ادمي ... دموي
للقاص / حازم سعد دمياط
_عام 1719م _
صوت يباغت آذان المتقاتلين, لا يكاد يميزه من وطأة غمار المعركة, يحيره,
لا يعرف يفرح أم يأسى لما يجود به ذلك الصوت من أخبار تفيد بموت الملكين المتقاتلين
قتلا بعضهما البعض
فاجتمع المتقاتلون على حيرة وحدتهم
انتشوا بفرحة تحررهم
لكنهم لم يألفوا الحرية
كنعاج ربت وتربت على عصا الراعي
أخذوا يتساءلون -ماذا بعد؟.
_عام 1669م _
"القارب متهالك صغير لا يحملنا أنا وولديَّ الرضيعين, سأترك أحدهما على ضفة النهر وأعبر بالآخر"
تعبر بأحدهما وتتركه على الجانب الآخر من النهر
وبينما هي عائدة لتحضر رضيعها الآخر
يهبط بها قاع القارب الخشبي لقاع النهر
وتموت تاركة رضيعيها
يفصل بينهما نهرًا ويجمعهما حاجتهما للوطن...السكن...حضن أمهما .
_عام 1718م _
-لما نقاتلهم يا "سياه" ؟
-يمنعون عنا الري والصيد والسقي وتسألني لما نقاتلهم!
_فلنرحل باحثون عن أرض لا ينازعنا في خيرها أحد.
_تلك أرضنا, ولنا بالنهر ما لهم, ورثناها عن جدودنا
وورثوا هم أيضا أرض الجانب الآخر من النهر
لم يشقوه بأيديهم ليستأثروا به لهم.
أتعرف ما معنى اسمك ؟
_لا, اسم مثل باقي الأسماء.
_لا....لا......سماك أبوك "فاس" وتلك الكلمة باللاتينية تعني "حق"
حري بك أن تقاتل من أجل حقك.
_هو حقي وحقك من وجهة نظرنا
بينما وجهة نظر من بالجانب الآخر من النهر هو حقهم
لما لا نتشارك النهر ؟
_لأن جل ما نريده هو تشاركه
بينما إذا طالبنا به كله لربما نلنا حصة منه.
_عام1670م_
_صوت بكاء الطفل يكاد يقتلني أرقا, أسكتيه يا "توريا".
_لا, أريده رجلا.
_الطفل لم يبلغ الفطام بعد!
_أعرف, لكنه عطية السماء
في رأيك لما وجدناه نحن دونا عن باقي أهل القرية؟
_لم؟ أتكافئنا السماء بعد عام من الجفاف؟
_لا, بل ليكبر ويرث همّ مقاومة استئثارهم بالنفع من "نهرنا" _هل ترددين ما يقوله أهل الجانب الآخر من النهر
عن طفل وجدوه عند ضفة اليم
سيكبر ويأخذ على عاتقه الحفاظ على ما نقبع فيه من ظلم ومعاناة وعطش وجدب.
_عام1720_
_من كان ليصدق أن نجمع شملنا ونصنع قاربا يصل بين ضفتي النهر
ونتشارك ما يجود به من خيرات؟
_عجبا لتضارب قدور الأقدار!
ضاحكةً بصوتٍ عالٍ
_وجوهنا تشبه بعضها البعض
يميزها قَسَمَاتٌ إثرًا لما نمر به .
لنا نفس الأطراف
لنا نفس العدد من العيون والأذن وال......
كلنا نسخ تشبه بعضها البعض
في أشياء تكثر عن نظيرتها التي تميز
مثار النزاع.
_لا آخذ منكِ سوى تفلسف ذائد
ولكن هذا ما يعجبني بكِ
لكنني سعيد أن توحدنا لنواجه عدونا المشترك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق