الأربعاء، يناير 21، 2015

رامز طويلة: سيأخذ شعر «الهايكو» هويته العربية دون المساس بقواعده اليابانية


القدس العربي
اسطنبول ـ حوار علوان زعيتر: بالتوازي مع الانحدار الذي تعاني منه فاعلية الكتابة الأدبية العربية عموماً على مستوى الوضع العربي الراهن، من باب عدم قدرتها على استيعاب الانهيارات التي تقاومها الذهنية العربية، ولو بالحد القليل، استطعنا أن نرصد تحركاً تصاعدياً باتجاه تطور فاعلية الكتابة العربية الأدبية، من خلال علامات وأشراط تأذن بقيامة جديدة في عوالم الشعر العربي وتتمثل في ممارسة فن «الهايكو» الشعري ذي الأصول اليابانية، ليتم سحبه على نموذج جديد من نماذج الشعر العربي.
هذا الفن الذي بالفعل تأثرت به قامات شعرية عالمية، أمثال عزرا باوند، هيوم، فيلنت، تان غراد، ييتس، فروست، ايمي لويل، كونراد ايكن، اكتافيو باز، داج همرشولد، توماس ترانسترو مر، فكان لها ذلك الانتاج المذهل من مشكاة قصيدة «الهايكو» اليابانية متجاوزة كون هذه النوعية من الكتابة الشعرية ستبقى مأسورة للسانيات اللغة اليابانية، وهذا بالضبط ما تنفعل به الآن مجموعات مهمة من الأقلام العربية المحترفة، أو ناعمة الأظفار، من خلال جهود حثيثة لرفد الكتابة الشعرية العربية بنموذج «الهايكو العربي»، على غرار السيرة الذاتية لولادة قصيدة التفعيلة، ومن ثم قصائد النثر العربي.
ولنتعرف على «الهايكو» أكثر التقينا بالدكتور رامز طويلة شاعر «هايكو» ومؤسس مشروع «الهايكو» العربي:
■ أولا أحب ان نتعرف أكثر إلى «الهايكو»؟
□ هايكو أو هائيكو (باليابانية: 俳句) هو نوع من الشعر الياباني يحاول الشاعر من خلال ألفاظ بسيطة بعيدة عن التأنق وزُخرف الكلام وصف مشهد بعفوية، ومن دون تدبر أو تفكيرأو مشاعر سلبية والتعبير عن مشاعر جياشة وأحاسيس عميقة بنظرة تأملية يُظهر الهايكيست فيها عنصر الدهشة، لتصل إلى المتلقي مسببةً له لحظة من الذهول والدهشة أمام هذا العمق للجمال والحركات البسيطة التي من حوله والتي عادة ً لا ينتبه لها.
تتألف أشعار الهايكو من بيت واحد فقط مكون من سبعة عشر مقطعا صوتيا باليابانية وتكتب عادة في ثلاثة أسطر (خمسة، سبعة ثم خمسة). وقد ازدهر الـ»هايكو» في مرحلته الأولى في القرن الـ17، بفضل ماتسو باشو 1644-1694 المعلم الأول لهذا الفن بلا منازع .
ومن أهم شعراء «الهايكو» الأوائل الذين أثروا في مسيرة قصيدة «الهايكو»، الشاعر ماتسو باشو في القرن السابع عشر، وهو اول من اختصر الهايكاي نورنجا إلى هايكو.
يعالج شاعر «الهايكو» موضوع الطبيعة، وغالبا يُضمّن قصيدته إحساسا بالموسم ذي العلاقة الوثيقة بمفردات الطبيعة المحيطة، وعموما هذه القصائد لا تهتم بالبلاغة البيانية من تشبيه واستعارة، ومع ذلك فإن فن الهايكو قد يعتمد على بلاغة البديع مثل الجناس. وهذه بعض النماذج من قصائد أهم الشعراء اليابانيين:
«باشو»:
يزوي الربيع / تصرخ الطيور/عيون الأسماك مملوءة بالدموع
«يوسا بوسون»:
الفراشة التي حطت/ على جرس المعبد/ تنام بسكون
■ هل ثمة تقاطع بين «الهايكو» وقصيدة النثر؟
□ الحقيقة رغم وجود تقاطعات كثيرة بين «الهايكو» وقصيدة النثر، التي تتميز بسردية أكبر وتتناول كل الأفكار الممكنة ولا ترتبط بزمنية معينة، مما يتيح حرية استخدام كل مكونات اللغة عكس «الهايكو» الذي نجد من خلاله اهتماما أكبر باللحظة الآنية، إلا أن العمق التأملي بـ»الهايكو» أكبر بكثير وهذا هو منبع الدهشة.
■ ومشروعكم؟
□ من خلال مجموعة شعر «الهايكو» التي قمت بتأسيسها مع مجموعة من الشباب المتحمس حاليا نحن بصدد إجراء حوارات ونقاشات نحو «هايكو» عربي لتحديد نمطية «الهايكو» والنهوض بهذا الفن النبيل ليأخذ هوية عربية، من دون المساس بالأصول الكلاسيكية والقواعد العامة لبنية وجوهر «الهايكو» وحين تتبلور الصورة ربما يكون لنا لقاء آخر يكون فيه تحديد أكبر لما سيتمخض عنه هذا المختبر اللغوي إن صح التعبير.
■ وهل «الهايكو» هو ثورة جديدة وتجديد في الشعر العربي ونقلة في الشعر العربي، أو هو حالة انفصال تشبه انفصال السياب عن المتنبي؟
□ لا يمكن أن نقول ذلك فـ»الهايكو» بطبيعة الحال مستورد وحديث العهد، رغم أنه توجد محاولات مهمة منذ أوائل الثمانينات لعدد من الشعراء العرب. وتجربة الشاعر محمد الأسعد ولؤي ماجد سليمان من التجارب المهمة، وحاليا وعبر شبكات التواصل الاجتماعي يوجد عدد كبير من الشعراء المهمين الذين طوّعوا اللغة العربية واستنبطوا نماذج جديدة، ولكن كل هذا الحراك مازال ببداياته، وربما يستمر فترة طويلة داخل المخبر اللغوي كي ينضج وينتج عنه هايكو بهوية عربية يُعتد به على المستوى العالمي.
وبالنسبة للشق الثاني من السؤال الحقيقة لا يمكن اعتبار «الهايكو» انفصالا أو انتقالا من مرحلة أدبية سابقة، رغم أن الأعمال الأدبية العربية تحمل الكثير من لمحات «الهايكو» فالومضة الشعرية والشذرة والخاطرة لا تخلو من هذه اللمحات، ولكن ليست «هايكو؟» من الناحية البنيوية والقواعد الكلاسيكية الأساسية.
■ نريد لمحة عن تجربتك وعن مجموعة شعر «الهايكو» والمجموعات المهتمة بشكل عام بشعر «الهايكو» العربي؟
□ كانت البدايات مع عدة مجموعات راقية، مثل مجموعة عشاق «الهايكو» ومجموعة «الهايكو سوريا» وهناك العديد من المجموعات المهمة كذلك، ثم قمت مع الشاعر محمود موزة ومجموعة من الشباب المتحمسين بتأسيس مجموعة «شعر الهايكو»، وحاليا أدير مجموعة أرشيف «شعر الهايكو «ومجموعة «شعرالهايكو».
https://www.facebook.com/groups/versehaiku1/
إضافة لصفحة شعر الهايكو المرتبطة بهما
https://www.facebook.com/versehaiku
وعبر التفاعل بين أعضاء المجموعة من جهة والتعاون الموجود بين المجموعات عموما لسبب تشارك أغلب الأعضاء المهتمين والأساتذة المبدعين بقصيدة «الهايكو» بين المجموعات حقيقةً يمكن اعتبار هذه المجموعات كمختبر للقصيدة يتم من خلالها اكتساب الخبرات وتطور المستوى العام لشعر «الهايكو» ..
■ هل بالضرورة أن يكون الهايكست ذا خلفية شعرية؟
□ لحد الآن لا يوجد اتفاق على هذه النقطة، ولكن لا شك أن صياغة «الهايكو» تحتاج لشاعرية، ولكنها من نوع خاص ولامتلاك أدوات اللغة بشكل جيد. وأنا شخصياً أعتقد أن الهايكست يجب أن يكون شاعرا، وليس بالضروة أكاديميا.
وبالنسبة لي أكتب الشعر الحر ولي العديد من القصائد التي نشرت بعضها على البروفايل الخاص بي، والحقيقة انتقالي لشعر «الهايكو» ربما فرضه ايقاع العصر الذي يسير بطبيعة الحال باتجاه اللقطة السريعة بكافة المجالات الأدبية، وهذا ما نراه كذلك بالقصيدة النثرية والقصة القصيرة،
وبعد تعرفي على شعر «الهايكو» وجدت ان كثيرا مما كتب يحتوي على هذه اللمحات التي قمت بإعادة صياغتها وتحويل بعضها لقصائد «هايكو» جميلة، وسأذكر لك هذه القصيدة على سبيل المثال:
بُعدك عني …
أسْندتُ ظهـري للقصيدة
وراحت يداكِ تداعبُ الحروف
وكأنـكِ حبرٌ على جريدة
وريشةٌ في جسدي تطـوف
فصارت أهـوائي غريبة
وبقَيتُ وروحي بـكِ شغوف
واعتلى بالشريان نبضٌ
مُذ لامستْ وجهكِ راحاتُ الكفوف
وكـأنّ بُعـدكِ عنـي ..
ما غيّرَ حقيقة قلبي الملهوف
فالسرابُ لا يُفني الصحارى
ولا يخبو القمر بعدَ الكسوف
■ نود ان نتعرف على تجربتكم كشاعر «هايكو» عن قرب وحبذا لو تختار لنا بعض نماذج «الهايكو»؟
□ سأختارلك مجموعة متنوعة بعدة أنماط من قصائد هايكو وتانكا ونماذج موزونة:
على جرفٍ صخري
تتلاطمُ الأمواجُ متلاحقة
لا تطالُ ظلّي
يتناثرُ الرذاذ مُنعشاً وجهي
بألوانِ الغروب الزاهية
«تانكا»
* * * *
يكتمُ خَوفـه
عند الحـلاّق ـ
المُوْسَى على رقبتِـه
«سِـنْرْيـو»
* * * *
خَلفَ الأسوارِ عَوسج
مُوَشَحاً قطرات ندى تُقَزِّحُ الضوء
يَمسَحُ الزَهرَ بنفسج
* * * *
علـى صَفيـحِ البُحيـره
مُتجاورةً ترتمي ظلالُ أشجار الحور
لا تعكسُ لمعانَ أوراقه
* * * *
يفوحُ عبق الياسمين
هفهافاً عبر خُصلات شعركِ
يملؤني بخور مرنّمين
* * * *
حبّةُ زَبيب
حلاوةٌ وتجاعيد
تُطلُّ جدّتي
* * * *
رغم الأشواك
متعانقتان
صبّارةٌ وجوريّة
* * * *
قوسه يحزّ
صدر الكَمان
وتسألُني لمَ الأنين
■ ما هو تطلعكم او رؤيتكم لـ»الهايكو» بالمستقبل؟
□ لقد تم تشكيل لجنة خاصة بالمجموعة لتقييم ما ينشره الأعضاء على الجدار، وكذلك نقوم بتنظيم عدة نشاطات للتشارك بالموضوع نفسه «الهايكو».. وحاليا نحن بصدد مشروع نهضوي يهدف إلى رسم هوية لـ»هايكو» عربي ويتشترك في هذا الحوار الجاري مجموعة من الأساتذة والمبدعين والنقاد والحقيقة هذا الملف مهم جداً ويقوم بإدارته الشاعر والناقد باسم القاسم. ونأمل من خلال تفاعل الأعضاء والأساتذة القديرين الوصول لنتائج نحقق من خلالها نهضة بـ»الهايكو» العربي ليأخذ مكانه اللائق بين الفنون الشعرية الأخرى وبين مثيلاته العالمية

ليست هناك تعليقات: