الاثنين، مارس 24، 2014

رؤيا قصة للأديبة / كريمان رشاد





رؤيا 

قصة للأديبة / كريمان رشاد
(ألن تكف عن الرسم في كراسة الواجب أيها الفاشل الصغير ...............) ألقت الانسه (سماح) بالكراسة في وجهه بعدما ضربته بنافضة الطباشير على رأسه فاصطبغ شعره بالبياض واكتملت صورته كمسن شاب شعره وانطفأ بريق عينيه ..... ارتفعت أصوات التلاميذ بالضحك فأنكمش في موضعه كعصفور بلل الموج أجنحته ......... أخذت الانسه(سماح) تلوح بيديها يمينا ويسارا بقوه وهى تشرح الدرس فبدت كممثله علي مسارح الأوبرا ...... علا صوتها لدرجة يخيل معها للمستمع أنها تهز جدران الغرفة استوقفها الصغير وبدت في عينيه حيره وهو يحدثها متسائلا - انستى ...إذا كانت الأرض كالكره كيف نعيش فوقها ولما لم نسقط؟!!...... نظرت إليه الانسه (سماح) بغضب وانطلقت الشرارات من عينيها وهى تقول -هل تقاطعني لتسأل مثل هذا السؤال التافه أيها الفاشل الصغير ....كف عن ثرثرتك وعد إلي موضعك قبل أن اقطع لسانك .... ولما كان الكلام وحده لا يروي ظمأ الانسه (سماح) فقد أعقبت عبارتها بصفعة قويه اهتز لها كيانه الصغير حينها انسحب إلي موضعه بصمت وكلمات رفاقه الساخرة تلاحقه كضربات السياط ......... بعد انتهاء الدرس خرج من الفصل منهك القوى ....منكس الرأس ....يحمل حقيبته التي فاضت وامتلأت بالاسئله ولكن بلا إجابات .... وفى طريق العودة ...أبصر مجموعه من الصبية يتقاذفون كره من قصاصات الاقمشه تحشو جورب قديم ..تردد كثيرا ليشاركهم اللعب ولكنه حسم أمره وألقى حقيبته أرضا ...نفض الغبار الأبيض عن شعره وبمرح طفولى راح يتقاذف الكره مع الصبية ...غرق في اللعب حتى النخاع ونسي كل شيء ..نسى واجب الانسه(سماح) ... تهديدات أمه ووعيد أبيه ...نسى سخرية رفاقه واستغرق في طفولته ...ارتفع الأذان في المسجد القريب حينها وبدون مقدمات جذب حقيبته الملقاة علي الرصيف وهرول عائدا إلي المنزل ...وحينما وصل كان كل شيء كما هو العراك الدائر بين أخوته الثمانية ...صياح أمه المتكرر ...لم ينتبه احد لدخوله حقيقة لم ينتبه احد لتأخره..... جلس إلي الطعام وسط أخوته ووالديه وبصعوبة بالغه استطاع أن يحظى بلقيمات صغيره وسط المعركة ..... هرب لجلسته المعتادة على الاريكه بجوار النافذة ..هنا يستطيع أن يراقب السماء بنجومها ...يطلق لخياله العنان فيستغرق في أحلامه .. اخذ يرسم –هذا أكثر شيء يسعده- رسم حديقة واسعة يلهو فيها أطفال صغار ...السماء صافيه والشمس ساطعة تبعث الدفء في الأوصال شعر بحرارتها تلفح وجهه ...كل شيء مصبوغ بألوان ناصعة على الرغم من انه لا يملك الألوان .. الفراشات الصغيرة و...... (بدلا من أن تذاكر أيها الفاشل الصغير أجدك ترسم ) جذب الأب اللوحة من بين يديه بصوره مفاجئه انتفض لها كيانه الصغير ومزقها ...شعر حينها بيد قويه تعتصر قلبه ...دارت عينيه في محجرهما ....لم يسمع باقي عبارات التوبيخ التي ألقاها الأب في وجهه...ترقرقت الدموع الحارة في عينيه صنعت غيمه على عينيه الصغيرتين فاهتزت الرؤية أمامه ...لم يعد يبصر شيء من حوله ... انسحب إلي فراشه منكس الرأس.. ضيق الصدر ..ارتفعت غصة مؤلمة في حلقه فسجنت صرخته داخله لتنفجر بين أحشائه ..... في نومه كان يحلم ..ويحلم... يحلم بمنزل جديد.... بحديقة خضراء مورقة ب.....تدلف الانسه (سماح ) إلي حلمه فجأة تقول (أيها الفاشل الصغير )يعقبها ضحكات رفاقه يردد أبيه وأمه وأخوته الثمانية نفس العبارة .... يستيقظ من نومه فزعا .. يستعذ بالله ...ثم يعود لنومه ثانية ولكن هذه المره يحلم بحديقته فقط ... بأزهارها .... وأشجارها .... وأنهارها .... يقفز يمينا ويسارا ....يحلق كعصفور صغير ...يضحك من قلبه ..تتناثر ضحكاته في كل مكان ...يمسك النجوم بين راحتيه و..... (استيقظ أيها الكسول ......لقد تأخرت على المدرسة ) تجذبه عبارة أمه من أحلامه ....يستيقظ فزعا ...يحمل حقيبته ويذهب بعيون نصف مفتوحة ....... تعلو شفتيه ابتسامه صافيه ..... لأنه نجح في اقتناص حلم صغير في حياته

ليست هناك تعليقات: