اليوم السابع/ بلال رمضان
قال الروائى والزميل الصحفى وجدى الكومى، "على المبدع ألا ينشغل بأخلاق القراء أثناء كتابته لأى فنٍ من فنون الإبداع، ولا يفكر فى مشاعر القراء وأخلاقهم عندما يوظف تابوه "الجنس" فى عمله الأدبى".
وأوضح الكومى خلال مناقشة روايته الثانية "الموت يشربها سادة" مساء أمس بمكتبة "نفرو" أنه على القارئ ألا يتعامل مع الإبداع بمبدأ "المقادير" فيحسب مقدار "الجنس" هنا وهناك، وذلك لأن الكتابة لا تخضع للوزن، فالكاتب يعطى لكل شخصية فى عمله حجمها الطبيعى، وإن راعى أخلاق القراء ومشاعرهم وراح يقلل أو يزيد من "الجنس" فى روايته ضاعت قيمة الجمالية والأدبية للنص.
وأضاف ردًا على إحدى التعليقات التى وجهت إليه حول روايته الثانية من أنها لم تقزز مشاعره كقارئ لأنه لم يستخدم الجنس كما يفعل الآخرون قائلاً، "عندما أكتب لا أفكر فى القارئ بقدر ما أخضع النص للمعايير الفنية والجمالية، وهذا هو المعيار الذى يجب على القارئ أن يحكم به على الأعمال الأدبية".
وردًا على سؤال القاص إبراهيم عادل حول بداياته للكتابة وعدم صدور مجموعة قصصية له حتى الآن قال الكومى، "لم أقرر كيف أبدأ مشوارى الأدبى سواءً بالرواية أو مجموعة قصصية، فالقرار يكون نتيجة لاكتمال مشروع أدبى لدى الكاتب"، فروايتى "شديدة البرودة ليلاً" كانت صالحة للنشر وفق آراء روائيين وكتاب كبار، وبالفعل كتبت الكثير من القصص القصيرة ولكننى لا أشعر أن هناك خيطًا ما بين هذه القصص يجعلنى أضعها فى مجموعة واحدة".
وكشف الكومى فى حديثه أن جزءا كبيرا من "الموت يشربها سادة" يتماس مع حياته الشخصية قائلا، "هناك فصل عن "خشبة الغسل" كتبته يوم وفاة عمى، وكانت المرة الأولى التى أشارك فيها فى غسل أحد المتوفيين من عائلتى، ولم أكن أتوقع أن أكتب عنه، ولكن هناك لحظات معينة تدفع المبدع إلى الكتابة عنها، فمثلاً عندما توفيت والدتى طرحت بعض الأفكار فى العائلة لإنشاء "سبيل" كصدقة جارية، إلا أننى قلت لهم سأكتب رواية.
وأكد الكومى أنه لا يجوز لأحد أن يكتب عن شىء أو عالم لا يعرفه، فيجب أن يكون الكاتب متماشيا مع هذا العالم، فالكتابة ليست كعابر سبيل، وعلينا أن نقدم للقارئ ما يدهشه ويصدقه.
وقال الكومى قبل كتابه "الموت يشربها سادة" لم أكن صحفيًا، ولكننى عندما قررت كتابة الرواية ذهبت للإسعاف، وانتحلت شخصية صحفى، وقلت للعاملين إننى أقوم بعمل تحقيق عن سيارات الإسعاف الصفراء الجديدة، لاعتقادى أن الإسعاف تم خصخصتها، ومن ثم تعرفت على العاملين ودخلت سيارة الإسعاف، وتعرفت على كل شىء بها، وهذا ما ذكرته فى الفصل الأول، وهذه هى الأمانة فى الكتابة.
وفى نفس السياق، أشار الكومى "عندما كتبت عن مشروع مدينتى لاحظت اللوحات الإعلانية الكبيرة المتراصة على الطريق، وما أدهشنى التعليقات الساخرة على هذه الإعلانات من الفقراء أثناء وجودى بالميكروباص، فالفقراء تخيلوا أن مشروع مدينتى عبارة عن مدينة زجاجية، وتوقعوا أن سكان مدينتى من رواد الفضاء وأن الشوارع سوف تغلق وتُكيّف".
وتابع الكومى، "بهذه الطريقة كتبت روايتى فيما يشبه كتابه الشظايا أو الشذارات ومن ثم قمت بتجميعها فى سياقها"، مضيفًا "وفى كل مرة تختلف طريقة كتابتى للرواية التى تعتمد على الرصد لحياتنا وأحرص على ألا أترك مساحة للقارئ يهرب فيها من النص".
وحول تصنيف الكتاب أو الروايات إلى قديمة أو جديدة، أكد الكومى "أنا ضد تصنيف كتابة الرواية بالجديدة، وبرأيى أن من يصنف الشباب بالكتابة الجديدة كأنه يضعنا فى "طفاية سجاير" وهذا دليل على عجزه، ولدينا رواية رائعة مثل "فساد الأمكنة"، والتى كتبت فى الستينيات ولكن لا يمكننا أن نطلق عليها تسمية رواية جديدة، وبرأيى أن السمات التى يعتمد عليها أصحاب تسمية الرواية الجديدة تنطبق على روايات نجيب محفوظ كلها، وعلينا أن نكتب ولا نفكر فى التسمية".
وأكد الكومى ردًا على سؤال وجه إليه حول كتابته للحوار بالفصحى قائلاً، "أفضل كتابة الحوار بالعربية الفصحى، ولكن هناك أحيان لا بد من كتابة الحوار بالعامية، فمثلا لا يعقل أن يقول رجل الميكروباص لزوجته ألم نتناول السحور؟. وكتابتى بالعامية تأتى مراعاة للفنيات، ولكن من المؤكد أننى لن أكتب رواية بالعامية إطلاقًا".
من جانبه، قال الروائى محمد صلاح العزب، "برأيى أن الكتابة الجديدة "اشتغالة"، تدل على أن أصحاب التسمية لم يوفقوا فى تقسيم الأدباء الذى هو أيضا "اشتغالة"، ولدينا روائيون كبار أمثال إبراهيم عبد المجيد وإبراهيم أصلان قدموا لنا نماذج تختلف عما بدءوا عليه.
وكشف محمد صلاح العزب فى حديثه عن علاقته أنه قرأ لــ"الكومى" الرواية الأولى التى لم تنشر حتى الآن، وأضاف، "أجمل ما فى الكومى أنه يعمل فى صمت وحريص على تقديم ما هو فريد، ويعمل على تقديم الرواية البحثية، وهى نوع قليلاً ما نجده فى هذا التوقيت، بالإضافة لتقديم الرواية المبهرة والتى تحمل فيلمًا سينمائيًا كبيرًا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق