الأربعاء، يناير 21، 2015

ضمن ملف أديبات من الصعيد :- إ ضاءات الروح و البدن قراءة فى ديوان " من ضيا البدن " للشاعرة منال الصناديقى بقلم / احمد الشافعى - عضو اتحاد كتاب مصر



تتميز منال الصناديقى بأنها اختارت منهجا شعريا أخلصت له و أجادت فيه بمنتهى الروعة .. فقد آثرت الصناديقى أن تصل بنصوصها الى الغاية الأسمى من الشعر و هى الوصول بلغتها إلى ما يطلق عليه الانحراف باللغة إلى لغة فوق اللغة ، و ما أصعب ذلك خصوصا فى شعر العامية التى يمتحى فيها الشاعر مفرداته من لغة العامة ؛ فإذا بمنال تنسج من هذه المفردات نسقا خاصا فريدا يستحق التأمل و الدهشة ..
 و لذلك ؛ فإن أهم ما يلفت نظرنا فى شعر منال الصناديقى أنها لا تتوقف كثيرا أمام بعض القواعد الشكلية كالموسيقى و القافية و الإيقاع الداخلى و الخارجى رغم ثقتنا فى قدرتها و تمكنها من هذه الأدوات .. يبدو و كأنها كما تأثرت بمفردات الصوفية فى شعرها .. فقد تأثرت بروح الصوفية التى لا تقف أمام العثرات فى سبيل الوصول إلى عين اليقين ..
 و لا أجد للحديث عن شعر منال الصناديقى أفضل مما ذكره د رمضان حسانين فى دراسته عن ديوانه " براح " تحت عنوان " منال الصناديقى – كسر أفق التوقع و الانفتاح الدلالى " حيث قال : تتميز الشاعرة منال الصناديقى بما تقدمه من رؤى حداثية من ناحية و انفتاح الحقل الدلالى لنصوصها من ناحية أخرى ، هذا التعامل الحداثى مع النص لا يأخذه إلى دائرة الغموض تلك التى توسع الفجوة بين النص و المتلقى و لكنها تعكس بعدين تشكيليين فى بنية النص الشعرى : البعد الأول يتمثل فى المعنى الشعرى الذى أصبح ترشحه هالة من الغموض الشفيف تضفى عليه قدرا من المهابة و الجلال و السحر بحيث يلوح المعنى من وراء هذه الهالة كما تلوح الأعين الجميلة من وراء أغلالها شفافة على حد تعبير الشاعر الفرنسى فيرلين – البعد الثانى هو كسر أفق التوقع الذى يؤدى بالنص إلى الانفتاح الدلالى أو كما يقول د . عزيز محمد عدمان فى مقاله بمجلة عالم الفكر مارس 2009 إن انفتاح النص على سيل من الدلالات هو انفتاح منتج بالنظر إلى طبيعة النص الخلاقة التى تستجيب للتجديد و الاختلاف لأنه نص تكون من رموز و إشارات حية مشبعة بإمكانات دلالية واسعة مما يدل على أن العمل الأدبى يستوجب نصيبا كبيرا من الكثافة الدلالية التى تؤهله لقراءات متعددة و أغلب الظن أن طبيعة ثراء النص و غنى دلالاته هى التى تتيح له تجاوز محدوديته إلى فضاءات دلالية مثمرة بحيث يسمح بتعدد القراءات للنص الشعرى الواحد من خلال المعجم الخاص الذى مزجت فيه اليومى و المعيشى بالأنثوى و الطفولى ؛ لتخرج علينا بلغة جديدة غاية فى الخصوصية تعكس وعيا بطاقات اللغة و طرق توظيفها فى بناء النص الشعرى لتقدم من خلاله تجربتها الخاصة .
 تميز الديوان بالوحدة الفكرية التى ربطت نصوصه و سيادة أجواء من اللغة و الروح الصوفية تتناسب مع العنوان الذى جاء متفقا مع عبارة صوفية شهيرة " ضياء الروح .. ضياء للبدن " فكأن العنوان هذه المرة ليس عتبة أولى على الديوان فحسب و لكنه عتبة أولى على محراب الدخول الى فيض التجليات لدى الشاعرة و كأن قصائد الديوان فيض من تجليات الروح التى أضاءت البدن ..
 و يمتد ذلك فى عناوين كثير من النصوص مثل " حضرة – وصل – حالات من ضيا البدن – خلاص – هفهفة " و مفردات مثل " الروح – الحلاج – الكينونة – البخور – نور المصطفى " و صور مثل : و لو غابت الحقايق حين ما انطفى / ح ادوّر عليها جوارح و هاسأل الأكوان "
 و لعل فى هذه الدفقة الشعرية و الشعورية المتوالية فى قصيدة رسايل 2 نموذج واضح لتجلى اللغة الصوفية فى ديوان الشاعرة .. تقول :
 أنا كنت هايم فى السما طلقة
 و النور بيحدف عينى للملكوت
 صياد و جامع م الأنبيا رسايل
 و الفورة لحظة
 و الكلام ألوان "
 ثم نجد إشارات إلى عيسى عليه السلام و الصحابة و يوسف و زليخة و يونس ما يعكس أثر التراث الدينى على مفردات الشاعرة و لغتها
 كما نلاحظ تكرار مفردات الخلاص فى كثير من النصوص ما يعكس مضمونا فى لاوعى الشاعرة التى تبحث روحها الوثابة عن تحررها و خلاصها من قيود البدن و عثرات الأشباه كما يقول الصوفية وصولا إلى غاية الغايات و منتهى الحقيقة و عين اليقين
 و هذا التشظى للروح الباحثة عن الخلاص يتمثل فى التأثير البصرى لبعض المفردات التى آثرت الشاعرة أن تفكك حروفها و كأنها تتمثلها حرفا حرفا بكل كيانها مثل : أنا لسة ج و ا ك ى / ا ل أ غ ن ي ات /ه ف ه ف ة
 كما يتمثل فى تكرار حروف المد دلالة على إطالة مدد الزفرة الشعرية و الشعورية مثل : خلاااااااااااااااص / كبيييييييييييييير / بعييييييييييييييييد / احااااااااااااااوط
 و يعلو هذا الزفير الوجدانى و كأننا فى ذروة الحضرة الروحية و الشعرية عند منال و هى تقول :

 الله الله
 يا روح الروح
 كتاب مفتوح
 بيقرانى فى وقت البوح
 ف ضى الريح

 و لا يخلو الديوان من استراحات لروح الشاعرة على لمحات من الطفولة أو مناجاة هامسة لصديقتها الراحلة أمل سعد فى قصيدتها " أمل ماماتتش "
 ربما المأخذ الوحيد الذى نلحظه فى ديوان منال هو استخدامها أحيانا لمفردات قد تبدو نشازا فى فيض التجليات التى يحملها هذا الديوان كمفردة " ضفدع " فى قولها : دنيا تشبه ضفدع / بينطر كل أوجاعه .
 و مفردات مثل مسمكرين فى قولها مسمكرين الروح – و مفردة نقايد فى قولها نقايد حشاها

 و أخيرا فإنه لن يمكنك بعد قراءة ديوان " من ضيا البدن " إلا أن تشعر بحالة من صفاء الروح و ضياء البدن و أن تهتف : الله .. مدد .. مدد


احمد الشافعى 
إضاءات الروح و البدن
 قراءة فى ديوان " من ضيا البدن " للشاعرة منال الصناديقى
 بقلم / احمد الشافعى - عضو اتحاد كتاب مصر

 تتميز منال الصناديقى بأنها اختارت منهجا شعريا أخلصت له و أجادت فيه بمنتهى الروعة .. فقد آثرت الصناديقى أن تصل بنصوصها الى الغاية الأسمى من الشعر و هى الوصول بلغتها إلى ما يطلق عليه الانحراف باللغة إلى لغة فوق اللغة ، و ما أصعب ذلك خصوصا فى شعر العامية التى يمتحى فيها الشاعر مفرداته من لغة العامة ؛ فإذا بمنال تنسج من هذه المفردات نسقا خاصا فريدا يستحق التأمل و الدهشة ..
 و لذلك ؛ فإن أهم ما يلفت نظرنا فى شعر منال الصناديقى أنها لا تتوقف كثيرا أمام بعض القواعد الشكلية كالموسيقى و القافية و الإيقاع الداخلى و الخارجى رغم ثقتنا فى قدرتها و تمكنها من هذه الأدوات .. يبدو و كأنها كما تأثرت بمفردات الصوفية فى شعرها .. فقد تأثرت بروح الصوفية التى لا تقف أمام العثرات فى سبيل الوصول إلى عين اليقين ..
 و لا أجد للحديث عن شعر منال الصناديقى أفضل مما ذكره د رمضان حسانين فى دراسته عن ديوانه " براح " تحت عنوان " منال الصناديقى – كسر أفق التوقع و الانفتاح الدلالى " حيث قال : تتميز الشاعرة منال الصناديقى بما تقدمه من رؤى حداثية من ناحية و انفتاح الحقل الدلالى لنصوصها من ناحية أخرى ، هذا التعامل الحداثى مع النص لا يأخذه إلى دائرة الغموض تلك التى توسع الفجوة بين النص و المتلقى و لكنها تعكس بعدين تشكيليين فى بنية النص الشعرى : البعد الأول يتمثل فى المعنى الشعرى الذى أصبح ترشحه هالة من الغموض الشفيف تضفى عليه قدرا من المهابة و الجلال و السحر بحيث يلوح المعنى من وراء هذه الهالة كما تلوح الأعين الجميلة من وراء أغلالها شفافة على حد تعبير الشاعر الفرنسى فيرلين – البعد الثانى هو كسر أفق التوقع الذى يؤدى بالنص إلى الانفتاح الدلالى أو كما يقول د . عزيز محمد عدمان فى مقاله بمجلة عالم الفكر مارس 2009 إن انفتاح النص على سيل من الدلالات هو انفتاح منتج بالنظر إلى طبيعة النص الخلاقة التى تستجيب للتجديد و الاختلاف لأنه نص تكون من رموز و إشارات حية مشبعة بإمكانات دلالية واسعة مما يدل على أن العمل الأدبى يستوجب نصيبا كبيرا من الكثافة الدلالية التى تؤهله لقراءات متعددة و أغلب الظن أن طبيعة ثراء النص و غنى دلالاته هى التى تتيح له تجاوز محدوديته إلى فضاءات دلالية مثمرة بحيث يسمح بتعدد القراءات للنص الشعرى الواحد من خلال المعجم الخاص الذى مزجت فيه اليومى و المعيشى بالأنثوى و الطفولى ؛ لتخرج علينا بلغة جديدة غاية فى الخصوصية تعكس وعيا بطاقات اللغة و طرق توظيفها فى بناء النص الشعرى لتقدم من خلاله تجربتها الخاصة .
 تميز الديوان بالوحدة الفكرية التى ربطت نصوصه و سيادة أجواء من اللغة و الروح الصوفية تتناسب مع العنوان الذى جاء متفقا مع عبارة صوفية شهيرة " ضياء الروح .. ضياء للبدن " فكأن العنوان هذه المرة ليس عتبة أولى على الديوان فحسب و لكنه عتبة أولى على محراب الدخول الى فيض التجليات لدى الشاعرة و كأن قصائد الديوان فيض من تجليات الروح التى أضاءت البدن ..
 و يمتد ذلك فى عناوين كثير من النصوص مثل " حضرة – وصل – حالات من ضيا البدن – خلاص – هفهفة " و مفردات مثل " الروح – الحلاج – الكينونة – البخور – نور المصطفى " و صور مثل : و لو غابت الحقايق حين ما انطفى / ح ادوّر عليها جوارح و هاسأل الأكوان "
 و لعل فى هذه الدفقة الشعرية و الشعورية المتوالية فى قصيدة رسايل 2 نموذج واضح لتجلى اللغة الصوفية فى ديوان الشاعرة .. تقول :
 أنا كنت هايم فى السما طلقة
 و النور بيحدف عينى للملكوت
 صياد و جامع م الأنبيا رسايل
 و الفورة لحظة
 و الكلام ألوان "
 ثم نجد إشارات إلى عيسى عليه السلام و الصحابة و يوسف و زليخة و يونس ما يعكس أثر التراث الدينى على مفردات الشاعرة و لغتها
 كما نلاحظ تكرار مفردات الخلاص فى كثير من النصوص ما يعكس مضمونا فى لاوعى الشاعرة التى تبحث روحها الوثابة عن تحررها و خلاصها من قيود البدن و عثرات الأشباه كما يقول الصوفية وصولا إلى غاية الغايات و منتهى الحقيقة و عين اليقين
 و هذا التشظى للروح الباحثة عن الخلاص يتمثل فى التأثير البصرى لبعض المفردات التى آثرت الشاعرة أن تفكك حروفها و كأنها تتمثلها حرفا حرفا بكل كيانها مثل : أنا لسة ج و ا ك ى / ا ل أ غ ن ي ات /ه ف ه ف ة
 كما يتمثل فى تكرار حروف المد دلالة على إطالة مدد الزفرة الشعرية و الشعورية مثل : خلاااااااااااااااص / كبيييييييييييييير / بعييييييييييييييييد / احااااااااااااااوط
 و يعلو هذا الزفير الوجدانى و كأننا فى ذروة الحضرة الروحية و الشعرية عند منال و هى تقول :

 الله الله
 يا روح الروح
 كتاب مفتوح
 بيقرانى فى وقت البوح
 ف ضى الريح

 و لا يخلو الديوان من استراحات لروح الشاعرة على لمحات من الطفولة أو مناجاة هامسة لصديقتها الراحلة أمل سعد فى قصيدتها " أمل ماماتتش "
 ربما المأخذ الوحيد الذى نلحظه فى ديوان منال هو استخدامها أحيانا لمفردات قد تبدو نشازا فى فيض التجليات التى يحملها هذا الديوان كمفردة " ضفدع " فى قولها : دنيا تشبه ضفدع / بينطر كل أوجاعه .
 و مفردات مثل مسمكرين فى قولها مسمكرين الروح – و مفردة نقايد فى قولها نقايد حشاها

 و أخيرا فإنه لن يمكنك بعد قراءة ديوان " من ضيا البدن " إلا أن تشعر بحالة من صفاء الروح و ضياء البدن و أن تهتف : الله .. مدد .. مدد

ليست هناك تعليقات: