محيط - عمرو عبد المنعم
وقعت المؤرخة الدكتورة نيللى حنا أستاذة التاريخ بالجامعة الأمريكية النسخة العربية المترجمة لكتابها " حرفيون ، مستثمرون: بواكير تطور الرأسمالية فى مصر "، الذى أصدره المركز القومى للترجمة، وذلك في جناح مركز الترجمة في معرض الكتاب بحي فيصل .
وكانت هذه النسخة كما صرحت الدكتورة نيلي حنا لشبكة الإعلام العربية "محيط " من المفترض أن تخرج قبل الثورة ولكن حالت الأوضاع دون خروجها لتخرج في هذا التوقيت .
الكتاب ترجمه كمال السيد وتكشف مقدمة الكتاب، الذى أهدته مؤلفته للمؤرخ الراحل رءوف عباس،أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة ، عن الأسس المنهجية لكتابات نيللى حنا كمؤرخة أبدت عناية واضحة بالمصادر غير التقليدية فى كتابة تاريخ مصر وخاصة في العصر العثماني ، ممثلة فى وثائق المحاكم الشرعية والحجج، لما لها من اهمية خاصة في كتابة التاريخ .
وتؤكد حنا في كتابها ، أن العسكر لعبوا دوراً في نهب مصر،فبدون أي مؤهلات اقتصادية وتجارية ومالية ،فرضوا سطوتهم علي المال والتجارة الداخلية والخارجية والإنتاج والأسواق والضرائب والنقل، وبذلك نشأت نخبة السلطة والمال العسكرية ، حيث إلتحق بهم بعض التجار والصناع ، وقد ترقو فيها وبلغو مناصب عالية كانت سبيلهم للحصول علي منافع اقتصادية كبيرة .
يدور الكتاب حول الحرفيين فى القاهرة خلال الفترة من 1800 – 1600 ويحاول إدماجهم فى تطورها التاريخى، ملقيا نظرة عن كثب على بعض منهم، وخصوصًا من كانوا ينخرطون فى صناعة منتجات مهمة للسوق المحلية والتصدير، لبيان كيف تطوروا وطوروا أدواتهم الرأسمالية فى فترة مفصلية من تاريخ مصر.
ويعتبر الكتاب أن تاريخ مصر لم يصنعه حكامها بل اختطه الزراع وتجار والصناع والعاملون فى كل مجالات الحياة المختلفة من قاع المجتمع والمهمشون المعدمون . .
وتطرح الدراسة بحسب المقدمة أفكارًا مهمة ، منها أن الرأسمالية فى مصر لم تنشأ من أعلى فحسب، بل كانت هناك رأسمالية من أسفل لعبت دورها فى المسيرة الاقتصادية للبلاد .
[غلاف الكتاب]
غلاف الكتاب
ويكشف الكتاب أن أوروبا لم تكن مركز الكون فى نشأة الرأسمالية اذ نشأ إنتاج صناعى ورأسمالية فى الهند وبعض أرجاء آسيا و بعض ولايات الامبراطورية العثمانية .
وفى حين كان الابتكار والتقدم التكنولوجى حاسمين فى ازدهار الصناعة والرأسمالية فى الغرب ، فإن تنظيم المشروعات وعلاقات العمل عوض ذلك فى نشأة الصناعة والرأسمالية فى الهند ومصر وغيرهما.
كما تركز نيللى حنا على فكرة أن هناك أكثر من مصدر للرأسمالية فى مصر، فالإضافة للتأثير الأوروبى ورأسمالية الدولة التى أقامها محمد علي، أو ما نشأ عن حيازة الأرض ، هناك الدور البارز الذى لعبته الممارسات الرأسمالية التى اضطلع بها الصناع فى مشروعاتهم الصغيرة بالإضافة لرأسمالية التجار . وقد تعايشت هذه المصادر وتفاعلت وفى فترة لاحقة خضعت اشكال منها لغيرها.
تقول "حنا" أن عمليات التنمية والتحديث التى قام بها محمد على لم تكن مجرد أعمال لرجل عظيم، بل سياسات لها سياق سابق أثر فى مسارها وأن سعيه لاحكام قبضته على الاقتصاد سبقه سعى المماليك للسيطرة على طوائف الحرف كوسيلة للتغلغل فى الحياة الاقتصادية.
يعد الكتاب حلقة في مشروع علمي ممتد لصاحبته يبدأ من كتابها الأول "تجار القاهرة في العصر العثماني.. سيرة أبو طاقية شهبندر التجار"، ومرورا بكتابي "ثقافة الطبقة الوسطى في مصر العثمانية"، و"بيوت القاهرة في القرنين السابع عشر والثامن عشر.. دراسة اجتماعية معمارية".
وينصب المشروع العلمي لنيللي حنا على تاريخ مصر في العصر العثماني (1500-1800) مركزة على المجموعات الاجتماعية المهمشة والمستبعدة من المؤسسة الرسمية كالصناع والتجار وأصحاب الحوانيت، انطلاقا من التركيز على دراسة الاقتصاد وأثره على الثقافة والمجتمع، واعتمدت في دراساتها جميعا على سجلات المحاكم والوثائق الرسمية والمكاتبات في العصر العثماني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق