بقلم منال الصناديقي
في قصيدته (أظافري طويلة) يستخدم الشاعر صبري رضوان أسلوب الإسقاط الفكري والدلالي والمعنوي على ما نعيشه في حياتنا الآنية من مواجهات واهية قد تكون مع الآخر أو حتى مع النفس والتي تنتهي إلى اللا شيء...!!
فمنذ عنوان القصيدة الذي يوحي لك للوهلة الأولى بسلاح ذاتي يستخدمه الإنسان للدفاع عن نفسه إذا ما عجزت إرادته عن استخدام غيره ألا وهو (الأظافر الطويلة) والتي بطبيعة تكوينها كخلايا ميتة كونت مآدة صلبة بروتينية ( كيراتين) تشكل جسم الظفر الصلب لتحمي أصابع الإنسان وتسهل أمور حياته؛ إلا أن الشاعر وجد عكس ذلك.
فقد رأى أن الحالة الوحيدة التي يستخدم فيها أظافره الطويلة هي (خدش كارت شحن قيمة 2 ج) وهنا يدل على العجز التام وإنشغال بني البشر في ما لا يفيد، وبالرغم من كثرة الحديث عن خطورة خدش كروت الشحن بما تسببه - كما يقال - المادة المخدوشة من أمراض سرطانية إلا أن مجاهرة الشاعر بما يفعله وكأن الفائدة الوحيدة التي يسخر لها سلاحه، أظافره الطويلة يؤدي إلى ضرر حتمي وهو ما يوحي باليأس والقنوط من شظف العيش الذي أوصل إلى اللامبالاة والذي دلل عليه بقيمة الكرت المخدوش.
يقول الشاعر:
أظافري طويلة ..لا أستعملها في شيء.. سوي خدش كارت شحن قيمة 2 ج
ويصدر الشاعر لنا عناده من خلال أظافره التي تنبت سريعاً كلما قصها بالرغم من أن الكالسيوم لديه ناقص وهو تأكيد على ضيق العيش وقلة الرزق التي جعلت أيضاً ساقيه هزيلتين تؤثران على سعيه بل وتجعله يتعب من السير مسافات طويلة أو حتى التنقل في غرفته بسهولة ، وتجعله طوال الوقت جالساً على كرسي بلاستيكي رخيص الثمن وهو ما يؤكد المعنى الأول حين يقول:
(عندما أقصها
تنبت سريعا
رغم نقص الكالسيوم
ساقاي هزيلتان
في الغالب أنا أتعب من السير مسافات طويلة
لا أستطيع التنقل من غرفتي بسهولة
الكرسي البلاستيك يحتويني تماما طول الوقت)
وإن كان قوله (لا أستطيع التنقل من غرفتي بسهولة | الكرسي البلاستيك يحتويني تماما طول الوقت) له دلالة القيد والحرية المنقوصة والتي يدلل عليها بالغرفة التى لا يستطيع التنقل منها بسهولة والكرسي البلاستيك الذي يحتويه تماماً طوال الوقت.
وتأتي لحظة الدفء في قصيدته التي تتلبسه في أوقات فراغه حيث يستعيد شبابه من خلال أغاني التسعينات على اليوتيوب وكأنه كما أشار بإنشغالنا الواهي في بداية قصيدته بثورة التكنولوجيا في رمز (كروت الشحن) إلا أنه أراد أن يكون موضوعياً ويقدم لنا جانباً مضيئاً يستشعره من خلال سماع تلك الأغاني التي تذكره بذكرياته الدافئة فيشهر سلاح أظافره مرة أخرى متسائلاً عن جدواها في خدش ثمانية وعشرين عاماً من ذكرياته، وأصدقائه الذين تخلوا عنه عقب مرور العمر وتغير الأحوال وضياع الشموخ وفتية الشباب التي تظهر في رمز تآكل جبهته وسقوط ملامحه واستخدامه للمفعول المطلق (سقوطاً مدوياً) ليبين لنا صعوبة ما مر به حتى جعل جبهته تتآكل وأسقط ملامحه سقوطاً مدوياً...!!
يقول رضوان:
(في أوقات الفراغ أستعيد شبابي
حين أسمع أغاني التسعينات علي اليوتيوب
هل تستطيع أظافري الطويلة أيضاً
أن تخدش ثمانية وعشرين عاماً
من دفاتري
وتخمش أصدقائي الذين تركوني وحيداً
بعد أن تآكلت جبهتي وسقطت ملامحي سقوطاً مدوياً)
ويختتم شاعرنا صبري رضوان قصيدته (أظافري طويلة) بتقرير الواقع الذي نعيشه من خلال رمز (حنان ماضي وصوتها الدافئ) الذي تعلق به الشباب في تسعينات هذا القرن والتي غنت الكثير من الأغاني الوطنية والرومانسية الحالمة وكأنه يرى أن هذا الجيل هو الذي تخلى عن معشوقته مصر منذ بداية القرن الحادي والعشرين حين انشغل بنفسه عنها فلم تعد له كما تمناها ولن تعود بمجرد ذكريات دافئة...!!
يقول شاعرنا صبري رضوان:
(صوت حنان ماضي لن يعيد لي الآن حبيبتي
التي قتلتها بيدي منذ بداية القرن الواحد والعشرين)
إن استخدام الشاعر للأفعال المضارعة في معظم قصيدته، بل وعدم استخدامه لعلامة الاستفهام مع تساؤله (هل تستطيع أظافري الطويلة أيضا | أن تخدش ثمانية وعشرين عاما | من دفاتري | وتخمش أصدقائي الذين تركوني وحيدا | بعد أن تآكلت جبهتي وسقطت ملامحي سقوطا مدويا) يحيلنا إلى استمرارية الحدث وارتباط الماضي بالحاضر وعدم جدوى أسلحتنا الواهية التي نستخدمها والتى قد يخشاها من أمامنا ولكننا لا نفعلها في ما هو مجدي لنا ولأوطاننا.
قصيدة (أظافري طويلة) لصبري رضوان رسالة مريرة مبعوثة بشجن لشعب ربط نفسه بحنين الماضي دون تفعيل قدراته لما يخدم حاضره ومستقبله وينقل بلاده إلى ما يحييها.
المقال منشور بموقع عيون الإلكتروني
في قصيدته (أظافري طويلة) يستخدم الشاعر صبري رضوان أسلوب الإسقاط الفكري والدلالي والمعنوي على ما نعيشه في حياتنا الآنية من مواجهات واهية قد تكون مع الآخر أو حتى مع النفس والتي تنتهي إلى اللا شيء...!!
فمنذ عنوان القصيدة الذي يوحي لك للوهلة الأولى بسلاح ذاتي يستخدمه الإنسان للدفاع عن نفسه إذا ما عجزت إرادته عن استخدام غيره ألا وهو (الأظافر الطويلة) والتي بطبيعة تكوينها كخلايا ميتة كونت مآدة صلبة بروتينية ( كيراتين) تشكل جسم الظفر الصلب لتحمي أصابع الإنسان وتسهل أمور حياته؛ إلا أن الشاعر وجد عكس ذلك.
فقد رأى أن الحالة الوحيدة التي يستخدم فيها أظافره الطويلة هي (خدش كارت شحن قيمة 2 ج) وهنا يدل على العجز التام وإنشغال بني البشر في ما لا يفيد، وبالرغم من كثرة الحديث عن خطورة خدش كروت الشحن بما تسببه - كما يقال - المادة المخدوشة من أمراض سرطانية إلا أن مجاهرة الشاعر بما يفعله وكأن الفائدة الوحيدة التي يسخر لها سلاحه، أظافره الطويلة يؤدي إلى ضرر حتمي وهو ما يوحي باليأس والقنوط من شظف العيش الذي أوصل إلى اللامبالاة والذي دلل عليه بقيمة الكرت المخدوش.
يقول الشاعر:
أظافري طويلة ..لا أستعملها في شيء.. سوي خدش كارت شحن قيمة 2 ج
ويصدر الشاعر لنا عناده من خلال أظافره التي تنبت سريعاً كلما قصها بالرغم من أن الكالسيوم لديه ناقص وهو تأكيد على ضيق العيش وقلة الرزق التي جعلت أيضاً ساقيه هزيلتين تؤثران على سعيه بل وتجعله يتعب من السير مسافات طويلة أو حتى التنقل في غرفته بسهولة ، وتجعله طوال الوقت جالساً على كرسي بلاستيكي رخيص الثمن وهو ما يؤكد المعنى الأول حين يقول:
(عندما أقصها
تنبت سريعا
رغم نقص الكالسيوم
ساقاي هزيلتان
في الغالب أنا أتعب من السير مسافات طويلة
لا أستطيع التنقل من غرفتي بسهولة
الكرسي البلاستيك يحتويني تماما طول الوقت)
وإن كان قوله (لا أستطيع التنقل من غرفتي بسهولة | الكرسي البلاستيك يحتويني تماما طول الوقت) له دلالة القيد والحرية المنقوصة والتي يدلل عليها بالغرفة التى لا يستطيع التنقل منها بسهولة والكرسي البلاستيك الذي يحتويه تماماً طوال الوقت.
وتأتي لحظة الدفء في قصيدته التي تتلبسه في أوقات فراغه حيث يستعيد شبابه من خلال أغاني التسعينات على اليوتيوب وكأنه كما أشار بإنشغالنا الواهي في بداية قصيدته بثورة التكنولوجيا في رمز (كروت الشحن) إلا أنه أراد أن يكون موضوعياً ويقدم لنا جانباً مضيئاً يستشعره من خلال سماع تلك الأغاني التي تذكره بذكرياته الدافئة فيشهر سلاح أظافره مرة أخرى متسائلاً عن جدواها في خدش ثمانية وعشرين عاماً من ذكرياته، وأصدقائه الذين تخلوا عنه عقب مرور العمر وتغير الأحوال وضياع الشموخ وفتية الشباب التي تظهر في رمز تآكل جبهته وسقوط ملامحه واستخدامه للمفعول المطلق (سقوطاً مدوياً) ليبين لنا صعوبة ما مر به حتى جعل جبهته تتآكل وأسقط ملامحه سقوطاً مدوياً...!!
يقول رضوان:
(في أوقات الفراغ أستعيد شبابي
حين أسمع أغاني التسعينات علي اليوتيوب
هل تستطيع أظافري الطويلة أيضاً
أن تخدش ثمانية وعشرين عاماً
من دفاتري
وتخمش أصدقائي الذين تركوني وحيداً
بعد أن تآكلت جبهتي وسقطت ملامحي سقوطاً مدوياً)
ويختتم شاعرنا صبري رضوان قصيدته (أظافري طويلة) بتقرير الواقع الذي نعيشه من خلال رمز (حنان ماضي وصوتها الدافئ) الذي تعلق به الشباب في تسعينات هذا القرن والتي غنت الكثير من الأغاني الوطنية والرومانسية الحالمة وكأنه يرى أن هذا الجيل هو الذي تخلى عن معشوقته مصر منذ بداية القرن الحادي والعشرين حين انشغل بنفسه عنها فلم تعد له كما تمناها ولن تعود بمجرد ذكريات دافئة...!!
يقول شاعرنا صبري رضوان:
(صوت حنان ماضي لن يعيد لي الآن حبيبتي
التي قتلتها بيدي منذ بداية القرن الواحد والعشرين)
إن استخدام الشاعر للأفعال المضارعة في معظم قصيدته، بل وعدم استخدامه لعلامة الاستفهام مع تساؤله (هل تستطيع أظافري الطويلة أيضا | أن تخدش ثمانية وعشرين عاما | من دفاتري | وتخمش أصدقائي الذين تركوني وحيدا | بعد أن تآكلت جبهتي وسقطت ملامحي سقوطا مدويا) يحيلنا إلى استمرارية الحدث وارتباط الماضي بالحاضر وعدم جدوى أسلحتنا الواهية التي نستخدمها والتى قد يخشاها من أمامنا ولكننا لا نفعلها في ما هو مجدي لنا ولأوطاننا.
قصيدة (أظافري طويلة) لصبري رضوان رسالة مريرة مبعوثة بشجن لشعب ربط نفسه بحنين الماضي دون تفعيل قدراته لما يخدم حاضره ومستقبله وينقل بلاده إلى ما يحييها.
المقال منشور بموقع عيون الإلكتروني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق