الاثنين، مايو 16، 2011

الشاعر سعيد شحاتة يكتب :- قصور الثقافة ... والنزول الي الشوارع





تغيرت الأحوال وتبدلت السبل وسطع نجم من سطع وأفل نجم من أفل وما زال النيل يجرى، والشارع المصرى يصارع الحياة والفلول تؤدى دورها على أكمل وجه، والفتة تأخذ طريقا جديدا علينا، والدماء تخضب تراب مصر، والكلاب ينبحون فى قصور السادة والقتلة وهاتكى الحرمات، وأصحاب الأسوار العالية، الحياة تسير كما لو كانت مصر تظهر الآن فى بللورة الساحر الأسود يوجهها كما شاء، ويتحكم فى مصير شعبها كيفما أراد، كل شيء فى جعبة الكاهن المخضرم، وكافة الأشياء غير واضحة المعالم، ساكنو طرة يقودون دفة الشيطان إلى الآن، يتحكمون فى رغيف الخبز، وخرشوف الجنائن وسولار السيارات وأسعار الملابس الداخلية، ونوعية اللب التى يجب أن تفرض على المواطن الجالس أمام مباراة الأهلى وعزبة النخل

كل شيء مرتب ومنسق ومنمق وجميل الطلعة ورائع المحيا حتى هيئة قصور الثقافة، ما زالت تؤدى دورها كما ينبغى، أمسيات وندوات ومحاضرات وجلسات بحثية، ومؤتمرات وعلى الرغم من كل هذا ما زالت الفجوة تتسع بين الثقافة الجماهيرية والشارع، والسؤال البديهى الذى يطرح نفسه ....لماااااااااااااااااااااااذا؟؟؟؟1

الأسباب كثيرة ومتعددة والكل يعرفها، الشرفاء ينوهون عنها فى مقالات عابرة والمنتفعون يتجاهلون كل شيء، حتى أسباب فشلهم، للأسف

الثقافة الجماهيرية ما زالت تتعامل مع المثقف من منظوره فقط ومع الشارع من منظور المثقف ومع بائع الخضار من منظور المثقف، والمثقف الذى اعتدناه يريد إعادة هيكلة الكون بطريقته الخاصة، وإعادة هيكلة الكون وترتيبه تحتاج إلى مزيد من الانفصال والتقوقع عن هذا العالم الفوضوى، لذا ينفصل المثقف الواعى عن العالم ويعتزل الحياة ليعيد صياغة الكون وترتيب مجراته حسبما اتفق مع من هو أعلى منه ثقافة حتى لا يتهم بالرجعية والتخلف

هل بائع البطاطا يمكن له أن يصل إلى هذا الحد من الفلسفة؟

هل الرجل الذى قرر أن يشترى ميدان العتبة له علاقة بكل هذه المجرات؟

أعتقد أن الإجابة تشير إلى استدارة العنق للنفى لا للإيجاب

قضيتنا يا سادة هو الشارع المصرى وخوض غمار المعركة بكل الأسلحة المتاحة للقضاء على التخلف الذى استشرى فى رؤوس القاعدة العامة من البشر، قضيتنا الإنسان البسيط الذى يستخدمه القتلة كآلة للقتل لا آلة للبناء، قضيتنا ترك القاعات المغلقة والبعد عن منصات الشعر ضيقة الأفق للوقوف على منصات الشعر فى وسط الشارع

مصر تحتاج لمد يد العون من الثقافة الجماهيرية وصراعات الكراسى العقيمة دعوها وشأنها، من أراد أن يساهم فى بناء مصر منكم عليه أن يساهم فى بناء ذاته، الشعراء لا يتقاتلون من أجل إدارة، أو من أجل كرسى زائل، اتقوا الله فى مصر، اتقوا الله فى أبناء مصر، اتقوا الله فى ضمائركم

أقسم بالله هذا أوانكم وأوان كل مثقف وأوان كل محب وأوان كل مناضل وأوان كل مصرى، لا يجوز لنا أن نوجه دفة أمورنا لفك النزاعات التى نحرض على ألا يعرفها المقربون، لا يجوز أبدا على أن يستعرض كل منا عضلاته على الآخر ليثبت له أنه الأجدر والأقوى، مصر لا تنظر منا الأقوى ولكن تنتظر الأفضل والأجدر والقادر على خوض المعركة

أحبائى فى الثقافة الجماهيرية

إن لم نواجه الظلاميين وقتلة الأبرياء ببيت شعر يفك شفرة الغل المزروعة فى صدورهم، فبائع الفول القابع على ناصية الشارع يمتلك دورا أفضل من دورنا، إن لم نواجه الفتنة بحزمة ورود من مثقفى مصر بإيعاز من الثقافة الجماهيرية، فبائع الورد على الكورنيش يمتلك بضاعة أهم من بضاعتنا

الحياة لن تتوقف وأسباب الفشل كثيرة وإحصاؤها ممل

وأعدكم أننى -بعد هذا الكلام الذى لا محل له من الإعراب لديكم- سأكون فى الصباح الباكر على باب المحقق دون أن تستدعونى للتحقيق كالعادة

ليست هناك تعليقات: