الصلاة
الأديب / خيري عبد العزيز
يبدو على محياه النعيم؛ الوجه أبيض متورد بحمرة, والكرش يضغطه حافة المكتب. نهض بصعوبة. مد يد ناعمة كأنثى, متهللا بحفاوة لا يخفى علي سببها. توتر المهمة الأولى جعل الحقيبة في يدي تتأرجح كبندول ساعة.. عيناه تومضان معها في ذهاب وإياب.. جلست قبالته, واضعا الحقيبة على سطح المكتب الفخم. رغم وابل ابتساماته المصطنعة, شعرت بالهواء مشحونا بانفعاله, وبمغناطيس خفي يحركه في مدار الحقيبة. ضغط زرا وطلب قدحا من الشاي.. نظرت في الساعة, وقت العصر بات وشيكا, وأرغب في الخلاص من المهمة الثقيلة..
قلت للرئيس لحظة أن كلفني بالأمر:
"أعفني من هذه المهمة يا فندم.."
أجابني:
"أنت أكثر رجالي إخلاصا.."
قلت:
"ولكنني.."
قاطعني:
"ستكون من الآن ذراعي الأيمن.."
لحظتها ارتفع أذان الظهر, فأمني للصلاة, وقال بعدما سلم بأكثر أصواته وداعة:
"تلحق بصلاة العصر هناك بإذن الله.."
وفيما أرتشف الشاي, عكف الرجل يعد حزم النقود بعناية, ووميض عينيه صار مخيفا. ما كاد يفرغ حتى أذن العصر. قال:
"على بركة الله.. هيا إلى الصلاة.."
أمني.. ربت على كتفي وعلى شفتيه ابتسامة ذات مغزى. قال:
"قل له اطمئن.."
أخذت الحقيبة الفارغة من نقود الرشوة, وانصرفت سريعا؛ كي ألحق بصلاة المغرب عند الرئيس..
خيري عبدالعزيز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق