الخميس، 16 يونيو 2011
اليوم السابع / كتب بلال رمضان
قال الدكتور عماد أبو غازى وزير الثقافة إن غالبية المثقفين والسياسيين يخذلون وزارة الثقافة، حينما تدعوهم إلى المشاركة فى ندوات أو مؤتمرات تهدف إلى التوعية السياسية المهمة خلال هذه الفترة التى تشهدها مصر، وطالب أبو غازى من جميع المثقفين بالتحرك والنزول إلى الشارع المصرى، والتحاور مع الناس فى المقاهى وفى كل مكان، وتحقيق ما كانوا يطالبون به خلال العهد البائد، ولم يتمكنوا من تحقيقه، مؤكدًا على أنه إن لم يستغل المثقفون الظروف الراهنة فلن يتمكنوا من النزول للشارع فيما بعد.
جاء ذلك خلال اللقاء المفتوح الذى عقد مساء أمس، الأربعاء، بمقر حزب التجمع، وحضره الدكتور محمد حافظ دياب والدكتور عبد المنعم تليمة والكاتبة فريدة النقاش والدكتور رفعت السعيد، وأدار اللقاء الشاعر حلمى سالم، وناقشه الحاضرون وعدد من الإعلاميين والصحفيين.
وطالبت فريدة النقاش عماد أبو غازى بألا تلتزم وزارة الثقافة بالموقف الحيادى تجاه المشروع السعودى الوهابى الأصولى، وأن تجيش الوزارة مثقفيها لمجابهة هذا المشروع الذى سيقضى على مدنية الدولة المصرية التى أبهرت العالم بثقافتها.
وأشار أبو غازى فى بداية حديثه إلى أن الوزارة بدأت فى التعامل مع أكثر من عشر مجموعات من منظمات المجتمع المدنى، ويقومون حاليًا بالبحث عن طرق متعددة لكيفية النزول الشارع، فى أكثر من محافظة، موضحًا أن الوزارة تعمل على توسيع أنشطتها فى شهور الصيف فى المدارس عقب انتهاء امتحانات الثانوية العامة، مؤكدًا على أن الجزء الأساسى من عمل الوزارة فى هذه المرحلة هو عودة الميكرفون للمواطن فى الشارع للتعبير عن أنفسهم.
وحول رؤيته لدور الوزارة فى المرحلة الانتقالية، أوضح أبو غازى أنها تتمثل فى وضع أسس ديمقراطية للثقافة فى مصر، والقضاء على المركزية المفرطة التى تسيطر عليها العاصمة، وتستحوذ على الجزء الأكبر من الفائض الاقتصادى والاجتماعى والثقافى والخدمات الصحية والتعليمية منذ القرن التاسع عشر وليس فى الثلاثين عامًا الماضية.
وأشار أبو غازى إلى أن نصيب المواطن المصرى فى العام من أنشطة قصور الثقافة هو "35" قرشا، مضيفًا "ولو حسبناها على كامل قطاعات الثقافة فأعتقد بأنها سوف تساوى جنيهين ونصف تقريبًا، وذلك لأن المرتبات والأجور تبتلع الجزء الأكبر من الموازنة، فقصور الثقافة بها ما يقرب من 17 ألف موظف، وبالرغم من الجزء المخصص لأجورهم، لكن هذه الأجور فى الحقيقة هى "فضيحة" شىء فاضح وهزيل ومخزية وغير إنسانى، وربما عندما يرتفع الحد الأدنى للأجور يتحسن وضعهم قليلاً.
ورفض أبو غازى الصورة النمطية التى يراها البعض بأن وزارة الثقافة هى للمثقفين، قائلاً "ليس صحيحًا بأننى وزيرًا للمثقفين، فهم لا يحتاجوننى ويعرفون ما يريدونه وكيف يصلون إليه، ولكننى أؤمن بأننى وزير للمواطنين، ودورى هو أن أوفر مساحة لكل مواطن يرى فى نفسه أنه قادر على تقديم ما لديه، أو الاستفادة من خدمة ثقافة، لا بد أن نعترف بأن لدينا ثقافات فرعية مختلفة، وهذا التنوع الثقافى هو إثراء للثقافة المصرية، وألا يكون هناك تميز على أساس النوع، أو المراحل العمرية، وبرأيى أن إنكار التعددية الثقافية يضر جدًا بالأمن القومى.
وحول خطته فى المرحلة الانتقالية وعمل الوزارة، قال أبو غازى: أهدف إلى وضع قواعد مؤسسية للعمل الثقافى، وألا يدار العمل الثقافى بشكل فردى، ولا يدار بالأهواء الشخصية، وهذا الاتجاه أحاول أن أنفذه بأن يكون لكل مؤسسة من المؤسسات الثقافية مجلس إدارة أو مجلس أمناء أو هيئة استشارية، وذلك حسب طبيعة كل مؤسسة، وتتولى إدارة هذه المؤسسة، وتكون هذه المجالس من خارج الإدارة وليس العاملين فيها، وبعض المؤسسات لها مجلس إدارة، ولكن بالرغم من أن القانون ينص على وجود مجالس إدارة، إلا أنه لم ينفذ ذلك عمليًا، كما أننا نطلب من هذه المجالس الجديدة أن تضع لنا تصوراتها لإعادة هيكلة القطاعات التى سوف تتولاها، وبالتالى سنصل فى النهاية إلى إعادة هيكلة قطاعات وزارة الثقافة بأكملها، ونبحث أيضًا وضع المجلس الأعلى للثقافة، وهل يتم عزله ليكون أشبه ببرلمان، ويتم دعمه من الدولة، وأيضًا نعمل على إعادة تشريعات العمل الثقافى التى تنظم عمل المؤسسات، فلدينا الكثير من بعض هذه التشريعات تحتاج إلى إعادة النظر فيها بعد الثورة، وكل هذه القضايا مطروحة للنقاش، مضيفًا "ومن أهم الأهداف التى ننشدها هى الدفاع عن حرية الإبداع والفكر والبحث، وفى تقديرى هى أمور أساسية فوق أى قانون أو دستور، وهذه المبادئ ينبغى أن ندافع عنها، فبعض هذه الحريات محددة فى الدستور، ولا بد أن تكون مطلقة".
وتابع "فأنا لا أتصور أننى بحاجة إلى قصر ثقافة ضخم مبنى بالرخام، أو على هيئة التصور المعمارى لحسن فتحى، "أنا مش عاوز غير أوضة صغيرة فى مساحة فاضية أقدر أشتغل فيها، عايز أرض فاضية أعمل فيها مسرح بسيط، وحيطة أدهنها وأعرض عليها سينما، بدل ما أعمل قصر ثقافة بـ25 مليون جنيه، أجيب عربيات متنقلة أفضل تحمل شاشات سينما ومكتبات وأتنقل فى كافة أنحاء مصر، فأنا بحاجة لثلاثين مكتبة متنقلة وليس ثلاث مكتبات كما هو لدينا فى الهيئة العامة لقصور، أريد مسرحا عائما حقيقيا، ونحقق حلمنا القديم، أتصور أن كل هذا يمكننا أن نحققه بتكاليف أقل.
وحول السينما وكيفية استعادة دورها فى الحياة المصرية، قال أبو غازى "أنا لست متحمسًا لإعادة تجربة القطاع العام للسينما فى الستينيات، فهى لم تكن تجربة ناجحة من وجهة نظرى، ولو عدنا للأرشيف الصحفى فى تلك المرحلة سنرى عددًا كبيرًا من الفضائح وجزء منها قضايا فساد، ولكن المشكلة هى أنه لدينا نتاج مهم جدًا يتمثل فى 159 فيلما أنتجتها مؤسسة السينما، وهى أصول مملوكة للمجلس الأعلى للثقافة، وتسطير عليها وتديرها شركة مصر للصوت والضوء والسينما، وجزء من قضيتى هو استرداد هذا الإنتاج لوزارة الثقافة، ففى بداية التسعينيات أرغمت الوزارة على أن تتخلى عن الاستوديوهات ودور العرض وأصول الأفلام، وطلبت بالفعل استرداد هذه الأصول، فهذه السينمات لو تجددت واشتغلت ممكن تشارك فى حل أزمة صناعة السينما فى مصر، فجزء أساسى من أزمتى أننى لا أملك دور عرض ويتحكم فى التوزيع الخارجى، فصناعة السينما فى مصر حينما لم يكن هناك توزيع خارجى كانت الصناعة الثانية فى الاقتصاد المصرى بعد الغزل والنسيج، وإذا كنا نبحث الآن كيفية تطوير مصر، فإن جزءاً من الصناعات الأساسية التى يمكننا أن ننافس بها هى الصناعات الثقافية والسينما والموسيقى والكتاب والنشر، وكل هذه الصناعات لو قمنا بعمل تعديلات تشريعية لها، فسوف ننافس بها فى السوق العربية.
واستكمل "الأصول مازالت مملوكة للوزارة، ولكن لا يمكننا إدارتها، والحقيقة أن وزير الثقافة السابق فاروق حسنى هو الذى منع انتقال ملكية هذه الأصول للشركة، وظل لعشرين عامًا يعطل إجراء نقل الملكية، ولذلك فإن الشركة حتى الآن غير قادرة على الاستفادة من الأفلام لأنها لا تملك سند الملكية، وأنا تقدمت بخطاب لرئيس الوزراء الدكتور عصام شرف طالبت باسترداد هذه الشركة، وأن تكون تابعة لوزارة الثقافة والمذكرة قيد الدراسة الآن، وهناك مجموعة من غرفة السينما والسينمائيين سيقابلون شرف للحديث معه حول هذا المشروع، والذى أوقف مشروع أرشيف السينما فى مول تجارى، ويبنى على أرض مدينة الفنون، هو أن الأصول ليست مملوكة لهم، ومن وقف هذا التحول ومنعه رئيس المركز القومى للسينما خالد عبد الجليل، ولولا وجوده بالمركز لتم المشروع، وهو الذى يحارب فى معركة استرداد الأصول، وبناء مشروع أرشيف ومتحف للسينما بغض النظر عن اعترض الناس عليه باعتباره كان عضوًا بالحزب الوطنى، وساندته فى مواقفه ومعنا وزير الثقافة.
وأشار أبو غازى إلى أن هناك مشكلات تعيق العمل فى قصور الثقافة، فقديمًا كان الأمن يمنع العمل فى مقرات الوزارة، وكانت العقبات الأمنية تمنع أيضًا من العمل فى الشارع، مضيفًا "وبعد أسبوع من تولى رئاسة الوزارة، تلقيت خطابا من مسئول بقصر ثقافة يبلغنى بأن إقامة الأنشطة لا بد أن يسبقها موافقة من أمن الدولة، ولذا فأنا أطلب من المثقفين إذا ما وجدوا أى عوائق للعمل فى قصور الثقافة من القيادات الوسطى أن يتصلوا بى فورًا، وسوف نزيل هذه العقبات، وأطلب ممن لديهم مقترحات أن يرسلوها لى على البريد الإلكترونى وليس "الفيس بوك"، فأنا أعمل لعشرين ساعة فى اليوم، ولا التفت لـ"الفيس بوك" كثيرًا إلا كل أسبوعين، وأقول لكل من يريد أن ينظم نشاطا تثقيفيا أن يتقدم لنا وسوف نقدم له العون، وأريد من المثقفين أن ينزلوا إلى الشارع ويتحاوروا مع الناس، كنا من قبل محرومين من النزول للشارع، وإن لم نستغل هذا الوقت ونعمل بكل طاقتنا فى الشوارع والقهاوى فلن نتمكن من ذلك فيما بعد، دعونا نقضى على فكرة الغرف المغلقة، وأنا سعيد جدًا بوجود جماعة تراقب أداء ونشاط الوزارة، وأتمنى أن يكون هناك تواصل معى شخصيًا، وليس مع رؤساء الهيئات، ما دمنا نشترك فى هدف واحد.
وحول اعتراض البعض على طريقة التصويت فى جوائز الدولة، أكد أبو غازى على أن هناك بالفعل عيوبا فى طرق التصويت، وذلك حسب رأيه لأنها تتم عن طريق الاسم الأكثر شهرة فى كل مجال، نافيًا أن الأعضاء لا علاقة لهم بالعمل الثقافى، موضحًا أن الوحيد فى أعضاء مجلس الإدارة البعيد عن الثقافة هو ممثل وزارة التخطيط، ولافتًا إلى أن من قام بترشيح الروائى الكبير بهاء طاهر لجائزة الآداب "أستاذ جامعى محترم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق