آداب أرسطو
ومن آداب أرسطوطاليس وكلماته الحكيمة مما ذكره الأمير المبشر بن فاتك قال أرسطوطاليس اعلم أنه ليس شيء أصلح من أولي الأمر إذا صلحوا ولا أفسد لهم ولأنفسهم منهم إذا فسدوا فالوالي من الرعية بمنزلة الروح من الجسد الذي لا حياة له إلا بها وقال احذر الحرص و فأما ما هو مصلحك ومصلح على يديك فالزهد واعلم أن الزهد باليقين واليقين بالصبر والصبر بالفكر فإذا فكرت في الدنيا لم تجدها أهلاً لأن تكرمها بهوان الآخرة لأن الدنيا دار بلاء منزل بلغة وقال إذا أردت الغنى فاطلبه بالقناعة فإنه من لم تكن له القناعة فليس المال مغنيه وإن كثر وقال إعلم أن من علامة تنقل الدنيا وكدر عيشها أنه لا يصلح منها جانب إلا بفساد جانب آخر ولا سبيل لصاحبها إلى عز إلا بإذلال ولا استغناء إلا بافتقار واعلم أنه ربما أصيبت بغير حزم في الرأي ولا فضل في الدين فإن أصبحت حاجتك منها وأنت مخطئ أو أدبرت عنك وأنت مصيب فلا يستخفنك ذلك إلى معاودة الخطأ ومجانبة الصواب. وقال لا تبطل عمراً في غير نفع ولا تضع لك مالاً في غير حق ولا تصرف لك قوة في غير عناء ولا تعدل لك رأياً في غير رشد فعليك بالحفظ لما أتيت من ذلك والجد فيه وخاصة في العمر الذي كل شيء مستفاد سواه وإن كان لا بد لك من إشغال نفسك بلذة فلتكن في محادثة العلماء ودرس كتب الحكمة. وقال اعلم أنه ليس من أحد يخلو من عيب ولا من حسنة فلا يمنعك عيب رجل من الاستعانة به فيما لا نقص به ولا يحملنك ما في رجل من الحسنات على الاستعانة به فيما لا نقص به ولا يحملنك ما في رجل من الحسنات على الاستعانة به فيما لا معونة عنده عليه واعلم أن كثرة وقال العدل ميزان اللَّه عزّ وجلّ في أرضه وبه يؤخذ للضعيف من القوي وللمحق من المبطل فمن أزال ميزان اللَّه عما وضعه بين عباده فقد جهل أعظم الجهالة واعتزر باللَّه سبحانه أشد اعتزازاً. وقال العالم يعرف الجاهل لأنه كان جاهلاً والجاهل لا يعرف العالم لأنه لم يكن عالماً وقال ليس طلبي للعلم طمعاً في بلوغ قاصيته ولا الاستيلاء على غايته ولكن التماساً لما لا يسع جهله ولا يحسن بالعاقل خلافه.
وقال اطلب الغنى الذي لا يفنى والحياة التي لا تتغير والملك الذي لا يزول والبقاء الذي لا يضمحل وقال أصلح نفسك لنفسك يكن الناس تبعاً لك وقال كن رؤوفاً رحيماً ولا تكن رأفتك ورحمتك فساداً لمن يستحق العقوبة ويصلحه الأدب وقال خذ نفسك بإثبات السنة فإن فيها إكمال التقي وقال افترص من عدوك الفرصة واعمل على أن الدهر دول وقال لا تصادم من كان على الحق ولا تحارب من كان متمسكاً بالدين وقال صير الدين موضع ملكك فمن خالفه فهو عدو لملكك ومن تمسك بالسنة فحرام عليك ذمه وإدخال المذلة عليه واعتبر ممن مضى ولا تكن عبرة لمن بعدك وقال لا فخر فيما يزول ولا غنى فيما لا يثبت وقال عامل الضعيف من أعدائك على أنه أقوى منك وتفقد جندك تفقد من قد نزلت به الآفة واضطرته إلى مدافعتهم قال دار الرعية مداراة من قد انتهكت عليه مملكته وكثرت عليه أعداؤه وقال قدم أهل الدين والصلاح والأمانة على أنك تنال بذلك في العاقبة الفوز وتتزين به في الدنيا وقال اقمع أهل الفجور على أنك تصلح دينك ورعيتك بذلك وقال لا تغفل فإن الغفلة تورث الندامة وقال لا ترج السلامة لنفسك حتى يسلم الناس من جورك ولا تعاقب غيرك على أمر ترخص فيه لنفسك واعتبر بمن تقدم واحفظ ما مضى والزم الصحة يلزمك النصر وقال الصدق قوام أمر الخلائق والكذب داء لا ينجو من نزل به ومن جعل الأجل إمامه أصلح نفسه ومن وسخ نفسه أبغضته خاصته وقال لن يسود من يتبع العيوب الباطنة من إخوانه من تجبر على الناس ذلته من أفرط في اللوم كره الناس حياته من مات محموداً كان أحسن حالاً ممن عاش مذموماً من نازع السلطان مات قبل يومه أي مَلِك نازع السوقة هُتِك شرفه أي ملك تطنف إلى المحقرات فالموت أكرم له وقال من أسرف في حب الدنيا مات فقيراً ومن قنع مات غنياً من أسرف في الشراب فهو من الأسفل من مات قل حساده وقال الحكمة شرف من لا قديم له الطمع يورث الذلة التي لا تستقال اللؤم يهدم الشرف ويعرض النفس للتلف سوء الأدب يهدم ما بناه الأسلاف الجهل سر الأصحاب بذل الوجه إلى الناس هو الموت الأصغر ينبغي للمدبر أن لا يتخذ الرعية مالاً وقنية ولكن يتخذهم أهلاً وإخواناً ولا يرغب في الكرامة وكتب إلى الاسكندر في وصاياه له إن الأردياء ينقادون بالخوف والأخيار ينقادون بالحياء فميز بين الطبقتين واستعمل في أولئك الغلظة والبطش وفي هؤلاء الأفضال والإحسان وقال أيضاً ليكن غضبك أمراً بين المنزلتين لا شديداً قاسياً ولا فاتراً ضعيفاً فإن ذلك من أخلاق السباع وهذا من أخلاق الصبيان وكتب إليه أيضاً إن الأمور التي يشرف بها الملوك ثلاثة سن السنن الجميلة وفتح الفتوح المذكورة وعمارة البلدان المعطلة وقال اختصار الكلام طي المعاني رغبتك فيمن يزهد فيك ذل نفس وزهدك فيمن يرغب فيك قِصر همة النميمة تهدي إلى القلوب البغضاء من واجهك فقد شتمك ومن نقل إليك نقل عنك الجاهل عدو لنفسه فكيف يكون صديقاً لغيره السعيد من اتعظ بغيره.
وقال لأصحابه لتكن عنايتكم في رياضة أنفسكم فأما الأبدان فاعتنوا بها لما يدعو إليه الاضطرار واهربوا من اللذات فإنها تسترقّ النفوس الضعيفة ولا قوة بها على القوية وقال إنا لنحب الحق ونحب أفلاطون فإذا افترقا فالحق أولى بالمحبة الوفاء نتيجة الكرم لسان الجاهل مفتاح حتفه الحاجة تفتح باب الحيلة الصمت خير من عجز المنطق بالأفضال تعظم الأقدار بالتواضع تتم النعمة باحتمال المؤن يجب السؤدد بالسيرة العدالة تقل المساوئ بترك ما لا يعنيك يتم لك الفضل بالسعايات تنشأ المكاره ونظر إلى حَدَث يتهاون بالعلم فقال له إنك إن لم تصبر على تعب العلم صبرت على شقاء الجهل. وسعى إليه تلميذ له بآخر فقال له أتحب أن نقبل قولك فيه على أنا نقبل قوله فيك قال لا قال فكف عن الشر يكف عنك. ورأى إنساناً ناقهاً يكثر من الأكل وهو يرى أنه تقوية فقال له يا هذا ليس زيادة القوة بكثرة ما يرد البدن من الغذاء ولكن بكثرة ما يقبل منه وقال كفى بالتجارب تأدباً وبتقلب الأيام عظة وقيل لأرسطوطاليس ما الشيء الذي لا ينبغي أن يقال وإن كان حقاً فقال مدح الإنسان نفسه وقيل له لم حفِظَت الحكماءُ المالَ فقال لئلا يقيموا أنفسهم بحيث لا يستحقونه من المقام وقال امتحن المرء في وقت غضبه لا في وقت رضاه وفي حين قدرته لا في حين ذلته وقال رضى الناس غاية لا تدرك فلا تكره سخط من رضاه الجور.
وقال شَرُف الإنسان على جميع الحيوان بالنطق والذهن فإن سكت ولم يفهم عاد بهيمياً وقال لا تكثروا من الشراب فيغير عقولكم ويفسد أفهامكم وأعاد على تلميذ له مسألة فقال له أفَهمت قال التلميذ نعم قال لا أرى آثار الفهم عليك قال وكيف ذلك قال لا أراك مسروراً وقال لكل شيء خاصة وخاصة العقل حسن الاختيار وقال لا يلام الإنسان في ترك الجواب إذا سئل حتى يتبين أن السائل قد أحسن السؤال لأن حسن السؤال سبيل وعلة إلى حسن الجواب وقال كلام العجلة موكل به الزلل وقال إنما يحمل المرء على ترك ابتغاء ما لم يعلم قلة انتفاعه بما قد علم وقال من ذاق حلاوة عمل صبر على مرارة طرقه ومن وجد منفعة علم عني بالتزيد فيه وقال دفع الشر بالشر جلد ودفع الشر بالخير فضيلة وقال ليكن ما تكتب من خير ما يقرأ وما تحفظ من خير ما يكتب وكتب إلى الاسكندر إذا أعطاك اللَّه ما تحب من الظفر فافعل ما أحب من العفو وقال لا يوجد الفخور محموداً ولا الغضوب مسروراً ولا الكريم حسوداً ولا الشره غنياً ولا الملول دائم الإخاء ولا مفتتح يعجل الإخاء ثم يندم وقال إنما غلبت الشهوة على الرأي في أكثر الناس لأن الشهوة معهم من لدن الصبا والرأي إنما يأتي عند تكاملهم فإنهم بالشهوة لقدم الصحبة أكثر من أنسهم بالرأي لأنه فيهم كالرجل الغريب. ولما فرغ من تعليم الاسكندر دعا به فسأله عن مسائل في سياسة العامة والخاصة فأحسن الجواب عنها فناله بغاية ما كره من الضرب والأذى فسئل عن هذا الفعل فقال هذا غلام يرشح للملك فأردت أن أذيقه طعم الظلم ليكون رادعاً له عن ظلم الناس. وأمر أرسطوطاليس عند موته أن يدفن ويبنى عليه بيت مثمن يكتب في جملة جهاته ثمان كلمات جامعات لجميع الأمور التي بها مصلحة الناس وتلك الكلم الثمان هي هذه على هذا المثال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق