الاثنين، يناير 19، 2015

المدونة تواصل ملف أديبات جنوبيات :- أنشودة الكرنك للشاعرة عزة شرقاوي

 تواصل المدونة ملف أديبات جنوبيات الذي بدأته مساء أمس واليوم نستكمل مع الشاعرة عزة شرقاوي من أديبات الأقصر ونبدأ بخبر منشور بجريدة البوابة نيوز 

فوز الشاعرة الأقصرية عزة شرقاوي بجائزة بهاء طاهر باتحاد الكتاب

إيمان العماري

حصلت الكاتبة الأقصرية عزة شرقاوى في احتفالية اتحاد الكتاب التي أقيمت أمس الثلاثاء على جائزة بهاء طاهر لأدباء مدينة الأقصر، وقيمتها خمسة آلاف جنيه عن ديوانها "انشودة الكرنك".

جدير بالذكر أن الكاتبة عزة شرقاوي هي " شاعرة أقصرية وعضو بنادي أدباء الأقصر، واتحاد كتاب الصعيد وتعمل كموجهة صحافة مدرسية بإدارة الأقصر التعليمية ولها عدة دواوين أبرزها " أنشودة الكرنك".

كان اتحاد كتاب مصر قد أعلن أمس الثلاثاء عن جوائزه في احتفالية وزير الثقافة الدكتور محمد صابر العرب، والكاتب بهاء طاهر والسفير الروسي بالقاهرة سينجر كلبتشنجو ونخبة من الأدباء والمثقفين.

وأسفرت النتائج عن فوز الدكتور محمد على سلامة بجائزة التميز في النقد، ونبيل عبد الحميد رئيس نادي القصة بجائزة التميز في مجال الإبداع، وعمار على حسن بجائزة الرواية عن روايته "شجرة العابد" وجوائز أخرى.


 ونلتقي مع إطلالة علي إبداعات الشاعرة في ديوانها 
                        أنشودة الكرنك
                     عزة شرقاوي
إهداء
إلى من زرعوني في حقول الله المنبسطة
ولم ينفوني من ذاكرتهم.
إلى أجدادى الأحياء فى البر الشرقى والغربى
.....................................................
حين تغيب في أفق السماء الغربي فإنّ الأرضَ تُظلم كالموت
فينامون في حجراتِهم ،
ورؤوسهم ملفوفة
ومعاطسهم مسدودة
ولا يرى إنسان الآخر
فى حين أن أمتعتهم تُسرق وهى تحت رءوسِهم, ولا يشعرون بذلك

مقطع من نشيد اخناتون

1- مرثيةُ العصفور الحزين
عندما أواريكَ في التراب
أيّها العصفور الحزين
سآخذ حفنةً
من روحك الملهمة،
وأعلقَها على شرفتي..
 ستمرُّ بالتأكيد عصافير أخرى حزينة
وفى أول الغسق
ستُرنِّمُ على روحك
 نشيد الصباح الجديد.
على مقربةٍ منك,
سيدعو لى ديكُ الصبح
في آذانه
كي تزورَني روحُك
كلِّ فجرٍ
تحكي لي عن الآخرة،  عذابِ الدنيا وعذابِ القبر، ونعيمه،
وعن شياطين ,وملائكة بأجنحة بيضاء.
وفى آخر الحُلم
ستمرُّ ذكرى حانية.
ما زالَ هناك
فجرٌ قد يولدُ
على شُرفةِ الذكريات.

2- وخزُ الابر
هُم ينادون النخيل
 فى فضاءٍ بعيد
أقزامٌ على الأرض؛
يستجدون الرُطَب.
يا أرضُ امشقي قاماتِهم
ويا ريحُ أقبلي..
يأتون كزرعٍ أخرجَ شطأهُ
ثم يعودون بلا شذى؛
سبائك مطليةً بلون الذهب
لمْ ألحظْهُم اليومَ
وهم يسيرون في مهبِ الريح
يستجدون أمطاراً
بلا فرحة.

3-لغة كونية 
حينما يشيخُ الغروبُ                    
ترقصُ الألوانُ فى مداها الواسع
 ويُفصحُ المطرُ في سحاباته الغميقة
عن لغة الولوج
ربما..
تقشعرُّ الأبدانُ فجأةً
ونلمحُ لحظة الهدوءِ المنتظر.
الكونُ الصاخب
يُحاصرنا بألوانٍ  ،
وأشباحٍ مرعبة
لانفلاتِ الصبح طيورٌ تعرف طريقَها للتسبيح
وديوكٌ تؤذن على مشارفِ
دجلةَ والفرات
 قد يشتهى البحرُ في صبحٍ قريبٍ
غسيلَ ملاءاتِهم البيضاءَ المطرزة بالأرجوان،
وقد يُفصح النيلُ عن مكان أقحوانِهم المنفيّ.
هل تجرؤ شاراتُ الوصولِ على الانفلات من قيود أسراهم؟!
أو يخسرُ البحرُ زبدَهُ
من أجل سفنِهم القادمة؟!
ذاتَ ليلةٍ سيقّدمُ الليلُ أمتعتي للمدنِ البعيدة .
يمنحني فرصةً أكبر
لاستلام الحقائب، والوقوف فى مهب الرياح
لا تقفوا فرادى والمدُّ يعلنُ ثورتَه
ولتزرعوا ورداً جديداً
للمطر المنتظر.
4-يدٌ غائبة
الملاءاتُ باهتةٌ
وألوانُ الغرفةِ .........
حتّى الشمس التي تمر خائفة
تعكس منحنى باهتا.
لأنني غريبةٌ
أقبعُ في مصباحٍ قديم
لا أحد يمرُّ بالصدفة
كي يُخرجَ ثورتي
كوطنٍ ينتظرُ يدَ الغرباء
كي ترسُمَ ملامحَهُ الجديدةَ
أيُّ شيء يدعوكَ لاحتمال
الألم؟
ربّما.... أصابع طفلٍ يتعلم الحبو
على أرضٍ ملساء,
أطفالٌ كبار
يقفون خلفَ الأبواب المغلقة
ينتظرون قطع الشكولاته
وحباتِ اللوز
أو مسحةحانية
تمنح دفء الكون.

5- إنه الخوف
إنهُ الخوف
أو ربّما إحساسٌ متخاذلٌ بالوحدةِ
كانت فناجينُكَ
تقرأُُ نفسها
وتبشرني بأحلام العودة
إلى نفس الشرفةِ
المرمرية 
كصراخِ الشارعِ اليومي
والليلِ المتجمد في صقيعٍ أزلي
هناك حلمٌ مؤجل بالراحة والتغريد.........
دُخانٌ متناثرٌ في كلِ الأمكنة
طفلٌ يحلم ببالون خالٍ من البارود
وفتاةٌ تجلس كمريم العذراء.........
خوفٌ يحملُ خوفي الأكبرَ من ذاكرتي المحدودة
عندما غادرتني لغةُ الضادِ، لغةُ الضدِ
لغةُ التوحد
انتظرتُكَ..
في اتساعِ الأمكنة.
براحٌ يخرجُ من براح
والعصافيرُ التي أطلقتُها
بعد سجنٍ أزليٍّ
هَجرتِ الأعشاشَ المظلمة.
حينما تنزل دموعي على صفحة وجهكَ ساخنة
تذكّرْ أنها الحياة؛
مالحة ملوحة البحر
جامدة وعنيدة.

6- تنويعات
النيلُ البحرُ
الطميُ الرملُ
امتزاجُ المخلوقاتِ
وامتطاءُ النخيلِ العليل
البحرٌ
حلمُ الإثارة/ تطويعُ السواكن
الهياجُ المستمرُّ
واكتمالُ الزبد
النيلُ بزرقتهِ المهادنةِ
 فرعونيُّ الطلّةْ
ساكنٌ كسكونِ روحي
غائبٌ عن الوعي
عذبُ الملامح
رافضٌ للثورة
7-أحلام مبعثرة

أوهَمُونى بأن لى حلماً جميلاً ...
قلت لكم منذ البداية أن الأمطارَ الساخنةَ تعطل
نمو العصافير .........
يا لَهُ من دُخانٍ هذا المتناثر
فى صقيعِ الأرصفة
ولهيبِ رُوحى.......
لكننى سأؤجل فرضى الأخير
وأساوى بين الصدفين
إلى أنْ تكتشفَ الزهورُ
رحيقَ بداوتها
ويُدهش المارة
بابتسامة ٍخضراء


8-نزف الأرصفة
 عامٌ يمر
ألفُ شمسٍ تغيب
وألفُ أغنيةٍ
تغادرُ لحنَها
سرادقاتٌ تلفُظ المعزين
دواماتٌ من ألق ,
وشرنقاتٌ من وجع............
جنين يرفضُ صراخَ الحياة..
وهذا الطعامُ الذي لم يَتَسنَه
يحاصرُ آكليه.
عامٌ يمر
دمٌ باردٌ
وصقيعٌ يحمل حصارا ًبغيضاً
أشكُركم يا منْ مَنحتُم روحي وقتًا إضافياً.
قليلٌ من الملح يَكفى حتى يجعلني
أكره معنى العطش
"أنا الطاعنُ والطعين"*
الدمُ والوردة
المحاصَرُ والمحاصِر
أنا مَنْ سفكوا دمهُ
ثم وصموهُ بالعار
بطلٌ من غبار
سليلُ الفراعنة..
وليلى يحملُ أقصى درجاتِ البكاء
فلماذا عظامِي تنِخُّ
وحنيني إلى الهواء
لا يقابلهُ نفسٌ طويل؟!

هامشٌ أخير
انتظرونِي قليلاً حتى أُسرِّحَ لطفلتِي شعرَها،
أُلبسَهاسترتَها البيضاءَ
وأطرِّزَ صدرها
بحُليّكُم، أملأَ فمُها بحلواكم،
أحكى لها قصصَ الملائكةِ ورياحينهم الخضراء
وأُذكُّرها بأنَّ الشياطينَ لا تعرف معنى الحياة.
* أنا الطاعن والطعين: من "شارل بودلير"

9- نعوشٌ قاتمة
هناكَ على مسافةٍ قريبةٍ من فراشي
أطفالٌ يغطّون في نُعاسٍ مرير
ورأسٌ منهكٌ يتخفّى خلف الوسائد
في غربةٍ
كانت وطنًا بلا سماء
فصارت سماءً
بلا وطن.
نجومٌ تزحف كضفادع مذعورة
شمسٌ بدونِ صباح
وقمرٌ يفتقد لحظةَ تمامِه.

10أول البوح
(1)
عامان.
         ليلان
            رصاصتان
وطنان منفيان,
ورقٌ قشٌ صدف.
فاعقد اللامَ على الألف...... لا تخف
الأرضُ خطوتها لن تقف
الأرضُ سنبلةٌ
ونبضٌ حزين.

(2)
حالة
عندما أرادت القابلةُ
أن تُخرجكَ عُنوةً من جسدي
كان الموت موازيا
لحجم الألم
وعندما خرجتَ
كنتَ جسدًا مكتملاً
وفى غمرةِ الإعياء
نظَرتَ إليّ بعينين ذابلتين
لمسَتْ كفي يدك الصغيرةَ الناعمة الباردة
كانت
أولَ وآخرَ نظرةٍ.
قالوا:
فلتذهبوا به إلى الحضانات؛
أسرعوا إلى غرفة التنفس الصناعيّ
وأنا في قمة إعيائي-
لم أتمالك نفسي حتى أُرضِعك؛
أُرضعكَ حليبَ الحياة.
  
(3)
حلم
ستنبتُ الأرضُ يومًا
سيأتي الربيعُ المرمري
ستخرجُ كلُّ أمٍ تُهدهدُ طفلَها
 عن لحنِ القصيدة ِالعادي.
سينهضُ الأطفال
ليلقوا بعُلبِ الألبان المستوردة
ويتشبثوا بأثداءِ الأمهات
ستزغردُ البناتُ على شرفاتٍ
تناثرتْ حولها
أوراقُ الكافور المُهملة.
سيغلقُ الصبيةُ كلَّ المتصفحات
 ومواقعَ الدردشةِ
ليخطوا سِفرَ البدايةِ على تراب الأرصفة.    

(4)
غياب
عصراً تسّاقطُ أوراقُ الشجرِ البنفسجي
أغيبُ برهةً
لاكتشاف روحي
ولا أعود
عند النيل الممتلئ الجسد
أراقصُ الشجراتِ
الثكلى
فى حفلٍ جنائزيٍّ بهيج.
أطفالٌ يمرون
عند وقوفِ الجسد
على حافتي الأرجوانية
وعندما تفضحني أغنيةُ الليل
أصنعُ زاويةً
لروحي واختبئ.

(5)
نافورة
مُدّي النَدى والأيادِي الحانية
بلِِّليني في تداخلٍ دائريٍّ شفيف
رديني إلى التمردِ والازدهار.

10- غربةٌ بحجم الأمل
السحبُ الغميقة تكَره جلستَها السخيفة
تُنادى: يا ريحُ ,أقبلي
فقد مللتُ انتظارَ المطر
منذُ أن حلَّ هذا الشتاءُ الباردُ الطويل.
الأشجارُ الكثيفة
تكرهُ وقفتَها  السخيفة
وتُنادى: يا ريح ,اشتدي
حتى يستدفىءَ هذا الفلاحُ المريضُ
من أغصاني
في شتاءٍ باردٍ طويل.
النخيلُ
كرِه وقفتَهُ  السخيفة
ونادى:
يا ريحُ هُزّي جذوعَ النخل
تساقط الرُطَب 
ويكتملُ نفاسُ الوطن
فى شتاءٍ قارصٍ طويل.

11- الخروج الآمن
اخرجوا جميعاً
من ْتحت ٍأظافرنا
من خصلاتِ شعرنا المخضبة
بلون ِالكستناء
اصنعوا من أجسادنِا سفناً تائهة
ومن أرواحِنا
غرفاً للتنفسِ الصناعيّ.

12- ماذا بعد؟
ماذا بعدُ أيّها الفرجِ القريب؟
انتظرناك ثلاثين عاماً وعاما
تجمّزنا بالجميز حتى أنَّت البطون
ولمّا أتَانا التين
كان ثماراً بلا شَجر!!

13- مكَاشفة
هذا الفِرعون الّذي
ظل مُمددًا فى تابوتِه الخَشبيِّ
سنة تلو سنة
-كسفينةٍ تهوي في
نهرِ الروح-
غادرَ ذاكرتَه فجأة؛
ليترُكَ يَدَ المُحنِطين
تُرمِّمُ أجزاءَ الخيبةِ في جسدِه
فجأةً ...........هربَ
من بهوِ الذكريات
وأغْلَقَ فمَه..
ابتلَع كلَّ ماء البحيرةِ المقدسةِ
في المسافةِ ما بين حاجبيه
كنشيجٍ يوميٍّ مستمر
لم يملُك إلا
أن تُسرقَ أحشاؤهُ
ثمّ ينام........!!
14 دموعُ الجنوبيين
تعويذه
بأزمنة ٍبعيدة
ألوذٌُ من غربتى
وبوجهِ أخناتون..........
شاحباً يأتينى
يحاصرُ الكهنة
ويكشف أسرار َالجنوبيين
.....................................

الجنوبيون يُجيدون نحتَ أحزانِهم  الغائرة
على جدارياتٍ رُخامية
يُعبئونَ دموعَهم الحجرية
فى مسلاتٍ شاهقة
ويُغلقونها بإحكام
وحينَ يمُرحريق الشمس ِ
ناكئاً حروفَ الوجع
تَتَهاوى الدموع .........
أرجوكم عندما تزوروا أجسادَهم المحنطة
لا تفضحوا أحزانَهم.
و صلوا من أجل روح الكا
أنتِ أيتها الروح القاسيةالحنونة
تمرين من عليائك بيضاء كالثلج
و جمراً ملتهباً
مرةً كالحنظل ورطبةًً كتمر الجنة
مكدسةً بالرياحين ومخضبة ًبالحناء وطمى  اليدين والوجه
حافية القدمين
تدميها أشواكُ القيامة
غجرية وعذرية
أحزانُها نيلٌ لا يمل صبره
غيثٌ........ وكبرياء 











15الى ابتسامة أمنحوتب الرابع
طلةٌ ملكيةً
فى ألقٍ رُخامىٍِّ

تتباهى ٌبلون ِالحنطة الفرعونى
وضحكة ٌخافتة تمررُ أنفَاسها
فى وجه زمنٍ بعيد
أىُّ جيلٍ من هزيمة
هذا الذى يجتَثُُّ خبأً
يلوح مهادناَ  فى ثنايا طلتك؟.........
كانت أعمدةُ الكرنك تقفز من بهوها مزهوةً
لتُلاحق قمحَ الابتسامة
وحصادَه الجديد
وأنتَ وحدك فى هذا العالم
جالساً تفتح شفتيك
للسماء ِمنتظراً
أحلام المطر ........علَّها تسَّاقط خلف الضبابِ المستميت)
هى شارةٌ من خجلٍ حضارى تطوفُ من بهو الكرنك الى حائط المبكى وعلى
مشارفِ دجلةَ والفرات 
يغوث ويعوق ونسرا 
طوافون......فى هذا البهاء الملكى الذى لا يناسب آلهةً مارقين
يا لصَفاء رُوحك المبتلى
وهو يمارس طقوساً صباحية
ويقدم القرابين
لآلهةٍ بليدة





16- أنشودة الكرنك
هذا الشامخ
قاهرُ الهُكسوس/ الكهنة الخوّنة
اللصوص، والمجوس.
فيضُ النبوءاتِ القديمة
سليلُ الأرضِ المقدسة
قاهرُ الأبالسة
ومحررُ الأرض المدنَّسة
حاملُ الكباش المهشمة والكباشِ الممسّوخةِ
والكباشِ الملفوفةِ بالرياحينِ والزعفران
حافظُ المومياوات والنبوءات
هذا البراحُ الواسع
كان يُشعلُ البهوَ
في ذاكرة ِالجالسين
ويكرِّرُ لغةَ الطيبين..
الناصحُ الأمين
سليلُ الصديقين
والقديسين
وحافظُ أسرار المَلِك.
هذا المعجونُ حنينًا
في ترابِ طيبة
أرضي الحبيبة؛
_كانت تأتي
تفسيرًا للرؤى في
سورة يُوسف-
حلمًا ناعمًا
يسري في صورة وطن
داراً وثرى وثراء
مسرى للعشاق
مئذنةً وأجراس كنيسة.

17- أولى إعدادي
لماذا لا أستطيعُ الاحتفاظَ بأي متشابهين فى غُرفتي؟
جوربٌ وحيد.. قفازٌ وحيد
وفردة ُحذاء ٍدائمةُ البحثِ عن وليفتِها!
تصرخ أمي دوماً:
"منتهى الفوضى".
بالأمس ذكرتْ لنا مُدرِّسةُ العلوم
أن القطبين المتشابهين يتنافران
والقطبين المختلفين يتجاذبان.
وفى حصةِ الدين
شرحتْ لنا المُعلِّمةُ قصةَ سيدنا نوح
وأنَّ سفينتَه كان فيها
من كلِّ زوجين اثنين.
وفى حصة الرسم
رسمتُ بنتًا بغمازتين
لها ضفائر طويلة مجدولة
بلون القمر.

18- أشياء عادية
أحواضٌ ممتلئة
أكوامٌ من الغسيل
وموادُ غريبةٌ
تتعاركُ
لكنها غير قابلة للاشتعال!
كلُّ هذا يا ربى،
وأنا يدٌ واحدة
لا تقّوى على التصفيق
إلاَّ على هذا الحائط المتهالك!؟

19- معنى الحياة
هناكَ
بعيداً جداً
في السماواتِ السبع
تتعانقُ نقطُ الضوءِ العالية
وفى الأراضين
ورودٌ ذابلة
تنتفض مسرعة
في صحراءِ الذكريات.

؛....
على هواتفِنا المحمولة
نحمِّل صوراً لبساتين
حقولَ قمحٍ
ومقطع فيديو وحيدًا
لطفلٍ يتلهفُ للحبو
ثم يتوقَّف فجاةً
عن النمو.

؛......
هناكَ.. على صفحاتِ الجرائد
حروفٌ ضائعة
فى كلماتٍ متقاطعة
نَفَسٌ يعلو ويقصر
ثم يترجرج
بينَ الضلوع
ونفوسٌ تبتغى الكمال
تتلذذُ بالمعصية
وهى تستدرج الروحَ لتوبةٍ
مؤكدة؛
يا الله.. كم تحمَّلتنا كثيراً..

؛.......
كلما
أغمضتُ عيني
أراكِ سراباً
ذراتُ مطرٍ على زجاج ِالنافذة
تحجبُ الرؤية
وصفاراتُ الإنذار التي تُرعب طفلي
في آخر الليل
فيقول (بوليس)
ثم ينام.
هي مُضغة إن حاصرتنا
هلَت علينا الدنيا بزخرفها وازّينت
ولأننا بشرٌ
نستسلم لخطايانا
ونمنطقها
نزرع الحقولَ
وننتظر هطول المطر
لا نُدرك أن لذراتِ الترب
أكثرَ من معنى.



20- من ذكريات الطفولة
كنتُ أتعلم كيفَ أتهجى اسمينا
على صفحاتِ الكراساتِ البيضاء
كان القلمُ مهيبًا
وأصابعي الطفلةُ تسكنُها
الرهبةُ والرغبة
كانت أحرفنا تجرى بين عروقي ممتزجة
فيتحيَّرُ ما بين أصابعي الحرف
وكلماتُك تسرى في جسدي
تُنبئُني باللوم
إلى متَى ستظلُّ حروفُكِ منكفئةً
تشربُ من بحرٍ؟
كان اسمُكِ من أغلفة الكراساتِ يطلُّ
حاولتُ كثيراً
وأخيراً أتممتُ الاسم.
21- مِنْ مُذّكرات اليُتم
 لم يكنْ لى أبٌ
أدفىء خدى بشالِه الصوفى
فى برد الشتاء
ولا أخوة
ُيشاركِونَنى طعامى وسريرى
ولعبِى ويتمى
ولا بيت أجدُ ريحَه فيه
مرّ عمرٌ طويل............
 وأنا أبحَثُ لى عن أب
فى أبجديات ِاللغة
فى صورةٍ تُزغرد على الحائط
وفى زركشاتِ الحناء على اليدين
 فى يوم ِالعرس
فى حنينِ الشجرة الى الجذع .....
والجِذع الى الماء..........
 والماء الى النبع.............
كُنت أجتّر الحزنَ على جرعات
كمرضٍ مزمن
كحبٍ.......... لا ميت ولا حى


22- أمل
أمل
هاتِ
 الكرة
الكرة جَرت
خلفَ الحدائقِِ والحقول
الكرةُ دائريةُ الملامح
منزوعةُ الجذور
أمل خُذي الكرة
دعينا
نسبحُ بين جوانب
هذي العتمة
لا يا أمل
لنْ نلعب بالكرة
إلا لو كانت مُلتئمة.


23- وهن
العصافيُر,,,
,,,
,,
،
تحاول جاهدةً أن تُبرزَ دهشَتها
تُجهِّزُ أعشَاشها الواهيةَ وهي
على يقينٍ
بأنها من ورقٍ وقش.
كانت بالأمس
مزهوةً بألوانٍ زاهية
وزقزقةٍ
لا تؤدى إلى لحنٍ مُكتمل
حتى الحب الذي جمعته لأطفالها الصغار
ت ن ا ث ر
من مجرد
هبّة ريح.

24- بهو الأعمدة
لَمْ تَزل أحرفُكُم منقوشةً
ببراعةِ كائنٍ
يعرفُ كيف يُحبُّ الأرض؛
الفأسُ.. المعولُ.. أدواتُ التحنيط
وأجهزةُ التنفس الصناعي
محفوظةٌ في مُتحفٍ بعيد.
عمودٌ شامخ
تِلوَ عمود
عمودٌ يهوى تلوَ عمود
يا أبهى عرشٍ ملائكي
فلتخلَعْ خصلاتِ شَعرِ
رمسيس المخضبة
من نهرٍ إلى بحرٍ
إلى مسرح ِالملك البغيض.

25- كراكيب قديمة
كانت السيدةُ
تُلملمُ أحزانَها
في صناديق حُليٍّ صغيرةٍ
وبعضٍ من قنيناتِ العطر الفاخرة
لاحظتْ عندما حل الظلامُ
أنّ هناك أشياءَ عادية
وأشياءَ أخرى أكثر مهانة
السيدة ُالتي سَارَت طريقاً طويلاً
تُلملمُ جراحَها
اكتشفتْ أن الجراح غيرُ قابلةٍ للشفاء
وأنّ أُلفَتها مع الأشياء
مجردُ مطباتٍ صناعية
لمُرورِساعاتٍ باهتة


 _ 25أنين اللحظة
هذا الى يتسرب من بين أصابعى كماء آسن..
لا أعرف له اسماً
عيناى معطلتان ..والبصيرةُ طفلٌ عاجز
ربما .....انزلق من بركان الذاكرة
الى أديمِ الأرض ليأكلَ من تفاحِها العطن
يتسلقُ أحياناً تعاريجَ الجسد النحيل على استحياء......
هو نفس السؤال الملح
والغبار المر
الذى تلفظه رئتا العالم كل مساء
صدى عالق
فتاتٌ من أجساد ,وفتات من أحلام
ملقاةٌ  هنا وهناك


.

26- نبتةٌ على جدار
هي دفقةُ الحزنِ وزفرةُ الألم
هسهسةُ الجنين في ماء المشيمة
أسرابٌ من النمل
انتشرت فى فوضى من الأذينِ إلى البطين
هي كوةٌ بعيدةٌ  
ومزمارُ الحي الذي يهدهد ساكنيه
سكينٌ باردٌِ
يناوشُ جرحاً لا يندمل
وأكفانٌ بيضاء
تنتظر الموتةَ الأولى
نورٌ يجرك من أسمالِ الثياب
تجُور ثم تَجأر
فتتجاور فتُجار
تلوذُ بحمى الجوار
هي جبلٌ من هزيمة
يحبو حثيثًا, ويمرر صوتَه في تسبيحٍ وتأويب
حصارُ الروح للروح
وخروجُ الروح من الروح
وحنينُ الروح إلى الروح
انقباض الرحم وانبساط الحلم
اخضرار..
فضاءٌ فسيح
وبكاءٌ يبعث بهجة
فى نبتةٍ لم تزل ..........
حنين

نحنُ يا أماه هزيمتان
تمُرّان على حافة الأسئلة
صحراءُ بلا موسيقى
همزتا وصلٍ فى لغةٍ يتيمة
أمى ...لا تفتحى ذراعيكِ لظلى الباهت وهو يسبقنى
لحدائقِ البهجةِ المشتهاة

الأحد، يناير 18، 2015

المدونة تبدأ ملف أديبات جنوبيات ..د. مصطفى عطية جمعة - مصر تجربة كريمة ثابت الشعرية قراءة في تجربة كريمة ثابت الشعرية: شجن الذات الشاعرة يغلف الكون صدقا




د. مصطفى عطية جمعة - مصر
تجربة كريمة ثابت الشعرية
قراءة في تجربة كريمة ثابت الشعرية: شجن الذات الشاعرة يغلف الكون صدقا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلا عن : عود الند 
مصطفى عطية جمعةتكاد تكون التجربة الشعرية لكريمة ثابت تتعنون بـ: الدفق والصدق والتلقائية، وهذا ما نلمسه واضحا في مجمل إنجازها الإبداعي؛ فهي في دفقها تكتب عندما تحين لحظة الكتابة وتقع تحت نير إلهامها، وفي صدقها؛ في نثرها حياتها اليومية شعرا، وفي تلقائيتها المعبرة عما في دواخلها دون مواربة. وربما يستوقف المتلقي عزفها ألحانا عزفت عشرات المرات من قبل، إلا أن شجاها يتجاوز المداد إلى الفؤاد، والآذان إلى الأعماق، بشجو وشجن، وأيضا ببناء جمالي، لا يحفل بمسايرة الجديد في الشعرية العربية، بقدر ما يحاول التأسيس لعلاقات ورؤى تحاور أو تخاصم العالم، وقد تجمع المتناقضين في آن.

يتجلى نضج التجربة الشعرية في أحدث ديوانين لها [1]، حيث تجيش الذات الشاعرة بتوهج فني، واشتعال وجداني، ربما كان أحد أسبابه اغتراب الشاعرة مكانيا في الخليج عن أرض الكنانة، مما أتاح لها الكثير من التأمل العميق، والعكوف على تجويد النص، وأيضا شفافية الذات، وإعادة قراءة العالم حولها وفي أعماقها، فكأنها – في نأيها المكاني – استشفت نفسها أولا، ثم وطنها أفرادا وجماعات، وذوي القربى والأصدقاء والمبدعين ثانيا، والقصيدة ثالثا.

وستكون قراءتنا لتجربتها ببعدين، الأول: أفقي، ويتناول جماليات النص الشعري، والثاني: رأسي، في تناول عالم الديوانين بشكل مستقل. والسبب في اختيارنا لهذا النهج في الدراسة عائد إلى وجود الكثير من المشترك – جماليا – في الديوانين، خاصة على صعيد الخيال الفني وعناصر تكوين الصورة واستخدام الرمز والعلامات، في حين تمايز الديوانان في طرحهما وأيضا في بنائهما الكلي.

1) جماليات النص الشعري:

كريمة ثابتوتبدو هنا في عناصر التخييل الفني والرمز في النص، باعتبار أن الشاعرة تتخذ الصورة والرمز معبّرين عن الحالة الشعرية في النص. والملاحظ لدى شاعرتنا أن عناصر تكوين الصورة لديها مستمدة من الطبيعة: نباتات وهواء وتراب، وأيضا من الجمادات والصوتيات، مع عبق كوني يغلفها، فكأنها تصنع كونا شعريا خاصا بها، بكل ما تطوله حواسها، وكما بدا في عنوان ديوانها: "مساء البرتقال الحزين"، حيث حمل العنوان الزمني: المساء، مع النباتي: البرتقال، مع الشعوري: الحزين، لتقدم لنا رؤية للعالم من حولها، تحمل شجنا، مغلفا بغابة البرتقال، ويحمل درجة من التحقق الواقعي؛ فيمكن للنفس أن تعيش وسط أشجار البرتقال، في إحدى الأمسيات، والحزن بأعماقها. وهذا ما نلمسه في القصائد التي حملت نفس العنوان في متن الديوان، تقول في "مساء 1":

كالخريف تطأ القلب؛ يساقط ثلوجه ويذبل

كالخريف تحرق اخضراري وترتمي بدمي

ثقيلا باردا

كالخريف تسمل عين وردتي

وتقتل ابتسامتي...

أفيض سوسنا مثلجا

وأنزف ارتعاشا ذابلا [2]

هذه صورة ممتدة، اجتمع المساء مع الخريف، ليقدم لنا زمنا مفعما بالأسى، فالخريف علامة على انقضاء السنة، ودخول برد الشتاء، مثلما المساء علامة على انتهاء اليوم، وانمحاء النهار. بناء النص اتخذ من مفردات الطبيعة أساسا لتكوين خياله، فيصبح الخريف إنسانا يطأ، ويحرق، ويسمل العين، ويقتل البسمة، وتواجهه نفس طيعة: مخضرة، مبتسمة، تنزف ارتعاشا. حيث تقدم ثنائية المواجهة، لا التناقض [3]، فهنا الخريف بكل عنفوانه يواجه الذات المخضرة بكل وداعتها، ومن خلال المواجهة تأتي حركية الصورة، نافية السكون الذي يعني الجمود، لتنتج المواجهة سوسنا مثلجا ونزفا ذابلا. إن التأمل في بنية هذه الصورة يوضح أن جمالها نابع عن بنية التنافر بين طرفيها، والذي تحول إلى تجاذب ومن ثم إعجاب وطرب، فشتان بين الخريف والإنسان، ولكن أمكن للشاعرة أن تجمع بينهما، وتؤسس عالما نباتيا مؤنسنا، ذلك "أن التباعد بين الحقيقتين هو الذي يقوي القدرة الجمالية والإنجاز الفني للصورة وينمي درجة "اللاتوقع" و"اللامنتظر" فيها. فالصورة لا تحرك النفس وتهز شعور المتلقي إلا إذا كانت السمة المشتركة متحققة بين شيئين مختلفين"[4].

فالتجربة متميزة لدى شاعرتنا، لكونها متجاوزة الخيال من الإطار التقليدي القائم على الصور الجزئية بعلاقاتها المتعددة التي تجمع بين أطرافها، إلى الصورة الكلية ذات البناء الرمزي، وهذا شائع في شعر السعبينيات والثمانينيات من القرن العشرين، انطلاقا من الرؤى الجمالية للحداثة الشعرية، مثلما تقول:

يا له من سحاب

يلوّح لي كل أمسية بالبريق الخصيب

وبالأمنيات اللواقح بالدفء

والقلب المتدثر فوق أريكته

ويعللني بالرطب

يا له من سحاب كذوب

يهيم إذن بمراوغتي[5]

أساس الصورة هنا: السحاب، حيث تقام علاقةٌ وجدانية معه، ليصبح السحاب هدفا للمناجاة والأمنية وأيضا المراوغة، وهنا يكمن عنصر الجدة، فبدلا من مناجاة النجم والقمر على عادة ما درج الشعراء، نجد العلاقة المؤنسنة مع السحاب، ليكون السحاب رمزا للآخر، وعلامة على التحاور مع الكوني، وفي ثنايا كلية الصورة، تبدو جماليات جزئية مثل الاستعارة (سحاب كذوب)، وتراسل الحواس (البريق الخصيب، الأمنيات اللواقح بالدفء).

تتقارب الجماليات في الديوان الثاني "وريد ينثر خارطتي"، وإن كانت تتجه نحو مزيد من الإضافة الإبداعية في التعامل مع عناصر أخرى من الكون، ضمن بنية نصية جديدة، نقرأ فيه:

شجرٌ بلا أوراق

وفاكهةٌ بلا نكهة

أزهارٌ بلا رائحة

أطفالٌ ليسوا بريئين،

ودُمًى متوحِّشة تلعب بنا،

وتلقف ضحكاتنا!

وتحلّي بحكايات المساء

أريد أن أصحوَ

شُدّي الغطاء

من فوق كابوسي يا أمّ

وقبّلي خدي [6]

يأتي المساء في ختام المقطع الشعري السابق، مؤكدا على كونه موئلا للحزن، وهذا متناغم مع الديوان السابق، ولكن تستوقفنا هنا الصور الجزئية المتلاحقة متخذة مفردات الطبيعة رموزا، دون تقديم لصورة كلية كما تقدم، بقدر ما تقدّم حالة شعورية أساسها تراسل الحواس، لتجمع بين البصري والمشموم والمطعوم، في كل صورة على حدة، وكأنها لقطات سريعة متلاحقة، فالشجر عار من الورق والأطفال والدمي المتوحشة (بصري)، والأزهار بلا رائحة (مشموم)، والفاكهة دون طعم (مطعوم)، وهذه متناسبة مع كون النص معبرا عن حالة كابوسية، لا تجد إلا الأم ملاذا لها.

والملاحظ أن الشاعرة تتعامل مع الأم بوصفها أما طبيعية، حنان وملجأ ورعاية وإفضاء وعطف، وهذه الدرجة الأولى في العلاقة [7]، وإن جعلتها شعريا في حالة من الملائكية، متوسلة بعناصر الطبيعة في أقصى نقائها، كما تقول:

أمي يا صفو الماء

ويا فرح الإيناع

ويا ملكا نوريا

وحنانا وصفاء

أمي يا أغنية حيرى في شرياني[8]

ونجد أيضا في ما يمكن الإطلاق عليه "الخيال المتضاد" حين تصبح الدلالة عكسية، فالمكان يحتوينا، ولا نحتويه، إلا أن شاعرتنا تقدم احتواء للغرفة/المكان، في علاقة جدلية مع الجماد، وفي محاولة أن تنتصر على المحدد المكاني بجدران، إلى أن تتعاظم الذات، لتشمل الغرفة وما فيها، تقول:

تلك الغرفةُ/تتمدَّدُ بداخلي

خارطةً

شاااااااااااااسعةَ الحزن

ومُوجَعةَ التضاريس

تلك الغرفةُ/تسكنُني![9]

الصورة كلية، أساسها جماد: الغرفة/الخارطة،وذات شاعرة كرهت وحدتها وسط الجدران الأربعة أو التضاريس الموجعة، وتصبح الغرفة رمزا لخارطة العالم، فكأن العالم على رحابته وتضاريسه حدودا تقيد الذات وتؤلمها.

ونفس الأمر، في العلاقة مع القرآن المرتل، تقول:

الشيخُ عبد الباسط

يرتِّل القرآنَ/والجدرانُ تستمع بشَجَن

أتلو فاتحةَ غربتي!

والشيخُ عبد الباسط/يلمُّ -في حنجرته-

أشلائي المبعثرةَ

ويتلوني -آخرَ الأمسيةِ-

فاتحةً لغفوةٍ؛ أنام فوق حرفه،

وأبكي

يكفكفُ انتحاري/ويرحل[10]

على قدر ما نجد في هذا النص من بساطة في الجماليات، على قدر ما نلمس فيه صورة كلية، عنوانها شجن، شاركت فيه الجدران (جماد)، واستحال الصوت الرخيم إناء يحوي أشلاء الذات المبعثرة، ثم تصبح الحروف القرآنية العربية وسائد تهدئ الأفئدة لتغفو العيون. الجديد في هذه الصورة، الصوت القرآني الجامع للمكان والإنسان، والمانح هدأة النفس، وسط غربة، تأخذ القلوب إلى مناحي الإفناء الإرادي.

2) بنية الديوانين:

اعتمدت الشاعرة في بنية الديوانين على بناء كلي، وهو ما ساهم في وضوح معالم التجربة بشكل مكتمل، وأيضا متدرج، وهذا وعي جمالي، يتأسس على أن إخراج الديوان كتابا، وترتيب قصائده، إنما هو جزء من الدلالة الكلية في التلقي.

فقد جاء بناء ديوان "مساء البرتقال الحزين" في محاور حملت عنوان كراسات عددية متتالية، الجامع بينها حالة من الشجن والهم، بدت في الكراستين الأوليين "مساء البرتقال الحزين"، و"مرثية لليمام التعب"، والجامع بينهما الحزن والتعب، والأول نفسي والثاني جسماني، ويعبر اليمام عن ألم الغربة والارتحال، مما يمهد للكراستين الثالثة والرابعة:"أسيوط تغادرني"، و"من يوميات الأحمدي"، وكلتاهما مكاني، فأسيوط جزء من الوطن مصر أما الأحمدي فهي مدينة تقطن فيها شاعرتنا في الكويت، تشهد غربتها النفسية والمكانية، وهي تمثل درجة عالية من النضج الشعري والشعوري، وفيه تبدو علاقاتها بالغربة مكانيا حيث "السوبر ماركت"، والإنترنت، وأمكنة عدة، وسكن المعلمات، وأيضا زمانيا، وهو ما توجزه في مفتتح كراستها بقولها:

تأتي أيام/تقطفنا الغربة

كثمار آيلة للعطن

وتمضغنا بقرف

تتهم دمانا أنّا

نتهجى أحلام العمر/المودة بشرف [11]

إنه الزمن المار ببطء، يستشعره من ابتعد عن أحبابه، وشعر أن العمر ينقضي بألم، وأن الأحلام كالأحرف المهجاة، ترهق قارئها وتشعله. وتقول:

مرفأ الأحمدي

هل سنرسو على قيظه أم سنقلع؟

يا له من بريق يتوج ظلمتنا/يستفيق المدى

اغفري لي فراقك يا درة الروح

يا حلوتي، يا ندى[12]

فميناء الأحمدي يشكل مرفأ للحياة، وتأتي لفظة قيظ رامزة إلى الغربة، ومتماوجة مع قيظ الكويت المعروف، ثم يكون طلب المغفرة من الابنة ندى. ويكون السؤال عن علاقة الابنة بالمدينة، وتأتي الإجابة في كون الاثنتان علامتين؛ الأحمدي على الغربة وقيظها، والثانية على الانتماء للوطن والأسرة.

أما الكراسة الخامسة: "أيقونات"، فهي تمثل إشارات تتخذ شكل الإبيجرامات الشعرية، حيث الكثافة واللقطة الدقيقة، فالأيقونة صورة متوهجة، لا تكتفي بالوصف البصري الخارجي، بقدر ما هي صورة في النفس، تلتمع فجأة، تقول:

(كليني لهم يا أميمة)/فالسماء بلا قمر

أين تغفو حروفي إذن ؟

***

برتقالك مرّ

ونكهة صبري أمرّ

في السماء قوارير من عسل بانتظاري [13]

فالجامع بين هذه المقاطع إشارات نفسية وفكرية موزعة بين الفكر والنفس والعين، وتتخذ من الكوني والطبيعي رموزا وعلامات، وتلح لفظة البرتقال متماهية مع عنوان الديوان، حالمة بجنة في السماء.

أما ديوان "وريد ينثر خارطتي"، فقد جاء البناء محددا، بلفظة خارطة في عناوين النصوص، في إلحاح على الرؤية الكلية، التي سبقت كتابة الديوان، وكما بدا في عنوان الديوان، فإن الخارطة مكتوبة بدم الوريد، لتكون علامة جديدة في مسيرة الشاعرة، حيث تجعل الخارطة عالما، يحوي كل رؤاها في الحياة، فهناك خارطة لـ: التكوين، الرؤيا، السؤال، التجلِّي، المرايا، الحرباء، الحنين، الأرض، القيامة... إلخ تقول في خارطة الأرض:

لا بواباتٌ

ولا حرَّاسٌ

ولا مشانقٌ

ولا ألسنةٌ حِدادٌ

ولا أبالسةٌ

ولا أيدٍ نجسةٌ

ولا قلوبٌ خائنةُ

ولا دفاترٌ ملوَّثةٌ[14]

عبر لا النافية، تتأسس معالم الأرض/الحلم/الوطن، لتكون الحرية والعدالة والصدق والطهارة، ونرصد تطورا في الجماليات، حيث تعتمد على توهج الكلمة، وإن جاءت مباشرة واضحة صارخة، معبرة عن الحلم.

وتقول في خارطة الخضوع:

لا يعرفون أنَّ سِجِلَّ الهزائمِ لم يَعُدْ به مكانُ

وأننا نعيش بلا رئاتٍ ولا قلبٍ

كائناتٌ/ظلالٌ

تدخل القصائدَ

تعتريها رعشةٌ

كصدمةٍ كهربائيةٍ

تدبُّ -في عروقها- شبهُ حياة[15]

تعبر عن حالة الخضوع المنبثة في ثنايا النفس، مستشعرة حالة أناس عاشوا القهر، وتأذوا به، ومارسوه مع آخرين، حتى تخلل القصائد التي أصيبت بالرعشة، وتأرجحت الحياة في أسطرها.

** ** ** 
تظل تجربة كريمة ثابت علامة على إبداع نسائي تميز بوجود تقاطعات عدة فيه، فهي الشاعرة حاملة هموم الوطن، وهي الأم التي تبث لواعج الشوق لأبنائها، وهي الحالمة بغد يغلفنا بسماحته وعدله، وهي المغتربة مكانيا ووجدانيا تنقل لهيب قلب فارق الأحبة لأحلام، يعلم يقينا أنها تأكل الكثير من عمره.

وفي هذين الديوانين، ظهر تطور فني بازغ في مسيرة الشاعرة، على مستوى الرؤية الكلية للديوان وبنائه، وعلى مستوى بناء النص وجماله، لتؤكد لنا أنها تصنع مما تملك السعادة لمن حولها.

فرشتُ لكم دمي بالزهورِ

وصنعتُ قهوتي

مُعطَّرةً بالبهارِ

هَدْهَدْتُ المصابيحَ؛

كي ينامَ الضوءُ هانئًا في حِضنِ الجِدار

هنا أريكةٌ وثيرةٌ

وهنا أذنٌ حنون

تنصتُ بشغَفٍ لنبضِكم

وتلتقطُ شفراتِ أحزانِكم[16]

= = = = =

الهوامش

[1] أصدرت الشاعرة أربعة دواوين: الأول: أسفار في جيب قميص (هيئة قصور الثقافة)، الثاني: وردة من دمي (فرع ثقافة أسيوط)، الثالث: مساء البرتقال الحزين، مركز الحضارة العربية، القاهرة 2009، الرابع: وريد ينثر خارطتي، هيباتيا للنشر، أسوان، 2011م ، وسيتم تناول آخر ديوانين في هذه الدراسة.

[2] ص20، 21.

[3] جماليات الصورة الشعرية في القصيدة العربية، أبو الحسن سلام، موقع الحوار المتمدن، حيث يشير إلى أن أجزاء الصورة تعتمد على التنافر أو التناقض أو التلاقي أو المشابهة والحركة والسكون والكتلة والفراغ... إلخ. ا. هـ، وهي علاقات مهمة في فهم الصورة من المنظور الأسلوبي.

[4] الصورة الشعرية بين الإبداع والممارسة النقدية، محمد القاسمي، مجلة فكر ونقد، العدد 37، مارس 2001، ص31.

[5] قصيدة: مرثية لليمام التعب، ص39.

[6] ص 7.

[7] يشار إلى أن الأم تصبح في الشعر علامات على الحب والسلام والهداية، كما فصلت Yumi Ninomiya في بحثها المعنون: The Image of the Mother in the Poetry SGI President Ikeda of حيث أشارت إلى الأم مرشدة إلى الهداية والوقار، وإلى السلام والعطاء. انظر: http://www.iop.or.jp/0818/ninomiya.pdf

[8] مساء البرتقال الحزين، ص43.

[9] ديوان: وريد ينثر خارطتي، قصيدة: خارطة الروح، ص27.

[10] ص29، 30.

[11] ص80.

[12] ص89.

[13] مساء البرتقال الحزين، ص135

[14] وريد ينثر خارطتي، ص100.

[15] ص 89

[16] ص92، خارطة الحنين.

ذكرى بيرم التونسي بمكتبه الزاويه الحمراء22 يناير




تشارك  زحمة كتاب  في أمسيه تقيمها مكتبة الزاويه الحمراء في ذكرى الشاعر الكبير "بيرم التونسي "
بحضور الشاعر مصباح المهدي ومجموعة من الشعراء والمبدعين الشباب 
الخميس22 يناير 2015ــ 5مساءً ــ الدعوة عامة وذلك بمقر المكتبه بالزاويه الحمراء

الشاعــر/ أسعد أبوالوفــــــا يرثي عمته في قصيدته :أمّ أبيها








الشاعــر/ أسعد أبوالوفــــــا يرثي عمته في قصيدته :أمّ أبيها 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بـنفس ِ الـكفِّ مـنْ عـشرينَ يـومًا             أواسـيها وتـُعطيني نــــَـــــداها




وقـدْ غـابَتْ وبـَــــاتَ الدَّ مْعُ ينعي            ورُوحي ما ارْتجَتْ يومًا سِواها




وأوجـاعًـا بـقلبِي مِـنْ فــِـــــــراق ٍ           وهَـلْ تـُجدي دُمُـوعٌ فـِي نـَواهــا




فـيـا بِـنـْتَ الــذي قــدْ عَـاش حُـرًا            وَكُـنتِ لـِجَدِّ نا عِـزًا وجـَاهـــَــــا




هُـنـا كَ أمُـومَة ٌ يــَــــــا عَـمَّتي قـدْ            رَأيْـتُ بـِمُقلتي جَـدي جَـناهـَــــــا




فـَكُـنتِ الأمَّ بـَعْـدَ الـبـنتِ طـوْعًـا              وَكـنتِ لـَهُ كَـراع ٍ لايـُضاهـــــَى




ويَـابنتَ الـتي ربَّتْ رِجـَـــــــــالا             مَتى تـَشْفَى مُهْجَتي مِنْ أساهــا ؟




وربـَّـاكِ الَّــذي مَــا كَــلَّ يَـوْمـًـا               أبـي ذاكَ الَّـذي أَرْسـَى بِِـناهَـــا




فَـكنْت ِالـخَيْرَ فـي يُـسْرٍ وَعُـسْرٍ               وَكـُنْتِ الـمُزْن َإنْ ريـْح ٌأتاهــــا




فـكَانَ الـرِّزْقُ أولادًا كِـرَامـًــــا             وبَـعْضُ الـناسِ قـَدْ يَنْسَى الإلاها




وكـانَ الـخُبْزُ مـَغْمُوسًـــا بِـحُبٍ              فـطابَ الـعَيْشُ إ ذْ أعْطَتْ يَدَاهــــا




ورَغْـمَ الـضِّيق ِ يَـافَجْرَ الأمـَاني               يَـزُولُ الـبُؤسُ إذ ْ تـَعْلو سَمَاهــــا




حَــيَـاةٌ حـَفَّـهـا طـُـهْـرٌ وَحُــبٌ               وَحـَـمْـدٌ لِـلَّـذي دومـًـا رَعَـاهــــــا




فشَيْخٌ طاعِنٌ فـــي السِّنِّ يَمْشِي              مُرِيدًا مَسْجِدًا ضَمَّ الجِباهــــــــــــا




فـــُـؤادٌ خـَـاشِــعٌ لــلـحَـق ِ دَوْمًــا             وثَـغْـرٌ ذاكِــــرٌ إنْ زَلَّ تــاهــــــــا




وعـيـنٌ زارَهــا ضَـيْـفٌ مُـقِـيم ٌ              فَـلـَمْ يـَجْـزَعْ وَلابـِالـسُّوءِ فـاهـــــا




فـقـامَتْ عَـمَّتي تـبْني رِجـَـــــالاً            وَتـغْر ِس ُفـيهِم ُالأخْـلاقَ جـاهــــــا




تـَصُـونُ بـَنـاتِها مَــنْ ذا يَـراهـا؟               كَـلَـيْثٍ فـِـي دِيـَار قـدْ حَـماهــــــا




جـِبالٌ فـِي مَـهَبِّ الــــرِّيْحِ تَـحْيَا             ومَا  اكْتَسَبتْ مَـلامًا مِـنْ نَـقاهـــــا




ألا يَاربِّ حَقـِّقْ لي مــُـــــــرادي             فنفسِي قَدْ جَنَتْ مِمَّا أتاهـــــــــــــا 




وَتَرْحَمَ أهْلَنَـــــــــا مِنْ بَعْدِ مَوْتٍ             وتُعْطِي النَّفْسَ مَاشَاءَتْ مُناهــــــا




سلامُ اللهِ للمَبْعُوثِ نـُــــــــــــوْرًا             عَليْهِ صَلاةُ أقـْوَامٍ هـَــداهـــــــــــا 

2014/11/10
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ربيع مفتاح يكتب :- د. عبد الغفار مكاوي .. مترجمًا





د. عبد الغفار مكاوي .. مترجمًا
ربيع مفتاح
يقول درايدن : يبدو لي أن السبب الحقيقي في أننا لا نحصل إلا على مترجمات قليلة هو قلة الذين لهم جميع الكفايات المتطلبة للترجمة وضألة الثناء والتشجيع على مثل هذه الناحية المهمة من الثقافة، ومع ذلك فقد ظهر خلال العصور مترجمون بارعون رفعوا مقام هذا الفن ومنحوه شيئًا من الإجلال والحركة يأتي اسم المبدع والمترجم والكاتب والباحث الأستاذ الدكتور عبد الغفار مكاوي ليحتل مكانًا متميزًا وسط هذه الكوكبة في هذا الحقل الأدبي والثقافي الهام جدًا وحيث إن المترجم فنان فهو إلى جانب اطلاعه اللغوي ينبغي أن يكون متحليًا بروح الفن ومطلعًا على الموضوع الذي يقوم بترجمته، وتتضمن الترجمة إلى جنب ترجمة الألفاظ والمعاني ترجمة أسلوب الكاتب وروحه فقد توفرت كل هذه الخصائص لدى مترجمنا القدير وسوف نقف عند بعض المحطات في حياة د. عبد الغفار مكاوي لنتبين تلك البذور الفكرية والإبداعية والتي جعلت شجرة الترجمة عنده تثمر بالكثير من إبداعاته فالترجمة إبداع من إبداع أو إبداع على إبداع لأن الإلهام فيها ضروري وبدونه تغدو ميتة لا روح فيها والفرق بين الترجمة الملهمة والاعتيادية كالفرق مابين الشعر والنظم.
وفي عام 1937 دخل عبد الغفار مكاوي المدرسة وبدأ وعيه يتفتح على حب اللغات والاهتمام بالفنون وفي عام 1947 عندما قرأ (آلام فيرتر) لشاعر الألمان الأكبر (جوته) راوده إحساس غامض –كما يقول – بأن مصيره سوف يرتبط بهذا الشاعر الفيلسوف لم يعلم في ذلك الحين أنه سوف يرتبط كذلك بالأدب والفكر الألماني.
كما أقدم على تعلم اللغة الإيطالية في معهد (داني الليجيري) بالقاهرة والحصول على منحة لمدة ثلاثة أشهر عام 1953 للدراسة بجامعة (بيروجيا للأجانب) ثم التركيز من عام 1954 إلى عام 1957 على دراسة اللغة الألمانية مع الالتحاق (بمدرسة الألسن كما أنه حصل في عام 1957 على منحة لمدة عشرة شهور للدراسة في ألمانيا – وهكذا نرى أن حب اللغات ودراستها وعشق الفنون قد تجذر وتأصل في وجدان وفكر مترجمنا القدير الذي درس الإنجليزية والألمانية والإيطالية والفرنسية. لكن اللغة الألمانية تأتي في المرتبة الأولى من حيث الإتقان والإجادة والتجويد بل استأثرت بنصيب الاسد في مترجماته التي نقلها إلى العربية عشقه الأول والتي أمتزجت بروحه منذ الصغر وأيام النشأة الأولى، ومنذ البدايات عشق د. عبد الغفار مكاوي الشعر والمسرح وكتب الشعر ومازال يكتب المسرح وارتبط عنده المسرح بالشعر منذ البداية واعتقد أن فن المسرحية الشعرية هو المعدل لوجدانه وفكره إبداعيًا وقد نحى الإبداع جانبًا لأسباب سوف نوردها بعد ذلك أما المسرح فقد ألقى فيه بنصيب لا بأس به وهذا يفسر اتجاه د. عبد الغفار مكاوي إلى ترجمة الشعر والمسرح فقد استأثرا الاثنان بالنصيب الأكبر في مترجماته فهل كان التركيز عليهما ترجمة نوعًا من التعويض الإبداعي؟ أو بمعنى آخر أفرغ طاقته الإبداعية في ترجمة الشعر والمسرح وكان هذا العشق سببًا رئيسيًا في تميز مترجماته فهو لم يترجم أعمالاً قد فرضت عليه أو تم تكليفه بها دون رغبة منه وإنما العكس هو الذي حدث فقد أحب وأختار وترجم فتفرد وهذه أول خصيصة من خصائصه كمترجم وقد نطلق عليها (العاطفة) هذه العلاقة الخاصة جدًا بينه وبين العمل المترجم بل ومؤلفه والتي تجعله يتعايش معه ويتشرب روحه حتى أن د. عبد الغفار مكاوي يصف هذه العملية بأنها أشبه ما تكون بتناسخ الأرواح وهنا يكمن الإبداع وتصبح الترجمة – بالفعل – إبداعًا على إبداع لأن المترجم لا ينقل إلينا ألفاظًا وعبارات وإنما ينشىء لنا روح العمل في لغتنا العربية.
ورغم هذا الإبداع الذي يتحقق – أحيانًا في عملية الترجمة فإن عملية التطابق بين النص الأصلي والترجمة صعبة التحقيق فدائمًا يوجد مايسمى بفائض الترجمة وهذا الفائض يكون لصالح النص الأصلي وأحيانًا يكون لصالح الترجمة لأنه يجوز للمترجم أن يضيف إلى المعنى الأصلي شيئًا من عنده لتقويته وهو مايعرف بالمعنى المضاف إضافة تركيبية أو يحذف معنى ثانويًا لا رئيسيًا إذا وجد أن ذلك يضعف من قوة النص الأصلي وهذه الحكمة في الزيادة أو الحذف من خلال توخي الدقة هي مايميز منهد د. عبد الغفار مكاوي في الترجمة فإذا كانت بعض الألفاظ أو التراكيب تعود إلى أصول لاتينية أو يونانية فإنه يقوم بعملية التحقق والتحقيق وسوف نعرض لذلك بشىء من التفصيل في تناولنا لإسهاماته في ترجمة الشعر والمسرح ولن نتعرض لإسهامه في مجال ترجمة الفلسفة والفكر ولعل ذلك يكون موضوعًا آخر للبحث في مرة قادمة.
ترجمة الشعر :
أصعب مايمكن ترجمته هو الشعر لأنه يحتاج إلى ملكة خاصة ويؤكد هذا المعنى د.عبد الغفار مكاوي نفسه فيقول: (أجل! إن ترجمة الشعر أشبه بالمخاطرة في أرض حرام في منطقة غامضة تقع على الحدود الغامضة أيضًا بين الإنشاء أو الإبداع الخالص، وبين النقل الحرفي الدقيق والأمين والسبب بسيط فهي تحاول إعادة إبداع عمل سبق إبداعه ولكن إذا أخذنا في الاعتبار الإمكانات الخاصة جدًا بمترجمنا القدير ومنها عشقه لكل من العربية والألمانية وتمكنه فيهما فضلاً عن عشقه الخاص لترجمة الشعر والذي بدأت رحلته معه منذ البدايات وهذا ماعبر عنه د. عبد الغفار مكاوي فيقول (توقفت عن الشعر تمامًا بعد تعرفي إلى صديق العمر المرحوم صلاح عبد الصبور واقتناعي بعدم أصالة موهبتي فيه وإن لم يمنع هذا من مواصلة قراءتي له واهتمامي الدائم بعد ذلك بترجمته ودراسته ونثر بعض مقطوعاته خلال مسرحياتي المتواضعة).
ويمكن القول أن ترجمة الشعر بوجه خاص لا يجوز أن يقترب منها إلا شارع كبير في لغته أو على الأقل إنسان سكنته حساسية الشعر وأعتقد أن مترجمنا القدير يمثل الحالة الثانية فهو مسكون بالشعر منذ النشأة الأولى.
بدأت رحلة د. عبد الغفار مكاوي مع ترجمة الشعر بترجمة بعض قصائد الشاعر والكاتب المسرحي الشهير برتولد برشت وقد نشرت في مجالة المجلة عام 1958 ثم توالى اهتمام المترجم وانشغاله ببيرشت بعد رجوعه إلى الوطن في أواخر سنة 1962 فترجم عددًا كبيرًا من مسرحياته وأشعاره التي ظهرت في سنة 1967 تحن عنوان (قصائد من برشت) وقد صدرت الطبعة الثانية من هذا الكتاب عام 1999 بعنوان (هذا هو كل شىء) قصائد من برشت عن دار شرقيات بمقدمة ثانية للمترجم ومعها مقدمة الطبعة الأولى أيضًا وإذا اردنا أن نستكشف بعضًا من جماليات هذه الترجمة فقد تساعدنا قصيدة (عن الرجال العظام) في ذلك.
عن الرجال العظام (1926)
-1-
الرجال العظام يقولون أشياء كثيرة غبية
يتصورون أن جميع الناس أغبياء
والناس لا تقول شيئًا وتتركهم يعملون
بهذا يدور الزمن دورته
-2-
لكن الرجال العظام يأكلون ويشربون
ويملأون البطون
وبقية الناس تسمع عن أعمالهم
ويأكلون كذلك ويشربون
احتاج الإسكندر الأكبر لكي يعيش
إلى مدينة بابل العظيمة
ولقد وجد أناس آخرون
لم يشعروا بأنهم في حاجة إليها – أنت واحد منهم
-5-
الرجال العظام يتصروفن كأنهم حكماء 
يتصرفون كأنهم حكماء
ويتكلمون بأصوات مرتفعة – مثل الحمام
والرجال العظام ينبغي تكريمهم
لكن لا ينبغي تصديق (مايصدر عنهم من كلام)
وتوالت الترجمات بعد برشت فقد قرأ المترجم بعض أغنيات سافو أول شاعرة غنائية في تاريخ الأدب الغربي والتي قال عنها (انجذبت إليها عن غير وعي متأثرًا بحبي القديم لعلي محمود طه وأشعاره وأغنياته إلى شاعرة الحب والجمال وظهرت ترجمة الشذرات الكاملة عن دار المعارف سنة 1966 (لكن المشروع الأكبر كان كتاب (ثورة الشعر الحديث) والذي استغرق حوالي ست سنوات من العمل الضمني ولم يقم د. عبد الغفار مكاوي بالترجمة الحرفية في هذا المشروع وقد صدرت الطبعة الثانية من هذا الكتاب بعنوان (ثورة الشعر الحديث) من (بودلير إلى العصر الحاضر) عام 1998 عن دار أبوللو ومن خلال مقدمة الطبعة الثانية نستطيع أن نتعرف على الدوافع والأهداف المرتبطة بهذا السفر الضخم الذي جاوزت عدد صفحاته الستمائة . رحمة الله على الكاتب والمبدع والناقد والمترجم د عبدالغفار مكاوى

ثنائيات الفن والحب في الزمن الجميل ... تنتهي بالانفصال











أشهر قصص الغرام الأبدي في الوسط الفني والتي انتهت جميعا علي وجه التقريب بالطلاق والانفصال كانت تمثل هذه الثنائيات قصص حب خالدة كالتي كانت بين "- 
سراج منير وميمى شكيب
أنور وجدى وليلى مراد
فؤاد المهندس وشويكار
عمر الشريف وفاتن حمامة
رشدى أباظة وسامية جمال
صلاح ذو الفقار وشادية
نور الشريف وبوسى

قصيدة " مسرحية " ... للشاعر محمد خالد الشرقاوي







قصيدة ( مسرحية )
لحظات تركيز ..
لبداية العرض
بتلات خبطات 
و هروب الساتر المفزوع
و كثافة البؤر الضوئية
و خفوت بؤرة بطن المسرح
ف ينبّت ..
بطل الحدوتة
و ف إيده 
قفل و مفاتحه 
و يلم شتات الباب بالقفل
بمهارة مخرج ..
تتحول كل سينوغرفيا المسرح
لفلاش باك
مشهد سينمائي
تدخل عين الكاميرا دماغه
و تقَلّب كل ملفاته
عن أول 
قصة رومانسية
و الورقة الصفرا
المنّسِية
المرسوم فيها _ بسن رصاص _
صورة بنت
ف القطر لمحها
و بَحّر بيها
بحور الحلم الوردية
لجزيرة الحب
الأبعد من بيتها
و لذلك ..
نزلت ف السكة
و من غير المخرج و رواية
بدأ العرض ميلودراما
الفصل التاني
مشهد أول
لمة عِيلة وسط كبيرها
و حَبّة ضحك
زُلال م القلب 
يصافح كل وشوش الأهل
ف تعدي الريح 
يتعَكّر لون الضحكايه
يتحول حَبْ العنقود
لمجرد صورة ف بروازها
و شمالها ...
شريطة سَتان سمرا
يفضل بطل الحدوتة
مستني الشمس _ الغايبة _ تعود
بالقوة تكسر 
قفل الباب
مع إن المفتاح ف جيوبة
الفصل التالت
كان واقع
و لكن روايته مش كاملة
مستني الوحي
يفوق م النوم
يفرز أفكاره 
ف يكتبها ...
و المره دي رافض للتمثيل
و لكنه تقمص
دور كاتب
مش عارف 
أنه بطل ماريونت
من غير الفتلة
مجرد لعبة 
من غير روح .
نُشرت بكتاب مؤتمر العامية إتحاد كُتاب مصر٢٠\١٢\٢٠١٤

رسالة من مي زيادة إلي جبران خليل جبران



من مي إلى جبران
(...جبران! لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب. إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه في 
المراقص والاجتماعات، ينمي الحب في أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم في اللألأ السطحي لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التي لم تنفجر، ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها، والتلهي بما لا علاقة له بالعاطفة. ويفضلون أي غربة وأي شقاء (وهل من شقاءٍ في غير وحدة القلب؟) على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة.
ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي، وأني أخاف الحب. أقول هذا مع علمي أن القليل من الحب الكثير. الجفاف والقحط واللاشيء بالحب خير من النزر اليسير.
كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا. وكيف أفرط فيه؟ لا أدري.
الحمد لله أني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كانت الآن حاضراً بالجسد لهربت خجلاً بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمناً طويلاً، فما أدعك تراني إلا بعد أن تنسى.
حتى الكتابة ألوم نفسي عليها، لأني بها حرة كل هذه الحرية.. أتذكر قول القدماء من الشرقيين: إن خير للبنت أن لا تقرأ ولا تكتب.
إن القديس توما يظهر هنا وليس ما أبدي هنا أثراً للوراثة فحسب، بل هو شيء أبعد من الوراثة. ما هو؟ قل لي أنت ما هو. وقل لي ما إذا كنت على ضلال أو هدى فإني أثق بك.. وسواء أكنت مخطئة أم غير مخطئة فإن قلبي يسير إليك، وخير ما يفعل هو أن يظل حائماً حواليك، يحرسك ويحنو عليك.
... غابت الشمس وراء الأفق، ومن خلال السحب العجيبة الأشكال والألوان حصحصت نجمة لامعة واحدة هي الزهرة، آلهة الحب، أترى يسكنها كأرضنا بشر يحبون ويتشوقون؟ ربما وجد فيها بنت هي مثلي، لها جبران واحد، حلو بعيد هو القريب القريب. تكتب إليه الآن والشفق يملأ الفضاء، وتعلم أن الظلام يخلف الشفق، وأن النور يتبع الظلام، وأن الليل سيخلف النهار، والنهار سيتبع الليل مرات كثيرة قبل أن ترى الذي تحب، فتتسرب 
إليها كل وحشة الشفق، وكل وحشة الليل، فتلقي بالقلم جانباً لتحتمي من الوحشة في اسم واحد: جبران).

المدونة تنشر نتيجة مسابقة جريدة رأي الفيوم والمدونة في شعر الفصحي





                نتيجة المسابقة في فرع شعر الفصحي
أرسلت الباحثة المعروفة أ فاطمة عبد الله نتيجة تحكيمها فرع شعر الفصحي في مسابقة مدونة صبري رضوان وجريدة رأي الفيوم  وسوف ترسل تقريرا مفصلا بحيثيات النتيجة والمدونة في انتظار نتيجة شعر العامية والقصة القصيرة 
وجاءت نتيجة شعر الفصحي كالتالي   المركز الأول:

قصيدة معاهدة    الشاعر
محمد محمد حسن عثمان والمعروف أدبيا بـ محمد نجيب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز الثاني
 مناصفة بين:
قصيدة مطر أسود لغيمة بيضاء، الشاعر عاصم موسى أحمد محمد (عاصم بطَّاح)
 و قصيدة: والله عاصمك من الناس.... محمد سعد عبد الرحمن (أبو هنتش)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المركز الثالث
 مناصفة بين:
قصيدة : إيقاع الوريد، للشاعر عاصم عوض
      وقصيدة طيبة........للشاعر  طه متولي العواجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمدونة تهنئ الفائزين وتتمني من الذين لم يخترهم التحكيم أن يشاركونا حفل توزيع الجوائز وإلقاء أبداعاتهم الراقية التي تقدموا بها في المسابقة 


رحيل سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة




نقلا عن سيدتي نت 
رحلت الفنانة الكبيرة فاتن حمامة الملقبة بـ"سيدة الشاشة"، مساء اليوم عن عمر يناهز  82 عاماً، بعد تعرضها لأزمة قلبية.
وأكد نجل الفنانة طارق شريف خبر الوفاة لوكالة فرانس برس.
من جهتها، أكدت الفنانة سميرة عبد العزيز الصديقة المقربة لفاتن حمامة خبر وفاتها، وقالت لـ"سيدتي نت" وهي تبكي: "إن الخبر للأسف صحيح"، وقالت إنها كانت تظن في البداية أن الخبر شائعة، موضحةً أنها اتصلت بمنزل فاتن منذ نصف ساعة، فردّ عليها السفرجي وقال أن السيدة فاتن خرجت وغير موجودة في المنزل، فيما أشارت إلى أن الاتصالات تنهال عليها كل دقيقة للتأكد من الخبر، وأكدت أنها كانت تتمنى وتدعو الله أن يكون الخبر غير صحيح ومجرد شائعة سخيفة، لكن للأسف الخبر حقيقي، على حد تعبير سميرة.

في أمسية مكتبة الكويت الوطنية :- سفينة الفضاء الشعري لسعدية مفرح هبطت على ملتقى ضفاف



سفينة الفضاء الشعري لسعدية مفرح هبطت على ملتقى ضفاف

في ليلة شعرية معتقة بالإبداع والدهشة حلت الشاعرة سعدية المفرح في السابعة والنصف من مساء أمس ضيفة على ملتقى ضفاف الثقافي في الأمسية التي أقامها الملتقى ضمن فعالياته الثقافية للموسم الحالي. أقيمت الأمسية بمكتبة الكويت الوطنية ، وأدارها الشاعر نادي حافظ الذي بدأ بكلمة قال فيها : "
هي ليلة استثنائية جديدة لملتقى ضفاف الثقافي، وهي الثانية التي نقيمها في رحاب مكتبة الكويت الوطنية، التي نتوجه إلى مديرها العام السيد/ كامل عبد الجليل بجزيل الشكر على ترحيبه ودعمه لمثل هذا النشاط.
ما الذي يمزَج للشمسِ ألواَنها
ثم يمشي الهوينى
بهودجِ أحلاِمها
إلى أن تـؤوبَ إلى ِخدْرِها
فَتُدني عليها
خِمارَ المساء
وُتغمضُ أجفانَها
وَتنام؟؟
إنها الشاعرة الكبيرة سعدية مفرح، التي إن وقفت فهي تتوكأ على 17 كتابا تشكل رحلتها مع الحرف والنزف والعزف.
وإن جلست، فهي المليكة على عرش القصيدة.
في غيابها، شموس تخبو، وبلاد تصبو. وفي حضورها مظاهرة شعرية ضد الغياب.
صعدت إلى عرش الشعر، على براق الحلم، فأرخت لـ "آخر الحالمين"، وحين غاب الحالم، أسرجت خيل ظنونها تتقصى أثره.
ترصدت لآثامنا، وأحصتها في كتاب، وكلما خلت إلى نفسها، كشفتنا في "مرآة مستلقية".
تواضعت أحلامها، ليكبر النخل، وتكثر البيوت ".
وقرأت الشاعرة سعدية مجموعة قصائد متنوعة بدأتها بقصيدة في مدح الرسول، ثم أنشدت قصيدة " وطني " التي تقول فيها :
وطـــــني
ولو فتشوا 
أنت في القلب 
ذاكرة 
فلن يجدوك  
وإن وجدوك 
أنت باه شفيـــف كغيم 
فلن يعرفــوك  
وإن عرفوك  
أنت بــاق 
فلن يأخـــــذوك  
وإن أخذوك 
فلست تمـــوت 
وإن مت  
في بيت قلبي 
فهل ستموت  
في قلب كل البيوت؟!

بعد ذلك - وبناء على رغبة جمهور ملتقى ضفاف- قرأت الشاعرة قصيدة " تغيب فأسرج خيل ظنوني " حيث تقول :
تغيبُ ...
فَتَمضي التّفاصيلُ, هذي الّتي نَجْهَلُ كيفَ
تَجيءُ نَثيثاً وكيفَ تَروحُ حَثيثاً, تُغنّي
كَسرْبِ قَطاً عالِقٍ في شِراك النَّوى, فتَجْتاحُ
صَمْتي, هذا الغريبَ المريبَ, تُغالِبُ وَجْدي
هذا السَّليبَ , تَنوحُ ولا تَنْثَني إذْ مُغْرِياتُ
القَطا المُصْطفى عَبْرَ فَيافي الضَّنى قد تلوحُ
بجَبْهةِ مُهْرٍ جَموحٍ صَبوحْ
يَدُقُّ غيابُكَ جرْسَ حَضوري
فيُلغيهِ
وحينَ تَغيبُ يُلمْلِمُ حُزني أطرافَهُ نافِذاً
ويَغْرقُ فيَّ
ويَنْداحُ حينَ تَجيءُ
فأغْرَقُ فيهْ
أَلا بَرْزَخٌ بينَ هذا وذاك
نُمارِسُ لا حُزْنَنا في جانبَيْه?
تغيبُ ...
فأُسْرِجُ خيلَ ظُنوني
غيابُكُ نَهرُ غَضوبٌ
وحينَ يكونْ
أُخضِّبُ كلَّ عرائِسِ شَوْقي ملائِكَ حُبِّ, وأَفْرُشُ
كلَّ عرائِشِ قَلْبي أرائِكَ لَعِبٍ لهُنَّ, فأجلوهُنَّ
وأُلبسُهُنَّ, خَلا خيلَهُنَّ وأُبْرِزُهُنَّ نَهاراً جَهاراً
يَصرْنَ شُموساً يُراقِصْنَ موجَكَ مُنْتَشِياتٍ
بهذا العَليَّ الأبِيَّ الفَتيَّ, وينثُرْنَ حِنّاءَهُنَّ الجَميلَ
طُيورًا على الماءِ تنقُرُ سبعَ نوافِذَ خُضْرٍ, وتُشْعِلُ
سبعَ شُموعٍ , ويَنْداحُ فيضُ الهَديلِ العليلِ صَلاةً
لطَقسِ النَّخيلِ المخضَّب بالعُودِ والوَرْدِ والنِّدِّ والطَّلَلِ
الموسميّ البليل, والخَلاخيلُ هذي الّتي فضَّضَتْ ليلَ
وجْهِكَ تَدْعوكَ سَبْعًا,
فهلْ سَتَفيضُ, وقدْ غِيضَ مائي?
وحين تغيب ..
يكونُ حُضورُ غِيابكَ أشْهى وحينَ يَغيبُ
الغِيابُ يكونُ حُضورُك أَبهى, فكيفَ
يكونُ الحُضورُ غِياباً, وكيفَ يكونُ الغِيابُ
حُضوراً, والغِيابُ سَرابْ ؟
الذِّكْرَياتُ
جُرحُ الغِيابِ
وليسً لذاكِرَتي أنْ تَغيبْ .

وخصصت الفقرة الفقرة الأخيرة من الفعالية للرد على أسئلة الجمهور، حيث قامت الشاعرة بالرد على أسئلة الحضور التي تناولت موضوعات متنوعة  حول مشروع مفرح ورؤاها الخاصة حول الشعر والكتابة