الأبواب 
بامتداد الأعماق الشرقية ، ونحن نمشى فى الشوارع بلا تفكير 
وكل بضعة خطوات تكون نهاية جائعة . 
.
الفوهة التى عند الأفق شبه معتمة 
وفى البيت المقابل ، النافذة المغلقة على الدوام 
وأنا أتخيل خلفها امرأة بارعة الجمال يعزلونها 
حتى لا تأكلها العيون الجائعة ، 
وأحياناً ، أتخيل خلف النافذة رجالاً غامضين 
مشغولين فى مهام كبيرة .
.
لابد أن أنزل فوراً ، لأن التاكسى ينتظرنى تحت البيت ، 
وعند الميدان المكتظ ، سأغادر التاكسى ، 
وأمشى فى قلب الزحام 
والناس يدفعوننى ، من الجانب ومن الخلف 
ولا أحد يعرف إلى أين يتجه ؟ وماذا يريد ؟ 
.
وجهى شاحب ، والمحطة تسد الشارع بالعرض 
وأنا خطواتى ثقيلة ثقيلة .
. 
النافذة الغامضة لاتنفتح أبداً .. 
وأنا أظل أتوهم احتمالات كثيرة ، 
أدخل المطبخ وأشعل البوتجاز 
بعد أن أضع الكنكة على العين المشتعلة 
ثم أفتح علبة البنّ ، وأقربها من أنفى 
وأظل طويلاً : أشم هذه الرائحة الساحرة 
للبن الطازج .

ليست هناك تعليقات: