بقلم / هالة منير بدير
عزيزي جلال عامر أَثْبَتَّ يا صاحب القلب البشري أن مريض القلب المهموم بشأن وطنه يتأثر لدرجة الموت ، وليس كمريض القلب الذي يُقلع ويهبط بطائرات الهليكوبتر ليحاكم على حساب الشعب الذي أجرم في حقه لثلاثين عاماً مُمَدداً على الأسٍرَة يدعي المرض ، ولو أنه مريضٌ حقاً لمات منذ اللحظات الأولى الذي شهد فيها اقتتال المصريين وقتلهم ..
أيها القدير تموت وأنت تقول الحكم كعادتك " المصريين بيموتوا بعض " .. عزيزي هؤلاء المصريون هم الذين قتلوك ، قتلوك برصاصة تخاذلهم وركونهم لمن يغيبونهم وتنغمهم لصوت الغوغاء والجهلة وعملاء النظام القديم ، المصريون الذين يصدقون الكائن العكاشي الذي بغبائه تسبب في هذا الموقف الذي شهدته بعينيك الكاشفتين للحقيقة والذي لم يحالفك الحظ لآخر مرة أن تهديهما لمصاب في الثورة كما وصيت ،
ولعل هذا لو تحقق لظلت قطعة من جلال عامر حية ترزق بيننا نرى بها من خلالك في هذا العالم البائس الكئيب الذي نفقد فيه كل يوم أجمل ما فيه بداية بزهور البلد شهدائها ومروراً بدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله الذي كان مهموماً مثلك بتنمية النفس البشرية وغرس عزيمة الأمل وانتهاءً بك حتى الآن أيها الكاتب الساخر ..
حقاً إنها سنة كبيسة نكتشف فيها أننا في لعبة السلم والثعبان رجعنا إلى نقطة الصفر من جديد ، وصلنا إلى ثعبان ليس فقط يقهقرنا إلى الوراء مئات الخطوات بل يزحف بنا إلى مستقبل ضبابي لا نعلم متى الخروج منه غير أننا نعاني من فقد كل نفيس وغالي ونعاني من تخوين بعضنا للبعض ،
نعاني من تلون أسمى المعاني والقيم ونعاني من كبسه على أنفسنا مدة غير معلومة المقدار ، وصدق عندها فقيد الابتسامة والضحكة الحكيمة عندما قال : (عندنا في مصر استبدال "صمام القلب" أسهل من استبدال " النظام"، فالأولى تحتاج إلى " مجدي يعقوب" والثانية تحتاج إلى "صبر أيوب "..
عزيزي لقد استبدلك الله مقاماً خيرٌ من مقامك وإنك الآن بين يدي من ندعوه أن يجازيك بقدر علمك الذي علمته للناس ويجازيك قدر ما أدخلت عليهم البهجة بجدية والتسلية باحترام أيها الشهيد الجليل شهيد حب الوطن ذو القلب الحقيقي ..
ستظل كلماتك الساخرة هي نبراس عقولنا المتمردة على الظلم وهي وقود طاقتنا الذي سنشعل به همتنا لاستكمال تلك الثورة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق