الأربعاء، أبريل 29، 2015

قبل تكريمه بساعات .. نص مسرحي للراحل أحمد الأبلج



للكاتب المسرحي الراحل : أحمد الأبلج


                     مسرحية احلام وليد ( المشهد الاول )

الشخـصيــات :
* مدير المدرسة 
* الأخصائية الاجتماعية
* مجموعة من الطلبة
- وليد 
- نبيه 
- ماهر
- حسن
- عادل
* الـدجـال 
* مساعد الدجـال
* مجموعة من الطلبة .. ليشكلوا كثافة عددية في مشاهد فناء المدرسة
المشهد الأول
المكان / فناء المدرسة 
الزمان / فسحة منتصف اليوم الدراسي 
[ مجموعة من الطلبة يحاورون زميلهم وليد ]
وليد : أقسم أن ما أحكيه لكم حقيقة 
عادل : لا تقسم ياوليد .. ودعك من هذه الخرافات 
وليد : هكذا أنتم معي دائما .. لا تصدقون قولي
نبيه : أتريدنا أن نصدق أنك رأيت العفاريت هنا في فناء المدرسة ليلاً ؟! 
وليد : ولم لا ؟ 
حسن : لأسباب كثيرة تجعل حكايتك مستحيلة 
ماهر : أولها .. أن مدرستنا هي آخر حدود بلدتنا وسور فناء المدرسة ملاصق للصحراء ..
عادل : وفناء المدرسة مظلم ولا يضاء ليلاًَ..
وليد : [ مقاطعا ] وهذه الأماكن الهادئة المظلمة هي انسب الأماكن للجن والعفاريت كي تلعب وتمرح فيها 
نبيه : مناسبة لهم .. لكنها غير مناسبة لك
وليد : لماذا ؟
حسن : لأنك لا تقوى على مجرد القرب من هذا المكان ليلاً 
وليد : ياجماعة صدقوني
عادل : وإذا صدقناك ..فما الذي أتى بك إلى فناء المدرسة ليلاً؟!
نبيه : خاصة وأن باب المدرسة مغلق .. ولن تستطيع الوصول للفناء إلا عن طريق المنطقة الصحراوية والقفز من فوق السور ...
وليد : وهذا فعلا ما فعلته 
حسن : ولماذا هذه المشقة وهذا العناء 
وليد : المغامرة 
الجميع : [ بتعجب يحمل السخرية ] ماذا تقول ؟!
وليد : حب المغامرة 
نبيه : نحن نعرف أن المغامرة تكون من أجل شئ مفيد 
وليد : وما أفعله مفيد 
ماهر : مفيد لمن ؟! 
وليد : لي 
نبيه : كيف ؟ 
وليد : أريد أن أعرف كل شئ عن هذا العالم الغريب .. هذا العالــم الذي كــانت تحكى لـي عنه جـدتــي [ يسرح بخياله ويستحضر الصورة ] كنت أضـع رأســـي في حجــرها وتضــع هي يــدها فــوق رأســــــي.. وتحرك أصـــابعها فــي نعـــومة بيــن شعـــري.. ثـم تبدأ كلامها : أعوذ بالله من الشياطين..
اللهم اجعل كلامنا خفيفاً عليهم .. ثم تبدأ في ســـرد حكاياتها عن عالم الجن والعفاريت.. 
حسن : إنها حكايات تثير الخوف في النفس
نبيه : بل تثير الرعب والفزع 
عادل : وتطرد النوم 
ماهـر : إن مجرد ذكرها الآن يخيفني ونحن في وضح النهار
وليد : [ يضحك ] فعلاً هذه الحكايات كانت تطرد النوم من عيني
حسن :ألم نقل لك إنها حكايات مرعبة 
وليد : لا لا .. لم يكن الخوف هو سبب هروب النوم من عيني
عادل : فماذا إذاً ؟
وليد : شوقي لمعرفة المزيد عن هذا العالم المجهول 
نبيه : ها أنت تعود بنا إلى بداية كلامنا معك 
ماهر : نحن نسألك أسئلة محددة 
وليد : فلتسألوا ..
حسن : وتجاوبنا بدون لف أو دوران 
وليد : ليس هناك من سبب يدفعني للف والدوران معكم 
نبيه : هل أتيت فعلا إلى فناء المدرسة ليلاً ؟
وليد : مرات عديدة
عادل : آخرها ؟ 
وليد : ليله أمس 
ماهر : أمس كان الجمعة
وليد : [ ضاحكاً بسخرية ] وهل تأخذ العفاريت إجازة؟!
حسن : إذاً قابلتهم ؟
وليد : ولعبت معهم الكرة في فناء المدرسة 
[ زمــلاؤه يضحــكون ]
وليد : ما يضحككم ؟ 
نبيه : هم أيضاً يلعبون الكرة ؟! 
وليد : ولم لا ... وهم يستطيعون أن يفعلوا كل شئ 
عادل : وكيف تفهم لغتهم ؟ 
وليد : يعرفون كل اللغات كما قالت لي جدتي
نبيه : هذا يعنى أنهم يحدثونك باللغة العربية 
وليد : نعم .. بل وعندما يجلسون ليتســـامروا يتبادلون النكات والأقاصيص المضحكة مثلما نفعل 
[ زملاؤه يضحكون ]
وليد : لن تغضبني سخريتكم 
نبيه : هي ليست سخرية .. لكننا في دهشة مما تقول ياوليد
عادل : لأن عالم الجن والعفاريت جنس يختلف عن جنس البشر في كل شئ
ماهر : أي أنه ياوليد .. لا يمكن لإنسان .. أن يصادق أو يتعامل مع واحد من الجان 
وليد : [ بتأكيد شديد ] لكنني أقابلهم فعلاً وهم أصدقائي 
نبيه : اعتبر أننا نصدقك .. فماذا ستستفيد من صداقتك لهذه المخلوقات 
وليد : [وقد تلبسته نشوة حالمة ] وعدهم لي
[ الجميع ينظرون إليه بدهشة ]
عادل : وبماذا وعدوك ؟
وليد : [ حالما ] أن أكون مثلهم 
[ يكتمون ضحكاتهم ويبتعدون عنه قليلاً ]
حسن : مثل العفاريت ؟! 
وليد : كم تمنيت ذلك 
ماهر : ولكنك إنسان 
وليد : سأبقى كما أنا إنسان ..لكنهم سيعلمونني كيف أكون حراً مثلما كانت تحكى لي عنهم جدتي ..أفعل ما أشاء في أي وقت أشاء .. أذهب إلى كل الأماكن التي أريدها وأعود دون أن يشعر بي احد لا أبى يشعر بى .. ولا زوجة أبى تشعر بى ..حتى افتراءات زوجة أبى الكاذبة عنى والتي أنال بسببها أشد العقاب من أبى ..سأرتاح منها .. بل سأجعلها هي التي تنال عقاب أبي كل يوم ..لأنني سأخرب وأفسد لها ما تحضره من طعام دون أن تراني .. حتى يزهق منها أبى ويتخلص منها كما تخلص من أمي من قبل بحجة أنها لا تجيد صنع الطعام .. [ يضحك منتشياً ] 
نبيه : وليد اتجنن يا أولاد 
وليد : [ لازال في حلم اليقظة ] آه أيتها العفاريت .. لو تصدقين معي .. فسأفعل غير ذلك الكثير الكثير.. 
[ صوت جرس انتهاء الفسحة ]
عادل : [ يقترب منه في حذر ] وليد ..وليد .. الجرس دق وانتهت الفسحة
[ أصوات زملاؤه ]هيا ياوليد ..هيا
[ يتركونه مسرعين ]
وليد : [ لنفسه ] ما كرهت صوتا في حياتي كصوت هذا الجرس [ ثم يتحرك ببطء وتثاقل شديدين ]
[ من الممكن أن يكون هنا موضع لوحة غنائية حركية يعتز فيها المؤدون بإنسانيتهم التي كرمها الله على سائر المخلوقات ]
المشهد الثاني
المكان/ حجرة الأخصائية الاجتماعية
الزمان / أثناء اليوم الدراسي
[ الأخصائية الاجتماعية تجلس أمام مكتبها تقلب في أحد الملفات – يدخل عليها مدير المدرسة ]
الأخصائية : [ تقف ]
المدير : السلام عليكم 
الأخصائية : وعليكم السلام 
المدير : [ يجلس ويشير للأخصائية بالجلوس ] 
هل وجدتِ شيئاً في ملفه ؟
الأخصائية : لا شئ غير المعلومات العادية ..فأبوه يعمل مديرا إدارياً لإحدى الشركات .. والولد أكبر إخوته غير الأشقاء .. فوليد من أم .. وأختيه من زوجة أبيه ..وهو يعيش مع أبيه لأن أمه متزوجة من آخر 
المدير : وتاريخه المرضى 
الأخصائية : طلبت ملفه الطبي من الزائرة الصحية .. ولم أجد فيه ما يشير إلى أنه يعانى من أي مرض نفسي أو عقلي
المدير : المشكلة أنه ومنذ عدة أيام .. لازال يردد في المدرسة هذه الخرافات ..
الأخصائية : لقد اتصل بى اليوم أكثر من ولى أمر يسألون عن قصة الأشباح والعفاريت التي تظهر في المدرسة ليلاً 
المدير : لابد أنهم أولياء أمور الطلبة المتغيبين عن المدرسة .. فنسبة الغياب بين الطلبة ارتفعت أمس واليوم كما أخبرني وكيل المدرسة
الأخصائية : سنجد أن المتغيبين معظمهم من الطلبة ضعفاء المستوى العلمي في المدرسة ..
المدير : نعم .. فهذه الفئة تبحث عن أي سبب للتغيب عن المدرسة [ الهاتف المحمول للمدير يرن ]
المدير : [ ينظر في الهاتف ثم للأخصائية ] إنه مدير الإدارة التعليمية .. [ يفتح الهاتف ] السلام عليكم ورحمة الله ..نعم نعم .. أحد الطلبة هو الذي يشيع هذه الخرافة بين زملائه .. الأمر هين وسيتم معالجته إن شاء الله .. نسبة الغياب ليست كبيرة .. وسنتصل بأولياء الأمور حالاً الآن لمعرفة سبب غياب أبنائهم .. إن شاء الله .. لا لا .. الأمر هين كما قلت لسيادتكم .. حالاً إن شاء الله .. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته [ للأخصائية ] مدير الإدارة منزعج .. ويريد تقريراً على مكتبه غداً .. بكل التفاصيل حول هذا الموضوع وما تم من خطوات لاحتوائه
[ صوت نقر على الباب ] 
الأخصائية : تفضل 
نبيه : [ يدخل ] السلام عليكم 
المدير : وعليكم السلام .. ماذا تريد يانبيه ؟
نبيه : وليد ياسيادة المدير 
المدير : ماله وليد ؟ 
نبيه : استغل الفسحة الآن .. وعدد كبير من الطلبة يلتفون حوله في فناء المدرسة .. يريهم المكان الذي يلتقي فيه بالجن والعفاريت ليلاً 
المدير : [منفعلا ] هذا كثير .. ولقد صبرنا عليه أكثر من اللازم 
الأخصائية : [ تشير له بالخروج ] تفضل أنت يانبيه 
نبيه : كنت أريد أن أقول شيئاً ..
الأخصائية : قل يانبيه
نبيه : أرجو من إدارة المدرسة .. أن تترك لنا حل هذه الأزمة 
المديـر : أنتم من؟
نبيه : نحن جماعة الصحافة وجماعة التمثيل 
الأخصائية : وماذا ستفعلون ؟ 
نبيه : سنعقد اجتماعا بعد نهاية اليوم الدراسي لنتفق على ما سنفعله ونعرضه قبل التنفيذ على حضراتكم 
المدير : الأمر لا يحتاج إلى كل ذلك .. فسينال عقابه غدا ً في طابور الصباح ليكون عبرة لمن يحاول إشاعة أفكار هدامة في المدرسة 
نبيه : لو سمح لي سيادة المدير 
المدير : تكلم 
نبيه : وليد أعلن الآن أمام جميع من حوله .. انه يتحدى كل من يكذبه .. فهو على استعداد للحضور هنا ليلاً في أي يوم يختاره من يتحدونه ليريهم هذه المخلوقات وهو يكلمهم ويكلمونه .. فهذه فرصة جيدة جدا كي نكشف للجميع ادعاءاته الكاذبة
الأخصائية : ولو أننا ياسيادة المدير عاقبناه غداً في طابور الصباح ..فسينهى حالة التحدي ويشيع أن إدارة المدرسة هي السبب في حرمانه من إثبات صدقه فيما يدعيه
المدير : إذاً .. اذهب أنت يانبيه .. ولكن لا تنفذوا خطتكم إلا بعد عرضها علي وموافقتي عليها 
نبيه : هذا مؤكد ياسيادة المدير .. السلام عليكم [ يخرج ] 
الأخصائية : [ تنادى ] يانبيه 
نبيه : [ وهو على باب الحجرة ] نعم أستاذتي
الأخصائية : قل لوليد يحضر إلى مكتبي الآن حالاً 
نبيه : سأفعل [ يختفي] 
الأخصائية : [ تبادر المدير قبل أن يسألها ] سأجرى معه حواراً هادئاً .. لعلِّي أستطيع معالجة الأمر معه الآن
المدير : [ يقوم واقفاً ] أرجو أن توفقي [ يخرج ]
الأخصائية : شئ عجيب .. لم أكن أتوقع أن تصل به الجرأة إلى حد إعلان التحدي لكل من يكذبه .. بدأ عقلي يرتبك لفعل هذا الولد .. فما الذي يضخ في نفسه كل هذه الثقة وهذا اليقين بأنه سينجح في تحديه لزملائه.. وأنه سيريهم الجان والعفاريت رأي العين وهو يحدثهم ويحدثونه !! العجيب أنه يعتز بنفسه كثيراً ولا يحب الإهانة .. ..فكيف يسمح أن يهين نفسه عندما يفشل في تحديه هذا أمام الجميع .. إنك ولد محير ياوليد !! [ صوت نقر على الباب ] ادخل ..
وليد يدخل ] السلام عليكم أستاذتي 
الأخصائية : وعليكم السلام ياوليد ..تعال .. اجلس 
وليد : [ يجلس ] 
الأخصائية : وليد قبل أي كلام ..أريدك أن تعتبرني الآن أمك .. أي أن من ستكلمك الآن هي أمك
وليد : [ مبتسماً بهدوء ] ولكنكِ لستِ أمي 
الأخصائية : أنا فعلا لست أمك .. ولكن تخيل أنني هي 
وليد : ولماذا أتخيل ما ليس حقيقة 
الأخصائية : لقد سبق وتخيلت أنك على علاقة بالجان والعفاريت 
وليد : هذا ليس تخيلا .. ولكنه حقيقة 
الأخصائية : لازلت مصراً ؟
وليد : ولماذا أتخلى عن إصراري
الأخصائية : مخافة الكسوف والخزي اللذان سيلحقان بك 
وليد : متى ؟
الأخصائية : عند فشلك في التحدي الذي أعلنته اليوم وعلم به كل من في المدرسة 
وليد : من حقك ياأستاذتى أن تتوقعي النتيجة التي ترينها 
الأخصائية : [ ثوانٍ من الصمت ]ومتى ستكون هذه اللحظة ياوليد ؟
وليد : تركت لمن يتحدونني تحديدها 
الأخصائية : سمعت مرة من جدي - رحمة الله عليه –أن الجن والعفاريت لا تظهر إلا للشخص الذي يتعاملون معه فقط ..بمعنى ..
وليـد : [ مقاطعاً ] أفهم ياأستاذتي .. أي أنهم لن يظهروا ساعتها إلا لي أنا فقط 
الأخصائية : وبالتالي ..فإن الحاضرين لحظة التحدي هذه لن يستطيعوا رؤيتهم .. وعندها لن يصدقك أحد من الحاضرين حتى لو أقسمت لهم بأغلظ الأيمان أنهم أمامك وأنت تراهم 
وليد : [ بابتسامة الواثق ] لا تقلقي ياأستاذتى ..فقد وعدوني ألا يخذلونني .. وسيظهرون لكل الحاضرين بأمري .. وينصرفون أيضاً بأمري لأنهم أصدقائي ..والصديق لا يتخلى عن صديقه وقت الشدة كما تعلمنا
الأخصائية : أنت الذي تعلمت من المدرسة والبيت أن الصديق لا يتخلى عن صديقه وقت الشدة .. أي عندما يحتاجه .. ولكن من أين تضمن أنهم تعلموا ذلك ويعرفونه مثلك ؟
وليد : هم يعرفون ذلك وغير ذلك بل يعرفون ما لا نعرفه نحن البشر .. لأنهم أحرار ..لا يُجبرون على معرفة شئ دون شئ .. فانا مثلا لا أعرف إلا ما أنا مُجبرٌ علي معرفته من كتبِ المدرسة .. أما هم فيعرفون كل شئ عن أي شئ في أي مكان ..لأنهم أحرار ياأستاذتي ..وليس عندهم من يفرض عليهم ما يريدونه وما لا يريدونه
الأخصائية : أنت واهم ياوليد .. فهذه المخلوقات عالم كعالمنا .. وكل العوالم التي خلقها الله وهى عالم الإنس وعالم الجن وعالم الطير وعالم الحشرات .. وغيرها من العوالم التي خلقها الله ولا نعلمها .. كل عالم من هذه العوالم محكوم بقوانين إلهية وضعها الله لها .. كي تنظم وجودها وحركتها في حياتها .. فالبشر تحكم حياتهم ووجودهم قوانين .. والجن تحكم وجودهم قوانين تختلف عن قوانين وجودنا 
وليد : أنا لا أريد منهم شيئاًً غير أن يعلمونني كيف أكون حراً 
الأخصائية : وأنت فعلاً حر ياوليد
وليد : [ بصوت باكٍ حزين ] كيف أكون حراً وأنا أشعر أن قيوداً كثيرة تكبل حركتي
الأخصائية : أنت الذي تصنع القيود بنفسك ياوليد 
وليد : [ بنبرة بها شئ من الثورة والحدة ] أنا لا أحضر إلى المدرسة برغبتي .. ولا أقف في طابور الصباح الممل برغبتي .. ولا ادخل حصة التاريخ برغبتي .. ولا أعود إلى البيت الذي فيه زوجة أبي الشريرة برغبتي .. ولا أجلس محبوساً في البيت برغبتي .. ولا برغبتي يتم عقابي من أبي بسبب وشاية كاذبة من زوجته .. وبرغم أنني ابنه الكبير إلا أنه يضربني ويهينني أمام ابنتيه الصغيرتين ..وأنا لا أملك أية قدرة على الدفاع عن نفسي .. فأي حرية تلك التي أتمتع بها ياأستاذتي ؟!
الأخصائية : أنت على حق في بعض كلامك .. لكن الكثير مما قلت لست على حق فيه .. أمور كثيرة مغلوطة في عقلك ياوليد لأنك ترفض النظام ..وتتلبسك حالة من التمرد على كل مالا تريده حتى لو فيه مصلحتك .. وهذه مشكلتك ياوليد ..
وليد : [ لنفسه ] لن تكون هناك أية مشكلة .. بعد أن أتعلم من أصدقائي الجان .. كيف أتخفى عن عيون الناس ولا يراني أحد .. حتى أتنقل من مكان لمكان بحرية .. وأهرب من عقاب أبى .. حيث لن يستطيع الإمساك بي .. إذ
لن أكون أمام عينيه لحظتها
[ يلتفت للأخصائية ] عندما ينقر باب حجرة سيادتك يوماً ما ..أصابع قوية وينفتح الباب .. ولا تجدي أمامك أحداً .. فلا تنزعجي ياأستاذتي .. فسأكون أنا الذي أقف أمامك .. ولكنك لا ترينني 
[ صوت جرس المدرسة ]
الأخصائية : [ تربت على كتف مبتسمة ] جرس انتهاء الفُسحة 
وليـــــــــــد : [ يسير متثاقلاً محدثاً نفسه ] وهذا الجرس اللعين .. سأتخفى وأفسده ولو أصلحوه كل يوم

[ لوحة غنائية حركية عن فائدة العلم والنظام والطاعة في حياتنا
مسرحية احلام وليد ( المشهد الثالث )
المشهد الثالث
المكان / بيت الدجال 
الزمان / نهاراً
[ الدجال – متروك أمر تحديد هيأته وملامحه للقارئ والمخرج وفقاً لما يرونه في مجتمعاتهم لهذه النوعية من الناس – يجلس مع مساعده ]
الدجال : أعوذ بالله ..أسوأ فئة نتعامل معها هي الرجال .. أسئلتهم كثيرة .. ولا يدفعون بسهولة ..بل ويسامونني على الأجر .. أما النساء فهم مطيعات لنا .. يسمعون كلامنا ويصدقونه بدون تعليق .. ويدفعون ما نطلبه منهم دون مجادلة 
المساعد : أنا من رأيي ياسيدى أن نوقف التعامل مع الرجال 
الدجال : ولماذا نسد أحد أبواب دخلنا .. ثم إن من زبائننا الرجال من نستريح في التعامل معهم ..وكل مهنة لها متاعبها 
المساعد : مهنتنا هذه ليس فيها متاعب إلا المساومة على الأجر
الدجال : وهذا بسببك ياسيادة المساعد
المساعد : كيف ؟ 
الدجال : أنت تعرف أجر كل الحالات .. الزواج .. والطلاق.. وعدم الإنجاب .. وفشل التلاميذ في الدراسة ..إلى آخره .. وقلت لك ألف مرة .. لا تُدخل أحداً عليّ هنا إلا بعد أن تحصِّل منه أتعابنا 
[ جرس الباب يدق ]
المساعد : [ يخرج مسرعاً ليرى من بالباب ]
الدجال : [ يتهيأ في جلسته ]
المساعد : [ يعود ] إنه الولد التلميذ
الدجال : وليد .. أدخله 
المساعد : وماذا ستفعل معه .. إنه يطلب المستحيل 
الدجال : مادام يدفع لنا فليطلب ما يريد 
المساعد : لكنه تلميذ .. فمن أين يأتي بهذا المال كلما يأتي إلينا
الدجال : أبوه لديه من المال الكثير .. فهو غنى .. غنى جداً
المساعد : وهل من المعقول أن يعطيه أبوه كل هذا المال كمصروفٍ له ؟
الدجال : هذه أمور لا تهمني .. المهم أنه يدفع لي ما أطلبه منه .. اذهب وافتح الباب له 
المساعد : [ يذهب ]
الدجال : ما يشغل بالي ليل نهار .. كيف أحقق لهذا الصبي رغبته العجيبة 
المساعد : [ يدخل ] ادخل ياوليد 
وليد يدخل ] السلام عليكم يامولانا [ ثم يميل على يد الدجال ويقبلها ]
المساعد يخرج ] 
وليد : لابد أنك ستسعدني الآن بأخبار جديدة 
الدجال : مشكلتك ياوليد ..أن كل ما تريده يجب أن يتحقق لك في الحال
وليد : أنا فعلاً أستعجل هذا الموضوع جداً
الدجال : والأمر ليس هيناً ولا سهلاً يابني
وليد : لكنك قلت لي أنك قادر على تحقيق أمنيتي
الدجال : وأنا لازلت عند وعدي لك 
وليد : لكن متى ؟
الدجال : عندما يوافقون 
وليد : من هم ؟ 
الدجال : الجن والعفاريت .. فانا أحاول إقناعهم بأن يسمحوا لأبنائهم الصغار الذين هم في مثل عمرك .. بمصاحبتك واللعب معك 
وليد : ولماذا يرفض آباؤهم طلبك 
الدجال : لأنهم يخافون على أولادهم أن يتيهوا أو يضيعوا في هذا الفضاء الكبير
وليد : لكن جدتي قالت لي أن أبناء الجن يولدون كباراً .. ولما سألتها لماذا قالت : لو أنهم يولدون أطفالاً
فسيحتاجون لبناً لرضاعتهم .. وساعتها لن نجد نقطة لبن واحدة نشربها نحن البشر
الدجال : [ يضحك ] جدتك ياوليد .. كانت تحكي لك هذه الحكايات لتسليك .. أمّا حقيقة هذه المخلوقات فانا وحدي الذي اعرفها 
وليد : حتى لو كان كلامك يامولانا صحيحاً ..
الدجال بغلظة ] كلامي كله صحيحاً ياوليد ..
وليد : لم أقصد إهانتك يامولانا .. لكنني أتعجب بل لا أكاد أصدق أن الجان يحبسون أبناءهم 
الدجال : الفضاء فسيح جداً جداً ياوليد
وليد : [مقاطعاً ] حتى لو ضاع أحد أبنائهم كما تقول .. فإن أبيه يستطيع أن يأتِ به في غمضة عين 
الدجال : هذا إذا لم تأكله وحوش الفضاء 
وليد : الوحوش على الأرض فقط يامولانا
الدجال : أنت كثير الكلام ياوليد .. ولا تصدق كلامي .. فإذا أردت أن أحقق لك ما تطلبه .. فلا تجادلني 
وليد : أنا في موقف صعب جداً يامولانا 
الدجال : أنت تضخم الأمور
وليد : هي مشكلةٌ كبيرةٌ وقعت فيها وأريد الخروج منها منتصراً 
الدجال : لماذا تصور الموضوع على أنك في حرب مع الآخرين
وليد : كل من في المدرسة الآن يعرفون أنني أقابل أبناء الجان في فناء المدرسة ليلاً .. بل وألعب معهم ونجلس سوياً للسمر 
الدجال : أنت الذي تسرعت وأعلنت ذلك 
وليد : لأنك وعدتني بأن تقابلني بهم وقلت لي أنه أمرٌ بسيطٌ وهين جداً.. بل وأقسمت أن تحققه لي في أسرع وقت .. ففهمت من كلامك أن لقائي بهم سيكون بعد يومين أو ثلاثة على الأكثر .. ومن شدة فرحتي وثقتي في كلامك .. رحت أشيع في المدرسة ما يجرى على ألسنة الجميع الآن
الدجال : ومنهم من صدقك ومنهم من لا يصدق 
وليد : بل أكثرهم لا يصدقني
الدجال : هذا أمرٌ طبيعي .. فأين المشكلة ؟ 
وليد : المشكلة .. بل المصيبة أنني تحديت كل الذين لا يصدقونني 
الدجال : [ مقاطعاً ] تحديتهم بماذا ؟ 
وليد : بأنني سأجعلهم يرونني وأنا أقف مع أبناء الجن ليلاً في فناء المدرسة 
الدجال : لا بأس .. فعندما أحصل من آبائهم على الموافقة بظهور أبنائهم معك .. سأقوم بإبلاغك فوراً لتحدد يوم اللقاء بنفسك وتعلن ذلك في المدرسة أمام كل من كذبوك .. فلا تخف [ يربت على كتفه ليسترضيه ] 
وليد : لقد حددت فعلا يوم التحدي
الدجال : [ في انزعاج شديدٍ ] عليك اللعنة .. ماذا قلت؟ 
وليد : حددت يوم اللقاء بأبناء الجان في فناء المدرسة ليلاً
الدجال : متى ؟
وليد : الساعة التاسعة مساءاً بعد ثلاثة أيام 
الدجال : [ ثائراً ] ثلاثة أيام فقط ؟ 
وليد : نعم 
الدجال : ولماذا لم تستشرني أولاً ؟
وليد : لأنني لم أحتمل كثرة تكذبيهم لي اليوم .. لدرجة أنهم اتهمـــــوني بالجنـــــــون 
الدجال : فتسرعت وحددت يوم التحدي 
وليد : لم يكن أمامي ما أسكتهم به غير ذلك 
الدجال : [ غاضباً ] وماذا تريد مني الآن ؟ 
وليد : تحقيق هذا اللقاء
الدجال : بهذه السرعة ؟ 
وليد : لقد مرت أيامٌ كثيرة وأنت تعدني بذلك .. ولم يحدث شيئاً حتى الآن 
الدجال : لأن موافقة آبائهم لم تأتني بعد 
وليد : أرجوك يامولانا .. لا تجعلني أضحوكة زملائي في المدرسة [ يخرج من جيبه مالا ] وهذا هو المال الذي طلبته مني آخر مرة 
الدجال : [ يأخذ المال ويخفف من حدة كلامه ] أنا لا يعنيني المال الآن ياوليد .. إنما يعنيني موقفك
الصعب الذي وضعت فيه نفسك إذا لم يتحقق طلبك في الموعد الذي حددته أنت لزملائك 
وليد : لا تخيفني بكلامك هذا أرجوك .. فلو فشلت في هذا التحدي .. فلن أدخل المدرسة بعد ذلك أبداً .. وسأترك البيت هرباً من عقاب أبي..وأعيش في مكان بعيد 
الدجال : [ يحاول تهدئته ] وليد .. هل كل ما تريده هو أن تثبت لزملائك أنك على علاقة بالجان ؟
وليد : ليس هذا فقط 
الدجال : وماذا غير ذلك ؟ 
وليد : صداقتي بهم .. أريد أن أصاحبهم 
الدجال : ألا تكفيك صداقتك بزملائك من البشر
وليد : زملائي لا يحققون لي ما أريده 
الدجال : وماذا تريد يابني من صداقتك للجان ؟ 
وليد : [ حالما ] أريد الكثير الكثير ..
الدجال : لا تظن أنهم كرماء إلى حد أنهم سيلبون لك كل ما تطلب
وليد : جدتي قالت لي أنهم يخلصون لمن يصادقونه من البشر .. وهذا ما أريده .. فأنا في حاجة لهم .. كي يقومون لي بعمل ما لا أستطيع عمله 
الدجال : قل لي ماذا تريد ربما استطيع مساعدتك 
وليد : هل تستطيع أن تنتقم لي من زوجة أبى الشريرة .. هل تستطيع أن تكسر عصاة أبي الملعونة .. هل تستطيع أن تحطم جرس المدرسة المزعج .. هل تستطيع أن تنظف شهادة درجاتي
مما بها من دوائر حمراء .. أصدقائي من أبناء الجان سيفعلون ذلك وما هو أكثر منه بكثير 
الدجال : [ وقد كان ينظر إليه بدهشة ] أنا لا أفهمك ياوليد 
وليد : ليس مهما .. المهم أن نتفق الآن على ما سنفعله ليلة التحدي بعد ثلاثة أيام 
الدجال : سنفعله .. بل ما ستفعله أنت وحدك 
وليد : ومن سيحضرهم لي ؟
الدجال : [ مرتبكاً ] أن ..أ ..أنا طبعاً 
وليد : إذاً لابد أن تكون معي
الدجال : س .. سأحضرهم من مكاني هنا .. وسآمرهم أن يذهبوا إليك هناك في فناء المدرسة 
وليد : [ وقد شعر بتهربه ] لا يامولانا العزيز .. ستكون كتفي بكتفك .. وستُحضّرهم لينزلوا ويظهروا أمامي وأمام كل الموجودين 
الدجال : هل أنت أهبل .. الجان سيرفضون الظهور في الضوء وأمام هؤلاء الناس 
وليد : [ ثائراً] وما العمل إذاً .. لقد أعطيتك كل ما طلبته من مال .. حتى خاتم زوجة أبي الذي اشتراه لها أبي في عيد ميلادها .. أحضرته لك .. ووعدتك بأنني سأعطيك أكثر من هذا بعد أن تحقق لي حلمي .. فماذا تريد مني أكثر من ذلك .. ماذا تريد [ يبكي ]
الدجال : إهدأ ياوليد .. إهدأ .. لابد أن أجد لك حلاً
وليد : [ باكياً وبتوسل ] أرجوك .. أرجوك يامولانا
الدجال : اسمعني جيداً ياوليد .. أنت قلت لزملائك أنك تقابل أصدقاءك من الجان بمفردك .. أليس كذلك ؟
وليد : نعم 
الدجال : فماذا ستقول لهم عندما يرونني معك ليلة التحدي؟
وليد : فكرت في ذلك .. ستغير ملابسك هذه .. وترتدي جلباب أو بدلة مثلاً .. وسأقول لهم أنك .. أنك .. أنك ماذا ؟ فكر معي أرجوك ..
الدجال : أنني .. أنني .. أنني مريض بداء .. بداءٍ غريب وقد علمت أن وليد سيقابل الليلة أصدقاءه من الجان .. فحضرت معه لمقابلتهم .. وعرض مشكلتي الصحية عليهم 
وليد : [ فرحاً ] وسأطلب من الحاضرين الجلوس في مكان بعيد جداً عن الفناء .. بل ويخفون أنفسهم .. وبذلك تستطيع أنت أن تحضرهم دون أن يسمعك أحد .. وبعد نزولهم .. تتركني وتمشى .. لأبدأ مشوار صداقتي معهم 
الدجال : [ يضع يده في يد وليد ] اتفقنا ياوليد .. ولكن .. لا تنسى أن تحضر معك أجرة مواصلاتي قبل أن نبدأ
وليد : أجرة مواصلاتك وثمن عشائك وهدية قيمة للست زوجتك
الدجال : [ منشرحا ] إذاً .. هنيئاً لك بصداقة الجن والعفاريت
وليد : [ يخرج وهو في منتهى السعادة ] إلى اللقاء يامولانا 
الدجال : إلى اللقاء [ يخرج وليد ] 
المساعد : [ يدخل مسرعاً ضاحكاً] 
الدجال : طبعاً سمعت كل شئ
المساعد : وماذا ستفعل في تلك الليلة مع هذا الولد المهووس 
الدجال : سأذهب معه 
المساعد : ثم ماذا؟ 
الدجال : سأردد أمامه كلاماً غير مفهوم .. ثم أقول له أن أبناء الجن الذين يريد صداقتهم .. قاموا برحلة مدرسية إلى كواكب المجموعة الشمسية .. وبدأوا الليلة بالمريخ .. [ الاثنان يضحكان ] 
المساعد : عندها سيقبض وليد على رقبتك يامولانا ..
الدجال : وماذا ستكون فائدة وجودك معي ؟ 
المساعد : أنا .. لا .. موضوع كهذا لا شأن لي به
الدجال : أنت كخيالي .. لا تفارقني
المساعد : وكيف سأكون معك ؟
الدجال : تتسلل من جانب السور وتكون بالقرب منا دون أن يراك أحد
المساعد : استر ياستار

[لوحة غنائية توعى الحاضرين بخطورة الدجل والدجالين في المجتمع ]
مسرحية احلام وليد ( المشهد الرابع )
المشهد الرابع
المكان / فناء المدرسة .. وقد شمل هذا المشهد صالة المتفرجين لتكون جزءاً من المدرسة حيث أننا سنعتبر السادة الحضور من الكبار هم أولياء الأمور .. ومن معهم من الأبناء .. هم بعض طلاب المدرسة 
الزمان / ليلاً [ يبدأ المشهد بلوحة غنائية حركية تؤكد أهمية وجود المدرسة في حياتنا كمنارة للعلم .. تمحو ظلمة الجهل بين الناس وتحرر المجتمع من قيود التخلف لتدفع به إلى ساحة التقدم والازدهار 0 بعد انتهاء هذه اللوحة .. يدخل نبيه وماهر ]
نبيه : السلام عليكم ورحمة الله حضرات السادة أولياء الأمور وزملاءنا الأعزاء 
ماهر : أسعد الله مساءكم جميعاً بكل خير
نبيه : في البداية .. نحن نعتذر على استدعائنا لكم في هذا الوقت المتأخر 
ماهر : بل ونشكر لكم اهتمامكم بتلبية دعوتنا لكم 
نبيه : وبالطبع حضراتكم تعرفون سبب هذا اللقاء الليلة
ماهر : بدون شك يانبيه .. فقد حكى كل الطلبة لأولياء أمورهم ما تعرضت له مدرستنا في الأيام القليلة الماضية 
نبيه : لقد تسبب زميلنا وليد – الذي لم يأتِ بعد – في إحداث فوضى كبيرة بين الطلبة
ماهر : فبعض الطلبة صدقوه وزادت حالات هروبهم من المدرسة
نبيه : والذين لم يصدقوه دخلوا معه في معارك كلامية كادت تصل إلى حد الاشتباك بالأيدي
ماهر : وقررت إدارة المدرسة أن تتخذ أقصى العقوبات مع زميلنا وليد
نبيه : لإعادة حالة الانضباط في المدرسة
ماهر : إلا أننا .. نحن جماعة التمثيل المسرحي بالمدرسة 
نبيه : ونحن جماعة الصحافة المدرسية 
ماهر : طلبنا من إدارة المدرسة أن تترك لنا أمر وليد لنعالجه بطريقتنا
نبيه : ووافقت إدارة المدرسة مشكورة على طلبنا بعد أن اطلعت على خطتنا [يدخل حسن مسرعاً ]
حسن : نبيه.. ماهر.. وصل وليد عند باب المدرسة 
نبيه : عفواً أيها السادة الحضور .. سنضطر الآن إلى إطفاء كل الأنوار ..
ماهر : إلا من ضوء خافت هنا [ يشير إلى مقدمة خشبة المسرح - الثلاثة يخرجون]
[ نسمع موسيقى تعبر عن حالة التوتر والترقب ]
[ يدخل وليد ومعه الدجال الذي يرتدى جلبابا ويربط رأسه بقطعة قماش يجعلانه في هيئة رجل فقير .. ويتكئ على عصاةٍ ويمشى ببطء]
وليد : [ للدجال ] هيا .. لماذا تتباطأ ؟
الدجال : وكيف سأكون رجلاً مريضاً وأنا أمشى بهمة ونشاط ياغبي [ يكونا قد وصلا إلى البؤرة الضوئية الخافتة ]
نبيه : [ يدخل ] وليد ..
الدجال : [ يفاجأ بدخول نبيه فيصرخ ويمسك بوليد ]
وليد : [ يحاول كتم غيظه ] إهدأ ..إهدأ ياعماه
نبيه : أنت قلت أنك ستأتي وحدك ياوليد .. فمن هذا ؟ 
وليد : إنه ..إنه أحد جيراننا 
الدجال : [ يتكلم بصوت متهالك ] ومريض كما ترى يابني لكنني فقير ولا أملك مالاً أتداوى به
وليد : ولما علم أنني سأقابل أبناء الجان الليلة هنا ..
الدجال : [ مقاطعاً ] قلت له خذني إليهم .. لعلني أجد لديهم دواء علتي
نبيه : [ يربت على كتف وليد ] فيك الخير ياوليد
الدجال : طيب ابن طيبين
وليد : [ يسحب نبيه من يده ليحدثه بعيداً عن الدجال ]
الدجال : [ يتنصت عليهما من مكانه ]
وليد : كل الذين تحدوني هنا
نبيه : والذين صدقوك أيضاً هنا
الدجال : [ بصوت خفيض ] يافضيحتنا الكبرى
وليد : وأين هم ؟
نبيه : يجلسون في هذا الظلام
وليد : المهم أن يظلوا مكانهم صامتين حتى عندما يرون الجن لا يخافون 
نبيه : ولن يتحركوا من مكانهم 
الدجال : سيتحركون فقط عندما يقومون لضربنا بالأحذية 
نبيه : إذاً هيا ياوليد .. وسأختبئ أنا الآخر [ يختفي ]
وليد : [ للدجال ] هيا يامولانا .. وتذكر أنني وفيت بوعدي وأعطيتك كل ما طلبته ..
الدجال : أنا لا آخذ شيئاً لي ياوليد .. فهذه كلها طلبات الجان
وليد : سواء ما أخذته لك أم لهم .. المهم أن تخرس لي الآن كل الألسنة التي تحدتني .. هيا
الدجال : لكن الظلام حالك ياوليد .. ولا أكاد أرى تحت قدمي
وليد : أنا أحفظ المكان .. فضع يدك في يدي ..
الدجال : [ وقد أمسك بيد وليد ويتجهان إلى عمق المسرح] يبدو أن الليلة لن تمر على خير 
وليد : [ يتوقف ويسأله بحدة ] ماذا تقول ؟
الدجال :لا شئ ياوليد .. أنا فقط خائف عليك 
وليد : تخاف عليّ من أي شئ ؟
الدجال : أبناء الجن منهم أشقياء .. عفاريت .. وأنا أخاف إن أحضرناهم الآن .. ينتشرون في المدرسة .. فيحطمون حنفيات المياه .. ويكسرون زجاج النوافذ .. ويمزقون كتب المكتبة .. ويخربون أجهزة المعمل .. ويحطمون أجهزة التربية الرياضية .. بل
لن يتركوا شيئاً في المدرسة إلا ويخربوه .. وأنت وحدك أمام إدارة المدرسة الذي ستتحمل نتيجة كل هذا الدمار .. والله اعلم بنوع العقاب الذي ستناله !
وليد : وما فائدة وجودك معي ؟!
الدجال : وهل تظن أنهم أغنام .. أسيطر عليهم بعصاي هذه ؟!
وليد : وكيف تسيطر عليهم في بيتك ؟
الدجال : الذين أستحضرهم في بيتي .. من الجن المحترمين
وليد : والذين يحضرون الليلة أيضاً سيكونون محترمين .. مادمت أنت الذي ستستدعيهم .. هيا هيا يامولانا فانا في شوق للقاء من سيكونون أحبتي وأصدقائي
[ يمشيان في اتجاه عمق المسرح المظلم ]
[ نسمع موسيقى التوتر والترقب ]
[ ثم نسمع فجأة أصوات صراخ واستغاثة ثم تقترب هذه الأصوات شيئاً فشيئاً إلى أن يدخل أمامنا أصحابها وهم وليد والدجال ومساعده ]
الدجال : أدركونا .. النجدة
[ وليد والمساعد يتعلقان في رقبة الدجال من الخوف وهما يصرخان]
[ يدخل بعدهم ثلاثة من الطلبة وهم يرتدون زيّاً مخيفاً يُخفى كل واحد منهم من رأسه حتى قدميه وهم يحيطون بوليد والدجال ومساعده ويدورون حولهم في حركات مخيفة ]
وليد : ابتعدوا .. ابتعدوا .. النجدة 
الدجال : قلبي يكاد يقف من الرعب
المساعد : أنا لا ذنب لي في كل هذا .. أرجوكم اتركوني
المتخفي الأول : نحن نريد وليد 
وليد : [ صارخاً ولازال يلتصق بالدجال] لا.. لن أذهب معكم
المتخفي الثاني : ألست تريد صداقتنا
وليد يزداد صراخه ] لا .. لا .. لا أريد صداقتكم 
الدجال : بل كان يريد أن يكون واحداً منكم .. خذوه 
المساعد : ن ن نعم .. وأنا ش ش شاهد على ذلك
وليد : لا تصدقوه .. إنه رجل دجال .. ويدعي أنه على علاقة بكم .. ويأخذ من الناس الذين يلجأون إليه أموالاً كثيرة .. كما فعل معي .. ودفعني لأن أسرق من مال أبي .. خذوه .. خذوه .. لتخلصوا الناس من شره
المتخفي الثالث : إذاً سنأخذه لنعرضه على كبير الجان ليعاقبه
الدجال : [ يصرخ ] أرجوكم .. لا تفعلوا .. لا تأخذوني عند كبير الجان .. لا أريد أن أموت .. لا أريد أن أموت واعدكم أنني لن أفعل ما كنت أفعله من دجل وشعوذة بعد الآن .. لن أفعل .. لن أفعل 
المتخفي الأول : وأنت ياوليد .. ألا تريد أن نحقق لك أحلامك ؟
وليد : ابتعدوا عني أرجوكم .. أنا لا احلم بشئ .. لم أعد أحلم بشئ ..
المتخفي الثاني : وأعداؤك الذين تريد الانتقام منهم بواسطتنا 
وليد : ليس لي أعداء .. أنا المخطئ في حقهم وسأعتذر لهم جميعا .. المهم أن تتركوني الآن .. لا أريدكم .. اصرفهم أيها الدجال .. اصرفهم
الدجال : وهل أنا الذي أحضرتهم كي أصرفهم 
المساعد : لقد ظهروا أمامنا فجأة ..
الدجال : كأن الأرض انشقت عنهم 
وليد : [ يصرخ في الدجال ] وما العمل أيها الملعون ؟
نبيه : [ يدخل ويشير للمتخفين بالتوقف عن الحركة فيتوقفون ]
وليد : [ يجري على نبيه ] نبيه .. ألا تخاف منهم [ الدجال والمساعد يجريان أيضاً على نبيه ]
الدجال : أنقذنا يابني .. وسأعطيك ما تريد 
نبيه : [ضاحكاً] ياأبناء الجان اكشفوا عن شخصياتكم الحقيقية
[ المتخفون يكشفون عن وجوههم ]
وليد : [ يجري عليهم ] عادل .. ماهر .. حسن ..أصدقائي الأعزاء 
الدجال : [ لمساعده ] هيا بنا .. هؤلاء الأولاد أقوى من العفاريت [ يخرجان ] 
وليد : ما هذا الذي فعلته .. لقد أسأتُ إلى أسرتي ومدرستي وزملائي ..
الأخصائية : [ تصعد إلى خشبة المسرح ] أول من أسأت إليهم ياوليد .. هو وليد نفسه .. لأن الإنسان يُهين نفسه ويذلها إذا حمَّلها أكبر من طاقتها .. أو ادعى أنه يعرف وهو لا يعرف .. أو يقدر على شئ وهو لا يقدر
نبيه : والحق يقال .. إن صبر وحكمة ورحمة مدير المدرسة هي التي حمتك من عقاب شديد
مدير المدرسة : [ يصعد إلى خشبة المسرح ] خطؤك الكبير ياوليد .. أنك أشعت هذه الخرافات في المدرسة .. وأنت تعلم أنّ المدرسة مركز إشعاع للعلم والمعرفة .. فكأنك بفعلك هذا .. حاولت أن تعرقل دور المدرسة في نشر العلم ومحاربة الخرافة 
وليد : وهل تقبل اعتذاري ياسيادة المدير ؟
مدير المدرسة : لقد سامحناك وعفونا عنك قبل أن تعتذر .. أما أسرتك فهي التي تنتظر اعتذارك .. واعتدال سلوكك معهم 0

" تمت بحمد الله "

ليست هناك تعليقات: