أخيرا انتبهت الهيئة العامة لقصور الثقافة لمشروع أو قل حلم " المحرك الثقافي " ، وهو مشروع طموح تبناه السيد وزير الثقافة نفسه وُنفذ في الهيئة نفسها منذ سنوات ، وكان كفيلا بنهضة ثقافية شاملة ،وتنفيذ رسالة الثقافة الجماهيرية في ترسيخ قيم الثقافة والفنون والاستنارة عموما ، ومواجهة مظاهر العنصرية والتعصب والتدين الظاهري التي تزداد انتشارا يوما بعد يوم .
معروف ان الثقافة الجماهيرية تتمتع بإمكانيات كبيرة ، " مدرية ثقافة " مجهزة في كل محافظة وبيت ثقافة في كل مركز وقرابة الثلاثين الف موظف وعشرات الفرق المسرحية والفنية ونوادي الادب والمسرح واقسام وادارات الفنون التشكيلية و الشعبية واربعمية مكتبة في مختلف انحاء الاقاليم .
ولو نُفذ مشروع ( المحرك الثقافي ) كما خُطط له وأوكلت مواقع الثقافة الجماهيرية الى نخبة مختارة من شباب المثقفين والادباء النشطين والمستعدين للعمل الثقافي لظهر للثقافة الجماهيرية وجود ملموس في الاقليم المختلفة ، وتمكنت من دورها الذي لا يستطيعه غيرها في مواجهة التيارات الظلامية التي تزداد شراسة وترصدا لقيم الابداع والحرية .
ولكن المشروع عُطل في دهاليز البيروقراطية واللوائح بعد الخطوة الاولى ، أي بعد تعيين عدد كبير من المثقفين والفنانين والادباء الشبان في المسابقة الاولى للمشروع وبعدها ، ولكنهم للأسف لم يفعّلوا ، ومعظمهم يتمشى الان في مقرات الهيئة بلا عمل ، او بأعمال خدمية صغيرة يقوم بها أي موظف ، والاهم انهم يتزايدون باستمرار ، يوميا على الله هناك مثقفين وأدباء شباب يتقدمون للعمل بالهيئة العامة لقصور الثقافة .
وكان المتوقع ان تكمل الهيئة هذا المشروع ، وتوظف الطاقات الثقافية الشابة الموجودة بها أصلا ، وإذ بها تكرره ، وتعلن عن مسابقة رسمية جديدة ل ( المحرك الثقافي ) تنتهي فترة التقدم لها نهاية أكتوبر الحالي ، وهي مسابقة مدهشة حقا ، أهون ما يمكن وصفها به انها محاولة عبثية لتكديس العمالة في هيئة مكدسة ومزدحمة اصلا لدرجة ان موظفيها لا يجدون الكراسي التي يجلسون عليها.
والمؤسف حقا انها تعني الاستغناء عمليا عن خدمات هذا الطابور الطويل من المثقفين والادباء الشبان العامين بالهيئة وتقضي على طموحهم في القيام بأي دور في هيئتهم التي يعملون بها ، و منهم على سبيل المثال لا الحصر الروائيين و الكتاب والباحثين الشباب محمود حامد وصبحي موسى ومحمد الفخراني وعبد الناصر حنفي وحمدي سليمان وياسين الضوي وعماد مطاوع واحمد سامي خاطر ، والشعراء رضا العربي وعبده الزراع وطارق هاشم وعادل سميح ونور سليمان وشهاب عماشة وعمر حاذق وسعيد شحاتة وعزت ابراهيم وحامد انور وغيرهم .
وكل هؤلاء موظفين في الثقافة الجماهيرية، وكل هؤلاء مؤهلين تماما لمهمة ( المحرك الثقافي ) ، ثم أنهم بالتأكيد أكثر خبرة ودراية ، غير ان الهيئة استبعدتهم تماما من المسابقة " المعادة " ودججتها بشروط لا تتوفر في معظمهم ، والاهم ان توفرها – أي شروط المسابقة - في المتقدم لا يعني ابدأ انه صالح لمهمة " المحرك الثقافي " مثل أدباء ومثقفين شاب خبروا العمل الثقافي على مدى سنوات!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق