الجمعة، أغسطس 26، 2011

رحيل أشهر الساخرين في ألمانيا...لوريو


إسراء بدوى
كلمتنا : 24 - 08 - 2011


توفي الكاتب الألماني الساخر لوريو الذي يعتبر أشهر الساخرين في ألمانيا في القرن العشرين. كان لوريو متعدد المواهب، فهو كاتب ورسام وممثل ومخرج؛ وبهذه المواهب احتل عبر عقود مكانة راسخة في بلاده وترك أرثا فنياٌ ضخماً.
لا نبالغ إذا قلنا إنه ليس هناك ألماني لا يعرف لوريو، الذي توفى م

ساء الاثنين (22/8) عن عمر عن 87 عاماً، من لم يشاهد أفلامه، فقد رأى بالتأكيد إحدى رسوماته، أو قرأ نصاً ساخراً له، أو شاهد "اسكتشاً" من أعماله التلفزيونية الشهيرة. ترك لوريو تراثاً فنياً ضخماً أصبح محفوراً في ذاكرة الألمان. وإذا كان الألمان لا يشتهرون عموماً بالفكاهة أو المرح، فإن من يشاهد أعمال لوريو أو يقرؤها، سيغير بالتأكيد رأيه.

كان لوريو أستاذ الكوميديا القائمة على سوء التفاهم، كما كان بارعاً في الهجوم الساخر على الصفات الشهيرة للشعب الألماني، مثل النظام والدقة، أو الرغبة في إثبات أن المرء على حق دائماً، أو الموضوعية التي تخلو أحياناً من المشاعر. كان ينتقد ذلك على نحو يجبر المشاهد على الضحك على نفسه، ليكتشف أنه ربما يبالغ، أو يأخذ الأشياء على نحو أكثر جدية من اللازم.
ولد لوريو، واسمه الحقيقي فيكتور فون بيلو، في 12 نوفمبر / تشرين الثاني 1923، ابناً لعائلة من الأرستقراطيين. في سنوات طفولته كان العالم كله يمر بأزمة كساد كبيرة تشبه الأزمة المالية العالمية الآن. توفيت والدته في عمر مبكر، لذلك كان الأب، الذي كان ضابطاً بالشرطة، هو الشخصية التي تركت أثراً كبيراً عليه. كان الأب شخصاً حازماً منضبطاً يؤمن بوجوب أن يسيطر الإنسان على مشاعره وأن يخفيها. شارك لوريو في الحرب العالمية الثانية لأنه – كما قال لاحقاً – كان يعتقد أن عليه أن يدافع عن الوطن، غير أنه اكتشف أنه أصبح أداة في يد العصابة النازية.
بعد انتهاء الحرب درس الرسم والغرافيك، ثم بدأ حياته المهنية مصمماً في مجال الدعاية والإعلان. وفي عام 1950 بدأ يعمل كرسام كاريكاتور وككاتب ساخر. وهنا بدأ نجمه في اللمعان. أصدر لوريو كتباً باعت ملايين من النسخ. أما شهرته العريضة فيدين للتلفزيون بها، وذلك عندما كتب ومثل وأخرج "اسكتشات" تلفزيونية في منتصف السبعينات لا تزال تُعرض حتى اليوم بعد أن تحولت إلى أعمال كلاسيكية، مثل هذا الاسكتش الذي تقول فيه زميلته إيفيلين هامان إن الرجال والنساء لا يتوافقان.
نجاح سينمائي ساحق
حقق لوريو أيضاً نجاحاً جماهيرياً ونقدياً ضخماً عندما اتجه إلى الفن السابع. كتب لوريو وأخرج ومثل في فيلمين، كان الأول عام 1988 بعنوان "أوديبوسي"، وتناول فيه عقدة أوديب من خلال كهل يعيش وحده، مرتبط بأمه ارتباطاً وثيقاً يمنعه من الارتباط بامرأة أخرى. وقد عُرض الفيلم لأول مرة في نفس المساء في شطري برلين المقسمة آنذاك. أما الفيلم الثاني له فكان بعنوان "بابا أمام الباب" ويتناول فيه مشكلة الرجل عندما يُحال إلى التقاعد ويتفرغ لعائلته، ثم يكتشف أنه أصبح غريباً عن زوجته وأبنائه.
وبمناسبة عيد ميلاده الخامس والثمانين أُقيمت في ألمانيا عدة معارض احتفت بالفنان المتعدد المواهب لوريو، ومنها معرض كبير في "المتحف التاريخي" بمدينة بون. وكان لوريو قد انعزل في آخر سنوات حياته، ليعيش حياة هادئة في بيته بالقرب من ميونيخ حيث توفي مساء الأمس تاركاً أثراً لا يُمحى في الثقافة الألمانية.

ليست هناك تعليقات: