الجمعة، مايو 09، 2014

وغابت الشمس قصة للأديبة / كريمان رشاد




وغابت الشمس  

كريمان رشاد

تلون الأفق بلون أحمر نارى معلنا غروب الشمس .. وقفت الشمس كقلب مذبوح تناثرت دماؤها القرمزية لتغطى قطع السحاب المتناثرة على صفحة السماء ..... خرخشت أعواد الذرة وتحرك شبح بداخلها لرجل مبهم الملامح يحمل على كتفه بندقيه ... خرج بترقب إلى الطريق الأخضر الذي يفصل الحقلين عن بعض .. ينهب الأرض بخطاه نهبا كأنه يريد أن يطوي صفحتها المنبسطة أمامه ... خطواته الصغيرة تعبر بحيرات الماء الآسن القزمه قفزاً .... الشمس تميل خلف التله البعيدة .. تقترب رويدا من صفحة الماء علها تطفئ لهيبها بداخلها ... واصلت زحفها لتصعد التلة ... عندما أيقظته فى الصباح أعادت على مسامعه نفس القصة التى كانت تسردها عليه طوال الأعوام الفائته ... أخرجت الجلباب من الصندوق الخشبي وفردته أمامه (( الجلباب به عرقه .. اليوم ترتديه عل روحه الطاهرة تراك فتسترح فى رقدتها )) في قاع الصندوق كانت تربض لم يرها منذ مقتل ابيه في صغرة كان يحلم أن يحملها اليوم اصبحت له ... دفعتها إليه فى الصباح بعدما ألبسته الجلباب .... نظراتها صارمة لم يرها يوما كذلك .. طبعت قبلة حانيه بين عينيه وبصوت أجش ... (( قبل مغيب الشمس )) استدارت عنه ... غرست عينيها فى الصورة المعلقة على الجدار ... اقترب منها ببطء .. تلامست الأيدي اراد ان تحتضنه اشاحت بوجهها وسددت نظراتها للفراغ ... مضى وعلى الباب استدار تلاقت عيونهما ..نظراتها ضائعة .. هتفت بصوت كأنه يخرج من أعماق قبر (( قبل مغيب الشمس )) لامس قرص الشمش صفحة المياه ... اطفئت المياه العذبة لهيبها الحارق .. أخذت تسترق السمع لا يوجد صوت من بعيد سوى حفيف أوراق الشجر وقفز الطيور على صفحة الماء القريبه .. من فوق التل رفعت يديها للسماء .... تمتمت بكلمات واهنه ... سقطت يدها إلى جوارها وما زال لسانها يتمتم بكلماته المجهولة .... الشمس تتوارى خلف الحقول ...اختار موقعه بين أعواد الذرة بدقة ... هكذا يستطيع رؤية الطريق بأكمله تحرك شبح من بعيد ... تحفزت يداه على سلاحه .. احتضنه بقوة كأنه يستمد منه الأمان ... الشبح يقترب منه رويدا انجلت ملامحه إليه يعرفها جيدا محفورة فى ثنايا ذاكرته .. عشر أعوام كامله وتلك الصورة لا تفارق مخيلته ... اليوم أقترب كثيرا من مسعاه ... اهتزت أعواد الذرة من حوله بفعل الرياح .. تسربت رعشة بارده إلى أوصاله وظلت عيونه معلقه بالقادم على الطريق .... لم يبقى من قرص الشمس سوى جزء صغير فوق الماء ... السكون يحيط بكل شئ حولها .. طنينه يملأ أذنيها علت دقات قلبها ... تسارعت انفاسها ... لحظات قليلة ويغب قرص الشمس فى الماء ... تساؤلات عديدة تطل من عينيها ... تقافزت الظنون داخل عقلها .. وفجأة شق السكون طلق نارى قادم من بعيد ... رفعت يدها إلى قلبها ... توقعت ان تسمع طلقة أخرى رداً عليها .. الثوانى تمر بثقل لا يوصف ... الطلقه الأخرى لم تأتي ... هبطت التل وسؤال واحد يشغلها .. وماذا بعد تلك الطلقه ؟! ... وغابت الشمس ....

ليست هناك تعليقات: