نقلا عن مدونة / حي بن يقظان
للاديب احمد طوسون
كانت الفراشة كعادتها ترف بين الأزهار، تشتم رائحة الورود وتشرب من رحيقها وتغني بسعادة وفرح.
كل يوم على هذا الحال حتى حط طائر حسون على غصن شجرة وفتح منقاره إلى أخره وظل يضحك بلا انقطاع:
_ هاهاها.. هاهاها..
هاهاها.. هاهاه..هاها..
حتى يئست الفراشة أن يتوقف عن الضحك، فطارت ورفت بالقرب منه وسألته بصوت هامس:
- هل هناك شيء.. ؟
وانقطعت عن الكلام وظلت تنظر إلى نفسها باستغراب.
- أقصد..
هكذا قالت ولم تكمل كلامها بعد أن تضخمت ضحكات الحسون كفيل ضخم وملأت أذنيها عن أخرهما ولم تعد تسمع شيئا آخر غيرها.
لكن طائر الحسون الصغير أغلق فمه وأطبق على منقاريه قبل أن يقول بجدية تامة:
- أوه مسكينة يا صديقتي..
كيف يمكنك أن تعيشين في الحياة وتستمتعين بها
دون أن تكون بحديقتك زهرة نرجس واحدة؟.
وتركها وحلق عاليا خلف ديمة صغيرة.
ألتفتت الفراشة حولها ثم طارت بعيدا وتحت عينيها حفرت الدموع حفرة كبيرة بحجم الأسى الذي كانت تشعر به.
وظلت تردد في نفسها ( كيف أعيش في حديقة بلا زهرة نرجس واحدة؟ ).
ولم يعد باستطاعتها أن تستمتع برائحة الورود أو باستنشاق العبير أو بارتشاف الرحيق حتى ذبلت وانطفأت ألوانها الزاهية.
بينما الفراشات حولها كن ترقبنها وتتعجبن، كيف للفراشة المسكينة أن تأسى على غياب زهرة وحيدة عن حديقتها وتنسى كل الورود الجميلة التي تزهر بها الحديقة.
حتى لو كانت زهرة نرجس؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق