قصائد شارل بودلير
Les Litanies De Satan
*
أنت يا أجمل وأبرع ملك بين الملائكة
ياإلهاً خانه الحظ وحُرم من المديح
أيها الشيطان ارحم بؤسي الطويل
يا أمير الغربة يا مظلوماً
يا من إذا قهِر نهض دائماً أقوى وأصلب
أنت يا من تعرف كل شيء
يا ملكاً عظيماً للخفايا
وشافي الإنسانية من قلقها وحيرتها
أنت يا من تعلّم حتى للبُرص والمنبوذين الملعونين
تذوّق طعم الفردوس عن طريق الحُب
أنت يا مَنْ مِنَ المنيّة عشيقة العجوز القوية
أنجبت الأمل الفاتن المجنون
أنت يا من تمنح المحكوم بالإعدام
النظرة الهادئة المتعالية
التي تدين شعباً كاملاً يلتف حول مشنقته
أنت يا من يعرف في أي ركن من الأرض المشتهاة
يخبئ الله الغيور الأحجار الكريمة
أنت يا من تعرف عينك المضيئة
الخبايا العميقة
التي ينام فيها مدفوناً عالم المعادن
أنت يا من بيدك الكبيرة تستر الهاوية
التي يطوف حولها السائر في نومه
أنت يا من تعيد العظام المحطمة
لسكّير عجوز داسته سنابك الخيل لينة
أنت يا من علمتنا كيف نخلط ملح البارود بالكبريت
لتدخل العزاء إلى قلب الإنسان الضعيف
الذي يعتصره الألم
أنت أيها الشريك البارع تضع ميسمك
على جبهة قارون الدنيء القاسي
أنت يا من تودع عيون وقلوب الفتيات
عبادة الجُرح وحب الأسمال
يا عكاز المنفيين ومصباح المخترعين
والكاهن الذي يتلقى اعتراف المشنوقين والمتآمرين
أيها الأب الذي تبنّى كل الذين طردهم الله الآب
بغضبه الأسود من جنة الفردوس
أيها الشيطان ارحم بؤسي الطويل
المجد والمديح لك أيها الشيطان
في أعالي السماء حيث كنت تسود
وفي أعماق جهنم
حيث تحلم بصمت بعد هزيمتك
دع نفسي تسترح يوماً بقربك
تحت شجرة المعرفة
في الساعة التي تنتشر فيها أغصانها
كأنها هيكل جديد
*
_________________________________________
La Mort Des Amants
*
سيكون لنا مضاجع مفعمة بالعطور الناعمة
وأرائك عميقة بعمق القبور
وزهور غريبة على الرفوف تتفتح لأجلنا
تحت سموات لا أحلى ولا أجمل
وسوف يكون قلبانا مصباحين كبيرين
يستنفدان متنافسين البقية الباقية من حبهما
ويعكسان أنوارهما المضاعفة
على روحينا: المرآتين التوأمين
وفي مساء وردي اللون رمزي الزرقة
سنتبادل وميض الحب الوحيد
كزفير طويل مثقل بحرارة الوداع
وسيأتي ملاك مخلص فَرحْ
ليفتح الأبواب
فيبعث الحياة في المرايا الخامدة
واللهب المنطفئ
*
__________________________________________
La Mort Des Pauvres
*
إنه الموت الذي يعزّي واحسرتاه
وهو الذي يحملنا على الحياة
إنه غاية الحياة والأمل الوحيد
الذي يرفعنا ويبعث كالإكسير النشوة في نفوسنا
ويزوّدنا بالجرأة التي تجعلنا نتابع الطريق إلى النهاية
عبر الإعصار والثلج والجليد
هو الضوء المتموّج في آفاقنا السّود
إنه الفندق الذائع الصيت
الذي يوفر الطعام والراحة والنوم
إنه الملاك الذي يحمل بين أصابعه السحرية
الرقاد ونعمة الأحلام السعيدة
ويسوي مضاجع الفقراء والعراة
هو مجد الآلهة ومخزن الغلال الرمزي
وكيس نقود الفقراء وموطنهم القديم
إنه الرواق المفتوح على الآفاق
المجهولة...
*
___________________________________________
Tout Entiere
*
زارني الشيطان يوماً في غرفتي العالية
محاولاً أن يضبطني متلبساً بالخطيئة
فقال: أتوق أن تخبرني عن أحلى ما فيها
فبين كل المفاتن التي تصنع سحرها
ومن الأشياء الوردية والسوداء
التي تكوّن جسدها الفاتن
أى شيء هو الأجمل
أراكِ يا نفسي تجيبين كارهة
لا سبيل إلى المفاضلة فكل ما فيها بلسم
فعندما يلفني بسحره كل شيء فيها
أجدني أجهل الشيء الذي سحرني
إنها كالفجر تبهىني وكالليل تعزيني
والانسجام الذي يلف كل جسدها
بلغ من روعته أن عجز التحليل وقصَّر
عن تعداد توافقاتها العديدة
فيا تغيُّر حواسي كلها الذائبة في واحدة
إن أنفاسها تصنع الموسيقى
وإن صوتها يصنع العطور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق