الجمعة، أكتوبر 17، 2014

ورُفع عني الحجاب..!... نهلاء توفيق




ورُفع عني الحجاب..!
..................................
أمي،دائمة الصلاة والقيام، حجابها يلقط القذى والأذى من الأرض...
أبي، سكير عربيد، ولكنه لا يقصر في حق بيتنا، ولا حق أمي، ولا حقنا، ويهتم بمسؤولياته لما يذهب أثر المشروب عنه صباحا، فيكون الرائح الغادي على متطلبات البيت، ينهيها كلها، قبل أن تأخذه نوبة السكر ليلا..
أخي،لا هم له سوى التلفون، وصديقته التي يهتم بها كثيرا، واعتكافه في غرفته، لسبب، وبدون سبب..
وأنا.....أنا أقضي الوقت، ما بين المدرسة وهمومي التي لا حصر لها، بسبب وحدتي وعدم اكتراثهم بي..
عندما دخلت الحمام ذات يوم، سرح فكري، وفتحت الصنبور الساخن، وصرت أمعن النظر في البخار المتصاعد..أختنقت من كثرته، سقطت أرضا بعدما أحسست أن شيئا ما دخل جسدي وتمكن فيّ.
وضعوني على سريري بعدما افتقدوني تلك الليلة..أفقت،نظرت إليهم، وكان العجب..
صرت أراهم بعيون أخرى، ليست هي عيوني.
صرت أفهمهم، أعرفهم فردا فردا، على حقيقتهم..
يكلمني هو، ويحكي لي كل الحقائق(ذلك الذي تمكن مني)..
قلت لأمي: هذا أبي كذاب، صباحا، يهدر مصروف البيت على الغانيات، ويأتيك بالنزر اليسير من خضروات، ويتهمك أنك من سرقتي النقود.
_يا إلهي..لماذ تغير صوتك؟ صوتك صوت شاب وليس صوتك... هذا ما قالوه مبهوتين..
وأخي، يتعبد في غرفته، ويدعو لكم عسى الله أن يهديكم، هو لا يكلمها الا نادرا، قد وعدها بالزواج، هي تنتظره، هو لم يعمل الرذيلة مطلقا..
تبادل أمي وأبي نظرات الاستغراب لقوله، أو قولي..لا يهم..
بينما أطرق أخي خجلا، ورحل عنا لغرفته..
وأمي، هذه الناسكة، تدخل ابو طارق جارنا غرفة نومها، صباحا، وتكون له كما يريد، ويكون لها كما تريد..وترجع للمسباح والصلاة، لما يحين وقت عودتنا..
انهارت أمي، وقعت أرضا، وبهت أبي ووقف مذعورا، وتركها في غيبوبتها ساكنة..
تركوني لأيام معدودة، وكنت أنام كثيرا، وآكل بشراهة لا توصف، هو يطلب الطعام باستمرار، ودائما يحس أنه جائع والملعقة في فمي..
خرج أخي ورحل عنا.. ورأيته يتزوجها، تلك العفيفة الرقيقة، فقد عمل معها في التدريس، ولكنه ترك الدعاء، صدمته فينا لم تسمح له بها..
وضعوني في غرفة الضيوف، أقرأ الغيب وأكشفه، وأدلهم على السراق والخونة والمشعوذين، ويجني من هذا أبي المال الكثير، فأبي وأمي من أولياء الله الصالحين، وأنا مرفوع عني الحجاب.

ليست هناك تعليقات: