إزاء جرائم القتل اليومي العمْد الذي يمارسه عساكر النظام الحاكم – من أجهزة أمنية وقوات خاصة وغيرها- بحق أهالي عدن وشبابها – بتركيز بشع - في شوارع محافظتهم,وهم يمارسون أبسط حقوقهم السياسية والمدنية في التعبير السلمي بالتظاهر والاعتصام احتجاجاً على طَفَحِ الكيلِ بهم من سياسات النظام نحوهم،تجاهلاً وإهمالاً واستخفافاً واستهانةً وإقصاءً0 كأن وجودهم وعدم وجودهم سواء في نظر النظام,أو كأنهم بالأحرى لا وجود لهم بتاتاَ لدى النظام في سياساته الموصومة-إجمالاً- بالتبعية والفساد والاستبداد؛ولأن شرائع الخالق عزَ وجَلَّ للبشر جميعاَ وكذلك قيم الانتماء الإنساني المطلق والتي من جواهرها تستمد المواثيق والعهود الدولية ودساتير الدول كافةً روحها ورؤيتها المتعلقة بالحق المقدس للإنسان- أي حقه في الوجود والحياة- تقتضي جميعُها وجوبَ حمايةِ وجودِ وحقنِ دمِ هذا المخلوق الذي شرّفه خالقه باختياره خليفةً له في أرضه سبحانه وتعالى، فجعل من أُكبر الكبائر قتل النفس التي حرّمها إلا بالحق، وصار إزهاق أرواح البشر- ظلماً وعدواناً - من الجرائم التي لا تتهاون أمامها الشعوب والمجتمعات والدول على حدٍّ سواء؛ولأن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين منذ تأسيسه- قبل أربعة عقود- كان سبّاقاً على الدوام إلى أخذ المواقف الوطنية والإنسانية اللازمة تجاه شتّى الأحداث والقضايا الكبيرة داخل اليمن وخارجها،بادرت سكرتارية فرع الاتحاد في عدن إلى الدعوة للاجتماع يوم الاثنين 28 فبراير 2011، في مقر الفرع،حيث حضر عدد من الأدباء والمثقفين0 تدارسوا باهتمام وتفاعل عميقين ماتحتقن منه محافظة عدن بالذات جراء ارتكاب نظام الحكم غير السوي جرائم سفك دماءِ أهالي عدن وإزهاق أرواحهم وملاحقتهم بالرصاص الحي حتى بيوتهم،لا لذنبٍ سوى أنهم صرخوا أمام ديارهم- وليس أمام دار الرئاسة- بأعلى أصواتهم المقهورة ومن قاع حناجرهم: الشعبُ يريدُ إسقاطَ النظام0
وبموازاة تدارسهم ما أوصل النظام الحاكم البلاد- وعدن بالذات- إليه من أوضاع استثنائية حادة- شديدة المأساوية ومتلفعةٍ بالحزن- تطرق المجتمعون لتفاعلات الإرادة الشعبية العارمة في إسقاط نظام التبعية والفساد والاستبداد الحاكم في بلدهم، كهدف أولي من أهداف الثورة الشعبية السلمية التي يتدفق شلالها الهادر من بلد عربي إلى آخر:من تونس إلى مصر،فالأردن،اليمن،البحرين،ليبيا و ... الحبل على الجرار0مما استدعى إعراب أغلب المجتمعين عن تأييدهم المُطْلَق لهذه الثورة الشعبية السلمية والدعوة المفتوحة إلى الانضمام إليها في وطنهم الأم وفي غيره من أرجاء وطنهم العربي0
بعد ذلك أقر الحاضرون- بالإجماع- تشكيل لجنة موسعة من بينهم للمتابعة والتنسيق والتواصل مع الأدباء والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني وشباب الثورة الشعبية السلمية في مدن ومديريات محافظة عدن كلها0 كما أقروا إصدار هذا البيان على أن يتضمن الآتي في ضوء ملاحظات وآراء واقتراحات المجتمعين:
أولاً:الوقوف بإكبار ووفاء لأرواح جميع شهداء الثورة الشعبية السلمية اليمنية ولتضحياتهم البطولية،فداء لبلادهم وشعبها وثورته السلمية0
من هؤلاء الشهداء في عدن،خلال أسبوع واحد فقط،بين21-16فبراير،كل من : الطفل عمار طلال الخوربي ، الطفلة هالة حمود محمد ناصر ، الطفلة ولاء ياسر عبدا لله ، محمد علي باعشن (19عاماً) ، ياسين علي أحمد السريحي (19عاماً) ، فضل مبارك الحنشي (23عاماً) ، عارف محمد علي (18عاماً) ، عبد الله محمد البان (27عاماً) ، مقبل محمد أحمد الكازمي (18عاماً) ، عبد الحكيم محمد الكلدي (21عاماً) ، هاني محمد هيثم (22عاماً) ، حميد حسين حميد (23عاماً) ،غسان أحمد (18عاماً) ، علي محمود ناجي علي (23عاماً) ، محمد منير خان (15عاماً) ، أحمد زكي (16عاماً) ، أيمن علي حسن النقيب (20عاماً) ، هشام محمد قائد (25عاماً) ، علي عبد الله الخلاقي (15عاماً) ، أحمد صبري (19عاماً) ، حسين الجحافي ، عارف محمد عوض (17عاماً) ، هائل وليد هائل (17عاماً) ، لؤي طه (20عاماً) ، سالم باشطح (نائب مدير المؤسسة العامة للكهرباء- عدن) محمد أحمد صالح ، محمد حمود أحمد ، طارق علوان ، نجيب عبد الستار وشاب مجهول الهوية0 [ فضلاً عن حوالي مائتي جريح،بعضهم في حالة حرجة ]0 يقول الحق جَلَّ شأنُه :" منَ المؤمنينَ رجالٌ صدَقوا ما عاهدوا اللهَ عليهِ فمِنْهُم من قضى نَحْبَهُ ومِنْهُم مَن يَنْتَظِرُ وما بَدَّلوا تَبْديلا" – سورة (الأحزاب)،الآية:230
ثانياً:التنبيه الصريح والأليم إلى الخطورة القصوى في تركيز النظام الحاكم- وبالطريقة الإسرائيلية عينها- على استهداف هذه الفئة العمْرية- خصوصاً وفي عدن على وجه التحديد- بالقتل العمْد0 رغم تباهي رأس النظام بكون فئة الشباب تمثل جيل الوحدة اليمنية،وهي التي ستبني المستقبل الواعد والزاهر للمجتمع اليمني!
ثالثاً:دعوة المهتمين إلى العمل الجاد على التوثيق المخلص والأمين- بالصورة والكلمة- للحياة القصيرة، لكن الزاخرة بالمعاني السامية للشباب والشجاعة والتحدي والعزم والإصرار والإقدام وشرف التضحية حتى بالروح عند هؤلاء الشهداء الشباب الأبطال0
رابعاً:دعوة المراكز والمؤسسات غير الحكومية المعنية- لاسيما في صنعاء وعدن - بالبحث والرصد والدراسات والتوثيق فيما يتعلق بالحريات العامة وحقوق الإنسان،إلى العمل على التوثيق القانوني والإجرائي السريع- عبر الطب الشرعي والتكنيك الجنائي وسوى ذلك مما يلزم - لكل ما يرتبط باستشهاد هؤلاء الشباب:ضحايا المذابح الجماعية وجرائمها التي يرتكبها- نظام علي عبد الله صالح- ضد الإنسانية0
خامساً:دعوة كافة الفعاليات السياسية،الاجتماعية،المهنية والأهلية اليمنية- من وسائل إعلام جماهيري وإلكتروني وأحزاب وتنظيمات ومنظمات ونقابات وجمعيات وأندية ومنتديات وشخصيات اجتماعية- إلى رفع صوتها العالي بإدانة ما يمارسه عساكر النظام ضد الشباب- تخصيصاً- من قتل وقمع واعتقال وملاحقة وحصار خانق، وبتركيز بشع أكثر على محافظة عدن .. فالوضع هنا لا يطاق مع لعلعة الرصاص يومياً- نهاراً وليلاً- دون وازع ولا رادع من دين أو عقل أو ضمير ،وكأنَّ بعض هؤلاء العساكر انكشاريةٌ لا بشراً أو هُم بلا أصول عائلية ومجردين حتى من الرجولة أو أنهم ليسوا يمنيين وعليهم تنفيذ أجِنْدةِ من دَفَع بهم ويدفع لهم - من خارج اليمن- مقابل ترويع الآمنين المسالمين في عدن0
سادساً:التأييد التام لِتَصَدُّر الشباب وقيادتِهم الثورةَ الشعبية السلمية في البلاد،والتأكيد على ضرورة الوقوف إلى جانبهم ودعمهم ميدانياً ومادياً ومعنوياً0
سابعاً:الإشادة بروح الشعور العالي بالمسؤولية لدى شباب الثورة الشعبية السلمية اليمنية وتمسكهم بطابعها السلمي وحماية الأملاك العامة والخاصة وعدم الانجرار وراء المخربين بأي شكلٍ من الأشكال0
ثامناً:التأكيد على أهمية وحدة وتماسك هؤلاء الشباب الأبطال،وأن يأخذوا حذرهم جداً من محاولات وحِيَل النظام الحاكم- وذيوله المرئية والمُشفَّرَة - في الدسِّ والوقيعة فيما بينهم لتشتيت صفوفهم وإخلاء ساحات وميادين التحرير والتغيير منهم وركوب أمواج ثورتهم والالتفاف على أهدافها القريبة والبعيدة على حد سواء0
تاسعاً:الاهتمام المستمر والدائم- الآن وفي المستقبل- بأُسَر وذوي الشهداء،وحث رجال الأعمال والتجار والميسورين الشرفاء على إيلاء الرعاية اللازمة لهذه الأسر فيما تتطلبه ضرورات الحياة الآمنة الكريمة0
عاشراً:تحميل رئيسِ النظام شخصياً المسؤوليةَ الكاملةَ- حتى يشهد اللهُ وتاريخُ الإنسانية- عما ارتكبته انكشارية النظام من جرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم،وعن كل روحِ شهيدٍ أُزهقت وكل قطرةِ دمٍ سُفكت على أيدي هؤلاء الانكشارية0 ومطالبة هذا الرئيس في شدةٍ وإلحاح – حتى يشهد اللهُ وتشهد أُمَّتانا العربيةُ والإسلاميةُ والعالمُ أجمع عليه- بأن يكف جرائم انكشارية نظامه عن الشعب اليمني وشبابه الثائر في أنحاء البلاد كافة0 وهذا لن يحصل،ما لم يأمر شخصياً- وعلى الفور بالآتي: 1)سْحْبِ هؤلاء الانكشارية من أمام وحول جميع ساحات وميادين الثورة الشعبية السلمية في أيِّ محافظةٍ من محافظات الجمهورية،وبلا أيِّ استثناء من استثناءاته المعهودة في إيقاظ الفتنة وتأليب اليمنيين- أفراداً أو جماعات – بعضَهم ضد بعض0 2)فَكِّ حصار رُهَابِه الانكشاري عن مدن ومديريات عدن،الضالع،ردفان وغيرها من مدن ومديريات جنوب البلاد كافة،ورفع نقاط التفتيش الإرهابي المُرعِب والمَرعوب – في آنٍ معاً- من شوارع المدن ومداخل وطرق المحافظات والمديريات كلها،وبلا أي استثناء من استثناءاته المعهودة في إيقاظ الفتنة وتأليب اليمنيين- أفراداً أو جماعات- بعضهم ضد بعض0 0 3)منع انكشاريته- منعاً باتاً- عن بذاءاتهم المقذعة التي يأباها المسلم الحق وأخلاقه وتقاليده تجاه الشباب- شِبَّاناً وشابات- ناهيك عن النساء والأطفال والشيوخ0 4)ترك الشباب يُعبِّر بحريةٍ كاملة عن إرادته في الساحات والميادين التي ارتضاها للتعبير عن إرادته0
5)الإفراج الفوري- دون شروط ولا مماطلة- عن نشطاء المجتمع المدني من الأساتذة الأكاديميين في جامعة عدن،الذين تم اختطافهم من عدن يوم السبت 2011/02/26، وسِيقوا- كالرهائن أيام حكم الإمامة البائدة – إلى صنعاء، و هُمُ الدكاترة التالية أسماؤهم:محمد حسين حلبوب ، يحي شايف الشعيبي ، صلاح اليافعي ، عبد الخالق صلاح ، عيدروس اليهري0 إلى جانب كل من: السفير قاسم عسكر جبران والمهندس علي بن علي شكري0
وختاماً،تشيد اللجنة الموسعة من الأدباء والمثقفين في عدن بالوقفة الإيجابية والمساندة لعدن من جانب المحافظات الأخرى،وتعلن – بدورها- عن تضامنها مع أهالي الحديدة والمكلا فيما ارتكبه انكشارية النظام الحاكم – نهاية الأسبوع الماضي- بحقهم0
كما تشيد كذلك ببيان الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين- الصادر في 19 فبراير المنصرم - وبيان فرع الاتحاد في عدن – الصادر في 17الشهر نفسه- تأييداً لإرادة الشعب اليمني في إسقاط نظام حكمه0
وتهيب اللجنة – في الوقت عينه – بأحزاب اللقاء المشترك أن لا تضحك على نفسها أو يخدع بعضها بعضاً – في الربع الساعة الأخيرة – بالمقايضة على وهم ( الحوار وخرائطه !) مع دكان النظام الكاسد والمُفْلِس .. فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين0ولتتذكر قيادة اللقاء آخر مرة دخلت فيها جحر النظام – يوم - 2010/07/17دون أن يمهلها ولو ستة أشهر فقط ،حتى لَدَغَهَا اللدغة التي كانت هذه القيادات – بعدها- ومشتركُها وأحزابُه – حزباً حزباً –وقياداتُها – صفاً صفاً - ستلقى حتفها دفعة واحدة،لولا سِتْرُ عالِم الغيب - جل شأنه – وفَرَجُهُ العظيم القادم من تونس الياسمين وشعبها المدني الثائر،ومن مصر25يناير وشعبها الأعرق مدنية وثورة 0ما يعني أن ليس أمام المشترك إلا أن يكون الآن جدياً- ولمرة واحدة حتى النهاية- مع الشعب وثورته السلمية وشبابها0مالم،فعليه أن يتهيأ ليكون مجرد كَمٍّ مُثْقَل بذكريات وأمراض المُرَاوحَة والمُخَاتَلة العُضال0 لأنه سيعجز عن أن يُسَلِّم نظام الحكم المُتَصَدِّع – بيديه- حبال المشانق التي سيعلقها لشباب الثورة – حتى داخل بيوتهم- في اللحظة التي سيغادرون فيها ساحات وميادين التحرير والتغيير،عائدين إلى بيوتهم0وهي العودة التي أضحت اليوم من رابع المستحيل
الخلود لأرواح الشهداء0
النصر للثورة والمجد للشباب0
عاش الشعب و عاشت اليمن
نقلا عن / مجلة جدارية الثقافية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق