خبطتين في الرأس
بصعوبة حاول أن يفتح عينيه ويحاول أن يسترد وعيه قائلاً :
- عطشان ياناس حد يسقيني
سمع صوت يقول
- حمد لله على السلامة ياحاج صابر
نظر إليها بثوبها الأبيض ونظر حوله فأدرك أنه في حجرة بأحد المستشفيات كرر طلبه أن يشرب ساعدته على الإعتدال قائله
- أنت نايم من يومين ياحاج صابر أمسك رأسه الذي لفه الشاش
- آه يارأسي أنا اسمي نور شمس الدين
ناولته كوب الماء جذب الكوب من يدها وشرب وحمد ربه استطردت الممرضة قائلة :
- اسمك في البطاقة صابر عوض المصري من العباسية سنك تسعة وخمسين سنة
وقع كوب الماء من يده نظر الى النتيجة المعلقة استجمع قواه اتجه ناحيتها في ترنح دعك عيناه وجد التاريخ الاثنين 25 يوليو 2011 نظر الى الممرضة في ذهول انا لو نايم من يومين هنا زي ماقلتي يكون النهار ده الخميس تمانية أكتوبر سنة ألف وتسعمية واحد وتمانين
أمسكت به الممرضة وعادت به الى سريره صرخ فيها
-أنا فين
حاولت الممرضة تهدئته قائلة انت هنا في مستشفى الدمرداش جيت يوم السبت مصاب باشتباه فيما بعد الارتجاج من أثر ضربه على راسك في أحداث العباسية
صرخ اكثر
- لا أنا خرجت من المطار يوم ستة أكتوبر وانا في التاكسي عرفنا انهم اغتالوا الرئيس السادات قلت حسبي الله ونعم الوكيل السواق كان بيجري في الطريق كل العربيات بتتسابق كنت رايح بلدي في ميت غمر ايوة عند الملف عند كوبري بنها شوفت مقطورة فلتت من عربيتها بتقلب على الطريق خبطت عربيات كتير جت علينا صرخ سواق التاكسي قلنا الله اكبر مسكت في ايدي كيس فيه طرحة وفستان زفاف عشان هاتجوز
وقف يتلفت حوله
- فين فستان الفرح
جرت المرضة خارج الغرفة عادت معها الدكتور قالت له
- تقريبا يادكتور فقد الذاكره
طلب الدكتور من المرضه ان تعطيه حقنه مهدئة وسألها ان كان أهله بالخارج تحضرهم سأله الدكتور عن عمره أجاب انه بعد أسبوع يتم 29 سنة اخبره الدكتور ان عمره الآن كما في البطاقه 59 سنة وبأنه فقد الذاكرة 30 سنه وعادت له اليوم ولابد أن يتقبل إرادة الله داعبه الدكتور قائلا - احمد ربنا انك فقدت الذاكرة في هذه الفترة أكتر الناس كانت في غيبوبة مع انهم في كامل قواهم العقلية
لاحظ الدكتور علامات الاستفهام على وجهه رتب على كتفه وقال له
- بعدين اولادك وزوجتك يحكوا لك كتير لأنك الآن مش هاتفتكر إيه حصل لك في التلاتين سنه دول
دخل الغرفة امرأة في سن الخمسين وخلفها ولد وبنت في عمر الزهور هم اسرته احتضنوه بشوق قائلين له حمد لله على سلامتك ياحاج قالت زوجته للدكتور بأن الممرضة أخبرتهم أنه فقد الذاكرة ولن يتذكرهم قال لها الدكتور
- صحيح لن يتذكركم ولكنه عادت له الذاكرة
نظر الأب صامتا لا يعرفهم بكى أولاده وزجته قال الدكتور
- سأكتب له خروج الآن واذهبوا معه الى بيتكم اعرفوا منه ماضيه وعرفوه بماضيكم .
في البيت قال لهم
- أنا مدرس لغة عربية في مدرسة ميت غمر الثانوية اسمي نور شمس الدين كنت معار الى الإمارات وكنت خاطب زميلتي وراجع نتجوز بعد ما وعدتها ان دي آخر سنة أسافر وجبت معايا فستان الفرح وما عرفت حد بموعد رجوعي اخر حاجة فاكرها هي اغتيال الرئيس السادات والمقطورة جاية ناحية التاكسي كأنها وحش مفترس قالت له زوجته
-ابويا كان سائق عربية نقل رايح دمياط يجيب نقلة جوافة وبلح قابلك في الطريق مربوط الرأس بملابس ممزقه ناحية دمياط شاورت له يركبك معاه ولما ركبت سألك رايح فين انت ما عرفتش قلت له انك ركبت عربيات كتير ومش عارف انت رايح فين سالك عن اسمك ماعرفت وماكان معاك أي اثبات شخصيه ذهب بك لكل اقسام المنطقة اجمعوا انهم مش فاضيين للكلام ده انهم يدورا على اهلك وان البلد في ظروف صعبه جابك معاه البيت هنا في العباسيه احضرت مظروف واخرجت منه جرائد قديمة ناولتها له اخذها شاف صورته قالت والدي عمل نشره في الجرايد بصورتك وانتظرنا حد يتعرف عليك بدون فايده كان بياخدك معاه في كل مكان بالعربيه جايز حد يتعرف عليك استخرج لك أوراق اثبات شخصية بواسطة معارفه وعلمك السواقة واستخرج لك رخصة قيادة وسلمك العربية تشتغل عليها وجد فيك الأمانة والطيبة جوزني لك بعد اربع سنين خلفنا طارق و بعدين سعاد
نظر اليهم يحضنهم بعينيه فتح لهم زراعيه احتضنهم مسح دموعهم قالت زوجته
- طارق مهندس وسعاد مدرسة
ردت سعاد انها مدرسة لغة عربية علق طارق طالعة لك يابابا اكتشف لأول مرة حلاوة كلمة بابا قالت زوجته كانوا وش السعد علينا واخرجت البوم الصور شاهد صور زفافه وصور أولاده وهم صغار وشاهد الصور المعلقة على الحائط بمختلف أعمارهم ضحك قائلاً أنا كبرت كده في يوم وليلة قالت زوجته انت اكبر تاجر خضروات وفاكهة في سوق العبور وعندك جناين فاكهة في دمياط والإسماعلية
قال الأب
- طبعا الباشمهندس طارق اللي بيشرف عليهم ضحك طارق وقال
- بفضل توجيهاتك يابابا
أخبرهم أنه يملك 20 فدان هي ميراثه من والده الثري في ميت غمر وله رصيد كبير في البنك
- في الصباح سنسافر الى هناك وانتم معي أعرفكم على إخوتي
سافروا بسيارة طارق شاور لهم الأب على مكان الحادثة قائلا كأنها كانت بالأمس وقفت السيارة عند بيت العائلة ظهر كأنه بيت اثري طرق البوابة الكبيرة التي بدت متهالكة من الصدأ خرج منها رد الصوت من الداخل
- مش ده منزل المرحوم شمس الدين الشربيني
فتح الباب رجل عجوز
قال لهم تفضلوا أهلا وسهلا دخل بهم الى المضيفه الكبيرة وجد صورة والده وصورتين عرف انها لشقيقه والثالثه له وكلهم بالشريط الأسود نادى الرجل على اولاده الشباب تتجمعوا للترحيب بالضيوف امتلأت المضيفه بالمرحبين قال لهم
- انا نور شمس الدين أخوك ياعبد الحميد
ووقف حتى يحتضنه فلاحظ جفاء الأخ ووجده يبتعد وهو يقول
- أخويا مين نور مات في حادثة وطلعنا له شهادة وفاة بعد ما عثرنا على أوراقة من العربية المقلوبه في الترعة كمان العربية مش فيها حته سليمة وقالو ان الجثه جرفها التيار
قال له أحد الشباب
- يعني انت لوعمنا هاتخد مننا ارضك وفلوسك
ردصابر او نور
- أرض ايه اللي هااخدها انا مش عاوز أرض ولا فلوس أنا عاوز أهلي عاوز أصلي وأساسي وجذوري
- لا خليك أحسن ميت وعلى فكرة احنا كلنا شفت الإعلانات في الجرايد وقلنا لا ما نعرفوش
هنا وقفت زوجته واولاده قالت
- يلا ياحاج صابر قال لها أخوه آه خليك صابر أحسن بلاش تكون نور وخد الصوره دي كمان معاكم وانتم ماشين مش عاوزينها
أخذ طارق ابنه برواز الصورة ونزع عنها الشريط الأسود وقال
- نور أو صابر هايفضل عايش بس عشان البلد تتغير لازم حاجات كتير تتغير فينا أنا جيت مع بابا أشوف أولاد عمي أخدهم في حضني ونلم الشمل
خرجوا من المنزل الكبير نظر اليه الأب من الخارج أكيد هايجي يوم يتجدد البيت ده وابنيه من جديد مش هاسيب حقي فيه
ركبوا السيارة وعند احد المنازل طلبمن ابنه ان يقف نزل الأب من السيارة وأخذ معه الكيس الكبير صعد الى الدور الثاني ضرب الجرس فتحت له فتاه دون أن يشعر قال لها
- انتي ايمان مدرسة الرياضة في مدرسة ميت غمر الثانوية
ضحكت وقالت
- لا دي ماما الله يرحمها
شاهدت دموعه سألته من هو أجاب
- أنا نور شمس الدين مامتك لها عندي الكيس ده فستان زفاف وطرحة
بكت الفتاه
- معقول انت خطيب ماما ماما انتظرتك خمس سنين رافضه أي عريس وكانت متأكده انك عايش وهاتيجي تسأل عليها
سالها ان كانت مرتبطة قالت لا قال لها اخبري أهلك بحضورى لاقابلهم أخطبك لإبني المهندس طارق بكرة بعد صلاة العشاء تركها ونزل يمسح دموعه مشت السياره بهم عند المقابر قرأ الفاتحة وقال لإبنه
- أنا خطبت لك ياطارق ها نيجي هنا تاني بكره ضحك طارق وليه بكرة يابابا خير البر عاجله أنا لمحت العروسه من البلكونه وهي بتبص علينا وامي دعت انها تكون من نصيبي
قالت سعاد
- مبروك ياباشمهندس بنت زي القمر ضحكت الأم وقالت
- مبروك ياحاج صابر
رد قائلا
- صحيح أنا ما عرفش صابر بس صابر هايكون نور قالو جميعا إن شاء الله نور وأمل في بكرة