الأحد، نوفمبر 09، 2014

طنجيس المَدى..عبد اللطيف الهدار,





آهٍ، هي الريحُ
تأتيني بالذكرى
تهزُّ كوامني
تقض سواكني
وتضخ في أبعادي،
كل أوجاع البعاد..
هي الريحُ توزعني مدا وجزرا
تشرذمني قهرا
تفتح في أمدائي نهرا
وطنجيس تزرع فيَّ كل مساء
غواية الشهوة والاغتراب
وفي الليل تطرزني بالنحيب:
أيقونة منسية عميقة الانتساب.
ثم تسكب في مسامي
طوفانا من العشق وبحرا من سراب..
آهٍ من طنجيس...
مملوكا تشتهيني، وأشتهيها:
تفاحة ليلية النضجِ.
وأشتهيها:
سيدة النار والثلجِ.
وأصطفيها، أنا المريد المُوله:
قطبيَ الأعمق.
والريحُ، آهٍ من الريح،
كلما هبت من جهة البحر
أشعلتْ صمتي الأخرق
لأبايع طنجيس
أميرتي بالمطلق؛
مسكونة بأرواح الشهداء
والشعراء المغضوب عليهم
وسلالة الأشقياء
والمكدودين والمنبوذين والصعاليك
والحُرّات اللواتي نسين أن لهن أثداء
والباحثين عن ضفاف أخرى
والساقطين في الهباء
وأبناء الليل، والذين انتهوا بمنتهى النبل 
في الغور الأزرق.
آهٍ من طنجيس
ومن ليلها الأحمق..
ومن ريحها التي تفزعني كلما أتت رطيبة من جهة البحر
تُفعمني بالشجو والأسى
تشظيني
تغمرقلبي بالمياه والشجن..
تكرسني نشازا في حدائق المتاه والسَّهر
وتحملني إلى زمنى الذي غبر..
طنجيس الزمن.
ويملؤني الحنين إلى الماء والرمل والبشر
وأخال أن الأسفلت يحنُّ إلى خطوي
وعبق التاريخ في الدروب السفلى يحنُّ إلى نبضي..
وبِكُلي، أرتمي يا طنجيس تحت سماك
أشتت عينيّ في بهاك
فيرتد بصري حسيرا. 
سلِمتْ يا طنجيس عيناك،
وتربتْ يداك، إذِ امتدتا جسر عبور
ورحيل..
إذِ امتدتا ريحانة كسيرة لكل عابر سبيل
في صدره بركان حقدٍ، وزفرة قُدّتْ من صهيل..
وحين أمدّ يديَّ في مداك، 
يا طنجيس المدى،
يعود إليّ البردُ مثقلا بالزكام
ويعود إليَّ الصدى، موجعا كأنه الردى:
" كل صيف وطنجيس
مسبية بين الزيف والأوهام."

ليست هناك تعليقات: